أمجد المجالي : وعد بلفور .. و وعد كيري

mainThumb

03-02-2014 01:17 PM

عمان - السوسنة - تاليا نص كلمة النائب امجد المجالي خلال جلسة النواب الاحد لمناقشة خطة كيري وانعكاساتها على الاردن :


إن ما يرشح اليوم من معلومات عن مبادرات أمريكية إسرائيلية ليس إلا بالونات اختبار لجس نبض الشارع الأردني والعربي وبعض الأنظمة العربية و مدى قبولها لتصفية القضية الفلسطينية  على حساب الأردن عبر معاهدة حد أدنى تضمن هدنة لفترة طويلة إن لم يكن سلاما بالمعنى المقصود للكلمة ، و يبدو أن الأمريكيين قد أيقنوا أن القضية الفلسطينية و تشعباتها تسبب قلقا لسياساتهم الخارجية و تشغلهم عن قضايا أكثر أهمية من فلسطين والعالم العربي كله بالنسبة لهم ، فهم يعلمون أن المارد الصيني بات قاب قوسين أو أدنى من أن يكون دولة عظمى كاسحة غير قابلة للانكسار ، لا الاقتصادي ولا السياسي ولا العسكري في أسوأ الظروف ، كما أن روسيا الضعيفة التي كانت تحكمها المافيا و تنهب خيراتها جماعات الضغط الاقتصادي الغربية تغيرت تحت حكم بوتين و باتت القوة العظمى التي كان يمثلها الإتحاد السوفيتي و هناك كوريا و جورجيا و أوروبا الشرقية و تايوان و قضايا أخرى كثيرة إضافة إلى قضية الجمود الاقتصاد الأمريكي و تعثره للعام السابع على التوالي مما يهدد بعواقب كارثية على مجمل الوضع الأمريكي و ربما على الحلفاء الغربيين أيضا .
 
من ناحية أخرى هناك مفاوضات جارية بين مفاوضين فلسطينيين و إسرائيليين بسرية تامة في مناطق مختلفة من أوروبا  على غرار ما جرى في أسلو ، كما أن علينا العودة إلى العمل المضني الذي قام به مفاوضون فلسطينيون و إسرائيليون خلال السنوات الماضية و بعد أوسلو و كنا نظن أنهم يقومون بأعمال فردية لا علاقة للقيادات الفلسطينية والإسرائيلية بها ، غير أننا إذا ما عدنا إلى وثيقة عباس – بيلين والتي وضعت خطة كاملة لفكفكة القضية الفلسطينية كلها على كل الصعد السياسية والتاريخية والاجتماعية و الدينية و أعادت تركيب الحل بما يتواءم مع كل متطلبات الأمن الإسرائيلي كما تراه القيادات الراديكالية الإسرائيلية و هناك مبادرة جنيف التي تفاوض فيها ياسر عبد ربه مع إسرائيليين ثم طويت صفحة ورقة عباس بيلين و ورقة مبادرة جنيف حتى عاد كيري اليوم ينفض الغبار عنهما ووضعهما موضع التنفيذ .
 
إن ما يجري يشكل خطرا حقيقيا  على الأردن يصل إلى حد خطر النكبة على الفلسطينيين في العام 1948  ، و هو يسعى إلى تحطيم مجموعة المفاهيم والقيم السياسية والاجتماعية والتاريخية بين الشعبين العربيين الأردني والفلسطيني و ذلك لإفساح المجال أمام قطعان المستوطنين من اليهود في فلسطين المحتلة لترسيخ أقدامهم لستين عاما ثانية في فلسطين و خلق نكبة جديدة يتداخل فيها الإقليمي مع العنصري مع الطائفي و ذلك لتطبيق المبدأ الأمريكي في مجال الفوضى الخلاقة الذي طبق في مصر و ليبيا و يطبق اليوم في سوريا  و يراد له أن يحدث في الأردن .
 
نود أن نوضح أننا لا ننطلق من أي بعد اقليمي ، ولا يستطيع أحد في هذا الكون الأدمي كله أن يزاود علينا بوطنيتنا و قوميتنا و ديننا و شرفنا ، فنحن الذين ضحينا مع إخواننا الفلسطينيين و نحن الذي حملنا معهم ارث النكبة كله على ظهورنا ، و نحن الذين تقاسمنا معهم حر الصيف و قر الشتاء القارص بينما كانت العرب المستعربة و بعض العرب العاربة يتجشئون من التخمة في قصورهم ، و نحن الذين اعتبرنا و ما نزال نعتبر أن فلسطين بمنزلة الأردن في قلوبنا إن لم تكن أغلى ، بعض ترابها مجبول بدمائنا و بعض نسيمها يعانق أرواح شهدائنا ، والفلسطينيون أغلى علينا من كل الدنيا لأنهم منا فلا يدخلن أحد لشرح ما نقول من منطلق عنصري اقليمي ضيق تافه.


غير أننا نقول أن بعض نخب المستغربين من الفلسطينيين  و نقول البعض ولا نعمم  يريدون أن يزرعوا الفتنة بين الشعبين و يريدون أن يخلقوا مشكلة جديدة فوق كل ما على رؤوسنا من مشاكل ، و يريدون أن يتصوروا على أدراج البيت الأبيض و هم يقبلون أحذية العدو مقابل مصالح شخصية ضيقة ، إن الأردن ليس للبيع ولا للاستثمار ولا للمبادلة ، الأردن هو أرض الحشد والرباط لتحرير فلسطين وليس أرض لمقايضة فلسطين به ، الأردن هو وطن كل الصناديد الذين قاتلوا و قتلوا واستشهدوا على ترابه منذ أبو عبيدة عامر بن الجراح و سعد و جعفر رضي الله عنهم و حتى ضباط الجيش الأردني الذين سالت دماؤهم زكية في الكرامة والشونة و أم قيس و وادي عربة و شرق النهر و غربه حتى حافظوا على هذا الوطن عاليا ، غاليا ، قويا مصانا .


نعلم أن أمريكا دولة قوية و إسرائيل دولة معتدية وما تزال معتدية و هي لا تحترم المواثيق ولا العهود ولا المعاهدات ، و لكننا في الأردن نستطيع أن نقلب المعادلات كلها و الثوابت كلها إذا وجدنا أن وطننا و شعبنا يتعرض لخطر التصفية و لخطر تكرار نكبة عام 1948 و عواقب وعد بلفور والتغريبة الفلسطينية التي دمرت شعبا بأكمله  ، فهل نسكت على وعد كيري الذي سيدمر ما تبقى من الشعب الفلسطيني إضافة إلى الشعب الأردني كله .


نعلم أن المصالح وليس الصداقات هو ما يحكم العلاقات بين الدول  ، وليس أدل على ذلك من بيع أمريكا  للسعودية التي أعطتها كل نفطها و ثرواتها لمدة ستين عامل لتكافأ بأن يتخلى عنها الحليف الأمريكي لصالح إيران ، من هنا فإن علينا التيقن تماما أن المخطط الذي يتم الحديث عنه إذا لم يواجه منذ اليوم و من قبل كل طلائع الشعب الأردني و قوى الشعب العاملة الصادقة المخلصة من فلسطينيين وأردنيين فإننا سنجد أنفسنا غدا أمام أمر واقع لا سمح الله .


لولا أن الأردن ملتزم بكل ما اتفق عليه في معاهدة كامب ديفيد لما كانت هناك سماء صافية ولا ليل هاديء في طبريا و بيسان و العفولة و سدوم و غيرها بل لن ينام أحد من اليهود في فلسطين المحتلة من أقصى رأس الناقورة شمالا و حتى خليج العقبة جنوبا ، و لن تستطيع إسرائيل أن تفعل شيئا فقد رأينا فعلها مع المقاومة اللبنانية و ستكون المقاومة الأردني الفلسطينية أكثر و أكبر مما تظنه إسرائيل.


على الأمريكيين أن يتعقلوا قبل أن تشتعل النار في المنطقة و النار في النقطة التي يلعبون بها بالنار تختلف عن كل المناطق الأخرى و على الإسرائيليون أن ينسوا العام 1967 و يتذكروا يوم الكرامة لأن الأردنيين قادرون على تكراره وقتما يشاءون و يرون ذلك مناسبا ، أما بعض التجار من الجانبين  فلا نقول  لهم إلا ... استحوا فما تروجون له عيب و خجل و لا نقول لكم حرام لأنكم لا ترفون الحلال من الحرام.
 
 و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين  صدق الله العظيم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد