البيئة الصفية غير المناسبة سبب غياب الطالب

mainThumb

18-09-2010 11:10 PM

تكررت منذ بدء العام الدراسي الحالي شكوى الطفل سامح - ثمانية أعوام - من وجود الم شديد في بطنه بصورة أربكت والديه ودفعتهما للحصول على إجازة من عملهما للتناوب على خدمته والبقاء معه .

لاحظ والدا سامح أن الأعراض المرضية لطفلهما تختفي بعد ساعة وبأقصى حد ساعتين ، ليعود إلى مزاولة نشاطه اليومي المعتاد وممارسة هوايته في اللعب ، فيما تغيب الأعراض كليا في أيام العطل المدرسية .

لجأ الوالدان حسب قولهما الى تعنيف سامح بعد أن أكد لهما الطبيب أن حالته ليست مرضية ، انما عبارة عن اسلوب يتلكأ به لكي لا يذهب إلى المدرسة . " على الأهل عدم الاستهتار بمشاعر أبنائهم بسبب التلكؤ بالذهاب الى المدرسة , وان يتفهموا شكوى ابنائهم ومتابعة الأمر مع المدرسة خاصة مع المرشد او المرشدة التربوية لمعرفة السبب ومحاولة علاجه " بحسب المستشار التربوي الدكتور يزن عبده .

ويؤكد على ذويهم إظهار نقاط القوة عند أبنائهم واتباع الاساليب المحفزة لهم والتي تعنى بالذات، مثل: أنت قادر، أنت مميز، أنا متأكد من أنك ستكون دائما في الطليعة ، وغيرها من العبارات التي تساعد الطالب على إعادة التوازن الانفعالي تجاه نفسه ومنحه الشعور بالقوة والفخر، إضافة إلى استخدام عبارات الشكر والثناء فور عودته من المدرسة .

ويجمل اختصاصي علم النفس الدكتور محمود الخوالدة أسباب تأخر الطلبة في الذهاب إلى المدرسة بالدلال الزائد من قبل الأسرة ،وتعلق الطالب بعائلته ، بالإضافة إلى عوامل تتعلق بشخصية الطفل كأن يكون إنسانا لامباليا أو انطوائيا يميل إلى البقاء في المنزل أكثر من الخروج منه للعب مع الأطفال .

ويرى ان القصص التي تروى للأطفال قبل النوم ، او مشاهدة الأفلام التلفزيونية المرعبة التي تركز على الجوانب السلبية للعلم والمعلم هي عامل مساعد في تلكؤ وتأخر الطلبة عن الالتحاق بالمدرسة .


 يعزو الطالب في الصف العاشر خالد موسى سبب عدم رغبته في الذهاب إلى المدرسة ، الى الشعور الذي لازمه منذ الصفوف المدرسية الأولى حيث ما زالت كلمات والديه عالقة في ذاكرته " المدرسة هي ضبط للابناء من الشوارع والاستيقاظ المبكر والالتزام بأوقات تناول الطعام " .

ويقول " رغم أنني اقضي أوقاتا ممتعة مع اصدقائي في المدرسة ، وتحصيلي العلمي جيد جدا ، الا أن شعورا غريبا يتملكني يوميا عند استيقاظي من النوم يصاحبه صداع وتثاقل في جسمي ، رغم انني في العطلة الصيفية انهض مبكرا وكلي حيوية ونشاط " .

يجد المستشار التربوي الدكتور عبده ان حديث بعض الاهالي عن المدرسة بانها مكان للتخلص من ممارسات الطفل في المنزل له دور سلبي في اظهار المدرسة بصورة غير مرغوب بها لدى الطالب .

ويبين الدكتور الخوالدة ان هناك عوامل نفسية وأسرية واجتماعية واقتصادية تحول بين الطالب والذهاب إلى المدرسة مشيرا إلى أن للأسرة دورا كبيرا في رفع دافعية ابنائهم نحو التعليم وحب المدرسة من خلال تهيئتهم للخروج مبكرين نشيطين فرحين اليها .

ويبين الدور الذي يمكن ان تقوم به المدرسة في تهيئة الأجواء المناسبة والممتعة لاستقبال الطلبة للتعلم بصورة أكثر فاعلية من خلال مواكبة التعليم الأكاديمي للنشاطات اللامنهجية التي تزيد من انتماء الطالب لمدرسته وحب البقاء فترة أطول داخل أسوارها .

ويدعو الدكتور الخوالدة الأهالي لأن يكونوا نموذجا لأبنائهم من خلال الاستيقاظ مبكرا ، وعدم تركهم يذهبون إلى المدرسة وحدهم اضافة الى الحديث عن القصص الممتعة عن المدرسة وترسيخ مفهوم أن التعليم يمنحهم الفائدة والمتعة معا لتعزيز الدافعية لديهم للذهاب للمدرسة .

عجزت أم فدوى عن ثني ابنتها التي تصر على تغيير مدرستها إلى مدرسة أخرى بعيدة عن مكان سكنها ، ما جعلها تستعين بالمرشدة التربوية الموجودة بالمدرسة لإبعاد الصورة القاتمة عن مخيلة ابنتها والتي أفقدتها الرغبة بالالتحاق بمدرستها , حيث أصبحت ابنتها أكثر قربا من المدرسة تذهب اليها بشوق وفرح ، ودائمة الحديث عن التجهيزات الصفية وصالة الرياضة وما تحويها من العاب ممتعة .

يعتبر الدكتور عبده ان من أهم أسباب تلكؤ الطلبة في الذهاب للمدرسة البيئة المدرسية الطاردة للطلبة بسبب غياب التجهيزات الترفيهية والرياضية والألعاب ، وعدم وجود ساحات فسيحة للعب وضعف التجهيزات والمختبرات ، بحيث لا يستطيع الطالب أن يقضي فيها وقتاً ممتعا ينمي فيها هواياته أو يروّح بها عن نفسه .


ويعتبر ان البيئة الصفية من أهم العوامل لجذب الطالب لمدرسته مشيرا الى ان بعض الإدارات المدرسية تهمل البيئة الصفية كأن تكون بيئة الصف غير مناسبة من حيث ارتفاع درجة حرارتها أو البرد القارس أو وجود ادراج قديمة مهترئة ، إلى جانب وجود رفقاء داخل الصف يمارسون العنف بجميع اشكاله على زملائهم ، يدفع بعض الطلبة إلى التغيب والتلكؤ عن الذهاب للمدرسة.

ويدعو المعلمين الى الابتعاد عن اسلوب العنف اللفظي والرمزي والبدني والتلفظ ببعض العبارات التي تعبر عن الملل من الدوام والتدريس مبينا اهمية اعتماد اسلوب تعزيز انتماء الطلبة لمدراسهم .


ويرى ان أسلوب الإدارة التقليدي للعديد من مدارسنا وعدم اعتماد برامج لامنهجية يؤدي الى زيادة الفجوة بين الطالب والمدرسة مطالبا بايجاد برامج تعليمية وترفيهية تساعد في تعزيز الرغبة في الحضور الى المدرسة بتفاؤل .

 ويعتبر الدكتور الخوالدة ان النشاطات اللامنهجية تساعد في تكوين شخصية الطالب ، وتمنحه الولاء والانتماء للبيئة المدرسية ، مركزا على ضرورة اعتماد الهيئة التدريسية على البرامج التي تعزز من الديمقراطية والحوار البعيد عن العنف ، وضرورة ارتباط المناهج التربوية بالطالب معرفيا وانفعاليا وسلوكيا .

ويدعو الدكتور عبده إلى وضع خطة وطنية لحملة تحمل عنوان (مدارس جاذبة) تعزز الجوانب المعرفية والترفيهية ، وتهيىء الطلبة نفسياً وفنياً ، بحيث تكتمل العناصر الجاذبة للمدرسة من الإدارة والمعلم لتصل الى المباني الجاذبة.
"بترا - سهير جرادات"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد