الهوية الثالثة .. هل تكون البديل في الاردن?

mainThumb

02-07-2009 12:00 AM

دعاتها يسعون الى انتاج شعب هجين لا يحمل صفات الاردنيين والفلسطينيين

هل يمكن لشعب ان يغيّر هويته? السؤال الاجدر بالنقاش في حالتنا: هل يمكن لشعبين ان يندمجا في هوية واحدة ينتج عن هذا الاندماج هوية ثالثة »مهجنة« لا هي اردنية ولا فلسطينية بالمعنى التاريخي والتقليدي المعروفين?.

ثمة تيار في الاردن يؤمن بهذا الخيار كسبيل للخروج من اشكالية الهوية وتجاوز فكرة المحاصصة.

ابتداء ينبغي عدم الخلط بين هذا التوجه وما يعرف بدعاة الحقوق المنقوصة, فانصار الهوية الثالثة يطرحون انفسهم كبديل للعصبية الاردنية والفلسطينية في آب معاً.

ينطلق دعاة »الهوية الثالثة« من جملة حقائق تأسست عليها فكرتهم اولها ان عودة اللاجئين مسألة غير قابلة للتحقيق في ضوء المعطيات القائمة الان وفي المستقبل. وثانيها ان الدولة الفلسطينية في حال قيامها ستكون كيانا هزيلا وضعيفا ليس بمقدوره ان يؤمن حياة كريمة للمقيمين على ارضه فكيف له ان يستوعب ملايين العائدين.

خلق الاندماج وصولا الى انتاج »جيل« ثالث لا يحمل صفات الاول او الثاني يتطب اجراء تغييرات هيكلية على البنية الثقافية والاجتماعية للاردنيين تطال اتجاهات تفكيرهم واهتماماتهم ونظرتهم للاخر ويكون التعليم بشقيه المدرسي والجامعي الميدان الاول لتشكيل الهوية الجديدة, لجيل من الشبان والشابات يشكلون ما نسبته 70 بالمئة.

التطور الحاصل في المجال التكنولوجي وعلى وجه التحديد ثورة الاتصالات التي تستثمر في عملية بناء الشخصية الثالثة كونها توفر الثقافة المعولمة والوسائل اللازمة لنشر قيم جديدة تستهوي مجتمعات العالم وتؤثر بشكل ملموس في تشكيل وعيها وقيمها. وفي الحالة الاردنية يسعى دعاة هذه المدرسة الى اعادة بناء صورة اسرائيل - التي استقرت في الاذهان والوجدان كعدو - عبر مشاريع التطبيع باشكاله كافة وتحت يافطة عريضة من الشعارات البراقة على التعايش والسلام والفرص الاقتصادية المتاحة »لسكان« المنطقة.

شركات العلاقات العامة والاستشاريون الاجانب في معظم الاحيان يتولون عملية تشكيل الهوية الثالثة قطاعيا, وترى خطواتهم ماثلة بين صفوف الشباب والمرأة وتعد الاندية الشبابية ميدانيا اساسيا للعمل, ويبرز في هذا المجال دور كبير لمكاتب التمويل الاجنبي التي تقود محاولات جدية لتغيير الاولويات الوطنية, وهناك محاولات لاعادة ترسيم دور مؤسسات الدولة التي جرت عملية جراحية عميقة استمرت سنوات لفكفكتها واعادة تركيبها وفق شروط ومتطلبات بناء الهوية الثالثة. وجرى استغلال لشعارات الاصلاح والتطوير الاداري لتنفيذ هذه الغاية.

مخطئ من يعتقد ان اسرائيل تريد وطنا بديلا للفلسطينيين في الاردن. اسرائيل تريد القضاء على الهوية الفلسطينية ولتحقيق هذه الغاية عليها ان تحطم ايضا الهوية الوطنية الاردنية. ومصلحتها تتلخص في نشوء هوية ثالثة يتحول بموجبها الاردنيون والفلسطينيون في الاردن الى مجرد »سكان« تسكنهم هموم الحياة اليومية يلهثون خلف فرص العمل في القطاع الخاص والشركات الاجنبية التي استولت على مقدرات البلاد.

الشواهد تفيد لغاية الان بأن انصار هذا التيار حققوا مكاسب محدودة للغاية وعلى نطاق ضيق في المدن. والفشل سيكون حليفهم على الارجح لان لعبة الهويات قاتلة وترتد على اصحابها واثبتت تجارب الشعوب وتاريخ الصراعات ان تغيير الهويات يندرج في سياق المستحيلات.

فلا الفلسطيني مستعد للتخلي عن حلم العودة للوطن ولا الاردني مستعد للتنازل عن هويته ووطنه خدمة للمشروع الصهيوني.

ثقافة ما قبل »اوسلو« و»وادي عربة« ما زالت قادرة على تحقيق الوحدة الوطنية اللازمة للاردن. والاصلاح السياسي القائم على معادلة وطنية هو البديل الوطني لاوهام الهوية الثالثةالعرب اليوم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد