معارك برلمانية ح 5 : مذكرات احمد عويدي العبادي

mainThumb

14-03-2011 12:01 PM

  تلقيت مكالمة هاتفية صباح يوم الأحد 20/ 8/ 1989  من الرجل الفاضل الذي ابلغني رغبة صاحب القرار ألا أسافر إلى السعودية , وطلب إلي المرور به قائلا أن ولده وابن عم ولده اللذان يدرسان في جامعة كيمبردج ببريطانيا يرغبان اللقاء بي , والحديث إلي مطولا , فرحبت بذلك بكل سرور , وان الموعد  معهما  مساء هذا اليوم  في مدرسة تدريب المستجدين للشرطة بمعسكرات الزرقاء ودعوتي  إلى عشاء عمل معهما لا يحضره إلا نحن الثلاثة فقط . وصلت هناك والتقيت بهما للمرة الأولى في حياتي , وكنت ودودا معهما كما كانا معي كذلك , واخبراني أنهما قراءا رسالتي للدكتوراة التي تقدمت بها إلى جامعة كيمبردج عام 1982 م  وأنهما وجداها رائعة ودقيقة وأمينة في البحث والتحليل عن التطور السياسي والاجتماعي بالأردن مابين 1921-1982 وهو زمن الدراسة . وشكرتهما على ذلك . كان وصولي في السابعة والنصف مساء بالتوقيت الصيفي مما يعني قبل المغرب  بحوالي ساعة حيث صلينا جماعة في المسجد وعدنا لاستئناف الحديث والنقاش الذي استمر حتى الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل وكان يرغبان آن يطول الحديث والنقاش , لكن ذلك كان مستحيلا بالنسبة لي لأنني أنام مبكرا وان كانت الحملة الانتخابية قد خلطت أوراق النوم واليقظة عندي .

   تحدثنا في الانتخابات واخبراني أن التقارير الأمنية تتحدث عن فرصتي بالنجاح وأنهما سعيدان بذلك , وقلت لهما ان كل ما أريده هو عدم التدخل ضدي ولا معي أبدا , وان يتركوني وشاني . وتناول الحديث معي : تاريخ الأردن وعشائره كمختص بها  وشخصياته ورأيي فيمن طرحوا من أسماء من هذه التي تسمى : بالشخصيات , وكنت صادقا واضحا فيما قلت بدون مواربة ولا  أنظر فيما إذا كان أي من الشخصيات ترتبط بعلاقة صداقة أو عداوة مع أي منهم واختلفت معهم في تقييم بعض الشخصيات الأردنية  التي ذكروها , ولم اطرح أي اسم للتقييم , وتقبلوا ذلك مني بكل صدر رحب , حيث اتفقنا  سلفا ان يسمعا رأيي بصدق وصراحة , وإلا فإنني لن أتكلم , فهذا طبعي ولن أغيره , ولأنني أيضا  لن  اغشهما ولا اخدعهما ولا اجاملهما , وإلا فلا داعي للحديث وإبداء الرأي من أساسه  . وافقا على شروطي , ويبدو أنهما يرغبان بذلك أيضا .

    تناولنا عشاء خفيفا جدا, واستغرق ذلك وقتا حيث آكلنا على الطريقة البريطانية وهي البطء واستخدام الشوك والملاعق مع مجريات الحديث , وهو أمر الفته أثناء دراستي في بريطانيا , ولكنني في المعتاد أحبذ الأكل باليد مباشرة  على الطريقة الأردنية , واكره استخدام الشوكة والملعقة  , لأنه وكما يقول المثل الأردني : أكل اليد يمريyimri, / أي انه مفيد للصحة  .

 صلينا العشاء جماعة في المسجد أيضا , وتحدث الرجلان عن الوعود لكل منهما  من صاحب القرار بالمناصب القادمة , احدهم ليكون في مستشارية العشائر ومسئولا عنها ,  والآخر في هيئة الأمم المتحدة ومندوبا للأردن , وكذلك كان أمرهما من بعد , وان تدريبهما في مركز تدريب المستجدين للأمن العام , هو لإعطائهم  فكرة شمولية ومختصرة عن الحياة العسكرية . وفي الحقيقة أنني وجدت فيهما الألفة واللطف وحب المعرفة والبحث عن المعلومة عن العشائر والناس , ومع هذا بقيت متحفظا في حديثي معهما حول ما يخصني , ولم ابسط كل ما لدي , بل  أعطيتهم من الجمل أذنه .

   وعندما رأى الرجلان أنني لا أتحدث عن نفسي إطلاقا وأراوغ الحديث في هذا الإطار وكلما حشروني للحديث عن نفسي كلما غيرت الموضوع , لفت ذلك انتباهما , وأصرا على ذلك ,فقلت إنني سأنجح بالنواب إن شاء الله وهذا همي  إذا لم تتدخل الحكومة ضدي , وان  كل ما أريده هو عدم تدخلها , لا معي ولا ضدي , وعندما ركزا على ماستكون عليه مواقفي بعد النجاح , قلت لهم ( متظاهرا  أنني لا اعرف ) : لا ادري نائب وخلاص وبس , وأنا مع صاحب القرار وأسرته ومخلص لهم . وأنا اعرف أن هذا الذي يهمهم سماعه وليس من شيء سواه. فانا اعرف ما أريد ولو أعلمتهم مرادي  لما نجحت ولما سمحوا لي  للعمل  لا في الخارج ولا في الأردن , لأنهم يريدون مطية إمعة وأنا لست كذلك . ولكن احدهم شك في كلامي لأنه لم يكن كلاما  انسيابيا بل انتقائيا  مني  للكلمات بعناية قبل النطق بها , وربما شعر أو تصور أنني كنت اخدعهم وهو حر في ذلك .هكذا أحسست في روحي .

   وفي لحظة بعد العاشرة ليلا وبعد ان أخذنا بالحديث طويلا  , قال لي هذا الشكاك بي  وهو  الذي قال انه سيكون في مستشارية العشائر , أقول قال فجأة: د احمد , قلت نعم . قال أريدك أن تنتسب . فهمت ما يريد , وما رمى إليه وخشيت إن قلتها سأفقد الانتخابات والنيابة , ورأيت أن أتظاهر بالغباء , أو عدم الفهم لمرماه . قلت له انا أردني اسمي د. احمد عويدي العبادي , وهو الاسم المحبب إلي والذي عملت طويلا لبنائه . فقال : أقول لك انتسب . قلت : انا أردني اسمي احمد عويدي العبادي . قال : وبعدين معك يا دكتور؟ تتخوث علينا ؟ , أقول لك انتسب وتقول احمد عويدي العبادي ؟ فما علاقة هذا بنسبك ؟ لقد سمعت من ... ومن ...  ومن... انك حارثي النسب . قلت أما واردتها فانا فلان بن فلان بن فلان , وانتسبت إلى الجد الرابع  عشر وهو محمد الحارث بن الحسن بن محمد أبي نمي الثاني بن بركات . والتقي معك في الحسن( الجد الخامس عشر )  بن محمد أبي نمي بن بركات , ولكنني أردني عبادي .

     وهنا طلب إلي إعادة التسلسل مرة وثانية وثالثة وربما رابعة , وعلق ذلك في ذهني بصورة لم تغب ولم تمحها السنون ,  فعرفت انه يريدني أن  أخطيء  , فلم يجد اختلافا فيما قلت وأقول . وهنا انتفض الرجل  وقام غاضبا عابسا مكشرا عن أنيابه , وهو يقول : تريد ان تأخذ ......... ؟ قلت حاشا لله , إنما انا بدوي أردني اسمي احمد عويدي العبادي ,. وأنت أجبرتني على ذكر النسب وهو ما لا أريد ذكره أصلا , ولا أتحدث عنه لأحد إطلاقا فانا صنعت مجدي وكياني بتوفيق من الله سبحانه ثم بعصاميتي وبما لا علاقة له بنسب ولا عصب  , واستغرب كيف تعرفه ويعرفه من ذكرت من علية القوم , فانا لا أتحدث عنه أصلا , ولا حاجة بي أصلا فيكفيني فخرا أنني أردني اسمي احمد عويدي العبادي  رجل عصامي صنعت لنفسي مجدا عجز عنه الآباء والأجداد نسبا وعصبا  , وأنا اختار اسم العبادي على ألحارثي , واعتز بأردنيتي وعباديتي أكثر مما اعتز بحارثيتي ونسبي .

  وكررت القول بحزم : انا أردني ثم عبادي , أما ألحارثي فهو أمر لشجرة النسب لأبنائنا من بعدنا وهو للترف الاجتماعي والسياسي والتاريخي ولسنا في ترف  : فالشاعر يقول : لا تقل اصلي وفصلي أبدا , إنما اصل الفتى ما قد حصل . والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : من أبطأ  به عمله لا يسرع به نسبه . وأنا لست طامعا بشيء سوى النجاح في الانتخابات  , وأين انا من الأمر الذي تخاف عليه , هل وصل بك الخوف إلى هناك ؟ , وهل وصل بي الخيال أو الحماقة إلى هناك ؟ أنت تتحدث عن خيال فأرجو ألا تعديه على مسمعي . إن الخوف كثيرا ما يكون وليد الخيال والحماقة ولست أحمقا أبدا  .  ثم واصلت كلامي قائلا : أنت تتحدث عن شيء لم يخطر في خيالي فكيف خطر ببالك  وخيالك ؟ لست ادري ؟.

    واعترف شخصيا  أن الأمر اخذ مني وقتا لتهدئة الرجل ولكن الصورة والكلمة بقيت ملازمة له ضدي إلى يومنا هذا رغم كل ما أبداه من ابتسامات وتحمس لي  أحيانا . وعلى أية حال فقد غيرت الموضوع , ولكن هذه اللحظة لم تغب عن ذهني إلى الآن وغدا وكأنها حدثت قبل دقائق  , واظنها لا تغيب عن ذهن ذلك الرجل أيضا بالاتجاه المعادي لي ,ولكنني  اسأل الله له الهداية والصلاح . وقد شعرت بالارتياح عندما دعاني الرجلان مرة أخرى يوم  السبت 30/9/1989 ,  وأخذاني معهما بسيارتهما إلى خال أحدهم حيث كان عشاؤنا من أقراص الحبة السمراء / حبة البركة / القزحة , وقد غلب علي الصمت في هذا اللقاء خشية إساءة فهمي والقضاء على حلمي بالوصول إلى مجلس النواب, فانا بطبعي لا أثق بأي مسئؤل أو من يعلوه , واسمع كلامهم بحذر , وأقول لهم بحذر أو بما قد يفهمه بعكس ما أريد لغاية في نفسي . انه عالم عجيب غريب على واحد مثلي غير مستعد للنفاق أو ممارسة الطقوس الوثنية  في مواخير عبادة الأصنام البشرية. إن الابتسامات لا تعني الرضا علينا من هؤلاء , فالرضا منهم هو ما يمكنني الشعور به من أعماقي , وهو ما لم يحدث  يوما ولا اظنه يحدث ذات يوم .

وأما اللقاء الثالث فكان يوم الثلاثاء 10/10/1989  , عندما رن جرس هاتف البيت في السابعة والنصف صباحاً، وإذا بالرجل الفاضل  على الخط، وطلب إلي أن أكون عنده في بيته بأم اذينة في التاسعة والنصف صباحاً من اليوم نفسه , ، وبعد أن أوصلت زوجي أم البشر إلى الجامعة ( كانت تدرس سنة ثانية شريعة وأدب عربي) عدت إلى بيته في أم أذينة، وكان عند والدته وبعد دقائق عاد، ودخلت معه إلى مضافته العامرة ، وكان منزعجاً مذعوراً من التقارير التي تخبر عن ندوات المرشحين من الحركة الإسلامية الذين ينادون بتطبيق الشريعة الإسلامية، وأن العديد من جوانب حياتنا محكوم الآن بقوانين الشريعة وبالتالي لا حاجة للمناداة بإصدار قوانين جديدة ، وأن الأردن  سيتضرر من التطبيق الكامل بسبب وجود فئات اجتماعية أخرى، ومعادلات دولية وداخلية.

      طلب إلي أن أذهب معه إلى حيث دوامه   لنذهب بعدها إلى عند قائد البادية وحرس الحدود، حيث سنلتقي عنده مع الشابين اللذين التقيتهما في مدرسة المستجدين للشرطة بالزرقاء ، وقال ألرجل الفاضل ان الشابين متحمسين لي , وحمدت الله ان تكون الغيمة قد انقشعت عنهما  . وتركت سيارتي حيث  موقع دوام الرجل الفاضل   ، وذهبت معه  بسيارة كان يقودها بنفسه وأنا بجانبه ، وكان السائق أردنيا  ركب في المقعد الخلفي.وكنا نتحدث بالإنجليزية حيث اخبرني الرجل الفاضل  بالإنجليزية ان السائق لا يعرف إلا العربية.

وعندما وصلنا إلى باب قيادة البادية الكائن في طرف الوحدات ، التقينا أيضاً بالشابين  اللذين جاءا بسارة واحدة معا ، ودخلنا مبنى البادية في منطقة الوحدات، وعندما ترجلنا صافحنا بعضنا جميعا  ودخلنا حيث كان قائد  وضباط البادية من سائر مراكز شرطة البادية في استقبال السادة الثلاثة وأنا بمعيتهم  , وصافحت الجميع بعد ان صافحوهم , ولكن الضباط والمرتب فوجئوا  بوجودي مع الرجال الثلاثة ، إلا قائد البادية الذي كان على علم بذلك  وهو مرتب معه سلفا ولإجراء مصالحة بيني وبينه , وإنهاء الجفاء الذي وقع بيننا بسبب مقال لي في إحدى الصحف الأسبوعية قبل سنوات , انتقدت فيه إجراءاته في حينه وكان طلب الصلح بمبادرة مني عبر الرجل  الفاضل الذي استجاب والشباب لذلك , وكنت لا أريد خوض معركة يكون فيها شخص بهذا الحجم الرسمي ( في حينه ) ضدي , أريد فقط ألا يكون لي أعداء يعملون ضدي في الانتخابات , ولا أريد دعما منهم ,واعتبر حيادهم هو اكبر دعم لي .

     دخل الرجال  مكتب قائد البادية، وقضيت وقتاً ( ربما نصف ساعة )  مع الضباط، ثم نوديت بعد وقت قصير للانضمام إلى اجتماع الرجال وقائد البادية المغلق الذي استمر ساعة وربع الساعة ، وطلب إلي قائد البادية  وصفاً عاماً للأوضاع عندنا في الدائرة الخامسة ، فقلت له أما بالنسبة لي فكل ما ارجوه عدم تدخل الجهات الرسمية ضدي ولا معي , ولا أريد أي دعم سوى هذا , فإذا لم تتدخل الدولة ضدي فلا شك أنني سأنجح ان شاء الله , ثم حذرتهم   من التنظيمات السياسية، اليسارية منها والتي تسمي نفسها دينية ، وأنها رغم اختلافها في الأسلوب، إلا أنها يشتركون  بهدف واحد على المدى البعيد ولو بعد سنين طويلة , وهو قلب النظام عاجلا أم آجلا ، وتغيير الأوضاع بالأردن، وأنني انصح  بدعم مرشحين من المخلصين للأردن معنوياً ومادياً، وأن الأحزاب أعلنت دعمها لرموزها وكوادرها ماديا ومعنويا ,  وأن ذلك واضح من خلال  الصحف، فأين تدخل الدولة لدعم حزب الدولة؟

    ولماذا لا يكون للدولة رجال مثل الأحزاب، ليكونوا حرساً سياسيا على البلاد والعباد والنظام من ثغرة النواب، تماماً كالحراس الذين يحرسوننا ونحن نائمون. فأيدني قائد البادية ، وراح يستعرض المشكلات المعقدة، من الحزبية المنتشرة وعدم إتاحة الفرصة لتدريس أولاد العشائر بالجامعات الأردنية، ووجود البطالة في صفوف العشائر وما إلى ذلك، وكان كلامه يدل على وعي كبير بما يدور في البلاد، وما يعانيه من عدم سماع المسئولين لكلامه، وحرصه الأكيد في ضرورة دعم العشائر كونها قاعدة الانطلاق والمخزون الاستراتيجي للوطن وأمنه ، ودرع الحماية بالنسبة للنظام، وقد كان كلامه مثيراً ومتشائماً في ان واحد , بما يزيد كثيراً عما كنت أقوله واكتبه . وكنت أوصف بالمبالغ، أو بالمجنون...

      قلت: إن الذين كنت أنوي قوله، اسمعه منك يا قائد البادية ، وعندما كنت أوصف بما لا يليق  بسبب وصفي للأزمة في البلاد بهذا الوصف، كنت أبدو نشازا أمام الناس. ثم تحدثنا عن أوضاع بني عباد، وعن خلافاتهم حول كثرة المرشحين في الدائرة الخامسة / دائرتي , وفي محافظة البلقاء , وقلت: إنني مستعد للدخول في المفاوضات لاتفاق العبابيد اذا دعمت الحكومة أو القصر هذا الاتجاه ، وقال قائد البادية : (إذا لم ينجح عبادي، فلن تكون لهم هيبة بعد الآن، ونحن نتمنى اتفاقهم)  وشعرت أن الرجل صادق , وأنهم جميعا حريصون ان تتفق العشائر وان تفرز ممثليها إلى البرلمان لان الأردنيين هم العزوة والدرع والحماية والحضن الدفيء , وان ما نسمعه ونراه في وسائل الإعلام ليس إلا السطح لاتصالات أخرى وراء الكواليس أهم وأقوى وأولى , وكنت احد العرابين في هذا الإطار في كثير من الحالات , والأوقات.

       ولكن دخول إدارة المخابرات أعلى الخط كان دائما يجهض مخططاتي الاستراتيجية لخدمة الأردن والأردنيين والنظام  , فالمرتزقة وبني لهط وبني نهب ومثلث الغم , لا يريدون واحدا من أبناء القبائل الأردنية القوية قريبا من النظام ولا ان يعطيه النصيحة الصادقة لأن هذه القطعان الارتزاقية الفاسدة  يريدون الاستئثار بكل شيء في الوطن والنظام , من المعلومة المضللة إلى النصيحة الخادعة إلى تحقيق أهداف هؤلاء الغرباء وبني نهب , ولا يأبهون في الحقيقة بأمن البلاد والعباد والنظام أبدا , وهذا ما ثبت علميا وعمليا  . انهم يريدون ان يكونوا القوقعة التي تنسج صدفها الملوث حول النظام وإبعاد الأردنيين عنه , وإذا ما فلت أو تسلل واحد مثلي في غفلة منهم عبر ما نسجوه من شباك أو بنوه من أسوار ملغومة , تكالبوا جميعا للقضاء عليه واغتيال شخصيته وتشويه سمعته وإيقاع الظلم عليه , وهذا ما عانيته ولا زلت أعانيه وحسبي الله وعم الوكيل  .

أقول ثانية :استمر الاجتماع المغلق بيننا ساعة وربع الساعة ، تحدثنا فيه بكل شيء وبصراحة وسمعوني جيدا , ثم غادرنا بعدها، وعانقت قائد البادية  قائلاً له: عوفيت لهذه المواقف المؤيدة للأردنيين والعشائر الأردنية، فقال وهو يعانقني أيضاً: لقد فعلت ذلك ليدعمني الرجل الفاضل عند اصحاب القرار ( مأخوذ عن يومياتي الخاصة مع شطب الأسماء). وبذلك تصالحت وقائد البادية وبارك الله بالرجل الفاضل الذي كان عراب هذه المصالحة .

مواضيع نقاش الشعب للمرشحين

 حيث كانت ثورة نيسان 1989 التي  قام بها أبناء البلاد , وبزغت واشتعلت من معان الأبية , وغطى نورها ونارها سائر أنحاء القرى والبوادي والمدن الأردنية , فان تلك الثورة اقترنت وقت الحملة الانتخابية بالتحرك ضد الفساد والفاسدين والمفسدين , وكان رئيس الوزراء  المكحوش قد لبس عار سائر التراكمات لما اقترفته يداه وما اقترفه الآخرون على حد سواء  . كنت اسمع أنواعا كثيرة  من خطابات المرشحين في سائر أنحاء الأردن : منها الخطاب العرباني حيث يتحرك المرشح للحصول على أصوات عشيرته ومن يرتبطون بهم من المصاهرة والجوار والقرابة دون أن يقدم شيئا يستحق عليه الصوت , وانه سيكون معهم ويحل مشاكلهم مع الدولة , وكان مثل هؤلاء المرشحين  يحبون عبادة الأصنام والتبرك بالأوثان , ولم أكن منهم ولن أكون يوما .

  وأما النمط الثاني فكان يقدم فكرا غامضا  لا يمكن تفسيره وليس له علاقة بالوطن والشعب , وإنما بخيال إنشائي ليس إلا , وهي شعارات دينية وقومية : مثل الإسلام هو الحل , مع تعذر فهم هذه العبارة وتطبيقها أصلا , لكنها بهرت الجميع وحسب الناس انهم أمام عهد  جديد من الخلافة الراشدة . وهؤلاء تحدثوا عن الفساد ومحاربته . وإما النمط الثالث فقد استعرضوا  ما كانوا  قدموه من خدمات لقاعدتهم العشائرية أو الانتخابية أثناء خدمتهم في العمل العام وأنهم  سيكونون  السيف المسلط على الفساد والرئيس المكحوش وأنهم الأقدر على المحاسبة , إلى درجة أن احدهم قال : من قدم لمدينتنا خدمات أكثر مني فليلحقني إلى بطن ذلك الوادي , وكان صادقا في ذلك , وقال أرسلوني إلى عمان لأحاسب اللصوص , ولكن ذلك  لم يتحقق , وربما لأنه خضع لضغوط عليا وهو ما لم  ارضخ إليه . وكل مرشح ركز على خصوصية دائرته وعشيرته بطريقته التي تجلب له الأصوات , وبعضهم كان يقول انه سيحقق كل شيء يطلبه منه الناخبون  بما فيها تحرير فلسطين القديمة والجديدة . أما الأخوان المسلمون فكان خطابهم عاما وكانت اللحية والتكبير ( الله اكبر ) هما عنوان حملتهما ليس إلا  وكلها كانت ديكورات مهمة في ذلك الحين .

 أما انا فقد تحدثت بلغة تختلف تماما عن سائر المرشحين بالأردن  . وبالإضافة لما ذكرناه سابقا في كيفية مخاطبة العبابيد فقد اخترعت طريقة أخرى  تجمع بين المفهوم القبلي / حيث قاعدتي القبلية والأجيال القديمة , والمفهوم الفكري والمدني والأجيال الحديثة , حيث كانت دائرتي تشمل من بيت الشعر إلى القصر , ومن الأمي إلى البروفسور , ومن العاري فقرا إلى العاري بطرا , ومن ينام على الطوى جوعا حيث لا يجد الطعام مثلما كان  حالي شخصيا , إلى من ينام جائعا  لإنقاص وزنه بسبب التخمة , وبين الناهب والمنهوب , والضارب والمضروب  وكل هذا اثر في مواقفي البرلمانية فيما بعد .

  أما الطريقة المستحدثة مني  فهي أنني كنت أقول في لقاءاتي وبخاصة مع شباب العشيرة  أننا في مواجهة عشيرة قوية وقاتلة ومخربة بالأردن تسمى عشيرة : بني نهب NAHAB   BANI, أو بني لهط  , وعندما سمعها شبابنا لأول مرة قالوا ما سمعنا  بعشيرة بني نهب وبني لهط من قبل , وسألوني : هل تعني بني لهب وأبي لهب وأم لهب ؟ , قلت لا ولا اعني أبا جهل , وهنا سألوني من هذه العشيرة ويريدون مزيدا عنها , وهم يعرفون أنني مختص بالعشائر , لذلك لم يقل احد منهم أنها غير موجودة , بل قالوا إننا لم نسمع بها من قبل , وكأنهم يطلبون إلي الشرح عن هذه العشيرة الجديدة في القاموس الأردني  .

   "أين تسكن عشيرة بني نهب  وبني لهط ؟ وكم عددها ؟ وأين هي ؟ وما هو أصلها ؟ " . قلت عشيرة بني نهب/ أو بني لهط سمها ما شئت  , هي عشيرة اللصوص والفاسدين والمفسدين والغرباء والمرتزقة والمقاطيع   الذين ينهبون مقدرات البلاد والعباد حتى صاروا عشيرة  متحالفة متحدة  ضدنا مهما اختلفوا , وهم شركاء في الجريمة مختلفون في توزيع  الغنيمة , لكنهم متفقون على إذلالنا وتهميشنا ونهبنا , كلهم عشيرة واحدة من شتى المنابت والأصول وهو الاصطلاح الذي كان سائدا رسميا وسياسيا في الخطاب الرسمي  آنذاك  ؟, وهو الاصطلاح الذي يعني انهم عشيرة واحدة ضد كل عشيرة أردنية تبدأ ب بني .

  عشيرة  بني نهب / بني لهط ,هم  عشيرة النهب واللهط واللصوص واللصوصية . ومنهم أبو لهب وامرأته حمالة الحطب , وأبو جهل . عشيرة بني نهب  عشيرة واحدة عصبيا ونهبيا ولهطيا ، رغم انهم من شتى المنابت والأصول ,وهم أشتات من الغرباء والمرتزقة والمقاطيع ( أي مثلث الغم , والغم هنا هو تجميع للحروف الأولى من الكلمات الثلاثة : غرباء , مرتزقة , مقاطيع ) . وقد راق هذا الاصطلاح للشباب العاملين معي في الحملة الانتخابية   , وكانوا كلما رأوا رخيصا يبيع صوته أو يقبل الرشوة لموقفه أو يغدر بنا قالوا عنه  : هذا من عشيرة بني نهب وأحيانا من بني رخص وبني خساسة وبني نجاسة , حيث صار الشباب يخترعون اصطلاحات وأسماء حسب واقع الحال , على  ذات الوزن والقافية . وعندما طلبوا إلي إعطاء تسمية لمن يـأكل الكنافة والمناسف عند أكثر من مرشح وأكثر من مرة في الليلة الواحدة , قلت لهم نسمي مثل هذا :  أبو لهط , فنضحك  كثيرا , وكلما رأوا واحدا يبحث عن الطعام والكنافة سموه أبو لهط . ولكن احد الأقارب ابتدع تسمية جديدة لكل من يأكل بنهم شديد من المناسف تحديدا فاسماه: برميل الفتيت: انه اسم متفوق جدا, برميل . هكذا كنا أحيانا نوجد ونخترع لحظات للمرح من واقع الحال في غمرة التشنج والعمل الجدي الدؤؤب .

     ولكن برزت  معضلة كبيرة جدا أثناء الحملة  وهي الاتهام  الوجه إلي بالعنصرية من قبل أذناب عشيرة بني نهب / بني  لهط والبرامكة والانكشاريين , حيث حرصت هذه القطعان الانكشارية والبر مكية على تجنيد زبانية همهم الادعاء بأنني عنصري . لمجرد أنني أحب الأردن , وقام هؤلاء المطايا بتصوير صفحات من كتبي التي  أتغنى بها بالأردن على أنها عنصرية ضد من ليسوا من أصول أردنية , ومن جملتها ما ورد من تأملاتي بالبتراء في كتابي / في ربوع الأردن جولات ومشاهدات , ومنها  أنهم صوروا صفحات من كتابي عن العشائر , وطبعوا كلمات مسيئة إلى عشائر معينة والصقوها بالصفحات المصورة ثم صوروها ثانية وقالوا أنني أسأت وتجنيت  , مما اضطرني لحمل كتابي عن العشائر معي بالسيارة , وعندما يبرز لي المطية أنني أسأت لهذه العشيرة أو تلك : اطلب إليه إبراز الصفحة وإذا بها تختلف عن الصفحة الأصلية التي في كتابي فيبهت المطية ويسكت الغاضبون وينضمون إلى د احمد العويدي . انه الأسلوب الأمني الممجوج لمن تم طردهم من الأمن والمخابرات في حينه وبقايا فلولهم . ومع هذا شاء الله غير ما يمكرون .

وما دام الشيء بالشيء يذكر، فقد تعرضت لموقف حرج عشائريا أثناء حملتي الانتخابية عندما ذهبت إلى أحد الأفراح صباح يوم الجمعة (صيفاً)، حيث وجدت شيخاً من المشيخات القديمة فقال بحضور حوالي مائة شخص عبادي: لا أدري لماذا يترشح بعض الناس للنيابة ( وهو يقصدني ) , فهذه لها أهلها، وأنت ( الكلام موجه إلي ) لست من أهلها. وهنا أجبته متسائلاً فوراً: أيهما أفضل الزيتون القديم المتعفن المسوس / الذي نخره السوس ، أم هذا الذي عمره ربع قرن وهو قوي فتيٌّ منتج مقبل على المزيد من النمو والإنتاج ؟ ، فقال الجميع: هذا أفضل من المتعفِّن، فقلت: نريد أن نقتلع هذه الأشجار المتعفنة ( المسوسة / التي نخرها  السوس )  ونلقي بها إلى النار، ونعتني بالزيتون الجديد المنتج، فضحك الجميع وبدا السرور على وجوههم وسكت الذي يقول عن نفسه أنه شيخ.

وكان الموقف الحرج جدا ليلة الاقتراع مساء يوم الثلاثاء 3/11/1989 م. فعندما فشل المنافسون والمنافقون في تطويقي ورأوا أنني سأحصل على النسبة العالية من أصوات العبابيد والأردنيين , حضر  وفد من حوالي مائتي رجل عبادي من سائر عشائر العبابيد في الدائرة الخامسة / لواء وادي السير , وكان في استقبالهم  عدد مماثل من المؤيدين لي  , وجرى البحث والتحاور في موضوع التصويت غدا , وطلبوا إلي ان أوعز لمن يؤيدني ان يعطي أصواتا لمرشحين آخرين من العبابيد بالإضافة مقابل التصويت علي من أتباع المرشحين الآخرين . وهنا صمت القوم يسمون رأيي , والكل يريد مني القرار . قلت أقول لكم : ان الصوت أمانة وشهادة بين يدي الله سبحانه , وهذه الحركة ما هي إلا استمرار للمساعي التي تمت قبل أيام لتوحيد عباد على مرشح واحد , وكما جاءت تلك في القوت الضائع فان مبادرتكم هذه تأني في الوقت الضائع وليس بيننا وبين الاقتراع إلا اقل من أتني عشر ساعة .

  قال احدهم : وهو من أتباع احد المرشحين العبابيد : أعطينا نعطيك . قلت يا أقاربي أسالكم بالله من اقتنع بي فليصوت علي ومن لم يقتنع فلا يشهد شهادة زور , ومن وجد انسب مني في المرشحين فليصوت عليه , انا لا اجبر أحدا على التصويت علي ولا على غيري , ولا الذين في حملتي ولا أسرتي اجبرهم أو اضغط عليهم ان يصوتوا علي إلا ضمن قناعتهم,  والناس ليسوا أبنائي  ولا قاصرين لكي أساوم عليهم . فليصوت كل واحد بما يريح ضميره وكلنا عبابيد فمن ينجح فمبروك وكلنا نهنيه وممن يرسب فله حظ أوفر . وهنا صفق العبابيد , وقال احدهم من اللجنة المركزية لحملتي الانتخابية وقال : يا جماعة الرجل واضح يقول لكم صوتوا بما يريح ضمائركم , وانتم أحرار ان تصوتوا  على مرشح واحد أو على أكثر أو على اقل انتم أحرار . قلت نعم كل واحد يصوت كما يشاء.

  وهنا برز واحد من ابتاع احد المرشحين وتقدم من الرجل المتحدث من اللجنة المركزية لحملتي وشد مقدمة ملابسه وهزه بعنف عدة مرات قائلا : ولك يا منافق يا كذاب , وأنت من متى صرت تفهم وتحكي بين الرجال . وهنا ساد الصمت المتشنج على الموقف للحظات لهذه المفاجأة المأجورة بوضوح  , وصمت الرجل الذي تم الإمساك به , ومر في ذهني شريط سريع جدا : اللهم انزل الصبر على هذا الرجل المعروف بأنه  شرس ولا يقبل الإهانة وعلى استعداد للموت دفاعا عن كرامته , وهو لم يمر بموقف مثل هذا الموقف أمام حوالي 400 عبادي كلهم يسمعون ويرون . في ذهني أنها مؤامرة لإسقاطي في الانتخابات غدا , ولتكون هناك مشاجرة ستتطور حتما إلى إطلاق النار لان المشاجرات بين العشائر تتطور دائما إلى إطلاق الرصاص , وينتهي حلم احمد العويدي بالنيابة . وتساءلت في نفسي : ترى كم قبض هذا المأجور على موقفه بإهانة رجل في بيته لمجرد انه قال كلمة الحق ؟ , وكرر الرجل المعتدي كلامه بالإهانة والاتهام للرجل الشرس , ومد يده يريد صفع الرجل الممسوك , فأمسكت بيده والصيحات من الجميع : صلوا على النبي وحدوا الله اخزوا الشيطان , فقال المأجور : هذا منافق ودي ألان اقلل قيمته جذام الناس / أي أمام الناس . كان شبيها بثور خرج من زريبة , أو بعيرا هائجا ومصابا بالجرب , او خنزيرا بريا يهرب من صياد .

  لقد كان موقف الرجل الشرس ( المعتدى عليه ) عجيبا غريبا , انه توفيق من الله ان انزل الله عليه السكينة والهدوء وضبط الأعصاب : إذ رد بهدوء : نعم انا منافق , الله يسهل عليك . بكرة نعرف من المنافق / وهو الذي سيطيح حظه مع مسحيلية الغولة ( الشرح تاليا ). وهنا أخذت المتآمر المأجور وأمسكت به قائلا: تبا للانتخابات التي تجعل مثلك يجرؤ على إهانة آخر في بيتي , الآن  ودي منك حق ركبة / وهو حق عشائري يتم القضاء فيه بنفس المكان الذي وقعت به الجريمة أو الاعتداء . فكرر اتهامه للشرس قائلا  : هذا منافق , فقلت أنت المنافق المأجور , الآن ودي حقي منك بإهانة حرمة البيت وحق الرجل منك بحت أسنانك وقط لسانك ودفع غرامة . وهنا تدخل رجل عاقل وأفتى ان البيت في هذه اللحظة هو مكان عام لان الاجتماع فيه لغايات عامة وليس لغاية خاصة وانه فقد وظيفته كبيت يخص احمد العويدي أو والده بل ديوان عام , وبالتالي ليس من حقي المطالبة بحق حرمة البيت , وصفق الجميع لهذه القضوة العشائرية . ثم أضاف انه يتوجب قطع لسان المعتدي وحت أسنانه أو يشتريهن بماله ويدفع غرامة . فقال الرجل الشرس : انا مسامح بحقي كاملا من اجل عباد واسم عباد وكرامة عباد وزغرودة النشميات العباديات غدا . وهنا انطلقت الزغاريت من الرجال والكل يقول  : بكره صبوها على أبي البشر , الصوت لأحمد العويدي واحد وحيد صوت منفرد , هو اللي ينجح وغيره ما رايح ينجح أي عبادي بكرة .

  وهنا تقدم المأجور وانكب على الشرس واعتذر منه وتعانقا , وكان شيئا لم يكن وكأننا في مسرحية أو فيلم خيالي . فلا يمكن ان اصدق ما يجري لولا انه حدث أمامي , ولا أظن الآخرين  سيصدقون , لكنني اذكره للتاريخ  . يا الهي لله در العبابيد , مهما اختلفوا فإنهم اقرب الناس إلى بعضهم بعضا . وبذلك تحول  المفاوضون معي  إلى الانضمام للجنتي  المركزية وتركوا مرشحيهم . والكل يقول : يا عمي حظ احمد العويدي يكسر الحديد و... , خلص الرجل رايح ينجح وإلا كيف يقبل فلان ( الرجل الشرس ) الإهانة ولا  ينتقم ممن أهانه , وهنا انتشرت الأخبار عما جرى وأنني محظوظ وان حظي سيتغلب على سائر الحظوظ وأنني سأنجح ان شاء الله تعالى . وفي الحقيقة لو ان الرجل الشرس تصرف بعاطفة وحماقة لفقدنا الانتخابات في اليوم التالي . ولكنها مشيئة الله سبحانه

  أما مسحيلية الغولة فهي انحدار قائم على حافة جبل مقابل البصة الفوقا غربي وادي السير , ولا  يجتازها إنسان ولا حيوان لان من يلمس طرفها يهوي إلى  قعرها السحيق الذي يبلغ حوالي مائة وخمسين مترا أو يزيد . وقد درجت الحصينيات في شهر شباط ان تطارد بعضها في السفوح , حتى اذا ما وصلت إلى مسحيلية الغولة وقعت وبقيت تتدحرج وهي تصيح إلى ان تصل القعر فمنها من يموت ومنا من يصاب . لذلك فعندما ينزلق الشخص بعمله إلى الدرجة الدنيا يقل له هذا المثل , واعتقد ان هذا مناسب لسياسة الحمقى والغرباء ولو بعد حين . ونمت ليلة الانتخابات قرير العين وقد انضم إلي مئات العبابيد الذين كنت يائسا من انضمامهم . ولكنها قدرة الله سبحانه .

 يتبع  في الحلقة القادمة / يوم الاقتراع والتهاني



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد