معارك برلمانية الحلقة 35 / بقلم د. احمد عويدي العبادي ( حصري بالسوسنة )
تعلمت درساً من المؤامرات التي حيكت ضدي في انتخابات 1993، وحالت دون حصولي وحصول الناخبين على حقي وحقهم في تمثيلهم تحت القبّة. وشرعت في سلوك طريقة جديدة في عامي 1996 و 1997 حتى بدء الحملة الانتخابية، وهي انتخابات التنكة: أو الطبليّة، في الجلسات الخاصة والمحدودة والمتفرقة لدى قاعدتي العشائرية .
وتقوم هذه الآلية على أنه عند التقاء مجموعة من الناس، شيباً أو شباباً، يأتون بتنكة (صفيحة معدنية) أو طبليّة فارغة وهي الوعاء الصغير الذي يستخدم للسمن النباتي، وتوزع أوراق على الحضور لانتخاب واحد ممن تتردد أسماؤهم لانتخابات عام 1997 . وكان التفوق نصيبي في جميع انتخابات التنكة أو الطبلية.
شاعت هذه الأخبار بين الناس، وكما كان ألعبابيد يرددون بينهم أن وجود شخص غيري من القبيلة في كرسي النيابة كان أفضل دعاية انتخابية لمصلحتي في هذه الدورة ، لأنه / في رأيهم / لم يحقق للقاعدة الانتخابية والعشائرية من الخدمات والتعامل مثلما فعلت من قبل . أما أنا فقد عودت الناس على نمط من الخدمة يتعذر على أي شخص في دائرتي أو قبيلتي تطبيقه , وبالتالي كان أسلوبي في العمل النيابي محرقة لمن جاء بعدي إلى يومنا هذا والى أجيال عديدة قادمة . كما أن الافتراءات ضدي من قبل النظام وحكومة الدفع قبل الرفع، ومدرسة المدير السجين , في موضوع ما يسمى: عداوة الوحدة الوطنية، قد زاد من شعبيتي لدى الأردنيين والقاعدة العشائرية . وفوق هذا تحدث الناس بصراحة بضرورة دعمي وإنجاحي ورد الاعتبار إلي , رغم انف دوائر الحكم والتحكم والمهمات , والمخابرات ومديرها وتابعه كبير المطايا فيها ( في حينه ) .
أجريت لقاءات ونشاطات مصغرة مع الشباب في مختلف أنحاء الدائرة الانتخابية , ووجدت أن الناس فقدوا تلبية الحاجات والخدمات التي اعتادوها من الدكتور احمد عويدي العبادي , بسبب عدم وجودي بالسلطة , وبالتالي صاروا يخسرون بشكل واضح فادح على المستوى الفردي والجماعي والمادي أيضا ، وصاروا يتعاطفون معي سرا وجهارا , بسبب ما وقع عليّ من ظلم من النظام والحكومة ومدير المخابرات وأزلامهم، ومن بعض المشيخات الهالكة , وفي أحسن حال يمكن وصفها أنها المشيخات الآيلة للهلاك التي أكل الدهر عليها وشرب , وأصبحت خارج إطاره .
الكل صار ينتظر اللحظة التي تأتي بها الانتخابات القادمة ( 1997 ) , ليردوا الاعتبار لأنفسهم بإعادة انتخاب الدكتور احمد العويدي نائبا يمثلهم مرة أخرى . وقد رأيت أن أعرف سلفاً إن كان ألعبابيد سيقفون معي أم لا، فلا أستطيع التعثر بِفَشَلٍ آخر، فدعوت لاجتماع عقدته في ديوان عشيرة العويدي في السويسة/ مسقط رأسي- لواء وادي السير , وتحدث الخطباء.
وكان أول المتحدثين جاء من يرقا / دائرة السلط وهو عبدالحليم مفضي السعايدة , الذي أعلن التأييد لي ذاكرا اسمي شخصيا دونما مداراة أو مواربة ,ونصح الناس بالوقوف معي، ثم تلاه شقيق زوجتي السيد خليفة عودة الطواهية ، ثم آخر من عبابيد العارضة وهو السيد حسام هلال النعيمات ، ثم شاب من أم عبهرة / مرج الحمام وهو مخلد عبدالعزيز العليان المناصير الذي أقسم أمام الناس، أنه إذا لم ينجح د. أحمد عويدي العبادي فلن ينجح أي عبادي إلى قبة البرلمان من هذه الدائرة في هذه الدورة , وتلاه السيد نايف السمور المناصير ثم الأستاذ محمد بشير المغاريز ثم سلمان عبداللطيف المغاربة . وتحدث العديد من الأشخاص من بينهم شقيقي د. عبد الله عويدي العبادي الذي ترأس الاجتماع بكفاءة عالية. وفي نهاية الاجتماع أصدر الحضور البيان التالي.
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان صادر عن عشائر بني عباد
في اجتماعهم بالسويسة/ لواء وادي السير/ محافظة العاصمة
في هذا اليوم الخميس الموافق 24/ ذو الحجة 1417هـ، 1/5/1997 , وفي قرية السويسة لواء وادي السير محافظة العاصمة , اجتمعت عشائر بني عباد للبحث والتداول في موضوع طرح مرشح واحد لهم في الدائرة الخامسة بمحافظة العاصمة للانتخابات النيابية القادمة لعام 1997 ، والخروج برأي وقرار بتسمية هذا المرشح انطلاقاً من الانتماء للأردن والحرص على وحدة عباد ومصالحها وقوتها وحفاظها على ما حققته عبر السنين والأجيال الماضية، واثبات الحضور القوي الفاعل على الساحة السياسية الوطنية كجزء من الأسرة الأردنية الكريمة.
وكانت عشائر عباد تدارست في الأيام الأخيرة الماضية أوضاعها وأوضاع الأردن بشكل عام والمرحلة المقبلة وما فيها من أخطار وصعوبات، كما تداولت وتدارست مواصفات الشخص الذي يجب ان يمثلها خير تمثيل تحت قبة البرلمان ووجدت أن الأمر يحتاج إلى رجل من ذوي الكفاءة العلمية العالية والفكر والشجاعة والأمانة والدراية والخبرة والانتماء وقوة الشخصية والتواضع ومن أصحاب المواقف الجريئة الواعية الحازمة الناضجة، والحكمة المقرونة بالشجاعة وذلك للدفاع عن مصالح الأردن والأردنيين والعبابيد بعيداً عن الخوف والمجاملات.
رأت عشائر عباد المجتمعة هنا أن المرحلة المقبلة تتطلب وجود ابن الأردن والعشيرة البار، الدكتور. أحمد عويدي العبادي ممثلاً لها تحت قبة البرلمان، وبذلك يكون هو وحده مرشح عشائر بني عباد للدائرة الخامسة ونحن ملتزمون بالتصويت عليه علناً ودعمه بكل ما أوتينا من قوة وإمكانات وان يعتبر كل واحد منا عضواً في حملته الانتخابية ولجنة مؤازرته.
ونهيب ببقية ألعبابيد أن يلتزموا بهذا القرار بكل احترام وأن يعملوا جميعاً لفوز مرشحنا المذكور لأن فيه مصلحة الوطن والعشيرة واستقطاب احترام سائر الأردنيين لأن العشيرة القوية تفرز النائب القوي. وفق الله الجميع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
التوقيع عشائر عباد المجتمعة في قرية السويسة / الخميس 1/5/1997
وجرت الانتخابات ، وكان النجاح حليفي للمرة الثانية ( 1997 ) والحمد لله ربّ العالمين . ولا بد لي هنا من تسجيل موقف التقدير والاحترام لإدارة رئيس لجنة الانتخابات عطوفة (المتصرف في حينه المحافظ فيما بعد ) السيد ثامر ملّوح سطام الفايز، الذي رفض جميع صنوف التدخلات ضدي ، وأصرّ على النزاهة، وبرّ بوعده عندما التقى المرشحين في الدائرة وقال: من ينجح سوف ينجح ومن لا ينجح سوف لن ينجح، أي أنه لن يتدخل في الفرز والصناديق التي تصله , ولن يسمح لأحد أن يتدخل مهما كان هذا المسئؤل , وستكون الانتخابات شفافة . وبالفعل بر الرجل بعهده , وكان شجاعاً للثبات على النزاهة في جو من الضغوط الرسمية عليه في التدخل السافر من مدير المخابرات الذي انتهى إلى السجن .
لقد كان ثامر غير هيَّاب بل وضيّع الفرصة على المدير المسجون، والذي لا بد انه ندم أنه لم يتدخل ببركة الصناديق أثناء الاقتراع والتصويت -أي قبل إجراء الفرز- وذلك أمر كان بمقدوره أن يفعله ؛ أما بعد حضور الصناديق إلى القاعة فقد أصبحت ضمن صلاحيات السيد ثامر ملوح الفايز جزاه الله خيراً . كان مطلبي من المتصرف المذكور , ووزير الداخلية في حينه معالي السيد نذير رشيد هو عدم التدخل ضدي أو معي ، وتركي ومصيري نجاحاً كان أم غير ذلك ، وبروا بوعودهم معي حقا ، وبقيت الدائرة الخامسة في ذلك العام ( 1997 ) علامة فارقة في النزاهة على الدوائر الانتخابية الأخرى التي كما سمعنا كثيرا شابتها عيوب كبيرة وكثيرة. وكان عنوان هذه النزاهة هي شجاعة ووطنية وضمير السيد ثامر ملوح الفايز , وهذه حقيقة أدوّنها للتاريخ , وعدم تدخل وزير الداخلية ضدي .
وكنت أثناء الفرز قد علمت أن اسمي هو الثاني بالفائزين, ولكن النتائج تأخرت بسبب الفارق الضئيل مابين اثنين من المرشحين على المقعد العربي الأخير / الرابع, والذي كان / الفارق ستة أصوات. لذا كانت الأمور في منتهى الدقة والحساسية وبخاصة أن كليهما من عشيرة واحدة .وكان لابد من التوكيد من الفرز أكثر من مرة لحسم الموضوع
كان يلازمني السيد عارف سالم السكارنة , منذ دخولي إلى قاعة الفرز , وعندما ابلغوني أنني نجحت وسلموا علي في الغرفة العامة للفرز , على أنني ناجح , هممت بالمغادرة فامسك بي عارف وقال : وين ؟ قلت نعود إلى البيت بوادي السير للاحتفال بالنجاح, فضحك مستغربا, قال الآن يسرقوا النتائج و هل نسيت أن مدير المخابرات هو خصمك ولن يدعها تمر بسلام ؟, تعال ولنجلس في غرفة النتائج وعندما نراها على التلفزيون نغادر . فقلت نعم الرأي رأيك , وبالفعل ذهبنا إلى حيث يجلس السيد ثامر رئيس لجنة انتخابات الدائرة الخامسة وتابعنا معه نتائج الفرز بدقة وعلانية بدون تلاعب ولا تدخل مع أو ضد .
ولا بد هنا من تسجيل ما دار أمامي في غرفة نتائج فرز الصناديق , عندما كنت اجلس عند السيد ثامر الفايز ومن حوله مندوبون من المرشحين , أما أنا فقد بقيت هناك إلى أن يتم إعلان النتائج في التلفزيون خشية التحوير والتغيير كما نصحني عارف السكارنة . وبالفعل أجرى مدير المخابرات في حينه اتصالا هاتفيا مع السيد ثامر الفايز أمامي , وسأله عن الدكتور احمد عويدي العبادي تحديدا , وأنا اسمع المكالمة ,فقال ثامر : نعم لقد نجح . فقال مدير المخابرات هاتفيا : وكيف ينجح هذا ؟ فقال ثامر : لأنه نجح .
فقال المدير : أريد أن تغير النتيجة . لا أريده أن ينجح, وهنا رد السيد ثامر قائلا وأنا لا أريد أن أغير النتيجة وهو ناجح , فقال الباشا : أريد تغيير النتائج وان يرسب بالانتخابات , ولا أريد منك غير ذلك فهذه توجيهات عليا وعليك تنفيذها . .
وهنا رأيت الغضب في وجه السيد ثامر ملوح الفايز وقد تقطب جبينه وتنفس كالأسد وجحظت عيناه والشرر يتطاير منهما , وكأنه يستعد لمعركة بالأسلحة النارية. وتصورت فارسا من فرسان الأردن وفرسان بني صخر , وما أكثرهم يستجمع قواه للانقضاض دفاعا عن الكرامة وهو يقول بلغة الفرسان الشجعان الذين تتلاشى أمامهم الهيبة الوهمية للمقاطيع والمرتزقة , قائلا بحزم : كيف أعلن رسوب من أعلنت نجاحه؟ إذا كان ذلك يحدث عندك فلا يحدث عندي . فقال المدير بأوامر فوقية حمقاء : الآن غير النتيجة ويجب أن يرسب العويدي وهذا توجيه من القصر انه توجيه من الملك شخصيا بخصوص العويدي .
فقال ثامر . باشا هذا أمر مستحيل نجح يعني نجح , هذه إرادة شعب وليست إرادة أي شخص آخر لا أنا ولا غيري , أنا رجل مؤتمن ولا يمكن أن أخون الأمانة , وإذا كانت ضمائر الغير للبيع فلست مستعدا لبيع ضميري لأنه ليس للبيع , ولن أغير النتيجة تحت أي ظرف أو أوامر مهما كانت ومن أي مكان صدرت .
فقال له الباشا المدير : أنا مدير المخابرات هذه أوامر جلالة سيدنا فاهم ( قالها بحزم المنهزم الذي يغطي على جبنه برفع صوته لان الجبناء يرفعون أصواتهم لكي يعطوا لأنفسهم عزيمة وهمية في المواقف الحرجة ) , فقال ثامر وأنا ابن فايز وهذه أوامر الصناديق بكل شفافية ولا ترفع صوتك علي ومن يرفع صوته علي لم يخلق بعد , أنا ما آنا موظف ولا ضابط عندك وأنت لا دخل لك بالانتخابات عندي على الأقل هذه تحت ولايتي وليست تحت ولايتك هل فهمت باللغة العربية .
وأضاف ثامر يقول مكررا ومؤكدا: الذي نجح هو د. احمد صالح عويدي العبادي ولا يمكن أن أغير النتيجة أبدا . وعندما ألح مدير المخابرات عليه قام الشيخ ثامر وأغلق الخط في وجه مدير المخابرات ( السجين فيما بعد ) قائلا يبدو انه لا يفهم العربية ؟ , فقلت يبدو انه لا يفهم إلا اللغة الصربية أو الانكشارية , فقال ثامر هذه لغات لا نفهمها ولا مكان عندنا لمن لا يفهم لغتنا .فقلت لا يفهمها إلا من ابتلي الله الأردن بهم ومنهم هذا الذي كلمك
. ثم نظر إلي وقد صمت وهو يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , والله مدراء آخر الزمان , ثم سرح ونظر إلي ثانية , وكأنه يقول لي : ها قد فتحنا معركة مع أقوى رجل في الأردن من أجلك يا دكتور احمد العويدي , ففهمت عليه وقلت : بارك الله بك وبضميرك الحي ونزاهتك وشجاعتك يا ابن فايز كان جدك سطام سلطان البر عندما كانت أجداد هذه الحثالات تعيش مع الجرذان والزواحف النتنة , وسأدون هذه اللحظات للتاريخ , وارى الآن أن تعجل بإرسال النتائج إلى التلفزيون وتتبعه باتصال هاتفي معهم ونرى النتائج منشورة على الشاشة وتوقع المحضر ثم أغادر. فقال نعم هذا هو الحل .وبالفعل فعل ما نصحته به , وخلال دقائق كان المذيع على الشاشة الرسمية يتحدث عن الناجحين في الدائرة الخامسة وكان الناجح الثاني هو احمد عويدي العبادي , والحمد لله رب العالمين .
وهنا شكرت السيد ثامر على موقفه الشجاع المشرف , ونصحته أن يغير الاسم الذي ظهر قبل قليل على الشاشة . فقد نشروا أن الذي نجح هو الدكتور احمد صالح سليمان العبادي . وطلبت إليه أن ينشر اسمي الرسمي حسب الأوراق الرسمية وهو : الدكتور احمد صالح عويدي العبادي . وبالفعل أعلن ذلك خلال دقائق قبل أن يصدر أي أمر بتغيير النتائج . وهنا عانقت الأخ ثامر الذي يحظى بمحبتي واحترامي بكل المعاني والمعايير من قبل ومن بعد شاكرا لله ثم له .
. . وبعد ذلك غادرت الغرفة وجامعة العلوم التطبيقية حيث جرى الفرز وصدرت النتائج . وقد كان الإعلان بالتلفزيون قد ادخل الفرحة إلى جميع ألعبابيد مرة أخرى والى الأردنيين الذين يحبون مواقفي ووصلت البيت وكنت كالمسطول , لا ادري ما حدث , فقد شاء الله وجود السيد ثامر الفايز , ولولا ذلك لكان نصيبي التفشيل , كما هو الأمر في عامي 1993 و 2003 فيما بعد . وكانت الوالدة وزوجي ام البشر والأهل قد بدأوا يرقصون ويغنون مجرد أذاع التلفزيون أن الناجح هو د. احمد صالح عويدي العبادي
كنت أتمنى لو أن السيد ثامر ( بن ملوح عواد السطام الفندي الفايز ) الفايز كان رئيساً للجنة الانتخابات في الدائرة الخامسة عام 1993، وتمنيت ذلك بعدها لعام 2003 , لكانت النتائج عكس ذلك تماما وكنت نجحت لأنني ناجح , فهو رجل حر أبي عصي على الذل لا يقبل الظلم ولا أكل حقوق الآخرين , انه يقف موقفا مشرفا بنزاهة وحيادية ويحمي هذه النزاهة والحيادية حتى من مدير المخابرات العامة نفسه .
ولكن متصرف وادي السير في عام 1993 كان اضعف من أن يقاوم سياسية عامة قضت بالتزوير , ولا يمكن لشخص أن يقاومها إلا السيد ثامر الفايز فهو اكبر من المنصب واكبر من النكرات الذين نفختهم المناصب , وبالتالي لا يستحي منهم ولا يخاف , بل يخاف من الله ومن التاريخ ومن الألسن , وعندما يستقيم بأمره وكان كذلك , فلا يسال حينها من سيغضب أو من سيرضى .
أما متصرف وادي السير عام 1993 فقد أغمي عليه بعد إطفاء الضوء، ربما لأنه رأى التزوير الواضح ضدي بأم عينه؟! صحيح أن المتصرف هي مرتبة إدارية يتساوى فيها الرفيع والوضيع بصورة وهمية أو فرضية، ولكن الشخصية ومقوماتها تختلف من شخص إلى أخر... وهنا يأتي الفارق بين متصرف وآخر كما هو الفارق بين الذكر والرجل، وكلاهما ذكر.وكما هو الفارق بين ثامر ومتصرف وادي السير عام 1993 وكلاهما متصرف ولكن ليسا كلاهما رجالا يكبر بهم الموقع .
وبقيت ثلاثة أيام (1997) بعد النتائج وأنا كالمضروب على رأسي ، حيث كان الناس يسألونني ما بك يا دكتور ؟ فأقول للمقربين مني: ترى هل نجوت من مكائد حبائل مدير المخابرات ( السجين ) وكبير مطاياه , فجاء أحدهم يقول: نعم وهذه برقية تهنئة منه وسلمني إياها وإذا به يعرب عن سعادته بنجاحي ويهنئني بذلك .
يا الهي, برقية تندرج ضمن مبدأ عذر أقبح من ذنب وضمن قائمة النفاق والتزلف الذي هو ديدن الانكشاريين دائما . لقد أرسل إليّ ببرقية يهنئوني فيها بالنجاح.؟؟؟ بالفعل انه عذر أقبح من ذنب , وحيلة لا تنطلي على احمد عويدي العبادي .. سبحان الله لقد نجوت والحمد لله... ورحت أفكر في ترتيب أوراقي وأجندتي في ذهني لمجريات الدورة البرلمانية الجديدة, والمجلس الثالث عشر, لكي أذهب وأنا أعرف وأفهم، بل ومستوعب لبرنامجي السياسي كاملاً لهذه الدورة.
واحتفى الناس من قاعدتي الوطنية والعشائرية بي حفاوة غير مسبوقة ، وطار الخبر لدى المرجفين والمنافقين والفاسدين، من المرتزقة والمقاطيع واللصوص والفاسدين والقطعان الضالة في سائر أنحاء الأردن . لقد كانوا يتابعون حملتي وتكاتفوا جميعا لمحاربتي ماستطاعوا إلى ذلك سبيلا . ورغم خلافاتهم , إلا إنهم كانوا متفقين على تفشيلي بأية وسيلة . ولكن الله سبحانه إذا أراد أمرا هيأ له أسبابه , فجاء بهذا الرجل الطيب السيد ثامر الفايز , وكانت النتيجة كما كانت والحمد لله رب العالمين
كان المرعوبون والحاقدون والفاسدون , يتداولون الأخبار التي مفادها : لقد نجح المشاكس (أي د. عويدي العبادي) كما يحلو للجهلة أن يسموني ، لقد نجح عدو الوحدة الوطنية كما يحلو للسفهاء أن يصفونني، وقد نجح المجنون كما يحلو للفاسدين والمتصهينين والماسونيين أن ينعتوني، لقد نجح العنجهي، كما يحلو للمقاطيع والمرتزقة أن يطلقوا عليّ.. لقد نجح «المهوِّي الخالص كازه» كما يحلو للدواب والطراطير والأوغاد والعلوج أن يربطوا ذلك باسمي. لقد نجح الأرعن الأهوج كما يروق لمن في قلبهم مرض وللفاسدين أن يطلقوا عليّ. وكان مجلس النواب انحصر في شخصي من دون الناس , ويبدو أنهم كانوا على حق في هذه الأخيرة فقط , إذ ثبت أن المجلس الخالي من الدكتور احمد عويدي العبادي , هو خال من الإثارة لمعرفة الحقيقة والمصارحة بالحديث عنها .
أما الأردنيون الشرفاء فكانوا يقولون: نحج صقر البرلمان، وهو اللقب الذي أطلقته علي صحيفة القبس الكويتية عام 1989، ولم يستطيع أحد انتزاعه مني بعد والحمد لله. أما أولئك الذين منّاهم كبير مطايا المدير المسجون بالنجاح المتفوق، وبالقضاء على د. أحمد العويدي وإنهائه سياسيّاً، فقد غاب عن الشاشة والساحة يعيش بين كؤؤس الذل وتحت وطأة الثمالة والنذالة والرزالة , محاولا نسيان الإهانة التي لحقته والتي كشفته أمام مديره السجين . أما المطايا الذين قبلوا لأنفسهم أن يكونوا أحلاساً للمدير المسجون ولكبير المطايا ، وفشلوا في إنهائي عشائرياً والقائمون بالمهمات القذرة فقد تمت مكافأة بعضهم لأدائهم مهمة المحاولة الفاشلة , وإن كانت بدون نجاح ، ومع هذا لم أقف ضدهم ، فليس من طبعي الانتقام بل إنني متسامح كريم أترك الأمور لله سبحانه وكفى بالله وكيلاً.
كان من أهم النتائج لنجاحي هذا إن الكلمة التي قالتها بنتي العرين في عام 1993 : وهي طفلة لا تعي ما يدور حولها عام 1989 : بابا أنت رسبت بالانتخابات ؟ قد أحالها الله إجابة وسعادة إذ أن ابنتي العرين والزهراء والآية وأم البشر كانوا أول من فرح معي للنتيجة في هذه المرة لأنها جاءت بعد التحدي والصراع والمعاناة , ولأنها معركة نكون فيها أو لا نكون .
لقد فرح ولداي البشر ونمي أيضا فرحا عظيما لان ذلك كان رد اعتبار لي ولهم والحمد لله , وكرم عظيم من الله سبحانه وتعالى . لقد وصل خبر النجاح قبل ذلك من خلال الاتصالات الهاتفية ومن التلفزيون , فما كان من أم البشر إلا وسارت وأخواتها وبنات أختها وقراباتها اللواتي كن ينتظرن النتيجة على أحر من الجمر , وسرن في الشوارع المحاذية للبيت , ليسمع بعض الذين كانوا يعملون حثيثا ضد نجاحي . وحضر فيما بعد عدد من الوزراء للتهنئة , وكلمني رئيس الوزراء مهنئا بالهاتف أيضا , وصنعنا غداء كان الأوسع بتاريخ عباد حتى حينه لكثرة المناسف والحضور على الغداء الذين تجاوز عددهم الستة آلاف شخص , وصار كثرة المناسف هذه قاعدة للتقليد حتى للنكرات الذين باعوا أرضهم وصار معهم أموال والذين يصفهم ألعبابيد باصطلاح ( ضرب قواشين ) أي ثمنا للأرض المباعة . وأرسلنا مجموعات لتهنئة نائب من السلط وتهنئة آخر من بني عجرمة وهما ينجحان لأول مرة , وبدورهم أرسلوا أيضا مجموعات للتهنئة وكان منظرا رائعا تم تصويره للتاريخ . وكانت لحظات تاريخية ورائعة وكل ذلك بفضل الله سبحانه .
وللحديث بقية إن شاء الله في الحلقة 36