" جددت حبك ليه " .. قضية للنقاش

mainThumb

09-01-2010 12:00 AM

رياض الربابعة

تختلف القناعات من شخص الى آخر؛ لكنها بالمجمل تخضع للدين والعرف والعادة ؛ وعلى أية حال فنحن في المجتمعات العربية بشكل عام نعتقد جميعا أن الرجل أذا تزوج وأنجب فأن من واجبه أن يستأصل قلبه ومشاعره وعواطفه تجاه أي خطر داهم أو قادم أو يحصنه كيفما شاء من رياح جديدة قد تعصف به . أعني بذلك أن زواجه بغض النظر عن ملابسات هذا الزواج هو عمليا نهاية المطاف؛ وأن التفكير بحب جديد أمر يرقى الى درجة الجنون أو الهذيان؛ لا ينبغي له أن يحدث؛ بل على الرجل المتزوج أن يبني سورا فولاذيا يحيط بقلبه من كل الأطراف منعا لأنفاق الحب من أن تصل الى قلبه.
وأما اذا تسلل الشيب الى رأسه وفكر بحب جديد في حياته فهذا أنسان يجب ايداعه بمستشفى أمراض عقليه لأنه فقد عقله.
ويعتقد البعض أن للحب أوقات يجب ألا تتعداها الى أوقات متأخرة؛ وأن الحب المتأخر في سن معين هو ضرب من الهذيان؛ معتقدين جزافا أن للقلب كوابح من شأنها السيطرة على هذا القلب بأي وقت تشاء؛ وبأن قدراتك الخارقة يمكن لها ضبط أيقاع دقات القلب كيفما شئت.
سأروي لكم قصة أحد أصدقائي وهو رجل في بدايات الخمسينيات من عمره؛ أرويها على لسانه كما جاءت من المصدر:
عدت الى قريتي بعد شهرين في أجازة قصيرة - هكذا كان الحال- فاستقبلني الأهل والأقارب مباركين لي. سألتهم بماذا تباركون لي؟ قالوا : نبارك لك بالعروس.
سألتهم: أية عروس فقالوا : ابنة فلان؛ شاهدها أبوك وأمك في الحصاد؛ فكانت ممتازة في " الحصيدة " فخطبوها لك.
قال تزوجتها دون أن أعرفها احتراما لأهلي ولأنني فعلا أريد الزواج؛ عشت معها سنوات طويلة وأنجبت لي أسرة من الأبناء والبنات؛ تقاعدت من عملي واشتريت باصا لأعتاش منه؛ صرت أوصل بعض الصبايا الى المصنع الفلاني وأعود بهن في المساء؛ أحببت واحدة منهن وتعلقت بها وبادلتني نفس مشاعري؛ لم أرى من زوجتي ما صرت أراه من صبايا اليوم؛ كل شيء مختلف؛ اللباس والعطور وأسلوب الكلام وطريقته وغير ذلك مما أسر فؤادي وكاد يطير بعقلي فتزوجت على كتاب الله وسنة رسوله؛ لأنني لا أريد أن أقع في الحرام ولأنه حقي الشرعي ثانيا؛ هل أظلم زوجتي الأولى بهذه الطريقة؟ أم أصبر على ظلم نفسي لنفسي بقية هذا العمر الذي كانت بدايته مغلوطة؟
تزوجت أمرأة لم أعرف عنها شيئا ولم أرها قبل زواجي؛ ولا أستطيع أن أقول فيها الا كل شيء جميل؛ لم أظلمها مرة واحدة؛ ولا أريد أن أظلمها بزوجتي الثانية؛ هل اقترفت اثما أو طاولت ظلما بهذا الزواج؛ وهل أورد نفسي الهلاك وأقع في الحرام أم أسلك سبيل الدين والعقل والقلب فأتزوج بمن هفا لها قلبي وأحبها؛ أخبرت زوجتي الثانية بكل ظروفي وبأنني متزوج ولي أسرة وأبناء وبنات؛ لم أكذب عليها أبدا؛ فقبلت طلبي بمحض ارادتها بفرح وسرور؛ قد يقول قائل بأنني مخطيء وهذا ليس من حقي وأنني بذلك أخون زوجتي الأولى ولكن كيف ولماذا؟
ومتى أصبح الحب لمن هم في مثل سني - أعني في العقد الخامس من أعمارهم- حراما أو جريمة أو عملا خيانيا؟ ومن يجرؤ على تحريم ما أحل الله ورسوله؟
أعلم بأن الكثيرين يقفون أمام قصتي باندهاش وتعجب لأنني أفقد في نظرهم مبررات الزواج التقليدية التي نعرفها جميعا : مرض المرأة وعدم قدرتها على الأنجاب وغير ذلك؛ ولكن سببا مثل السبب الذي دفعني للزواج قد يكون غير مقبول عند الكثيرين أو الكثيرات وهو أنني أشعر بفراغ عاطفي تحاملت على نفسي سنوات طويلة في تحمله؛ الحياة في نظري ليست مجرد طقوس عادية نمارسها كل يوم.. أكل وشرب ونوم.. أحتاج الى أمرأة أحبها وأبث لها همي وأشعر معها أنني أنسان له مشاعر واحاسيس وعواطف تبحث عن أمرأة تصغي لها وتسمعها وتفهمها؛ تشاطرني الفرح والحزن؛ صحيح أن زوجتي الأولى ماهرة في " الحصيدة" والطبخ والغسيل ولكن على حساب قلب لا تزال رغم تقادم أيام العمر لا تزال أركانه عامرة بالدفء والمحبة.
هل أنا مذنب وهل تعرف أحدا يصدقني القول فأفهم منه خطأي أو أخطائي؟ قلت له: لقد تزوجت وانتهى الأمر؛ وفعلت ما رأيته مناسبا لك؛ والكلام لا يفيدك الآن بعد أن انتهت قصة زواجك.
قال : أعرف ذلك جيدا؛ ولكن ليستفيد غيري من الاراء التي قد تكون مختلفة أو مغايرة؛ لأن المجتمع تقريبا يضع اللوم دائما في هذه الحالات على الرجل وينسى من قبلت به وهي تعلم أنه متزوج وله أسرة وابناء.
قلت لصاحبي : أحاول يا صديقي أن أساعدك؛ سأكتب قصتك للسوسنة لنرى رأي قرائنا في مسألة الحب المتأخر أو المراهقة الجديدة.
riyad_rababah@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد