قرارات جديدة للاستثمار في مصر .. هل تحرك القطاع الخاص؟

mainThumb

23-05-2023 11:00 AM

السوسنة - أصدرت مصر مجموعة قرارات لجذب المستثمرين وتشجيعهم، ووصفت "بالثورية"، في ظل انتقادات داخلية وخارجية بسبب المناخ الطارد للاستثمار.

ووافق المجلس الأعلى للاستثمار -خلال اجتماعه الثلاثاء الماضي، برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي- على 22 قرارا في مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية، تستهدف تحقيق نقلة نوعية وتحسين بيئة الاستثمار.

ويعد المجلس أعلى هيئة تعنى بشؤون الاستثمار في مصر، برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، ومحافظ البنك المركزي، وعدد من الوزراء، ورئيس جهاز المخابرات العامة، ورؤساء عدد من الهيئات الاقتصادية والاستثمارية، والمدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي، ورئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، ورئيس الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين.

إعادة رسم خريطة الاستثمار
وأكد السيسي -خلال الاجتماع- "أن الدولة حريصة من خلال تلك القرارات على تحقيق طفرة حقيقية في جذب وتشجيع وتعزيز الاستثمار المحلي والأجنبي، والقضاء على العقبات البيروقراطية، وتذليل مختلف التحديات التي تواجه زيادة استثمارات القطاع الخاص، بهدف بناء قاعدة إنتاجية متنوعة، وتحقيق تطور اقتصادي شامل".

وضمت القرارات حوافز وتيسيرات غير مسبوقة من أجل تهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات في مختلف القطاعات، ومن بينها:

خفض تكلفة تأسيس الشركات.
الحد من القيود المفروضة على التأسيس.
تسهيل تملك الأراضي.
تعزيز الحوكمة والشفافية والحياد في السوق المصرية.
تسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج والسماح بقيد المستثمر الأجنبي في سجل المستوردين.
تخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين.
وثَمّن مجتمع الاستثمار والصناعة والتجارة في القطاع الخاص وخبراء اقتصاد محليون القرارات الجديدة ووصفوها بالتاريخية والحاسمة والجريئة، ومن شأنها إحداث نقلة نوعية في بيئة الاستثمار المحلي وتوجيه رسائل تشجيع للمستثمرين بالداخل والخارج.

توصيف صادم
جاءت هذه القرارات التي وجدت أصداء إيجابية لدى مجتمع المال والأعمال في مصر، بعد أيام من تصريحات تلفزيونية مثيرة للجدل لرجل الأعمال سميح ساويرس بشأن مناخ الاستثمار في البلاد، ووصفه بأنه طارد وغير مشجع.

وكشف ساويرس عن أنه توقف عن الدخول في مشروعات استثمارية جديدة، قائلا "كيف أعرف إذا كان المشروع سيربح أو يخسر؟ وعلى أي سعر صرف للدولار الدولي وهو 42 جنيها للدولار أو السوق السوداء 36 للدولار أو الرسمي 31 للدولار؟ هذا في حد ذاته قاتل لأي توقع من ربحية أو جدوى".

إلى جانب وجود أكثر من سعر للدولار، عدد ساويرس أسبابا أخرى لا تشجع على الدخول في مشروعات استثمارية جديدة، مثل عدم معرفته كيفية توفير الدولار داخل البلاد وخروجه منها، وعدم معرفة قدرته على استيراد المواد الخام من عدمه، وعدم قدرته على عمل دراسة جدوى للمشروع، فضلا عن البيروقراطية والإجراءات المعقدة.

وفي عام 2019، ألغت السلطات المصرية وزارة الاستثمار في التعديل الوزاري حينها وضمتها إلى مهام رئيس الوزراء بدعوى محاولة التغلب على مشكلة التداخل المستمر بين وزير الاستثمار وبقية الوزراء وغياب التنسيق.


الاستقرار يسبق القرار
وأشاد أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة حسن الصادي بالقرارات الأخيرة للمجلس الأعلى للاستثمار، وعدها "محاولة للحاق بركب دول في الجوار مثل السعودية والإمارات سبقت في مجال تهيئة مناخ جاذب للاستثمار الأجنبي المباشر".

ورأى الصادي -في حديثه للجزيرة نت- أن "الأهم من جملة التسهيلات الجديدة هو رؤية استقرار اقتصادي وليس تسهيل أداء الأعمال فقط؛ فالمستثمر يريد سعر صرف واحد وليس متعددا، وأن يكون قادرا على استشراف الغد، ومعرفة كيف سيسترد أرباحه أو رأس ماله في نهاية مدة استثماره حتى ينجح في إعداد دراسات جدوى واقعية ودقيقة".

وأهم نقطة في دراسات الجدوى -حسب الصادي- "هي كيفية الخروج وليس الدخول، إلى جانب ذلك ينظر المستثمر بقلق إلى مخاطر خفض التصنيف الائتماني لأي بلد، وهذا لا يجذب الاستثمار الأجنبي، والوضع الحالي قاتم في ما يتعلق بتعدد أسعار الصرف، وارتفاع أسعار الفائدة، وزيادة معدلات التضخم".

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 وافق مجلس الوزراء المصري على مشروع قرار رئيس الجمهورية بتشكيل "المجلس الأعلى للاستثمار" ونظام عمله، في إطار جهود الحكومة لتحرير الاقتصاد المحلي من وصاية الدولة، استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي.

وتعد هذه القرارات هي الأولى من نوعها رغم أن تاريخ تأسيس المجلس الأعلى للاستثمار يعود إلى أكتوبر/تشرين الأول 2016 بقرار من الرئيس السيسي، وأصدر بعد أول اجتماع له نحو 17 قرارا تضمن إعفاءات ضريبية وتسهيلات عديدة في إجراءات التراخيص، وسرعة منح الموافقات، والبت في المنازعات والشكاوى ورفع تقرير دوري.

ومن بين المهام التي كانت منوطة بالمجلس ذاته عام 2016 مراجعة السياسات الاستثمارية للدولة، ووضع الإطار العام للإصلاح التشريعي والإداري لبيئة الاستثمار، ومتابعة تحديث الخريطة الاستثمارية وتنفيذها على مستوى القطاعات المتخصصة والمناطق الجغرافية المختلفة وإزالة جميع معوقات الاستثمار، ومتابعة آليات تسوية منازعات الاستثمار.

وقال خبير أسواق المال الدكتور وائل النحاس "ما أشبه الليلة بالبارحة، يذكر الجميع انعقاد أول اجتماع للمجلس الأعلى للاستثمار في 2016 وخروجه بقرارات غير عادية لتسهيل بيئة الاستثمار، ولكن منذ ذلك الحين لم نسمع عن المجلس إلا عند إعادة تشكيله قبل نهاية العام الماضي".

وأضاف النحاس حزمة القرارات الأخيرة تخاطب صندوق النقد الدولي، في المقام الأول، استعدادا لجولة إجراء المراجعة الدورية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي كان من المفترض الانتهاء منه في مارس/ آذار الماضي".

ولكن النحاس شدد على أهمية وضرورة تعديل بعض المواد واللوائح والقوانين التي تعرقل المستثمر وتصرفه عن الاستثمار، وفيما يتعلق بباقي القرارات فوصف صيغتها بأنها إنشائية وتكررت من قبل.

وأعرب النحاس عن أمله في أن يعلن المجلس الأعلى للاستثمار انعقاده الدائم لمقابلة احتياجات واستفسارات المستثمرين طوال 24 ساعة، وسرعة اتخاذ القرار، وحل المشاكل، وقبل كل ذلك وضوح الرؤية لدى المستثمر واستقرار الوضع الاقتصادي والمالي للبلد.

اقرأ أيضا:



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد