الشيخ محمد الحمود الخصاونة رئيساً لأول إدارة محلية ( الجزء الثالث )

mainThumb

15-08-2017 07:27 PM

 الشيخ محمد الحمود الخصاونة رئيساً لأول إدارة محلية منتخبة

في شرق الأردن من عام 1880 إلى 1890م – الجزء الثالث

.
عمان - السوسنة - قبل تأسيس إمارة شرق الأردن بواحد وأربعين سنة، وقبل استلامه وزيرا للمالية في أول حكومة أردنية "حكومة عجلون العربية" بأربعين سنة، كان الشيخ محمد الحمود الخصاونة رئيساً لأول إدارة محلية في شرق الأردن. حيث أصدر والي سورية الصدر الأعظم احمد حمدي باشا فرمانًا عام 1880م بتعيين الشيخ محمد الحمود الخصاونة، حيث شكّل بموجبه أوّل قومسيون "مجلس بلديّ" في شرق الأردن، وبذلك تأسست بلدية اربد "مركز قضاء عجلون العثماني" كأول بلدية أردنية في العهد العثماني، وجرى انتخاب الشيخ محمد الحمود الخصاونه كأول رئيس لبلدية اربد منتخب في 13 ذي الحجة 1300هـ الموافق 16 تشرين أول 1883م واستمر رئيسا لبلدية اربد عبر الانتخابات حتى عام 1990م.
.
يعد الشيخ محمد الحمود شيخ مشايخ بني عبيد شخصية وطنية مرموقة من شخصيات الرعيل الأول الذين قضوا حياتهم من أجل خدمة هذا الوطن والدفاع عن حقوقه، فهو من القياديين المرموقين. وقد عرف عن الشيخ "أبو علي" النزاهة والطيبة والصدق في شرح المواقف، بالاضافة الى وطنيته الصادقة، وعمق اعتزازه بالهوية الاسلامية، حيث كام متدينا صوفيا في عقيدته، ويتميز عن غيره بثقافته الواسعة.
.
وبمناسبة إجراء الانتخابات البلدية في المملكة يوم 15 آب / أغسطس 2017م، سنتعرف من خلال بحث مفصل من أربعة أجزاء على ظروف نشأة بلدية اربد في العهد العثماني، وعلى أوائل البلديات "القومسيونات" التي أقيمت في الأردن، والتي ظهرت مع الاصلاحات العثمانية متأثرين بالأوروبيين والتي استمرت في ظل الانتداب وتوسعت في عهود الاستقلال، ويشمل البحث عبر تسلسل زمني:
■ مقدمة .. شرق الأردن في العهد العثماني
■ نظام الإدارة العثماني
■ نظام الإصلاحات العثماني وآثاره على الولايات العربية
■ إنشاء بلديّة اربد عام 1880 وتعيين الشيخ محمد الحمود الخصاونة
■ وصف مبنى بلديّة اربد القديم ومهام المجلس البلدي
■ تأسيس البلديات الأردنية في العهود المختلفة (العثماني، الإمارة، المملكة)
■ وظائف ومهام البلديات والمجالس البلدية الأردنية بموجب "قانون البلديات العثماني" 
■ التسلسل للتشريعي البلدي في الأردن في العهود المختلفة (العثماني، الإمارة، المملكة)
■ توالي إنشاء البلديّات في بلاد الشام في النصف الثاني من القرن التاسع عشر
■ الصدر الأعظم أحمد حمدي باشا والي سورية العثماني 
■ الشيخ محمد الحمود الخصاونة شيخ مشايخ بني عبيد .. سيرة ذاتية
■ جلالة الملك عبدالله الثاني يكرم الشيخ محمد الحمود الخصاونة بمناسبة ذكرى نشأة البلديّة
■ سلسلة رؤساء البلديّة
■ المصادر والمراجع
.
■ التسلسل للتشريعي البلدي في الأردن في العهود المختلفة (العثماني، الإمارة، المملكة)
■ قوانين البلديات في عهد الدولة العثمانية
صدر قانون إدارة الولايات عام 1871م والذي نص المادة 111 منه على تشكيل المجالس البلدية في مراكز الولاة والمتصرفين وقانون انتخاب المجالس البلدية عام 1875م وكذلك قانون البلديات لعام 1877م والذي يعتبر الأساس القانوني والمرتكز التنظيمي لتركيبة المجالس البلدية وعمل البلديات في العهد العثماني.
.
■ قوانين البلديات في عهد الإمارة والمملكة
اخذ الاردن بنظام الادارة المحلية منذ الاعوام الاولى لتأسيس امارة شرق الاردن بهدف توفير الخدمات والمرافق المختلفة وتنمية وتطوير المجتمعات المحلية، حيث صدور اول قانون للبلديات عام 1925 ثم قانون رقم 9 لسنة 1938 حيث استمر العمل به لغاية عام 1954، ثم تلاه قانون رقم 29 لسنة 1955 الذي بقي نافذا مع تعديلاته والانظمة الصادرة بموجبه حتى صدور قانون رقم (13) لسنة 2011، ثم تلاه القانون الحالي قانون البلديات رقم (41) لسنة 2015.
.
■ توالي إنشاء البلديّات في بلاد الشام في النصف الثاني من القرن التاسع عشر
خطت الدولة العثمانية خطوات واسعة في تنظيم ادارة المدن، عندما انشأت مجالس بلدية منتخبة في اكثر الولايات، وكانت بلدية استانبول العاصمة عام 1856م، أول بلدية تنشأ في السلطنة العثمانية لتعكس سياسة الدولة الجديدة، حيث أصبحت البلديات جزءاً أساسياً من سياستها الإدارية.
.
لكن انتشار البلديات وتنظيمها تأخر حتى صدور القانون التنظيمي في تاريخ 18 أيار 1877، والذي كان أول قانون ينظّم إنشاء البلديات، ثم تكاثرت البلديات بعد ذلك في ظل قانون 1877 تطبيقاً للمادة 112 من القانون الأساسي للدولة العثمانية. وقد نصت على ما يلي:
"ان الأمور البلدية تجري ادارتها في مجالس الدوائر البلدية التي سيصير ترتيبها في دار السعادة وفي الخارج وسيصير وضع قانون مخوص لتنظيم الدوائر البلدية ونظامها وكيفية انتخاب أعضائها".
.
ونورد بعض الامثلة على إنشاء البلديّات في بلاد الشام:
نشأة البلديات الفلسطينية:
تشير الوثائق أن بلدية القدس أنشئت عام 1863م، وقد أنشئت بفرمان خاص (أمر سلطاني صادر عن السلطان العثماني) قبل صدور قانون البلديات العثماني.
أما بلدية عكا فقد أنشئت عام 1880م، أما بلدية حيفا فقد أنشئت قبل العام 1873م، مع صعوبة تحديد العام الذي أنشئت فيه قبل ذلك، فيما أنشئت بلدية الناصرة عام 1875م، في حين تأسست بلدية نابلس عام 1868م، أما بلدية الخليل فقد تأسست بين عامي 1874 و1882م، أما بلدية غزة فقد تأسس أول مجلس بلدي في غزة عام 1893م. 
لقد ترك العثمانيون فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى وفيها "21" مجلساً بلدياً هي : (عكا، حيفا، شفا عمرو، صفد، الناصرة، طبريا، بيسان، طولكرم، نابلس، جنين، القدس، رام الله، اللد، الرملة، الخليل، بيت جالا، بيت لحم، بئر السبع، عسقلان، خانيونس، وغزة).
.
نشأة البلديات اللبنانية:
بلدية دير القمر، فكانت أول مؤسسة بلدية في متصرفية جبل لبنان في 18 آب 1864م، تبعها بلديّة جزّين سنة 1865، وهي ثاني بلديّة تنشأ في لبنان، تلتها بلديّة بيروت سنة 1867، ثمّ بلديّة الهرمل سنة 1868. ثم تتالى إنشاء البلديّات: فنشأت بلديّة طرابلس 1877 وبلديّة صيدا سنة 1877، ثمّ زحلة في 1979، وجونيه في 1878، وطبرجا- العقيبة في كانون الثاني 1879، وجبيل سنة 1879، والبترون في 1879، وبشرّي في 1880، وبسكنتا في 1880.
.
■ الصدر الأعظم أحمد حمدي باشا والي سورية العثماني 
.
الوالي العثماني أحمد حمدي باشا، الحاكم في سورية وشرق الأردن وفلسطين ولبنان، عيّن واليًا على سورية مرتين: 
الأولى 1872م - 1874م، في عهد السلطان عبد العزيز الأول (عهده من 25 حزيران / يونيو 1861م - 30 أيار / مايو 1876م)
والثانية 1878م - 1884م في عهد السلطان عبدُ الحميد الثاني (عهده من 31 آب / أغسطس 1876م - 27 نيسان / أبريل 1909م)
.
شهدت سورية، خلال فترة حكم الوالي أحمد حمدي، عصر الرخاء في العلم والعمران، بحسب ما يقول المؤرخ المتخصص في تاريخ بلاد الشام الباحث اللبناني حسان حلاق. وعرف بنشاطه في نشر المعارف وتنفيذ الإصلاح وتوطيد أركان الأمن في حواضر الولاية. وتشير المصادر التاريخية إلى أن حمدي باشا كان مهمتاً جداً بإقامة المؤسسات التربوية، ويساعد على النهضة العلمية والإقتصادية في كل ولاية سوريا، كما أنه أحبّ بيروت المحروسة ( بحسب تسميته لها) حباً شغوفاً. وأثناء القيام بمهمة تفتيشية في لبنان ، أصابته نوبة مرض وتوفي على إثرها ودفن هنا في بيروت عام 1891م.
.
عيّن أحمد حمدي باشا صدرا أعظم للدولة العثمانية للفترة من 11 كانون الثاني / يناير 1878 4 شباط / فبراير 1878م، والصدر الأعظم أو وزیرا أعظم بالعثمانية هو أعلى منصب تحت السلطان مع السلطة المطلقة له.
.
ظروف تعيينه صدرا أعظم
بعد ان قرر السلطان عبدالحميد الثاني بالاتحاد مع جميع اعيان الدولة حل مجلس النواب ووجوب ارجاء اجتماعه لاجل غير محدد لعدم ملائمة الظروف لوجوده واعلن ذلك رسميا اليه في يوم 14 فبراير 1878 وعقب فضه ضبط كثير من اعضائه ونفوا خارج البلاد بسبب تنديدهم باعمال الحكومة واعتراضهم على اجرآاتها. اما الوزارات فتعاقبت بسرعة غريبة مع ان الحكمة كانت تقضي بعدم تغييرها وبقاء الوزراء في مناصبهم في مثل هذه الظروف الخطيرة ففي 11 يناير 1878 عزل ادهم باشا وعين مكانه أحمد حمدي باشا واستبدل اغلب النظار الوكلاء بغيرهم وفي غرة صفر من السنة المذكورة أي بعد ذلك بثلاثة وعشرين يوما الغي لقب الصدر الاعظم واستبدل بلقب رئيس الوكلاء ووجه هذا المنصب إلى أحمد رفيق باشا الذي كان ناظرا للمعارف في الوزارة السابقة. وفي 15 ربيع الثاني سنة 1295 18 ابريل سنة 1878 ولي الصادق محمد باشا مسند رئاسة الوكلاء. وفي 27 جمادى الاولى الموافق 29 مايو الغي لقب رئيس الوكلاء واعيد لقب الصدر الاعظم واسند إلى محمد رشدي الملقب بالمترجم الذي تقلد هذا المنصب اكثر من مرة ولم يلبث في هذا المنصب الا ستة ايام وعزل في 4 جمادى الاخيرة 5 يونيو وعين مكانه صفوت باشا الذي كان وزيرا للخارجية اثناء انعقاد مؤتمر الاستانة قبل اعلان الحرب من الروسيا واستمر هذا الوزير متقلدا منصب الصدارة العظمى إلى دسمبر سنة 1878 حيث احيل هذا المنصب إلى عهدة خير الدين باشا.
.
يتبع الجزء 4 والأخير


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد