صحيفة السوسنة الأردنية

 
في مزرعة الدجاج المجاورة لمزرعة اخرى سمع في الصباح على غير العادة صوت مجلجل يهتف باسم  الوطن ,صوت يعد بمستقبل افضل و تطوير وتحسين الظروف المعيشية  ,يعد بالاستثمارات التي ستدر دخلا على الجميع , الدجاج يصغي الى ذلك الخطاب الحماسي ,فديك جديد قد تسلم للتو زمام الامور في المزرعة المجاورة ,عين الديك بمنصبه الجديد بعد ان تردت احوال المزرعة وتقاعد الديك السابق بعد شبهة فساد حامت حوله ""

الديك الجديد قوي الشكيمة والبنيان ,ذو لحية حمراء تتدلى كأقراط عروس افريقية ,له (عرف ) كتاج الملوك ,حسه الوطني عال ,مفوه ويتمتع بقدرة عالية على الاقناع ,علاقاته متشعبة ومتينة مع من هم اعلى منزلة منه في سلم المسؤولية ..

في مزرعة الدجاج المجاورة ثمة ديك اخر مسؤول عنها, خجول, حسن السلوك,  لا يجيد الكلام ,يعامل الدجاج باحترام ويعتبرهم شركاء في المزرعة ,فالانتاج في المزرعة مميز ويغطي مصاريف المزرعة ويلبي احتياجات الدجاج من حصص (الاعلاف ) والتمتع باساسيات الحياة وكمالياتها ,الدجاج قانع واموره مستقرة ,يجمع في كل صباح كميات وفيرة من البيض المنتشر ككرات الثلج  في ارجاء المزرعة,الا ان هنالك دجاجة لعوب تعمل كمشرفة على مخازن البيض والعلف,تهتم بمظهرها, تتباهى برشاقتها ,وجمال ذيلها المميز الموشح بالالوان ,ثرثارة ومتملقة وسيئة السمعة ..

في ذات صباح اعلن عن احالة الديك الخجول الى التقاعد فهو لم يزد الانتاج ولم يحسن الظروف المعيشية والصحية ولم يطور اي شيء في المزرعة , فاوكلت مهمة الاشراف على المزرعة لذلك الديك صاحب الحس الوطني العالي , فهو الان اصبح مشرفا على المزرعتين ’ يبدأ بالتجول في اركان المزرعة تتملقه الدجاجة اللعوب ويجتمع بها منفردا فهي طوع امره في كل شيء ,اتفق معها على سرقة بعض البيض والاعلاف والادوية  من المخازن وبيعها خارج المزرعة وسيكون ذلك مهمة ليلية يومية ..,رتب ريشه المنفوش ومشط لحيته ولملم مظهره بعد ممارسته (الرذيلة) معها  وانصرف يتلو خطاباته الوطنية والحماسية وشعاراته الرنانة  ويتحدث عن المستقبل المشرق والمشاريع التي ستؤتي اكلها قريبا ويؤكد بان جميع الدجاج سيعيش  بترف ورخاء  ..

تسرق المخازن في كل يوم بالتواطىء مع الدجاجة اللعوب,يتم ترهيب الدجاج بسلطته المطلقة ,يفعل ما يحلو له  ,يشاهد الديك يعلو ظهر دجاجة منتشيا عابثا بها ,يكرر فعلته كل يوم وعلى مرأى الجميع  مع من يشاء,ومازال في كل صباح يهتف باسم الوطن ويخطب خطبته الحماسية ويعد بمستقبل افضل لكل من في المزرعة , يخفض المصاريف لقلة الانتاج وعدم وجود ارباح تغطي مخصصات الدجاج من الاعلاف والادوية والامور الاخرى ,تتردى اوضاع الدجاج  الذي اصبح بصعوبة بالغة قادرا على انتاج البيض نظرا لسوء التغذية والاحباط  الذي اصابه والديك مصر على ضرورة استمرار الانتاج مهددا من يمتنع بالعقاب الشديد,يمر الدجاج بمخاض عسير وقسري في كل يوم لانتاج البيض   , انتشر (الباسور ) بين الدجاج واصبح هزيل الجسم يترنح كسكير في مشيته  ,  ومعظم البيض الشحيح  اصبح  من النوعية السيئة...

حضرت لجنة تفتيش للوقوف على اسباب ضعف الانتاج وقلة الارباح وتردي الحالة الصحية للدجاح الذي بالكاد يقوى على المشي   ,انبرى للجنة عدة دجاجات يطالبن بالتحقيق مع الديك الذي هو سبب الفساد ,لحسن الحظ ان لديهن ملفا كاملا موثقا بجميع المخالفات مدعوما بالصور ومشاهد الفيديو وشهادات العديد من الدجاجات التي قام باغتصابهن ,شكلت اللجنة فريقا للتحقيق مع الديك وواجهوه بالادلة والقرائن , انكر الديك ما نسب اليه   وذكرهم بوطنيته العالية وانجازاته السابقه ..حفظ الملف وتقرر بوجوب تقاعد الديك وتركه ليعيش حياته بسلام وتم وعده بمنصب جديد  لكن بعد حين وبعد ان ينسى الجميع ما قام  به من افعال , خصصت له مكافأة  لحسه الوطني العالي ولانجازاته المتميزه ولخدماته الجليلة ..

فرح الدجاج بتقاعد الديك الا الدجاجة اللعوب, وعمت الافراح جميع ارجاء المزرعة , اعيدت حصص الاعلاف والخدمات كالسابق ,زاد الانتاج ,وعاش كل من في المزرعة حياة بذخ ورفاهية عالية وتحسنت مشية الدجاج حيث اصبح يمشي باعتدال نتيجة لزوال الام البواسير  ...

بعد عدة شهور وفي صباح ربيعي مشمس ,سمع صوت مجلجل في المزرعة المجاورة يصدح بارجاء المكان , يهتف للوطن يتحدث عن مستقبل واعد ومشرق لجميع الدجاج بالمزرعتين و لن يقبل باي فاسد بينهم, يخطب بحماس قل نظيره , عم الصمت  وذهل الجميع وتحسس الدجاج مؤخراته ايذانا بعودة الباسور , الدجاجة اللعوب تنفست الصعداء وانفرجت سريرتها وابتسمت بخبث وهرولت لتجمل نفسها قبل بدء زيارة الديك الجديد ....