صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية بوابة الاستثمار في الشباب الأردني

mainThumb

12-11-2012 02:16 PM

كتب : الدكتور سالم محمد الحسنات 

 يرتبط مفهوم الاستثمار بالطابع الاقتصادي وتراكم رؤوس الأموال  وعلى مستويات مختلفة ابتداء من الفرد إلى مجموعة من الشركاء أو الشركات المتعددة سواء الوطنية أم الإقليمية أم الدولية ، بالإضافة إلى المستويات المختلطة ذات الطابع التخصصي أو ضمن التعاون الدولي.

 
  فمصطلح الاستثمار يهدف إلى تراكم رأس المال وزيادة القدرة الإنتاجية و/ أو تجديد و/ أو تعويض رأس المال السابق من خلال رصد الأموال اللازمة لإقامة المشاريع الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها.
 
   ويعكس الاستثمار في مفهومه العام زيادة خبرات النجاح ومحاولة الوصول إلى الرفاه الاجتماعي والانتعاش الثقافي والاستفادة من الانفجار المعرفي والتطور التكنولوجي ، وبالتالي يؤثر الاستثمار في تعزيز وتحسين نوعية الحياة للأفراد والمجتمعات.
 
    وبالرغم من غلبة الطابع الاقتصادي والمال والأعمال على مفهوم الاستثمار ، فان مفهوما آخر يظهر بوضوح  ويرتبط ارتباطا واضحا بأهداف الاستثمار وأشكاله وأهميته بل وديموميته وهو الاستثمار في الشباب .
 
 فالشباب هم عصب الشعوب وسياجها وقوتها ، وان التعرف على تقدم الأمم وحضارتها وتطورها إنما يقاس بما وصل إليه شبابها من رقي وتطور سواء بالتفكير أو بالسلوك أو بالإنتاج .
 
     وتتميز المجتمعات  عموما والمجتمع العربي منها بشكل خاص بالفتوة  -  بمعنى ارتفاع نسبة الشباب بالنسبة للسكان ، وهذه الميزة تعد من أهم الميزات والصفات التي تميز المجتمعات العربية عن غيرها من المجتمعات ، وبالتالي تشكل هذه الظاهرة مصدر قوة وبناء إذا ما تم استثمارها بالشكل الأمثل.
 
     وتشكل نسبة الشباب الأردني دون سن الثلاثين ما يزيد عن70% من المجتمع الأردني ، إذ يعد المجتمع الأردني من المجتمعات العشرة الأوائل على مستوى العالم في هذا المجال.
 
       وبمقارنة بسيطة بين الاستثمار بمفهومه الاقتصادي والاستثمار بالشباب نجد أن كثيرا من المشاريع الاستثمارية الاقتصادية  تواجه العديد من المعيقات والمشكلات التي تقف في طريق نجاحها ، وكثيرا من هذه المشاريع لا تحقق أرباحا أو نجاحا بل تشكل عبئا على المستثمرين وبالتالي تنضم هذه المشاريع إلى  ما يسمى في الحقل الإداري بخبرات الفشل ، بينما يشكل  الاستثمار بالشباب رصيدا ووفرا ومنطلقا للنهوض الاجتماعي والاقتصادي والسياسي كإضافة نوعية إلى خبرات النجاح  على مستوى الأفراد والجماعات .
 
    فالشباب هم معول البناء والنماء في مختلف المجالات عسكريا واجتماعيا واقتصاديا وعلميا ، وهم الطاقة الكامنة التي تعزز التطور والتنمية واستخدام تكنولوجيا  العلم والتعلم  والمعرفة والابتكار والإبداع والاختراع .
 
    وحتى يتم الاستثمار في الشباب بالشكل الأفضل ولاستدراك عوائد هذا الاستثمار لا بد من الاهتمام بهذه الفئة وتعزيز مكانتها الاجتماعية والاستماع لها والإنصات إليها وتعزيز مفاهيم الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر لديها وتعزيز قيم و مهارات الاتصال معها .
 
     ويشكل توجيه الشباب للعمل البناء والهادف حجر الزاوية في عمليات الاستثمار في الشباب ، حيث يتم استثمار قدرات الشباب فكريا من خلال تطوير تفكيرهم ومهاراتهم وإبداعاتهم وتوجيههم نحو الابتكار والإبداع والاختراع  والاقتصاد المعرفي ، وبدنيا من خلال تعزيز مفاهيم وممارسات العمل التطوعي واللياقة الصحية  والنشاطات اللامنهجية الرامية إلى العمل والبناء وخدمة المجتمع والبيئة  ومساعدة الآخرين.
 
    وفي ضوء اهتمام  المجتمعات المعاصرة  بتنمية قدرات الشباب وتعزيز مهاراتهم وتطوير اهتماماتهم وإمكاناتهم ، يسعى صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية إلى  تأهيل الشباب  وتدريبهم وتنمية قدراتهم واستعداداتهم للدخول إلى سوق العمل بكفاءة واقتدار من خلال فروعه المنتشرة في مختلف الجامعات الأردنية.
 
       إذ تتضح التوجيهات الملكية السامية بالاهتمام بالشباب من خلال كتب التكليف السامي للحكومات المتتالية  بوضع قضايا الشباب الأردني على سلم أولوياتها ، ومن خلال الرؤية الملكية في تأسيس صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية كمؤسسة غير حكومية  تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة في جميع محافظات المملكة ، وتعمل على تحسين مستوى المعيشة وتنمية المواهب لدى الشباب .
 
    وضمن فعاليات مكاتب الصندوق في الجامعات  الأردنية لتفعيل برامج ونشاطات الاستثمار في الشباب تعمل المكاتب على ترسيخ قيم العمل وسلوكياته والانتماء الوظيفي، ومساعدة الطلبة في تأمين فرص عمل دائمة بعد التخرج أو مؤقتة خلال مرحلة تعليمهم الجامعي، وتوفير قاعدة بيانات عن احتياجات أسواق العمل من الموارد البشرية، وفتح قنوات الاتصال بين الصندوق والطلبة في الجامعات  وفعاليات القطاع الخاص وهيئات المجتمع المدني، والمواءمة بين مهارات الاتصال التي يتم تدريب الطلبة عليها مع الاحتياجات الحقيقية لسوق العمل محليا وإقليميا وعالميا كمتطلب أساسي لتحقيق المواءمة بين مخرجات النظام التعليمي ومدخلات سوق العمل بشكل عام.
 
       إن الاستثمار في الشباب يتضمن الاستثمار بتعزيز التفكير الايجابي لدى الشباب والاستفادة القصوى من مخرجات التطور التكنولوجي والمعرفي ، والاستثمار بالقدرة البدنية لدى الشباب وتوظيفها في العمل والبناء وترسيخ مفاهيم التطوع والتنمية واحترام العمل اليدوي والمهني وتطوير مفاهيم الصحة البدنية والنفسية لدى الشباب ، والاستثمار بطاقات الشباب المختلفة ليكونوا مصدر بناء ونماء لبيئتهم ووطنهم.
 
      يعاني الشباب العربي بشكل عام والشباب الأردني بشكل خاص من مشكلتي الفقر والبطالة، إذ تساهم الحلول المقدمة لمشكلة البطالة في تخفيف أو زوال مشكلة الفقر ، وتعد مهمة التوظيف من أهم المهمات التي يتصدى لها صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية من خلال مساعدة الطلبة الخريجين في الحصول على فرص عمل تنسجم مع قدراتهم ورغباتهم ، وتوفير فرص العمل الجزئية للطلبة الذين ما زالوا على مقاعد الدراسة ، بالإضافة إلى التنسيق مع القطاع الخاص محليا وإقليميا في استقطاب الكفاءات المطلوبة من خريجي الجامعات، وإعلام الطلبة بالفرص الوظيفية المتاحة لدى جهات العمل في مختلف مجالات التخصصات بالجامعات، واستقبال طلبات التوظيف المقدمة من الخريجين، ودعوة جهات العمل للمشاركة في برنامج توظيف الخريجين والالتقاء بهم وتوفير الوسائل اللازمة للنجاح، وذلك من خلال تنظيم الأيام الوظيفية لشركات ومؤسسات التوظيف ومشاركة الطلبة فيها.
 
     ويركز الصندوق على برامج التدريب والإرشاد المهني للطلبة والخريجين من خلال  تدريب الطلبة على مهارات المقابلة الشخصية وأساليب صياغة وعرض السيرة الذاتية، والتنسيق مع مختلف القطاعات وفي مختلف التخصصات لعقد دورات تدريبية تساهم في تطوير مهاراتهم للاستفادة منها في سوق العمل وحياتهم المهنية ، وتقديم الإرشادات والنصائح المهنية لجميع مستويات الطلبة من خلال الدورات التدريبية التي يقدمها الصندوق للطلبة باستخدام لوحات الإعلانات والبريد الالكتروني المباشر للطلبة ، بالإضافة إلى استقبال اقتراحاتهم لتنفيذ الممكن والمفيد منها.
 
      وتعزيزا لآلية الاستثمار في الشباب يقوم الصندوق ببناء قواعد للبيانات والمعلومات الخاصة بجهات التوظيف المحلية والإقليمية واحتياجات أسواق العمل من الكوادر البشرية، واستلام طلبات المنح الدراسية مع بداية كل عام دراسي جامعي.
 
    يعد تعزيز قدرات وطموحات وإمكانات الطلبة من أهم مجالات الاستثمار بالشباب لدى صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية ، وذلك من خلال توفير فريق من المتطوعين الطلبة للعمل لمدة خمس ساعات أسبوعيا  بالإضافة إلى تشغيل عدد من الطلبة ضمن نظام التشغيل بحيث يكون عدد ساعات عملهم (15) ساعة أسبوعيا.
 
     وفي مجال الاستثمار الفكري والمعرفي والعلمي يتيح  الصندوق فرص الابتكار والاختراع والإبداع  لدى الطلبة ، ويعزز منها من خلال برنامج دعم مشاريع البحث والتطوير  وبالتعاون مع قسم الأبحاث التطبيقية / مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير (KADDB) ، حيث يمول هذا البرنامج تكاليف البحث والتطوير لمشاريع تخرج طلبة  الجامعات من خلال صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية ، ويستهدف البرنامج المشاريع التي ينفذها الطلبة  في الجامعات الأردنية وذلك استجابة لرؤية جلالة الملك المعظم  في دعم الإبداع والمبدعين والمتميزين من طلبة الجامعات من خلال تهيئة الظروف البيئية الملائمة وتوفير الإمكانيات والوسائل التي تمكن الطلبة من إبراز إبداعاتهم الفكرية والفنية حيث يصل مستوى الدعم إلى خمسة آلاف دينار للمشروع الواحد.
 
      ويعد صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية واحدا من أهم المؤسسات الوطنية الحكومية والخاصة والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني بالإضافة  إلى المنظمات الإقليمية والدولية التي تعمل على  تأهيل وتطوير مهارات الشباب والنهوض بمختلف مستوياتهم الفكرية والبدنية والعلمية والعملية ، من خلال العديد من البرامج والنشاطات الهادفة الى صقل شخصية الشباب وإعدادهم للمستقبل، وبالرغم من تنوع وكثافة هذه الجهود إلا أنها تحتاج إلى المزيد من التنسيق والتخطيط  والشمول والتكامل  لتشكل في مجملها السلسلة المتكاملة  للنهوض بالشباب .
 
     فالشباب الأردني بصفته الكنز الأثمن في مجتمعنا والذي يمتلك الصفات والقدرات والإمكانات التي تعزز من مكانته في خدمة وطنه ومجتمعه ، يحتاج إلى تكاثف الجهود المنظمة ليكون مجالا استثماريا يتميز بالديمومة وتراكم خبرات النجاح التي تصب في التنمية والنماء للفرد والمجتمع والوطن بأكمله .
 
    ان صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية ومن خلال مساعيه الرائدة  في تعزيز قدرات الشباب وتعزيز مكانتهم وتدريبهم وتحفيزهم يعد بحق بوابة الاستثمار في الشباب الأردني كإضافة نوعية ومتميزة لأهم أشكال الاستثمار بمفاهيمه المتعددة.
                                                  
 
 
الدكتور سالم محمد الحسنات
مساعد عميد شؤون الطلبة لضمان الجودة
مدير مكتب صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية والتأهيل الوظيفي/ الجامعة الأردنية  


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد