مايات .. مأساة فتاة عراقية

mainThumb

16-10-2014 09:59 AM

إنها   مايات الفتاة العراقية المعذبة-ذات السبعة عشر  ربيعا- تروي صورة إرسلت من جهنم تحكي ما هو أكثر هولا من أي كبوس قد يحدث لإنسان نائم! –


ففي  تقرير وصل إلى صحيفة الجمهورية الإيطالية – تصف (مايات جانبا يسيرا من العذاب الرهيب الذي سقطت في جحيمه هي وفتيات كثيرات –من بنات الطائفة اليزيدية-، على أيدي الجبابرة المتوحشين من رجال (ما سُمّي بالدولة الإسلامية..."!


تقول أنها دفعت ورفيقاتها إلى جحيم عبودية، ويخضعن للتعذيب والإساءة الجنسية كل يومي تقريبا!.وهي تصف معذبيها بأنهم غلاظ بلا قلوب  ، حتى أن قسوتهم وفجاجتهم بلغت حد امتهان السيدات اللواتي يصطحبن أطفالهن الصغاربمضايقتهن جنسيّا وقد تمكنت الفتاة من الاتصال بالصحيفة المذكورة عن طريق رقم هاتف  أرسلته إليها عائلة الفتاة الضحية.  وهي التي طلبت من الصحيفة نشر قصتها تحت اسم مستعار لأنها  تشعر بالخزي من نشر ما يفعله بها معذبوها...


! تقول الصغيرة أن نفسها موزعة بين الرغبة في أن تموت سريعا للخلاص من الكابوس المروّع الجاثم على صدرها؛ —وبين شوق عارم يجعلها تتمنى   أن تحيى لتلتقي بأهلها ، ولو مرة واحدة ، فتعانقهم بحرارةثم تموت!...


 بل إن معذبيها لا يكتفون باستغلالها جنسيا بل يحملونها على أن تحدث أهلها بتفاصيل ما يفعلون بهفيتضاحكون ويستهزؤون في تشفٍّ مقيت!.ووتعتقد مايات  أن ما يدفعهم إلى السخرية منها ومنرفيقاتها يقينهم بأنهم  نوع أرقى من البشر ، وهم لذلك مبرؤون من كل ما يقترفون ، ولهم مطلق الحق في أن يفعلوا ما يريدون!!..


ومن الأمور المروّعة التي يرتكبها السجّانون  أنهم لا يعفون الفتيات الصغيرات من الاستغلال الجنسي  ، أولئك الصغيرات اللاتي أطبقن شفاههن وانعقدت ألسنتهن لشعورهن بالخزي والمهانة!...


  - وترى الأسيرة المغلوبة على أمرها أنها ورفيقاتها إنما  يعاملن معاملة العبيد يسومهم مالكوهم سوء العذاب لمجرد أنهنّ يخالفنهم في العقيدة.  وعليه ، فإن بعضهن أرغمن على تغيير دينهن والدخول في الإسلام.


وتقول ميات إنها حين تتعرض للضرب المبرح تتمنى أن تموت لأنها تعلم أنها إذا قدر لها البقاء فإن تلك التجربة الرهيبة المريرة سوف لن تفارقها ما بقيت على قيد الحياة.


بل إن سجّاني الفتيات البائسات كانوا - إذا طلبنا منهم أن يقتلونهنّ يقولون : "إنما أنتنَّ بضاعة ثمينة وغنيمة حرب تماما كالأغنام التي نشتريها من السوق.


وتنتاب الفتاة حالات من الذعر فتطلب بإلحاح تخليصها من هذا الهول المروّع وتقول إنها أصبحت جثة هامدة  وهي تخشى أن يطول هذا العذاب وتقول: لقد قتلوا جسدي ، والآن يقتلون عقلي وروحي!...


  --وتقول منظمة العفو الدولية إن ما يزيد على الثلاثة آلاف فتاة وامرأة قد سقطن في هذا الجحيم خلال أسبوعين فقط


  والآن ، -- فليتخيّل كل من يطلع على هذه القصّة المأساوية بكل أبعاد المأساة! ليتخيّ أن هذه الفتاة –شأنها شأن الألوف ممن يعانين أهوالا تشبه الأهوال التي تصفها، أنها ابنته أو أخته الصغيرة! ولملا ، والنفس البشرية واحدة  ، والمشاعر هي المشاعر ، والخوف هو الخوف ، والألم هو الألم ، والاستخزاء والخجل هو ذاته الذي يمكن أن ينتاب أي واحد من بني آدم ، أولئك الذين كرّمهم الله – وفضّلهم على كثير ممن خلق!...


    ثم – أليست الرحمة هي الرحمة؟ ، والكرامة هي الكرامة؟ في كل زمان ومكان؟ ومع كل إنسان؟ ، أوليس الأمن هو الأمن والراحة هي الراحة؟ والمحبة هي المحبّة؟ أليست هذه كلها من حقوق الإنسان أي إنسان?...


    -بل، اليس من واجبات المسلمين أن يقسطوا بين الناس ويرفعوا الظلم عن المظلومين؟ ... أولم يأمر الله نبيه ، ص. والمؤمنين من بعده أن يحكموا بالقسط والعدل بين الناس / (سائر الناس؟-  في مثل قوله ، سبحانه: "إن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها – وإذا حكمتم بين الناس –أن تحكموا بالعدل-إن الله _نِعِمّا يعظكم به..."؟ ...."-؟


  أولم يببعث الله الرحمن الرحيم نبيّه ليكون (رحمةً للعالمين"-؟ وهاديا لكافة الناس من الأولين والآخرين / أحمرهم وأسودهم وأبيضهم.


    أولو كان الناس مؤمنين مسلمين قبل وصول الإسلام إليهم – أوكان هناك أي داع لبعثة محمد ص. ، وإيفاده لأصحابه ينشرون النور في كافة أقطار الأر؟


       تعالوا معي نتأمل كم من الحرمات قد انتهكت وتنتهك من حرمات  عشرات ألوف البشر من (أبناء وبنات الوطن العراقي والسوري / الأحرار والحرائر العرب والعربيات) :


      أولا لقد تعرضت القرى الآمنة لاقتحام مقاتلين غرباء  فكان ذلك جورا وظلما وعدوانا


ثانيا- لقد ملأ هذا الاقتحام والعدوان الغاشم قلوب النساء والأطفال والرجال من أهل القرى والأحياء إلى ترويعهم ونزع اشعور بالأمن من قلوبهم – وهذا ظلم عظيم – والله لا يحب الظالمين ولا يحبّ المعتدين.


      ثالثا- إن أكثر أولئك الأهالي انتزعوا من أوطانهم ومآمنهم وانتشروا في الأرض ،هائمين  على وجوههم متجشمين متاعب لا حصر لها من إعياء وحرارة شمس حارقة ، ومن جوع وعطش وفقدان النوم والراحة!... وهذا إرهاق وظلم لا يمكن لمؤمن ذي خلق أومروءة أو دين أن يرتضيه لأي إنسان.


      رابعا- إن الفتيات  مع الأطفال والنساء قد روّعن بشكل خاص عندما فصلن عن ذويهن من الشباب والرجال – فتيتمت الابنة والابن الصغير ، وفقدت الزوجة زوجها وحاميها ، وثكلت الأمهات والآباء الشيوخ أبناءهنّ وأبناءهم  ، كما اهلكهم الخوف على أعراضهم! ،


      خامسا- أصبحت الفتيات سجينات خلف جدران صمّاء قاسية--  هي أقل  قسوة من قلوب سجّانيهم من أشباه الذئاب الطامعين بأجسادهن والمستهزئين بمشاعرهن!.


      سادسا- تتعرض الفتيات للتضوّر جوعا وعطشا ، حيث لا تستسيغ إحداهن شرب الماء أو تناول الطعام مع الغصص التي تكاد تزهق روحها!


      سادسا- تتعرض الفتاة للتعذيب النفسي حين يراودها سجّانها لترك دين آبائها ، وهي التي ترعرعت على احترام تقاليدهم ، محبةً وتقديرا وعطفا!. – والله سبحانه لا يرضى عن إكراه الناس على الدين فيقول: "لا إكراه في الدين..." ترفّقا بالعقول الواعية وحفاظا على كرامتها وكرامة الدين.


     سابعا- إن الفتاة البكر البريئة تكون الأشد حرصا على براءتها وعفّتها ، ويخدش حياءها ويعذبها كل من يحاول خدش هذا الحياء [وقد اعتبرت العذراء في خدرها أوضح مثل لشدة الحياء) خاصة وأنها (فتاة شرقية تربّت في مجتمع ذي تقاليد راسخة موغلة في القِدَم  تشدد أكثر ما تشدد على عفاف المرأة وحماية عرضها!. ولا  شك أن كل امرأة عربية أصيلة تدرك فداحة مصاب العذراء في جسدها وعفتها.


    -ثامنا- تتعرض الفتاة لأقسى صور القهر النفسي عندما تصاب  في أعز ما تملك ، وهو شرفها وعفتها، حين يرغمها العابثون الظالمون على أن تصف لأهلها ما يفعلون بها بين سخرياتهم وضحكاتهم المجنونة!


      -- هذه الأشكال من الظلم – وغيرها كثير مما تتعرض له تلك الفتياتالمحجوبات عن التعاطف الإنساني –هو الظلم الذي شدّد الله سبحانه في كتابه على تحريمه ، كما حذَّرَ رسول الله ص. مرارا وتكرارا منه ،- فقال الله تعالى: "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله- والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون – ربنا أخرجنا من هذه القرية –الظالم أهلها – واجعل لنا من لدنك وليّا واجعل لنا من لدنك نصيرا."" فهل هناك من مؤمنين يستجيبون لدعوة الله فيسعون إلى رفع الظلم عن المظلومات والمظلومين من المستضعفين؟...


     – أخيرا،  هل يصحّ أن يكون الدعاة إلى الإسلام (من حملة النور والهدى والرحمة والبشرىر)أقلَّ رحمة بخلق الله من أديب- مثل مصطفى  لطفي المنفلوطي-، الذي يحاول تحريك مكامن الرحمة في القلوب في قطعة أدبية رائعة مؤثرة- – في كتابه العبرات؟ ، فيقول:


      "لو تراحم الناس ، ما كانبينهم جائع ولا عريان  ! ، ولا مغبون ولا مهضوم! ، ولأقفرت العيون من المدامع! ، ولاطمأنت الجنوب في المضاجع...!


ارحم الحيوان! ، فإنه يحس كما تحس، ويبكي بغير دموع! ، ويتوجّع ولا يكاد يبين!...


ارحم الطير / لا تحبسها في أقفاصها! ، ودعها تطير في الفضاء ، ودعها تغرّد وتنقّرُ أنّى شاء لها  التغريد والتنقير!!!...



الكاتب : ابو ذر الفلسطيني



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد