السوسنة - فارس ذينات - عرضنا في مقالنا السابق انتقادنا الموضوعي لنتائج قرار مجلس نقابة المعلمين بإقرار اتفاقية التعاون مع البنك الإسلامي , و وضحنا بالأرقام والدلائل والتوضيح المقرون بالحجة المادية الملموسة لبيان قـُصرها في تقديم إضافة مادية جديدة للشريحة الأوسع من المعلمين , وحينها لم نتعرض بانتقاد أشخاص بعينهم من أعضاء مجلس النقابة فهم معلمون زملاء , فالأمر ليس مواقف شخصية أو اختلاف في وجهات النظر , الأمر يمس حوالي 120 ألف معلم ولا يجوز لأي عضو من مجلس النقابة أن يحوّل الموضوع إلى مواجهة شخصية لتسجيل بطولات وهمية وتبريرات واهية بغطاء الدين , لتحويل أنظار المعلمين عن المشكلة التي تمس مستقبل أموالهم , ولا ننكر على أعضاء مجلس النقابة اجتهاداتهم التي قد تصيب أو تخطيء ولا يمكن الحكم على العمل من خلال النوايا التي لا يعلمها إلا الله , ولكن الحكم يكون من الفائدة الناتجة عن العمل ومدى خدمتها للشريحة الأوسع من المعلمين إن لم يكن الجميع وهو الأصل , ولذلك نقترح على أعضاء مجلس النقابة وإدارات الفروع القيام بإشهار الذمة المالية لحفظ الحقوق المالية للمعلمين من العبث , وحفظ شخوص القيادات من سوء الظن.
الطرف الآخر من الاتفاقية هو البنك الإسلامي الذي لم نتعرض له أيضاً بالانتقاد من حيث شرعيته من عدمها فليس من اختصاصنا الاتجار بالفتاوى الطارئة , ولا بد من معرفة أن البنك الإسلامي هو بنك أردني يعمل ضمن القوانين الأردنية ذات الصلة والسارية على غيره من البنوك وتحت مظلة البنك المركزي الأردني وقوانينه , حيث يتنافس مع غيره من البنوك الأردنية الأخرى على العملاء من خلال الخدمات والعروض وخاصة الفائدة المحسوبة على القروض الممنوحة للعملاء , وما تقدم به البنك الإسلامي في الاتفاقية يعتبر متقدم , ومجلس النقابة أجاز هذه الاتفاقية من خلال هذه النظرة وهي أن البنك قدم فائدة منخفضة دون النظر وبعمق إلى مدى إفادة المعلمين من هذا العرض , حيث كان لا بد من إجراء قياس وتقويم للاتفاقية بمدى شمولها للمعلمين , حيث بينا أن نسبة المعلمين والذين تنطبق عليهم إمكانية الاستفادة حسب رواتبهم لا تتعدى ألـ 5% , وهذا يقودنا إلى أن قرارات مجلس النقابة يجب أن تكون مدروسة بعناية لأن نتائجها يجب أن تخدم جميع المعلمين دون استثناء سواء كان حديث التعيين أو على مشارف التقاعد , فالأموال التي ستودع في البنك الإسلامي من قبل النقابة هي أموال جميع المعلمين وبالتالي يجب أن تعود نتائج أي قرار مالي أو أي مشروع استثماري على جميع المعلمين المشتركين في رأس المال وهذا أبسط قواعد المشاركة الجماعية والتي لا تحتاج إلى نظريات أو تبريرات.
المادة (3): التمويل بصيغة التأجير المنتهي بالتمليك للمنازل والشقق بقسط شهري يتناسب الدخل الشهري لطالب التمويل: الفقرة الثالثة تقول "تحدد نسبة الربح في حينه إذا زادت مدة السداد عن(5سنوات) وهذا يعني أن الفائدة على القرض السكني وحسب الفقرة السابقة سيحددها البنك في وقت طلب المعلم للقرض وبالتالي لا يوجد نسبة فائدة ثابتة ومعلنة مسبقاً حتى يستطيع المعلم حسم خياراته , أما الفقرة الخامسة تقول "يتم إعادة النظر بعد ثلاث سنوات من توقيع عقد الإيجار في نسبة ربح الإجارة", وهذا يعني بأن الفائدة سواء كانت ( 4% أو 4.5%) التي شرطها بالسداد على مدة(5سنوات) أو حتى الفائدة التي تحدد حسب الفقرة الثالثة قابلة للتغيير والزيادة بعد انقضاء 3 سنوات على القرض حسب رغبة البنك وبالتالي ارتفاع قيمة القرض وقيمة القسط الشهري وهنا يكمن التحايل على المعلم من قبل البنك الإسلامي.
المادة (4): من الاتفاقية تفيد بأن البنك سيقوم بتقديم قروض حسنة للمعلمين بدون زيادة أو فائدة وبنسبة(25%) من رصيد الودائع المودعة من قبل النقابة وضمن سقف لا يتجاوز(مليون دينار أردني) حتى وإن كان رصيد النقابة في البنك أكثر من(4مليون دينار) , ولم يُحدد بالاتفاقية أيضاً قيمة هذا القرض إطلاقاً وحسب المعلومات فإن البنك في الأصل يقدم قروض حسنة تتراوح بين (300 – 500 )دينار أردني وبالتالي لا يوجد ما يلزم البنك بغير ذلك , وعليه فإنه سيستفيد من هذه الميزة في الحد الأعلى سنوياً 2000 معلم , في المقابل فإن الوزارة ونتيجة ضغط اللجنة الوطنية أثناء حراك المعلمين أقرت في أنظمتها تقديم سُلف تصل في حدها الأعلى (1800دينار) وبحد أقصى ألف معلم في كل سنة وبدون زيادة أو فائدة وبالتالي فإن قيمة المبلغ المقدم سنوياً سيكون(1800000دينار) , وهنا نسأل ما هي الإضافة المادية الجديدة التي قُدمت للمعلم حسب الاتفاقية؟؟ وهذا ليس دفاعاً عن الوزارة والتي كانت أحد أسباب حراك المعلمين بسبب تهميشها للمعلم واغتيال دوره.
المادة (5): من الاتفاقية تنُص على " تقوم نقابة المعلمين الأردنيين بإيداع مبلغ لا يقل عن (أربعة ملايين دينار أردني) لدى البنك الإسلامي الأردني خلال سنة من تاريخ سريان هذه الاتفاقية ".
هذه المادة تقودنا إلى التالي:
1- الاشتراك الشهري المدفوع من المعلم للنقابة دينار واحد فقط وإذا اعتبرنا أن أعضاء النقابة 120 ألف معلم فإن المبلغ الشهري المحصل سيكون 120 ألف دينار أردني وخلال سنة سيكون (120 ألف دينار * 12 = 1440000 دينار أردني).
2- كيف ستوفر النقابة المبلغ المستحق عليها وإيداعه في البنك الإسلامي لتحقيق الشرط حسب الاتفاقية؟؟؟ وذلك في ضوء أن المصروفات والتي تشمل مقر النقابة الرئيسي ومجالس الفروع من أجرة مقرات ومصاريف خدمات ورواتب موظفين ومكافآت مجلس النقابة لا يجوز الصرف لأجلها إلا من الاشتراك الشهري فقط , حيث تشير التقديرات الأولية إلى استهلاك ما يقارب نصف مليون دينار لتغطية المصروفات , وعليه فإن المتبقي سيكون حوالي مليون دينار سنوياً , في حين أن المبلغ الذي يجب إيداعه في البنك الإسلامي خلال السنة الأولى حسب الاتفاقية (4مليون دينار) كحد أدنى وحتى نهاية الاتفاقية , وبالتالي احتفاظ البنك بهذا المبلغ في خزائنه واستثماراته , وبناءً على تصريح من أحد أعضاء مجلس النقابة على صفحته على الفيس بوك يقول "ليس هناك أي علاقة بين اتفاقية البنك الإسلامي وصناديق النقابة المنوي إنشائها , وأن المجلس سيباشر عمله على أنظمة الصناديق المقترحة والذي قد يحتاج إلى 6شهور منذ إقرار النظام الداخلي , حيث أن النظام الداخلي لا زال في بدايات النقاش في مجالس الفروع" , فإنه يعني أن الأموال التي سيتم اقتطاعها من المعلمين لصالح الصناديق المقترحة من مجلس النقابة هي خارج الاتفاقية ولا يمكن احتسابها من المبلغ المطلوب من النقابة ليتم إيداعه في البنك الإسلامي وهذا يقود إلى السؤال الذي تم طرحه في البداية كيف ستقوم النقابة بتوفير مبلغ (4مليون دينار) كحد أدنى لتنفيذ الاتفاقية بحيث يستفيد المعلم من العروض المقدمة من البنك المعني , وبما أن النقابة ستقوم في المستقبل القريب إلى اقتطاع مبالغ من المعلمين للصناديق التي سيتم إنشائها سواء لغايات التقاعد أو غيره من الخدمات , نسأل مجلس النقابة هل سيتم تخصيص جزء من هذه الاقتطاعات وعزلها عن غاياتها لإتمام المبلغ المطلوب من النقابة لصالح البنك الإسلامي حسب الاتفاقية وهو ألـ (4 مليون دينار )؟؟ , وهل مبلغ ألـ(4مليون دينار) المودعة لدى البنك الإسلامي سيتم احتساب أرباح عليها لصالح النقابة وخاصة أن بنود الاتفاقية لم تتضمن ما يشير إلى ذلك؟!!!
الاتفاقية لا تحتوي على شروط جزائية في حالة عدم الالتزام من الطرفين, ولكن نسأل إذا النقابة لم تستطع توفير المبلغ المطلوب (4مليون دينار) كحد أدنى خلال السنة الأولى من الاتفاقية, ماذا سيحل بقروض المعلمين الذين تعاملوا مع البنك الإسلامي على أساس هذه الاتفاقية؟؟ وماذا سيحدث في التعاملات المالية بين النقابة والبنك؟؟ وماذا سيحصل للأموال المودعة لدى البنك؟؟ وهل سيسمح البنك للنقابة بالتصرف بالأموال المودعة لديه؟؟
الغموض وعدم الوضوح في الاتفاقية , والمأزق الذي وقع به مجلس النقابة سواء بقصد أو بغير قصد وخاصة أنها أمور مالية , يضع الكثير من الأسئلة عن مدى قدرة المجلس في إدارة أموال المعلمين المقتطعة لصالح الصناديق واستثمارها وتنميتها بشكل سليم , ومن ثم حمايتها وحماية حقوق المعلمين المالية المستقبلية , فهل تستطيع النقابة تقديم الخدمات المرجوة منها مباشرة إلى المعلمين دون المرور في البنوك كما في بعض النقابات الرائدة في هذا المجال؟!!
وهل سيؤدي ذلك إلى رفع الاشتراك الشهري لأكثر من 3دنانير لتغطية ما هو مطلوب من النقابة تجاه البنك الإسلامي حسب الاتفاقية؟!!!