هيبة المعلم المنشودة

mainThumb

07-09-2019 08:45 AM

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ما يُسمى بهيبة المعلم ووجوب استردادها أو إعطائها للمعلم، وللأسف تم ربط هذه الهيبة  بحفنة من الدنانير كثرت او قلت فهذا لا يهم.
 
نسي أؤلئك المنادون بهيبة المعلم أن الهيبة هي أشبه بالشِيخة للفرد كالتي طلبها ذاك الرجل من الملك فيصل كما جاء في الكثير مما نقرأ على الفيس فقال له الملك فيصل بوسعي أن أجعلك وزيرًا ولكن لا أستطيع أن أجعلك شيخًا؛ فالشِيخة تعطيها الجماعة لفرد منهم دون غيرة بغض النظر عن ماله وعمره.
 
وللأسف تم ربط الهيبة بالخوف؛ فدائماً نقول كنا نهرب من الشارع عندما نرى المعلم مقبلأً.. فهيبته برأي الجماعة هي خوف الطلاب منه.
 
وانسحب كذاك على باقي المهن ومنها الشرطي او العسكري أو جندي الفرسان بأن أحدهم كان (يقط) بترقيق القاف أمامه كل القرية ليفتحوا طريق؛ وسمعنا عن العسكري الذي كان يسوق أمامه رجالاً مطلوبين للمحاكمة دون أن يحاول أحدهم الفرار. والأمثلة كثيرة.
 
هذه الهيبة الزائفة والتي يتحسر عليها المعلمون (ولا أدري لماذا فقط المعلمون فلم أسمع غيرهم يتحسر عليها) كان مردها الأسباب التالية برأيي المتواضع.
 
أولاً:  قِلة التعليم عند الناس وخاصة أبناء القرى والفقر مما جعلهم يشعرون بالدونية تجاه من هو أفضل منهم علما. وللحقيقية لم أسمع بقصص مثل يقط القرية أمامه في المدن كان لهذه المهن احترامها  بالمدينة ولكن على طريقة تختلف عن القرية؛ بقيت بالقرى فقط . 
 
ثانياً:  انعدام وسائل الاتصال كالتلفزيون مع العالم الاخر ليشعرهم بأن هناك بشر يمكن أن يقولوا لا للمعلم أبو هيبة أو الشرطيأبو كرباج لانه بشر مثلهم. وبهذا انعدم وجود النموذج الحر الذي يقول لا. 
 
ثالثاً:  كان معظم المعلمين والشرطة والعسكر من مناطق غير مناطق عيشهم؛ فكان هناك عنصر الاحترام وجوهره الخوف من هذا الغريب اللي (بروح) لاربد مثلاً وبسفط ثماني عشر دينارا كل شهر يجمعها القروي في موسم أو موسمين. لهذا كانوا يسبغون عليه نوعاً من هالة السوبرمان. والدليل أن هذه زالت منذ أن بدأ تعيين المعلمين وباقي المهن بمناطق سكناهم وبينأهاليهم فلم يعد اسمه الاستاذ فلان بل أصبح ابن فلان، وعندما نعود للقرية يعود كل استاذ لوضعه بين أقاربه.
 
رابعاً ازدياد وعي الناس بالانفجار المعرفي بتكنولوجيا المعلومات فلم يعد المعلم هو المصدر الوحيد للمعلومة فهناك اليوتيوب فيه كل شيء... فكيف ستكون هيبة المعلم الذي لا يقرأ الا الكتاب المدرسي؛ لا شك هو بوضع لا يحسد عليه.
 
لهذا وكخاتمه لمن ما زال يجر على ربابة الهيبة أقول اسع بجهدك ليكون لك هيبة معرفية بين طلابك لا ان يعطيها لك قرار وزاري فلا يمكن أن يكون هناك قرر وزير التربية والتعليم إعطاء الهيبة للمعلم فلان.
 
الهيبة راحت عن كل ما ذكرت من المهن ومن أعلى منها. اما عن المصاري والعلاوات فكلنا بحاجة لها وعلى رأي سمير غانم. انت عاوز وانا عاوز يا ريت تشوف حدا يدّينا. 
 
كل هيبة وأنتم بخير 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد