السوسنة - ( السمبتيك ) سليمان السبيعي الشاب السعودي الذي تناقلت وسائل الإعلام قصة انضمامه لداعش وتحوله من نجم من نجوم مواقع التواصل الاجتماعي، إلى إرهابي ينضوي تحت لواء تنظيم إرهابي، مجرم، يسفك الدماء مرتدياً رداء الدين، لن تكون القصة الأخيرة، ولن تكون الصدمة الأخيرة في شباب يقعون ضحايا لفكر التطرف والإرهاب ويصبحون بين عشية وضحاها، مسلوبي الإرادة، مغيبي العقول، أعوان للشيطان وأداة للشر، ومعول هدم بدل أن يكونوا لبنة بناء وذلك بحسبما ذكرت الاعلامية مريم الكعبي في موقع 24 الاماراتي.
يظنون بأنهم على طريق الإصلاح وهم المفسدون، يظنون بأنهم يخدمون الدين وهم الذين يسيئون إليه ويحرفون قيمه، وينجرفون إلى دعاوى الضلال، والتضليل، والهلاك والدمار باسم الجهاد في سبيل الله، تغذيهم أفكار شديدة التطرف والتشدد.
لا تستغربوا من الضحايا، ولا تندهشوا من أعدادهم ولا من أعمارهم ولا من نجوميتهم، فالعلم والعوامل المادية والتنشئة الاجتماعية ليست جهازاً مناعياً ضد التشدد، ولا تستغربوا مكانة الضحايا وتاريخهم ومستواهم الاجتماعي أو شخصياتهم، ولا طريقة أحاديثهم، فكل تلك الصور البراقة يمكن تجاوزها أمام أي فكر عقائدي، هي قشور يمكن التسلل منها بسهولة إلى عقول الشباب الأكثر تأثراً بالفكر المتطرف.
وتتابع الكعبي الشباب مندفعون، تملؤهم روح التمرد، في داخلهم ثورة لا تهدأ، عاطفتهم جياشة يمكن توجيهها بعيداً عن العقل والتحكم بها بسهولة ويسر بأدلجة الفكر واليوم العالم مفتوح ومن السهل الولوج والوصول إلى أي ضحية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، الإعلام الحديث، ومع وجود سيل من شيوخ الفتنة ومن عشرات الفتاوى التي تحلل القتل بفتوى جهاد المرتدين والكفار.
القضية ليست بالسهولة التي تتعاطى معها وسائل الإعلام بطروحات جوفاء لا تغني ولا تسمن، وتلك الظاهرة لا يمكن أن تتوقف عن طريق لقاءات مع العائدين من جحيم داعش والهاربين من معركة الجهاد الوهمية ولا يمكن أن تكون التوعية بتقديم نماذج عادت فحسب، فمن يرون مثل تلك المشاهد ممن يملكون في داخلهم ذلك الفكر الشيطاني ومن يتعاطفون مع تنظيم داعش، تزداد أعدادهم يوماً بعد يوم، ومن يعيش في دواخلهم الدواعش أكثر بكثير من أعداد الملتحقين بذلك التنظيم الشيطاني.
القضية شديدة الخطورة، وتحتاج إلى منهجية مواجهة، وإلى خطة يشترك فيها مختصون من علماء التربية وعلماء النفس، ومن الجهات الأمنية ومن الإعلام ومن علماء الدين ومن المؤسسات التعليمية والمؤسسات المعنية بالشباب على مستوى الوطن العربي، فالشباب ثروة وطنية يتم توجيهها للدمار، وأصبحت فئة الشباب وطاقاتهم موجهة للخراب.
نحن في مرحلة نحصد فيها ثماراً سامة لعقود الزمن ربت وترعرعت فيها شجرة جحيم فكر طائفي بغيض، نحن في مرحلة نكتشف فيها مجاهل الظلامية التي غرقت فيها مجتمعاتنا وشبابنا، ونحن غافلون عن تلك المجاهل التي تتسع رقعتها بتصحر في الفكر والمشاعر، والتي يغرس فيها دعاة الفتنة نبتة التشدد والطائفية، والأفكار المغلوطة عن الدين، ويجّندون شبابا في الخفاء، لينطلقوا اليوم قطيعاً مسعوراً، يقتل ويسفك الدماء، وينجرف في صراعات دموية، تخدم أجندات خارجية.
نحن نحصد ثمار مّرة لعقود من الصمت، بنت فيها جماعات التطرف والتشدد عروشاً في الوطن العربي، وأنشات سدوداً منيعة لكي لا تصل الحقيقة إلى ضحايا الفكر والتغييب.
وبالرغم من الكوارث التي نشهدها يومياً، والتي تفجعنا في شبابنا، وتصدمنا فيهم، وبالرغم من الحقائق المروعة للتنظيم إلا أننا إلى الآن لسنا في مرحلة مواجهة حقيقية تتوازى مع خطورة المرحلة وخطورة التنظيم وخطورة مثل تلك الأفكار التي تسرق المقدرات وتنفذ أجندات، وتستغل الشباب وتوقعهم ضحايا بكل سهولة ويسر.
تنظيم جهنمي مجهز بتقنيات حديثة للتواصل مع الشباب بعيداً عن رقابة الأهل وعن رصد الأجهزة الأمنية ويمتلك أذرعاً إلكترونية على مستوى العالم، تتسلل للشباب بكل سهولة ويسر.
وتؤكد الكعبي إن تلك الوسائل التي نحاول عن طريقها مواجهة فكر التطرف في نظري جهودا في مهب الريح، لأننا نتعامل مع النتائج ولا نتعامل مع الأسباب، ومنبع الفكر ما زال قائماً، ونشطاً وفعالاً، والأسماء التي حرضت وأوقعت شباب الوطن العربي ما زالت تقوم بجرائمها أمام صمت مريب من الجهات المعنية في الوطن العربي.
والإعلام العربي ما زال في حالة الانتكاس التي لا يريد أن ينهض منها، إعلام الثرثرة والترفيه الفارغ، إعلام يجاري الوضع السائد ولا يشكل وعياً ولا يبني إدراكاً، ويجعل من نفسه تابعاً لإعلام التواصل منه يسند قوامه وبه يشتد عوده المتهالك، فهو ليس إعلاماً استباقياً، وليس شريكاً في البناء وفي التوعية وفي مواجهة حروب اليوم الخبيثة والمخيفة التي تجند الإعلام من أجل تفكيك المجتمع والتلاعب بنسيجه الوطني.
والبرامج والمنابر الدينية ما زالت على حالها، للفتاوى المجانية على الهواء مباشرة.
الوضع على ما هو عليه وسمبتيك وغيره من ضحايا الطائفية والتطرف، إما يذهبون ضحية للصراعات الدموية أو سيظلون يروون قصصهم ويرحلون لمصيرهم البائس ولا جهة معنية بدراسة الأسباب والنفسية والاجتماعية والتنشئة والفكر، والمصادر والاستعداد الذي جعل سمبتيك ضحية أخرى من ضحايا الفكر المتشدد.
تختلف المسميات لفكر التطرف حينما تتحول العقيدة إلى واقع وسلوك وممارسات ولكن ما لا يتغير هو الوسائل التي يتم عن طريقها تجنيد الضحايا.
جففوا المنابع لكي لا تنصدموا بسمتيك جديد قد يكون أخاً أو قريباً.