السوسنة - ساهم تصاعد استهلاك الطاقة وتراجع أسعار النفط وتداعيات التغير المناخي في إحداث تحول جذري صوب الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط، بالتوازي مع ظهور مشروعات عديدة للاستفادة من طاقة الرياح و
الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء.
حيث يسجل الشرق الأوسط أعلى معدلات استهلاك الكهرباء في العالم – كما تدعم غالبية حكومات دول الخليج الماء والكهرباء بسخاء منقطع النظير. على سبيل المثال، دعمت أبو ظبي الماء والكهرباء لمواطنيها بقيمة 17.5 مليار درهم في 2014 فيما تحرق السعودية شهريا 900,000 برميل من النفط بأسعار مدعمة لتلبية الطلب على الكهرباء.
واستنادا إلى موقعه الرائد في الشرق الأوسط قام بنك أبو ظبي الوطني (NBAD) بقيادة المسيرة نحو دعم حلول الطاقة المستدامة. حيث التزم البنك بتقديم قروض واستثمارات وتسهيلات بقيمة 10 مليارات دولار
لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة كجزء من تمويل الاعمال المستدامة التي تم توجيه التمويل اليها خلال السنوات العشر القادمة. ويأتي هذا القرار بعد أن خلص تقرير "تمويل مستقبل الطاقة" إلى أن استهلاك منطقة الخليج العربي من الطاقة سوف يتضاعف ثلاثة مرات خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة – متجاوزاً مستوى الإنتاج – كما أبرز الحاجة إلى استثمارات بقيمة 48 تريليون دولار في مصادر الطاقة الجديدة لردم الفجوة على الصعيد العالمي. وقال أليكس ثيرسبي، الرئيس التنفيذي لمجموعة
بنك أبوظبي الوطني : "نأمل في تسريع وتيرة الانتقال إلى حلول الطاقة الجديدة التي أصبح العالم اليوم يحتاجها بشدة."
ويتحرك السوق بخطى متسارعة في هذا المضمار. حيث أنشأت دبي خلال العقد الماضي محطات لتوليد 200 ميجاوات من الطاقة الكهروضوئية، وقدمت مبادرات مثل "أشجار النخيل" الذكية، بجانب برنامجها لتركيب الألواح الشمسية على أسطح المنازل، ورفعت الإمارة الخليجية النسبة المستهدفة لحصة الطاقة الشمسية لثلاثة أضعاف، من 5% إلى 15%، وهو ما يعني توليد 3,000 ميجاوات من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030.
ونجحت هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) مؤخراً في تأمين تعريفة للكهرباء بقيمة 0.06$ لكل كيلو وات ساعة، ولمدة 25 عاماً، من خلال إحدى مشروعات توليد الطاقة الكهروضوئية والذي سيبلغ إنتاجه 200 ميجاوات. ويفتح هذا الخفض الكبير في التكلفة آفاق واسعة أمام الطاقة الشمسية لتصبح واحدة من مصادر الطاقة الأكثر تنافسية في المنطقة، كما ستصبح أرخص مصادر توليد الكهرباء خلال الفترة ما بين عامي 2025 و2030.
بدورها قررت مصر، والتي حبتها الطبيعة بمجموعة من أفضل مصادر الرياح على مستوى العالم، تجنيب 700 كيلو متر مربع لتخصيصها لمشاريع طاقة الرياح الجديدة، فيما وضعت مصدر، شركة الطاقة المتجددة التي أنشأت في أبو ظبي قبل ثماني سنوات، خريطة لمواقع التوربينات على مستوى دولة الإمارات، وتعد الشركة واحدة من أكبر ثلاثة مستثمرين في أول مشروع من نوعه في الشرق الأوسط لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح لأغراض الاستخدام لهذا فإن رياح التغيير بكل تأكيد قادمة.