الإسلاميون ونقابة المعلمين إلى أين .. ؟!

mainThumb

09-12-2012 04:04 PM

اقترح مجلس نقابة المعلمين شطب الفقرة(أ ، ج) من المادة(5) من قانون نقابة المعلمين الأردنيين، حيث تنُص على،،، أن تلتزم النقابة بما يلي:-
أ-المحافظة على متطلبات العملية التربوية ورعاية مصلحة الطالب وعدم الإضرار بحقه في التعلم.
ب- مراعاة أحكام قانون التربية والتعليم ونظام الخدمة المدنية والتشريعات الأخرى.
ج- عدم ممارسة الأنشطة الحزبية.
د-عدم التدخل بسياسات التعليم والمناهج والبرامج والمعايير المهنية وشروط مزاولة مهنة التعليم والمسار المهني والوظيفي للمعلمين.
هـ- اللجوء إلى الأساليب المشروعة في تبني مطالب المعلمين وخاصة الحوار.

عند النظر في جميع فقرات المادة(5) ومقترحات التعديل نرى بأنه لا يضير الوزارة أو الدولة بشيء تقريباً، حيث تكمن الأهمية لدى الدولة في المحافظة على بقاء الفقرة (د) من المادة (5) وعدم الاقتراب منها، أي عدم التدخل في سياسات التعليم والمناهج والبرامج والمعايير المهنية...الخ، وأن تبقى بعيداً عن المعلمين ونقابتهم، وبالتالي إقصائهم عن المشاركة في صناعة القرار المرتبط في صياغة المناهج والسياسات والتشريعات التربوية، وذلك لتبقى الدولة مستمرة في نهجها من التطوير التربوي الذي سيؤدي في النهاية إلى نزع قوميتنا العربية واستبدالها بصداقة الكيان الصهيوني والدفاع عن ديمومته وأمنه.
المعلمون فئة اجتماعية متنوعة ثقافياً وفكرياً وإيديولوجياً، وينطوون بمظلة النقابة كفكرة جمعية، إضافة إلى النزعة القومية للعروبة التي لا زالت راسخة في نفوسهم، وعدائهم للكيان الصهيوني الذي لا زال ملتصقاً في ضمائرهم، وصورة فلسطين العربية من النهر إلى البحر مطبوعة في عقلياتهم الجمعية، فإن كل ذلك يتطلب وجود طرف من بين المعلمين يقوم بدور الضابط لأفعالهم والسيطرة على مسارهم إلى حيث تريد الدولة.

معاهدة وادي عربة التي وقعتها الدولة الأردنية مع الكيان الصهيوني عام 1994 وحسب بنودها سواء المعلنة أو السرية كانت تتطلب تغيير بنية المجتمع الأردني، حيث بدأت بتفكيك منظومة القيم المجتمعية المستمدة من العمق العربي والإسلامي، فيتحول الكيان الصهيوني من مُغتصب للأرض إلى دولة صديقة في الجوار، وهذا يتطلب إعادة النظر بثوابت المجتمع وقيمه الموروثة، فكان لا بدّ من رسم الخطط التربوية بما يتوافق وهذه الاتفاقية لإنتاج أجيال بعيدة عن الموروث التاريخي في التحرر ومقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة، وهذا ما يلمسه المعلم الآن من تغييرات متتالية طرأت على المناهج إضافة إلى تغيير في السياسات والتشريعات التربوية التي حدَّت وبشكل كبير من دور المعلم في بناء أجيال تحمل القيم التاريخية الموروثة.

رضخ المعلمون لأكثر من خمسة عقود تحت نير الظلم والتهميش، وتحييده المُمنهج عن الساحة الاجتماعية والسياسية في الأردن، لقناعة النظام أن المعلم كان له دور الريادية في قيادة الحراك الاجتماعي والسياسي لمنع الدولة من الاستمرار في التبعية، وأداء الدور الوظيفي الذي لا يلتقي مع الفكر التحرري الذي كان سائداً في خمسينيات القرن الماضي، واستكمال الاستقلال الحقيقي عن المستعمر وأدواته في المنطقة، فكان خروج المعلمين من سُباتهم فتكونت الفكرة الجمعية في الإطار النقابي، حيث قابله تخوف الدولة من القادم، ورأته تهديداً لمشروع الشراكة مع الكيان الصهيوني من خلال المعاهدة، فجاء قانون نقابة المعلمين العُرفي والمانع لتحقيق أدنى الرؤى للمعلم في بُعديها الوطني والقومي، ولا يخفى على أحد في ظل الربيع العربي أن هناك تياراً فاعلاً في المجتمع الأردني وفي كل المستويات الإدارية متوافقة مع رؤية الدولة في نظرتها لمستقبل الكيان الصهيوني كدولة صديقة وفاعلة في الجوار العربي، وما يتطلبه ذلك من حلّ معضلات وتَبـِعات القضية الفلسطينية على الجوار العربي وبشكل نهائي، بعد تكوين بيئة سياسية واجتماعية واقتصادية جاهزة للتنفيذ ومتوافقة مع مشروع أمن وديمومة الكيان الصهيوني.
من هنا تأتي نظرتنا لدور المعلم من خلال نقابته في قدرتها على مقاومة المشروع الصهيوني، فالتاريخ لا زال حاضراً فينا، وما إسقاط حلف بغداد سوى شاهد على دور المعلم في قدرته على قيادة المجتمع، وبالتالي فإن الدولة تعلم أن نقابة المعلمين هي الأكثر قُدرة بين مؤسسات المجتمع المدني في منع المشروع الصهيوني لاعتبارات كثيرة قد تكون غائبة عن ذهن بعض المعلمين.
الربيع العربي كشف هشاشة الأنظمة العربية وفقدانها للشرعية الشعبية الحقيقية، وكذلك كشف عن قدرات وطاقات هائلة لدى الشباب العربي وما يملكونه من رؤى مشتركة ورغبة حقيقية في التحرر من التبعية للغرب الداعم للمشروع الصهيوني، وبالتالي كان لدى ذلك الغرب القدرة في التأثير على مسار الربيع العربي ومخرجاته لتحييده عن فكرة التحرر وفك التبعية والعداء للكيان الصهيوني، إلى توظيف قوى تعمل على ممارسة السلام شعبياً، أما في الأردن فإن الحراك الأبرز هو حراك المعلمين والذي سبق الربيع العربي، حيث ولدّ لديهم تخوفاً من عودة المعلم إلى الواجهة في قيادة التغيير، وخاصة في ظل وجود مظلة لهذا الحراك وهي النقابة، فكانت رؤية الدولة، أنه لا بد من تقييد المعلم ونقابته من خلال قانونها، ولا بد أيضاً من ربان لقيادتها، قادر على التحكم بالفعل الجمعي للمعلمين أو السيطرة على ردود فعلهم في ظل المتغيرات سواء محلياً أو إقليمياً، ولأن الأكثر تأثيراً على مسار الربيع العربي هي أمريكا، فهي تعلم أن أكثر ما يؤثر في قرار المواطن العربي هو القرار الديني(الفتوة)، فكان بالإمكان العمل على تمكين الإسلاميين من الصعود وأخذ الدور بشكل كامل، والذي يعود لأسباب، منها، عدم وجود تنظيمات وأُطر سياسية ناضجة ومؤثرة في الكتل البشرية، إضافة إلى وجود بقايا قوى سياسية أصبحت غير مؤثرة اجتماعياً.
عودة إلى نقابة المعلمين وعلاقتها فيما طرحنا، فإن مواد النظام الداخلي ومن بينها آلية الانتخاب التي بقيت دون تعديل، هي نفسها التي جاءت بالإسلاميين كقوة مُسيطرة على قرار النقابة(ونعلم من بعض أفراد جبهة العمل الإسلامي، بأنه قد عُمِم عليهم بذلك)، إضافة إلى تضمين النظام الداخلي مواد تحت عنوان "المجلس التأديبي" تساعد في السيطرة أكثر على أفعال المعلمين وتسييرهم في المستقبل كما يريد المجلس نفسه، حيث تُركت المخالفات التي تستوجب العقوبة على المعلم من النوع المفتوح والخاضعة للمزاجية أو حاجة اللحظة من قبل المجلس، بينما الأصل أن تكون نوعية المخالفة محددة ومرتبطة بالأداء المهني فقط ليقابلها حجم العقوبة، ومن بين هذه المخالفات بأن يُعاقب المعلم الذي يرفض تنفيذ قرارات مجلس النقابة، وبالتالي الانقياد التام للمعلمين خلف مجلس نقابتهم، حتى وإن اختلفت رؤية المجلس وغاياته مع قناعات المعلمين الموروثة سواء المهنية أو الفكرية أو التاريخية.
الإسلاميون وحلفاؤهم في الهيئة المركزية ومجلس النقابة بدأوا بالاستحواذ على كل شيء، وفي وضع ما يخدم المشروع في النظام الداخلي، سواء مادياً أو معنوياً، ويمارسون الإقصاء لمن يخالفهم، فنراهم، قبل أيام ينقضّون على اللجنة القانونية، التي لم تتوافق ورؤيتهم وتضارب التوصيات فيما بينهم، ليقوموا بحلّها وإعادة تشكيلها من جديد، والسبب عدم تخصصية أعضائها, ونعلم أن مبرراتهم كثيرة ومُفتعلة، ولكن ليس مـُبَرراً أن يكون عدم تخصصية أشخاصها سبباً في حلّها، فاللجان الأخرى غير تخصصية أيضاً، فهل أعضاء اللجنة الاستثمارية يحوزون خبرات وشهادات متخصصة في إدارة رأس المال واستثماره؟!،،، وهل شخوص لجنة العلاقات العامة يملكون الخبرات والشهادات في العلاقات العامة؟!،، الحقيقة أن التخصصية المطلوبة هي عدم معارضة رؤية أشخاص المجلس وغاياتهم، وارتباط عملهم بالمشروع القادم وهو الظن الأغلب، وإن كان بعض الظن إثم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد