المجالي: زمن الكتل البرلمانية الحزبية قادم

mainThumb

19-10-2010 09:55 PM

توقع العين عبد الهادي المجالي رئيس حزب التيار الوطني أن زمن الكتل الحزبية البرلمانية قادم، وأنه لم يعد العمل النيابي الفردي مستساغا ومجديا. موضحا  إن لم يتحقق ذلك بالشكل الذي نريد في مجلس النواب المقبل، فقناعتي أن انتخابات مجلس النواب السابع عشر  2014 ستكون نقطة تحول في تركيبة البرلمان.
 

وأكد في محاضرة عقدها مركز حماية وحرية الصحافيين (الاثنين) أن الوصول إلى هذا الأمر يحتاج إلى عمل حقيقي، وأن حزب التيار الوطني يخطط له منذ الآن.. مشددا على أنه ولا بد أن تخطط له كل القوى الحزبية عبر تشكيل تيارات تخوض الانتخابات بقوائم، ليتحول البرلمان إلى تكتلات حزبية وسياسية تتنافس في برامجها، بدلا من أفراد لا قواسم حقيقية يمكن أن تجمع بينهم.
 

وقال المجالي: لذلك نحن متحمسون لدخول البرلمان والشروع في تغيير قانون الانتخاب، لأننا نريد إبداع سياق مواز للسياق العشائري في اختيار النواب.. ونطمح على الأقل إلى الانتقال من مسألة الدائرة الوهمية إلى دائرة محددة جغرافيا، ونريد أن يتضمن القانون قائمة نسبية، شريطة انسجامها مع الدستور .. ونريد مراجعة قانون الأحزاب بما فيه مسألة رفع مقدار الدعم المالي لأنه أساس في قدرة الأحزاب على الحركة..
 

وأضاف: هنا، أجد لزاما عليّ أن أشير إلى أن فشلنا في فهم الواقع الحزبي وأسباب عدم نهوضه ناتج عن عدم قراءة الظروف والحيثيات جيدا وعدم تقييم تجاربنا الحزبية بالصورة الصحيحة.. وأسباب ضعف تأثيرها في كل الانتخابات.
وبين المجالي أنه كان يأمل تكون هناك دراسة علمية محايدة تؤشر على مكامِن الخلل الحزبي وتوضح أسباب الضعف، لإطلاق تفكير خلاق يمكنا من تصويب المسارات الخطأ وإبداع حلول عميقة تزيل اللبس عن الحزبية وتفتح لها آفاقا رحبة للعمل المجدي والمنتج.

 

وتاليا نص محاضرة المجالي

بسم الله الرحمن الرحيم

الأفاضل والفاضلات،،
الحضور الكريم،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بداية وتأسيسا للحوار البناء النافع في هذا الملتقى لا بد من التأكيد على ثلاث قضايا اعتقد أنها جديرة بالإشارة كي نقرأ بموضوعية المشهد الحزبي ونخرج بتصورات تحاكي الواقع..

أولا : أن الأردن كان حاضنة للحزبية والتحزب، فمراجعة تاريخ الدولة منذ التأسيس وما بعده بقليل يشي أن الحزبية وجدت بيئة مناسبة لتنمو..
وربما كانت أبرز تجلياتها وأكثرها وضوحا في الخمسينيات عند فازت المعارضة بأغلبية أعضاء مجلس النواب فشكل المرحوم سليمان النابلسي رئيس الحزب الوطني الاشتراكي حكومة بنتيجة ذلك الفوز.

 

ثانيا: أن الأحكام العرفية لم تنه الحالة الحزبية، بل بقيت مستمرة لكنها أخذت طابعا سريا، إلى أن عادت الحياة النيابية إلى التواصل وأقر في العام 1992 قانون الأحزاب الذي نظم الحياة الحزبية، بما في ذلك إلغاء قانون مكافحة الشيوعية، وها نحن الآن نعيش واقعا سياسيا تأخذ فيه الأحزاب فرصتها في التعبير عن ذاتها وتمارس فعلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي..
 

وأدعوكم إلى استعراض العديد من الأسماء القومية واليسارية والإسلامية في  مجلس النواب 1989 كدليل أظنه يؤشر على أن الحالة الحزبية لم تنقطع قبل ذلك التاريخ وإن ضيق عليها بعض الشيء.

 

والأمر الثالث هو الإقرار بأن التركيبة العشائرية للدولة قائمة ومستمرة ولا أظنها في وارد التغير في المدى المنظور، وهذا بقناعتي لا يعيب الوطن أو ينقص من شأنه وقدره، بل علينا الإقرار أن العشائر كانت عاملا حاسما في تشكيل الدولة وحمايتـها وتمكينها من النهوض وتحقيق الاستقرار.

 

ما أردت قوله أن الحزبية في الأردن ليست طارئة، بل أغلبها منتج وطني متماه مع الواقعين الأردني والعربي، وتشكلت في ظل تركيبة عشائرية هي الرابط الاجتماعي الأساسي في الدولة، فساحتنا شهدت المد القومي والشيوعي والإسلامي، وأقصد الإسلامي بشكله التنظيمي، ولنا أن نعيد قراءة الكيفية والرعاية الرسمية التي تشكلت فيها جماعة الإخوان المسلمين وما تلاها من تحول في سياقها من حركة دعوية اجتماعية إلى حركة سياسية..
 

على ما أسسنا عليه حوارنا، بمقدوري القول أن الواقع الحزبي، يمر بمراحل عدم استقرار،  وواقعه الآن ليس هو الذي نريده أو نطمح إليه، لكن أستشعر بداية نهوض، ذلك أن الحزبية، في أغلبـها وليس كلها، تحاول ردم الفجوة بينها وبين الناس المفترض أن تسعى إليـهم لتجعل منهم قاعدتها وأساس قوتها..

 

وعلينا الإقرار أن الحزبية تعرضت لصدمات عدة، شكلت عوامل إحباط للحزبيين وللشارع معا ليس أقلها سقوط الشيوعية في منبتِها مما خلق ارتدادا عن اليسار.. وكذلك الحال بالنسبة للأحزاب البعثية والقومية خصوصا بعد سقوط بغداد واحتلال العراق.. وأصدقكم القول أن المد القومي، البعثي والناصري، ما عاد وجوده مؤثرا برغم تعلق البعض بهما إلى الآن.

 

أما الأحزاب الوسطية، فهي أيضا لم تؤثر بعد في السياق السياسي العام، لأسباب، أولا: كثرتها التي أضعفتها وأربكت قدرة الناس على الاختيار، وثانيا: وصمها بأنها أحزاب حكومات، وثالثا: افتقارها للبرامج الواقعية، كما بقية العديد من الأحزاب..

 

صحيح أن فترة الأحكام العرفية وملاحقة النشطاءِ الحزبين شكلت عاملا مهما في عزوف الناس عن الانخراط في الأحزاب، غير اني لا أجد في الوقت الراهن أن ذلك يبرر ضعف تفاعل الناس مع الحزبية..
 

ولنا أن نراجع التجربة السياسية والحزبية منذ عودة الحياة النيابية وعلنية العمل الحزبي.. مع تأكيد أن الحاضنة العشائرية التاريخية لا يمكنها أن تنكفىء بشكل كامل على نفسها وتقف حائط صد أمام الحزبية.

 

وهنا، أجد لزاما عليّ أن أشير إلى أن فشلنا في فهم الواقع الحزبي وأسباب عدم نهوضه ناتج عن عدم قراءة الظروف والحيثيات جيدا وعدم تقييم تجاربنا الحزبية بالصورة الصحيحة.. وأسباب ضعف تأثيرها في كل الانتخابات.
وكنت آمل أن أجد دراسة علمية محايدة تؤشر على مكامِن الخلل الحزبي وتوضح أسباب الضعف، لإطلاق تفكير خلاق يمكنا من تصويب المسارات الخطأ وإبداع حلول عميقة تزيل اللبس عن الحزبية وتفتح لها آفاقا رحبة للعمل المجدي والمنتج.

 

وإلى أن يتحقق ذلك، وهو ما أرجوه، فلدينا واقع مجبرون على التعامل معه، واعتقد أن الانتخابات النيابية الحالية تشكل فرصة حقيقية للحزبية كي تستكشف واقعها، أين هي قوية وأين هي ضعيفة، وكنت أتمنى أن تشارك الحركة الإسلامية في الانتخابات، ولا تقاطعها، كي نتمكن جميعا من فهم الواقع الحزبي الوطني وإلى أين وصل، ومدى تأثيره في المسار الانتخابي.

 لكنها، مع الأسف، قاطعت بفعل ما أعتقد أنه عامل جوهري داخلي له علاقة بالحفاظ على تماسك الحركة ومنع إنشطارها بفعل أزمة تأخذ اتجاها أفقيا وآخر عموديا.
 

وإذا ما فصلنا البعد الشعبي عن البعد الحزبي، أي فكفكة الارتباط بين الحزبية وتفاعل الشارع العام معها بعيدا عن النتائج التي يمكن أن تحققها في الانتخابات، يمكنني القول أن الانتخابات النيابية الوشيكة ستكون مختلفة بعض الشيء عن سابقاتها..
فلدينا الأحزاب البعثية واليسارية تخوض الانتخابات بقائمة، وبعض الأحزاب الوسطية تخوضها بقائمة.. ولدينا في حزب التيار الوطني قائمة.. واعتقد أن القوائم الحزبية تؤسس لنهج متطور في الحياة الحزبية.. ثماره مقبله.. وليس علينا الاستعجال في قطفها قبل أن تنضج.. فالعمل تراكمي ويحتاج إلى نفس طويل إن كان هدفنا بلوغ المنشود من الطموح.

 

وأنا شخصيا اعتقد جازما أن زمن الكتل الحزبية البرلمانية قادم، ولم يعد العمل النيابي الفردي مستساغا ومجديا، وإن لم يتحقق بالشكل الذي نريد في مجلس النواب المقبل، فلدي قناعة أن انتخابات مجلس النواب السابع عشر  2014 ستكون نقطة تحول في تركيبة البرلمان..
وهذا بطبيعة الحال يحتاج إلى عمل حقيقي، نحن في حزب التيار الوطني نخطط له منذ الآن.. ولا بد أن تخطط له كل القوى الحزبية عبر تشكيل تيارات تخوض الانتخابات بقوائم، وبهذا فقط نحول البرلمان إلى تكتلات حزبية وسياسية تتنافس في برامجها، بدلا من أفراد لا قواسم حقيقية يمكن أن تجمع بينهم.
 

وإذ أمعنا النظر في عنوان الملتقى، فيمكنني القول أن الأحزاب في الانتخابات الراهنة خطوة للإصلاح السياسي والديموقراطي.. وليس دقيقا القول أنها إنتاج لواجهات عشائرية فقط لأن علينا النظر إلى معطيات غاية في الأهمية، يمكن استكشافها من غير عناء..

 

 ما الدليل؟

هنا سأذكر مثلا واحدا.. حزب التيار الوطني.. نحن نخوض الانتخابات بقائمة تستند إلى برنامج،  وهي قائمة تمتد من جنوب الوطن إلى شماله ومن شرقه إلى غربِه.

 والقائمة تخوض الانتخابات تحت يافطة الحزب في البادية والمدينة والمخيم والقرية.. ويخوضون حوارات مع قواعدهم على أساس أنهم مرشحون حزبيون وفي مناطق ما كانت لتتقبل ذلك من أشخاص لم يعرف عنهم النشاط الحزبي.

 

وهذا تحول كبير وجرأة وثقة بالنفس ودليل على تغييرات يمكن البناء عليها مستقبلا، لأن المرشح الذي تعود أن يخوض الانتخابات بعيدا عن الحزبية لخشيـته من الفشل غيّر عاداته ولم يعد يخشى أن يحسب على حزب أو فكر حزبي..

 

ونحن في حزب التيار الوطني نخوض الانتخابات بشعار "مشاركون من أجل التغيير" وأشرح بتبسيط الشعار.. وأقول أنه مستوحى من برنامج قائمة الحزب للانتخابات.. فنحن نريد  التغيير في القوانين والأنظمة والتعليمات والسياسات.. في التعليم والصحة والفقر والبطالة والزراعة والحكم المحلي..
 

ولدينا مواقف واضحة من كل الشؤون السياسية.. والمسافة بيننا وأي حكومة هو مدى القرب والبعد عن برنامجنا.. التأييد والمعارضة عندنا ترتبط بهذا البرنامج لا بغيره.

وعندما قال الآخرون أنهم "مقاطعون من أجل التغيير" قلنا نحن "مشاركون من أجل التغيير" لأن التغيير لا يكون وأنت على الهامش، بل وأنت في قلب ساحة التغيير وفي المكان الصحيح..
 

والأمر الآخر في سياق عناوين الملتقى عن دور الأحزاب في إيصال مرشحيها إلى البرلمان.. لا أقول أن الأحزاب في هذه الانتخابات ستحمل المرشحين إلى قبة البرلمان، لكن أؤكد أن الأحزاب، على الأقل حزبنا، سيكون عاملا مهما في تحقيق الفوز..
فنحن نريد التأسيس للمستقبل لأنه عندما يلحظ المواطنون أن كتلتنا النيابية ستعمل بأسلوب مختلف وفي خلفية المشهد حزب برامجي يؤمن أن الحزبية أساس في إحداث النهضة الوطنية وأنه لم يعد هناك مكان للعمل الفردي أو العمل غير البرامجي.

 

وكل مكونات الدولة مطالبة باستراتيجية لتغيير وعي الشارع، لجهة أنه إذا كان لا بد من فرز المرشحين على أساس الإجماع العشائري، فليكن الاختيار قائما على أساس اختيار شخصية سياسية مؤثرة وفاعلة، وليس الاختيار هكذا كيفما اتفق.. 
 

لذلك نحن متحمسون لدخول البرلمان والشروع في تغيير قانون الانتخاب، لأننا نريد إبداع سياق مواز للسياق العشائري في اختيار النواب.. ونطمح على الأقل إلى الانتقال من مسألة الدائرة الوهمية إلى دائرة محددة جغرافيا، ونريد أن يتضمن القانون قائمة نسبية، شريطة انسجامها مع الدستور .. ونريد مراجعة قانون الأحزاب بما فيه مسألة رفع مقدار الدعم المالي لأنه أساس في قدرة الأحزاب على الحركة..
وهذا الفرق بيننا وبين غيرنا، نحن كما الآخرون لدينا ملاحظات على قانون الانتخاب ونعتقد بضرورة تطويره من خلال المشاركة بخلاف من قاطع ولا نعرف كيف سيسهم في التغيير وهو خارج البرلمان.

 

وثمة مسألة أخرى، هي أن الصورة النمطية عن الحزبية من حيث أنها مطلق جيد للشعارات من غير تجسيد، يجب أن تتغير..
والمسؤولية في ذلك تقع على الأحزاب، من غير أن نعفي الحكومات من بعض المسؤولية، فمن يعيد قراءة برامج بعض الأحزاب للانتخابات، يجد أنها نصف برامج، وأقصد أن برامجها تؤشر على مواقع الخلل، ونحن جميعا متفقون عليها، لكنها لا تقدِّم مقترحات لحلول واقعية وواضحة تقنع الجمهور..

 

وهو ما تنبهنا إليه في حزب التيار الوطني، فبرنامجنا نصفه تشخيص للمشاكل ونصفه الآخر مقترحات محددة ومترابطة وواقعية، لمعالجة تلك المشاكل..
وأريد في هذا المقام،  أن أتمنى على الناخبين التصويت للبرنامج في المقام الأول.. وتقييمه والاختيار على أساسه. لأن بمقدور الناخب أن يحاسب النائب أو الحزب على برنامجه، لكنه لا يستطيع محاسبة من لا يملك برنامجا.
 

وهنا أقول: على الأحزاب أن تعيد التفكير في نهجها ومضمون فكرها، ولو فعلت ذلك فيقيني أنها ستغير  مسارها بتخفيف التركيز على فكرها وعقائدها إلى التركيز على البرامج الواقعية وتجعل منها المادة الرئيسة في مخاطبة الشارع لاختراقه.

 

شيء آخر أرغب في قوله أيضا،  أن أغلب الأحزاب تحصر عملها في نطاق العاصمة وبعض المدن الكبرى، وتفتقد إلى أدوات التواصل المباشر مع الناس ومحاورتهم، وهذه مثلبة، لأنه لا يمكن أن تؤسس إطارا حزبيا جماهيريا وتحقق نتائج في الانتخابات وأنت لا تبني جسورا مع من يفترض أنهم قاعدتك.

ومرة أخرى،  أشير إلى أن حزب التيار الوطني تجاوز هذه القضية عبر شبكة مقرات على امتداد الوطن، افتتح منها تسعة، وستفتتح أربعة أخرى قريبا، لأننا نريدها قريبة ونشطة في مناطقها.
 تلك بعض الإضاءات.. حول ما طرحه الملتقى.. لم أدخل في عمق كثير من القضايا المهمة، وقفزت عن أخرى تاركا أمرها لما هو مفضل لديّ، وهو الحوار المباشر الذي اعتقد أنه أكثر ما يثري ويزيد الوعي والإدراك..
شكرا للمنظمين على كريمِ الدعوة .. وأقدِّرُ  للحضورِ استماعَهَُم..

والسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد