ترامب في الرياض: مليارات وصفقات ورسائل استراتيجية
عمان – السوسنة – ديمه الفاعوري - في أولى زياراته الخارجية بعد عودته إلى البيت الأبيض، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العاصمة السعودية الرياض لتكون بوابة انطلاق دبلوماسيته الدولية مجدداً، في مشهد يعيد إلى الأذهان بدايات ولايته الأولى عام 2017. حملت الزيارة هذه المرة زخماً أكبر، ورافقتها دلالات اقتصادية وسياسية وأمنية تعكس تحولات المشهد الإقليمي والدولي، لتؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة بين واشنطن والرياض.
رمزية الزيارة وتكثيف الملفات
استُقبل ترامب استقبالاً حافلاً في مطار الملك خالد الدولي، في مشهد يعكس أهمية الزيارة لدى الطرفين. وجاء اختيار الرياض ليس فقط تتويجاً للعلاقة الخاصة التي تجمع الولايات المتحدة بالمملكة، بل أيضاً كرسالة إلى العالم بأن الخليج لا يزال يحتفظ بمكانته المحورية في حسابات السياسة الأمريكية. وقد عبّر البيت الأبيض عن تطلع واشنطن إلى «عودة تاريخية» للمنطقة، في إشارة إلى نية ترامب إعادة ترميم النفوذ الأمريكي، بعد ما شاب علاقة واشنطن بحلفائها التقليديين من فتور خلال إدارة بايدن.
ثلاثية المصالح: الاقتصاد والأمن والدبلوماسية
جاءت مضامين الزيارة محملة بثلاثة محاور رئيسية مترابطة:
تعاون اقتصادي وتجاري غير مسبوق، اتفاقيات أمنية وعسكرية شاملة، تنسيق دبلوماسي بشأن ملفات المنطقة الملتهبة.
أولاً: البعد الاقتصادي – استثمارات بمليارات الدولارات
أبرز ما ميز الزيارة هو الإعلان عن حزمة استثمارية ضخمة تقودها السعودية، تشمل التزاماً بضخ ما لا يقل عن 600 مليار دولار في السوق الأمريكية خلال السنوات الأربع القادمة. وتُعد هذه الخطوة امتداداً لصفقات 2017، لكنها جاءت هذه المرة ضمن رؤية موسعة تشمل الطاقة، الذكاء الاصطناعي، الصناعات المستقبلية، والدفاع.
المنتدى الاستثماري السعودي-الأمريكي الذي انعقد بالتزامن مع الزيارة شهد حضوراً لافتاً لرموز الاقتصاد الأمريكي مثل إيلون ماسك، سام ألتمان، ومارك زوكربيرغ، مما أضفى على الطابع الاقتصادي للزيارة ثقلاً نوعياً. وقد اعتبر خبراء اقتصاديون هذه الصفقات بمثابة إنقاذ سياسي لترامب، وسط تصاعد الضغوط الداخلية وتباطؤ الاقتصاد الأمريكي. كما تعكس اعترافاً أمريكياً بقدرة الخليج على تحفيز الأسواق العالمية، في لحظة تسعى فيها واشنطن لتقليل اعتمادها على الصين وكبح تمددها الاقتصادي.
ثانياً: التعاون الأمني – تحديث عسكري وهدنة يمنية
في الجانب العسكري، لم تكن الزيارة أقل زخماً. إذ أكدت مصادر سعودية أن المملكة تسعى إلى اقتناء مقاتلات «إف-35» وأنظمة دفاع صاروخية أمريكية، ضمن حزمة دفاعية تُقدّر بمليارات الدولارات. ويأتي ذلك في إطار شراكة تمتد لعقود، تعززت في السنوات الأخيرة مع تصاعد التحديات الأمنية الإقليمية.
ومن أبرز نتائج الزيارة إعلان مفاجئ عن هدنة جزئية في اليمن، تم التوصل إليها بين الولايات المتحدة والحوثيين، تتضمن وقف الهجمات البحرية في باب المندب. ورغم محدودية نطاق الاتفاق، إلا أنه قُوبل بارتياح خليجي باعتباره خطوة أولى نحو خفض التصعيد. ومع ذلك، أثار الاتفاق تحفظات إسرائيلية على خلفية عدم شمول الهجمات على أهدافها ضمن الاتفاق، مما فتح باب الانتقادات من داخل تل أبيب، التي اعتبرت أن ترامب "تخلى" عن التشاور المسبق معها.
وفي ملف غزة، لم يغب الجانب الإنساني، إذ مارست واشنطن ضغوطاً لإدخال مساعدات إنسانية، فيما ركزت على التفاوض بشأن صفقة تبادل أسرى تشمل إطلاق سراح آخر رهينة أمريكي. أما في سوريا، فقد كشفت تقارير عن وساطة خليجية لإعادة واشنطن إلى طاولة الحوار مع دمشق، في خطوة لا تزال محل تريث أمريكي مشروط. وفي العراق، وإن لم يكن محوراً مباشراً للزيارة، إلا أن التغيّرات في خارطة النفوذ الإقليمي تطرح تساؤلات حول مستقبل الدور الأمريكي هناك.
ثالثاً: الدبلوماسية الإقليمية – الخليج في قلب الاستراتيجية
سياسياً، أوصل ترامب رسالة واضحة مفادها أن الخليج لا يزال في صميم الاستراتيجية الأمريكية. وأعاد تكرار اختياره للرياض نقطة انطلاق، تأكيداً على مكانة السعودية في الإقليم والعالم العربي. وعلى الرغم من أن ملف تطبيع العلاقات مع إسرائيل لم يُطرح رسمياً على جدول الأعمال، فإن الرسائل الضمنية لم تغب. فقد أكدت الرياض تمسكها بعدم التقدم في هذا الملف قبل وقف الحرب في غزة والتوصل إلى تسوية عادلة تضمن الحقوق الفلسطينية.
في المقابل، سعت إدارة ترامب إلى طمأنة إسرائيل بشأن استمرار الدعم الأمريكي، معتبرة أن إسرائيل «لم تحظَ بصديق أفضل» من ترامب، في محاولة لتحقيق التوازن بين الحليفين الرئيسيين في المنطقة.
بين الصين وإيران: رسائل عالمية مزدوجة
الزيارة لم تكن موجهة للداخل الخليجي فحسب، بل حملت في طياتها رسائل دولية، أبرزها مواجهة تنامي النفوذ الصيني في المنطقة. فالشراكات الاقتصادية والتكنولوجية التي أعلن عنها تهدف إلى تعزيز حضور واشنطن كمنافس اقتصادي موثوق في وجه بكين.
كما حملت إشارات تحذير إلى إيران، خاصة فيما يتعلق بملفها النووي. فقد ألمحت تصريحات أمريكية إلى احتمالية اتخاذ إجراءات مباشرة إذا فقدت المفاوضات معناها، دون أن تصل إلى مستوى التصعيد الكامل.
في الخلاصة: زيارة تثبيت النفوذ وإعادة التموضع
جاءت زيارة ترامب إلى الرياض كتتويج لتحالف استراتيجي طويل، لكنها في الوقت ذاته مثلت تجديداً له في ضوء معطيات عالمية جديدة. لقد سعت واشنطن إلى ضخ استثمارات خليجية لدعم اقتصادها، وتحقيق مكاسب سياسية وأمنية في ملفات اليمن، غزة، سوريا، وإيران، من دون أن تقدم خارطة طريق حاسمة لحل الأزمات.
وقد أكدت الزيارة أن الولايات المتحدة ما تزال ترى في الخليج شريكاً لا غنى عنه، لكنها تفرض في المقابل شروطاً استراتيجية وتوازناً دقيقاً بين مصالحها وتحالفاتها. ورغم غياب اختراقات جوهرية في الملفات الشائكة، فإن الزيارة أعلنت صراحة عودة أمريكا إلى ميدان التنافس الدولي في الشرق الأوسط – لا من موقع الهيمنة المطلقة، بل عبر صيغة واقعية تجمع بين الاقتصاد، الأمن، والدبلوماسية في قالب جديد يعكس أولويات إدارة ترامب المتجددة.
نقاط ختامية:
تم تثبيت الشراكة الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة عبر حزمة استثمارات غير مسبوقة.
طرحت واشنطن نفسها كشريك أمني واقتصادي بديل عن الصين، معززة نفوذها من خلال التكنولوجيا والدفاع.
رغم تحركات في ملفات اليمن وغزة، بقيت الحلول النهائية غائبة، مما يؤكد طبيعة الزيارة كخطوة تثبيت لا كتحول استراتيجي جذري.
عكست الزيارة تحولاً في آلية إدارة الملفات الإقليمية، مع ميل أمريكي إلى المرونة الانتقائية دون التخلّي عن الحلفاء أو المصالح الأساسية.
أقرأ أيضًا:
دب يهاجم مسنة داخل متجر في أميركا
آيفون 17 الأساسي يفاجئ أبل بطلب غير متوقع
رئيس وأعضاء مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية يؤدون اليمين القانونية
17 باحثًا بالبلقاء التطبيقية ضمن الأكثر تأثيرًا عالميًا
نيورالينك تختبر تحويل الأفكار إلى نصوص عبر غرسة دماغية
نقابة الصحفيين تحدد موعد التسويات المالية النهائي
ظروف عائلية تمنع محمد هنيدي من حضور لحظة تكريمه
وفاة الفنان السعودي حمد المزيني عن عمر 80 عامًا
شرطة دبي تحذر من احتيال مرئي ينتحل صفة رجال الأمن
162 مستوطنا يقتحمون باحات الأقصى
اختراق سيبراني يعطل مطارات أوروبا ويصل إلى مصر
الرئيس السوري يشارك بأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة
تعديل ساعات عمل جسر الملك حسين الشهر الحالي والقادم
صورة من مدرسة حكومية تكشف واقعاً مؤلماً .. شاهد
وظائف شاغرة ومدعوون للمقابلات – أسماء
فرصة للأردنيين .. وظائف ومدعوون لإجراء الامتحان التنافسي
إعلان وظائف حكومية لحملة الدبلوم والبكالوريوس .. رابط
لأول مرة .. أسعار الذهب بالأردن تسجل ارقاماً قياسية
إعلان نتائج مسابقة إعلامي الأردنيّة .. أسماء
إعلان الدفعة الرابعة لبعثات إعداد المعلمين .. رابط
الخارجية النيابية تلتقي وفدا طلابيا أمريكيا
انطلاق فعاليات أسبوع الذكاء الاصطناعي بالجامعة الأردنية
هل ستشهد المملكة هطولات مطرية في أيلول
حراك اليرموك : دعم مشروط للرئيس الجديد .. تفاصيل
الفلافل قد يكون وراء تسمم طلبة بإربد