اطلاق ‎دراسة‎ ‎حول‎ ‎المشاركة‎ ‎الاقتصادية‎ ‎للمرأة‎ ‎في‎ ‎الأردن‎‎

mainThumb

24-03-2016 12:01 PM

السوسنة - عقد مركز الفينيق للدراسات الإقتصادية والمعلوماتية ورشة عمل اليوم الخميس، ‏لإطلاق دراسة بعنوان: "المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن: واقع وتحديات القطاع ‏الخاص (دراسة نوعية في القطاعات غير التقليدية)".‏
وتهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على واقع عمل المرأة الأردنية في القطاع الخاص، من ‏خلال تحديد طبيعة العوامل والأسباب الاجتماعية والأنثروبولوجية التي تقف وراء إقبال ‏المرأة في الأردن على العمل في القطاع الخاص والاستمرار فيه أو الانسحاب منه، وتحديداً ‏في مجالات البنوك والسياحة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات التحويلية.‏
إلى ذلك، توصلت الدراسة إلى أن المرأة في المجتمع الأردني على الرغم من إمتثالها لآليات ‏الحداثة وانخراطها في ميادين جديدة في التعليم والعمل، إلا أنها ما زالت تمثل على الأغلب ‏حالة من الغياب على مستويات مختلفة في قطاعات الصناعة والسياحة والمالية والبنوك، ‏والإتصالات.‏
وخلصت إلى أن العامل الاقتصادي احتل أهمية كبيرة في التأثير على إدماج المرأة في سوق ‏العمل أو استبعادها منه، لا سيما وأن ضعف الأجور لا يمثل حالات فردية ولا مشاكل ‏خاصة تعانيها العاملات في القطاع الخاص، وإنما باتت عامة وكبيرة، إذ أنها أصبحت ‏تلعب دوراً هاماً وخطيراً في بناء الظاهرة الاجتماعية المتمثلة في تراجع مساهمة المرأة في ‏سوق العمل، والتي بدورها تتداخل بنفس الطريقة مع الضعف العام الذي تعانيه الدولة ‏ويعانيه القطاع الخاص.‏
وبينت أن نوع العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص تتسم بنوع من عدم الإنسجام أكثر من ‏التشارك والإتفاق، مما يظهر حالة من عدم الرضى لدى القطاع الخاص، لدرجة أنهم يرون ‏أن المنظمات الدولية تقدم دعماً لمشروع إدماج المرأة في قطاع العمل أكثر من الحكومة ‏نفسها. ‏
ووفقا لنتائج الدراسة، بدت الإنتقادات أكثر عتباً واستياءاً من سلبية الجهات الحكومية تجاه ‏الإستثمارات التي أظهرت اهتماماً خاصاً بتشغيل النساء، واصفة سياسة الحكومة بالمحبطة ‏وغير الداعمة للتنافس الإيجابي. ‏
في المقابل، وحسب النتائج، بدت حالة اللاتوفق وانعدام الإنسجام في الخطابات الرسمية ‏التي أظهرت حالة من عدم الرضى عن مستوى التعاون والتنسيق من طرف مؤسسات ‏المجتمع المدني والقطاع الخاص وخاصة تلك المختصة بالشأن النسوي.‏
ولفتت الدراسة إلى "أن استفحال حالة الفقر وضعف الأجور، التي يعرضها القطاع ‏الخاص، والتي لم تعد تُغري عدداً كبيراً من النساء على الخروج للعمل، أو على تحدي ‏المنظومات الرمزية التقليدية ومحاولة الإنفكاك منها، بالتوازي مع نمو الخطابات التقليدية ‏وإعادة الحياة للتراث وللخطابات الدينية المتطرفة، لن يشجع المرأة على الإقبال على العمل ‏أو الإستمرار فيه، بقدر ما يجعلها مستسلمة وطائعة، بل وربما متبنية لهذه الخطابات".‏
وأظهرت الدراسة أن تقسيمة العمل الجندرية السائدة، تبدو ثابتة عبر الزمن ولم يعتريها ‏تغير يُذكر، فرغم تمكّن المرأة من التعليم والعمل والقيام بأعباء كانت في السالف أدواراً ‏ذكورية خالصة، إلا أن أدوارها التقليدية بقيت ثابتة، وكانت خطابات المبحوثين لا تنفك ‏تشير لها كل مرة على أنها واجبات. ‏
وبحسب ما سبق فإن الدراسة توصلت إلى أن أعباء الكثير من العاملات اللواتي عبرت ‏خطاباتهن عن الرغبة بالعودة للمنزل، زادت من حالة الصراع التي أمست المرأة تعانيها ‏بين أدوار فرضتها التقاليد أو أغرتها بها الحداثة، إذ أنها أصبحت تشكل عبئاً ثقيلاً، ‏موضحة أن المرأة التي خرجت إلى العمل وشاركت الرجل في جلب الرزق وتحسين ‏ظروف الحياة، لم يقاسمها الرجل بالمقابل أعباء العائلة والمنزل.‏
وفي مواجهة الإشكاليات السابقة، أوصت الدراسة بالتركيز على إفراد مزيد من الإهتمام  ‏بالجانب الخطابي للمشكلة، فكما تبين من نتائج الدراسة فإن المعرفة السائدة أو الخطاب ‏المهيمن على الحس المشترك للناس لم يكن خادماً لإدماج المرأة في سوق العمل إلى حد ‏كبير. وهو أمر يستدعي إعادة النظر في المواد التي تطرحها المناهج أو يروج لها الإعلام ‏أو تلك التي تتبناها المؤسسات الدينية. ‏
كما حثت الدراسة الحكومة على اتباع سياسات تشجيعية لتلك القطاعات التي تقدم فرصاً ‏ميسرة لعمل النساء، بهدف خلق نوع من التنافسية بين هذه القطاعات تشجع على استقبال ‏مزيد من العاملات.‏
وأكدت توصيات الدراسة، أيضاً، ضرورة إجراء المزيد من الدراسات النوعية حول فكرة ‏العمل الجزئي أو العمل المرن وإمكانية تطبيقه، فضلاً عن اتخاذ الإجراءات اللازمة من ‏أجل توفير بيئة عمل آمنة في كثير من مرافق العمل الخاص، اضافة إلى تطوير منظومة ‏قانونية تضمن الرقابة على ساعات العمل، والعمل الإضافي غير مدفوع الأجر، ‏والإجازات وساعات الإستراحة.‏
وأشارت إلى أهمية تفعيل منظومة أقوى من الرقابة القانونية على نظام الأجور والعمالة ‏الوافدة وعمل اللاجئين، إلى جانب زيادة الوعي لدى العاملات والباحثات عن العمل من ‏الخريجات بمنظومة الحقوق القانونية للعمل، اضافة إلى العمل على تيسير شروط ‏الاستثمارات الصغيرة من خلال تقديم التسهيلات اللازمة لتأسيس المشاريع الصغيرة ‏وتشجيعها.‏
واقع المشاركة الاقتصادية للمرأة في القطاع الخاص: حقائق وأرقام:‏
استندت الدراسة إلى المعطيات الواردة في مسح العمالة والبطالة الصادر عن دائرة ‏الإحصاءات العامة لعام 2014، التي أظهرت أن معدلات النشاط الاقتصادي للذكور أعلى ‏من مثيلتها للإناث، حيث فاقت الزيادة الاثني عشر ضعفاً في عام 1979 (76.3% للذكور ‏مقابل 6.4 للإناث)، في حين انخفض الفارق بين المعدلين بمقدار أربعة أضعاف في عام ‏‏2014.‏
كما وأشارت الدراسة إلى نتائج مسح العمالة والبطالة الصادرة عن دائرة الإحصاءات ‏العامة خلال الأعوام 2012- 2014، التي بينت أن أكثر من 45% من النساء المشتغلات ‏دخولهن أقل من 299 ديناراً شهرياً، وهذا يعني أن دخل المرأة لم يشهد تغيرات واضحة ‏خلال الفترة المذكورة بالرغم من هيكلة رواتب القطاع العام وارتفاع الحد الأدنى للأجور ‏من 150 ديناراً إلى 190 ديناراً خلال عام 2012.‏
من جانب آخر، عللت الدراسة أنه قد تكون الظروف الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة ‏قد دفعت بالمرأة إلى البحث عن فرص العمل من أجل للمشاركة في الأعباء المادية للأسرة، ‏بعد أن كانت هذه الأسر تكتفي بعائل واحد للأسرة، كذلك اقترنت سياسة خفض الإنفاق العام ‏للدولة والمترتب عليه خفض الإنفاق الجاري الذي تشكل الأجور قسماً كبيراً منه إلى تقليص ‏مساهمتها في خلق وظائف تستوعب قسماً من العاطلين أو الداخلين الجدد لسوق العمل، ‏الأمر الذي نتج عنه تخفيض عدد الوظائف في القطاع العام – وهو القطاع المفضل ‏والحامي لحقوق الإناث-، وهذا ما أوضحته نتائج التقرير السنوي لمسح فرص العمل ‏المستحدثة الذي تنفذه دائرة الإحصاءات، حيث دلت النتائج على أن عدد فرص العمل التي ‏خلقها القطاع العام لسنة 2014 لم تتجاوز 17158 فرصة عمل، في المقابل بلغ عدد ‏الفرص التي خلقها القطاع الخاص 32777 فرصة عمل أي وبنسبة بلغت 52% من ‏مجموع فرص العمل التي استحدثت لعام 2014.‏
 
إن ما سبق قد يدل بحسب الدراسة، على توجه النساء وإقبالهن على العمل في القطاع ‏الخاص وفي أنشطة غير تقليدية، كأنشطة الصناعات التحويلية والبنوك والسياحة، الأمر ‏الذي لم يكن مقبولاً في السابق، لافته إلى أن التعديلات الإيجابية على قانون الضمان ‏الاجتماعي في تأمين إجازات الأمومة من المفترض أنها سهلت على أصحاب العمل تقديم ‏استحقاقات إجازة الأمومة للعاملات في القطاع الخاص، وبالتالي تشجيع  أصحاب العمل ‏على توظيف العديد من النساء.‏
وتظهر نتائج التحليل الإحصائي وفقاً للدراسة، أن المرأة تواجه عدداً من التحديات في ‏قطاعات البنوك والسياحة وتكنولوجيا المعلومات والصناعات التحويلية، لها علاقة ‏بالجدوى المادية من العمل، وفجوة الأجور بين الجنسين، والقدرة على مواصلة العمل في ‏ظل الظروف العائلية كالزواج والأطفال، لا سيما وأن هذه القطاعات تعتبر من القطاعات ‏الهامة وطنياً ومن الأجدى أن تكون أكثر قدرة على استقطاب وتشغيل الإناث كمورد بشري ‏أساسي لنمو هذه القطاعات وتقدمها. ‏
ونوهت الدراسة إلى أن الإحصائيات تدل على ندرة قيام المرأة بخوض ريادة الأعمال في ‏هذه القطاعات، فأغلب أرباب العمل هم من الرجال، مفسرة أن المنشآت العاملة في هذه ‏القطاعات يغلب عليها طابع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يعني أنها في الأغلب تتبع ‏أسلوباً نمطياً في التعيين والترقية يميل لصالح الذكور والثقافة الذكورية، وغير مربوط ‏بأنظمة عمل تراعي مسائل المساواة بين الجنسين وبيئة العمل الصديقة للمرأة.‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد