ويسألونك عن النزاهة .. !

mainThumb

11-12-2012 11:32 AM

 هاتفني صديق عزيز يعمل في دولة خليجية شقيقة ليسألني عن منظومة النزاهة في المملكة، وصادف اتصاله صدور القرار الملكي بتشكيل لجنة منظومة النزاهة، ودار بيننا حديث مطوّل حول كل ما يجري في الوطن من تجاذبات في مسيرة اتفقنا أنا وهو على نعتها بالضبابية، وفي حديث النزاهة، كانت الفكرة الأساس التي ناقشناها هي أن النزاهة فكرة بحد ذاتها، وأنه لا يمكن نزعها من سياقها العام المتصل بالضمير الإنساني أولاً وبالتشريع ثانياً، وأن الممارسات على أرض الواقع لا تعكس عمق الأزمة التي تعيشها البلاد جرّاء حالة اللاوفاق التي تسود المشهد الأردني في ظل تضارب المصالح والاختلاف الكبير على الأولويات.

 

في الجانب الآخر، أبدى صديقي قلقاً بالغاً إزاء المستقبل، ودافع بشراسة عن حق الشعب في إقرار الجانب التشريعي المتصل بمنظومة النزاهة، وأنها ليست منّة من أحد، كما أنها لا يمكن أن تؤطّر في إطار روتيني بيروقراطي حكومي، وتُقدّم على طبق ذهبي بألوان زاهية تجذب الأبصار وتأخذ الألباب، وقد وافقته على رأيه، وأضفت بأن النزاهة ليست حالة مجتمعية عابرة، ولا هي نزوة ناشزة، ولكنها بالمعيار الحقيقي قيمة مجتمعية ليست محلاً لشك، أو مجالاً لمناورة، وأن استعداد المجتمع لترسيخ هذه القيمة يجب أن لا يقل عن استعداد الحكومات لقبولها أولاً وتكريسها في إطار ممارسات حقيقية وقرارات وسلوكيات.
 
قال صديقي: عليكم أن تجمعوا كل ما تناثر في تشريعاتكم من قيم النزاهة، وأن تفكّروا ملياً، في الآلية المطلقة لترجمتها على أرض الواقع، ثم تبدأوا بإقرار مبدأ نزاهة السلطات، قبل الحديث عن تقديم أي منظومة قد يشكّك فيها المشكّكون، أما أولئك الذين ما انفكّوا ينثرون تغريداتهم صباح مساء، ويتباكون على أوضاع المجتمع، وتراجع النُخَب، وسلطوية الغوغاء، وتصعيد الحراكات، فإن عليهم أن يراجعوا ما تراكم من إنجازات نظرية ملأت رفوف مكتبتنا الوطنية، بدءاً من وثيقة الميثاق الوطني مروراً بالأجندة الوطنية الضخمة، وانتهاءاً بمخرجات لجنتي الحوار الوطني والاقتصادي، وليقيسوا مدى ما اعتراها من غبار..!!! وأضاف أنتم تحتاجون إلى فعل نزاهة، أكثر من منظومة نزاهة، لأن منظومة النزاهة لن ترفع من منسوب القيمة الحقيقية للكلمة ومضمونها، ولن تعدو أن تكون مجرد مصفوفة كلامية تُسوّق على أساس الفعل الجديد النظيف في زمن يغص بالموبقات..!
 
قلت قبل أن أودع صديقي: سيظل حديثنا عن النزاهة قصة جميلة نسردها على مسامع أطفالنا كلما أردنا إخماد ثورة الرفض لديهم.. وننسى في كل مرة أنهم يرفضونها لأنهم يريدون حقهم أولاً..!   


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد