صحيفة السوسنة الأردنية

عقد بمقر حزب الوحدة الشعبية بالزرقاء لقاء وطني حول مقاطعة الانتخابات النيابية، وذلك ضمن فعاليات الملتقى الوطني للإصلاح  تحدث فيها كل من الناشط القومي د. رياض النوايسه، ود. سعيد ذياب الأمين العام للحزب، وتخللها العديد من المداخلات والاستفسارات.

واستعرض عماد المالحي، عضو المكتب السياسي، مسؤول منطقة الزرقاء، ما آلت إليه الأوضاع في البلاد في ظل أزمة مركبة تظهر تجلياتها الاقتصادية ممثلة بالمعاناة وارتفاع الأسعار وتآكل الأجور، بالإضافة إلى تفاقم غير منطقي لحجم المديونية، وقال إنه تحت وطأة هذه الأوضاع " تتعاطى الحكومة باستخفاف مع مختلف القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث تزايد حجم التراجع في الحريات العامة والنهج الديمقراطي عبر سلسلة من القوانين العرفية التي تم تجسيدها من خلال إقرار القوانين المؤقتة، لاسيما في عهد حكومة أبو الراغب والحكومة الحالية، ناهيك عن تهميش دور السلطة التشريعية، والتغول الفاضح الذي تمارسه السلطة التنفيذية على باقي السلطات ".
ونوه المالحي إلى أن الحكومة عبر إصرارها على قانون الصوت الواحد المجزوء وفرز المجلس النيابي المقبل من خلال الدوائر الوهمية، قد ضربت عرض الحائط بالرؤية المتكاملة التي قدمتها أحزاب المعارضة السياسية، مشيراً في ذات السياق إلى دور هذا القانون في تفتيت المجتمع إقليمياً وعشائرياً وتقيسمه إلى انتماءات فرعية للطائفة والعشيرة.


وشدد على أن قرار المقاطعة ليس قراراً عمومياً، وإنما هو رد على سياسات هذه الحكومة التي أدارت ظهرها للمطالب الشعبية سواء التي عبر عنها حراك عمال المياومة أو المعلمين أو غيرها، بالإضافة إلى تغييب رأي القوى السياسية.


الدكتور رياض النوايسه قال في كلمته " إن الماكنة الإعلامية للسلطة تروج بأن المقاطعين يرتكبون عملاً مخالفاً للدستور، وتكاد هذه المقولة تنطلي على الكثيرين، غير أن المخالفين والخارجين على الدستور في حقيقة الأمر هم أصحاب السلطة الذين لا يقبلون بالاحتكام إلى هذا الدستور رغم تواضعه "، مشيراً في نفس الوقت إلى أن القوانين التي أدت إلى الأوضاع الشاذة وغير القانونية أصبحت هي المستقرة، حتى بات الناس يظنون أن هذه هي الحالة الطبيعية.



وأشار النوايسه إلى أن  المادة 24 من الدستور تنص على أن الأمة هي مصدر السلطات، وأنها تمارس سلطتها على النحو المبين في الدستور، وذلك عبر مجلس الأعيان والأمة، وقال إن السلطة التنفيذية عمدت إلى أن يكون حال مجلس النواب، وهو النصف الذي يمثل الأمة، هو من حال مجلس الأعيان، بحيث نكون أمام مجلسين لهما نفس التوجه والمصدر، مع وجود بعض الزخارف الديمقراطية الممكن إضفاؤها على مجلس النواب بهدف التصدير الخارجي.
وأشار إلى أن قانون الصوت الواحد الذي قسّم المجتمع إلى بنى اجتماعية سبقت تكوين العشيرة، قد جاء بهدف مصادرة حق الأمة في تمثيلها بالنصف الوحيد الذي يمكن أن تعبر عن مصالحها من خلاله.


وقال " إن المشروع له ثلاثة أدوار رئيسية، هي التشريع والرقابة والمحاسبة، وهو يمثل جموع المواطنين، والمفترض أن يكفل القانون انتخاب نواب يقومون بهذا الدور، نيابة عن ناخبيهم، لكن الذي يحصل حسب قانون الصوت الواحد هو تقليص إرادة المواطن إلى 120/1 .. فماذا بقي من التمثيل، وأين هي الديمقراطية ؟؟ "، مؤكداً أنه " إذا لم نكن قادرين على التغيير، فأبسط الأمور أن لا نشارك في التزوير الذي يجري بحق شعبنا ".



ومن جانبه قال الدكتور سعيد ذياب " أنه إذا أردنا أن نصف الحراك الانتخابي الذي نشهده الآن، فإن أول ملاحظة يمكن أن نلمسها في أكثر من محافظة على امتداد الأردن، هو وجود حالة فتور حقيقية في التعامل مع الانتخابات، وقد سبق هذا الفتور قرار المقاطعة ".

وأضاف : " أما السمة الثانية لهذه الانتخابات فهي تراجع الدور السياسي للعملية الانتخابية، وهذا يتجلى في الشعارات التي تفتقر إلى الجوهر السياسي، وطغيان الجانب الفردي للمرشحين "، وتابع: " وعندما نتحدث عن الدور التشريعي والرقابي لمجلس النواب نتلمس ما يشغل بال الناس حول أداء المجلس النيابي المرتقب الذي سيكون متسماً بالضعف ".



وأشار الأمين العام للحزب إلى بروز ظاهرة العنف المجتمعي في الحراك الانتخابي، ولفت إلى غياب الطرح السياسي البرامجي حتى عن المهرجانات، التي اقتصرت على افتتاح المقرات، دون أن نسمع عن مرشح يطرح برنامجاً ويسوق ذاته من خلال رؤية سياسية.



وتساءل : كيف يمكن أن نخلق برلماناً يعبر عن مصالح الناس ويدافع عنها، لا برلماناً يكون أشد عداءً للديمقراطية من السلطة التنفيذية ؟؟ "، لافتاً إلى ما حدث تحت قبة المجلس النيابي المنحل عند إقرار قانون الأحزاب السياسية، حيث كان طرح النواب أسوأ من طرح الحكومة.



وأكد الأمين العام أن قانون الانتخاب هو الذي خلق هذه الظواهر التي نشهدها، كما جاء الفتور تجاه الانتخابات لأن الناس لا يشعرون بأن هذه الانتخابات ستكون نزيهة، مهما تعهدت الحكومة بذلك، فلا يمكن أن تتوفر قناعة حقيقية بنزاهة العملية الانتخابية إلا إذا تضمن القانون شروط النزاهة.



ونوه إلى أن قانون الصوت الواحد قد وجد للحيلولة دون وصول الأحزاب السياسية إلى البرلمان، خدمةً للمتنفذين بالسلطة والأكثر سطوة ونفوذاً بالعشيرة، فهذا القانون هو العدو اللدود للعمل المؤسسي والحزبي، ومن يصر عليه لا يمكن أن يدعي حرصه على الديمقراطية.



وشدد على أن إقرار قانون انتخاب عصري وديمقراطي هو المدخل الوحيد لخلق أجواء ديمقراطية، تمكن القوى السياسية من الوصول إلى البرلمان ومراكمة أدائها حتى تنجح في تغيير آلية تشكيل الحكومات.


وقال: " الكل يتحدث عن الفساد، فلماذا ما زلنا غير قادرين على خلق آلية حقيقية لمكافحة الفساد ؟؟ وهنا يأتي دور المال السياسي الذي شكلت هذه الدورة أكثر مرحلة يتم فيها استخدامـه ".


وأكد ضرورة العمل على خلق رأي عام واسع يحمل الحكومة على البدء بالإصلاح الشامل، ومقاطعة الانتخابات النيابية هي المدخل لذلك، حيث أن قانون الانتخاب هو حجر الرحى في عملية الإصلاح السياسي.