صحيفة السوسنة الأردنية

عمّان – السوسنة – حذّر محاميان أردنيان من خطورة لجوء بعض الجامعات الخاصة إلى منع الطلبة من دخول الامتحانات النهائية بسبب تراكم الذمم المالية عليهم، معتبرين هذا الإجراء مخالفًا للقانون المدني الأردني، وخروجًا عن طبيعة العلاقة الأكاديمية التي تربط الطالب بالجامعة، وخرقًا صريحًا لتعميم رسمي صادر عن وزارة التعليم العالي.

وفي قراءة قانونية معمّقة، استعرض الباحث القانوني جواد ملحم والمحامي الأردني عمر قصاص الإطار القانوني الذي يحكم العلاقة بين الطالب والجامعة، مؤكدين أن الامتناع عن تمكين الطالب من التقدّم للامتحانات يُعد انتهاكًا للحقوق التعليمية، وتجاوزًا لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود، وإضرارًا بالغًا بحقوق الطلبة ومصيرهم الأكاديمي والمهني.

وأشار المحاميان إلى أن بعض الجامعات لجأت سابقًا إلى احتجاز شهادات التخرج للطلبة رغم استكمالهم متطلبات التخرج، إلا أن القضاء الأردني تصدّى لهذا الإجراء، وأرَسَى مبدأ قانونيًا مهمًا مفاده أن الشهادة الجامعية حق معنوي لا يجوز احتباسه، لأنها ليست مالًا ولا قابلة للتقويم بثمن وفق أحكام القانون المدني.

العلاقة تعاقدية... لكنها ملزمة للطرفين
وأوضح ملحم وقصاص أن العلاقة بين الطالب والجامعة علاقة تعاقدية غير مسماة، تتضمّن التزامات متبادلة، حيث يلتزم الطالب بدفع الرسوم الجامعية، بينما تلتزم الجامعة بتقديم التعليم كاملاً وفق الخطط الأكاديمية، بما في ذلك التدريس والتدريب والامتحانات.

وأضافا: "بموجب المادة (202) من القانون المدني الأردني، يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع حسن النية، وهو ما يتطلب تمكين الطالب من التقدم للامتحانات طالما لم يصدر بحقه قرار سحب أو فصل قانوني"، مؤكدين أن حرمان الطالب من التقييم الأكاديمي يُعد إخلالًا جوهريًا بالعقد، ولا يجوز قانونيًا أن يُستخدم كوسيلة ضغط مالي.

تعميم وزاري ملزم... تجاهلته بعض الجامعات

واستند المحاميان إلى تعميم رسمي أصدره وزير التعليم العالي في يناير 2022، والذي منع بموجبه الجامعات كافة من حرمان الطلبة من الامتحانات النهائية بسبب الذمم المالية، وشدّد على ضرورة معالجة هذه القضايا بالوسائل القانونية والإدارية، دون المساس بحق الطالب في التقييم الأكاديمي.

واعتبرا أن هذا التوجيه "رسّخ مبدأ أن الامتحان استحقاق علمي، لا وسيلة ضغط مالي"، وهو تعميم تنظيمي ملزم قانونيًا باعتبار أنه صدر عن الجهة المختصة، ويجب على جميع الجامعات – حكومية وخاصة – الالتزام به.

حرمان الطالب يعكس تعسفًا في استعمال الحق
وأكد المحاميان أن تصرف الجامعة بالسماح للطالب بالتسجيل في الفصل الدراسي، ثم منعه لاحقًا من دخول الامتحانات بسبب رسوم غير مدفوعة، يُعد تنازلًا ضمنيًا من الجامعة عن حقها في الامتناع عن التسجيل، ولا يجوز لها نقض ما سمحت به مسبقًا، لأن "من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه"، على حد وصفهما.

وأضافا أن القانون المدني الأردني في مادته (214) ينص على أن "العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني"، مشيرين إلى أن الغاية من العلاقة الجامعية هي إتمام التعليم لا تحصيل الأموال فقط، وبالتالي فإن أي إجراء يحرم الطالب من التقدّم للامتحانات يُعد تعسفًا في استعمال الحق إذا ترتب عليه ضرر غير متناسب مع الغرض.

أضرار أكاديمية ومهنية... وتحول الجامعات إلى جهة تجارية

ونوّه ملحم وقصاص إلى أن مثل هذا الإجراء قد يُلحق بالطلبة أضرارًا جسيمة، كخسارة فصل دراسي، أو تأخير التخرج، أو ضياع فرصة مهنية أو تعليمية، كما أنه قد يؤدي إلى إثراء غير مشروع للجامعة في حال اضطُر الطالب لإعادة المساق ودفع رسومه مجددًا، وهو ما يُخرج الجامعة من دورها الأكاديمي إلى إطار تجاري بحت.

وفي ختام قراءتهما القانونية، وجّه المحاميان دعوة مباشرة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي للتدخل العاجل واتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان التزام الجامعات بالتشريعات الناظمة، وحماية حقوق الطلبة وكرامتهم الأكاديمية، مؤكدين أن ما جرى هو تجاوز يجب تصويبه فورًا بما يليق بدولة القانون والمؤسسات.