الدخول المدرسي يعيد جدل المدارس الحكومية والخاصّة للواجهة

mainThumb
صورة تعبيرية

14-08-2023 09:53 PM

عمّان- وكالات- السّوسنة

مع اقتراب الدّخول المدرسيّ في الأردن، يومَ 20 أغسطس (آب) الجاري، تعودُ إلى الواجهة مرّة أخرى حيرة الأهالي في اختيار المدارس المناسبة لأطفالهم بين القطاعين العام والخاص. والاختيار محكوم بالضّرورة بقدراتهم الاقتصادية، إذْ إنّ كثيرًا من الأهالي يفضلون إلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة التي تعتمد المنهاج الأميركي أو البريطاني، وأساليب التعليم الحديثة والمتطورة، كي يتمكنوا من التحدث بالإنكليزية بطلاقة مستقبلًا، عدا عن توفرها على صالات وملاعب وساحات ومواصلات.
إلا أنّ الظروف المالية الصعبة لأولياء الأمور قد تمنعهم من التفكير في المدارس الخاصة، فارتفاع تكاليف الدراسة فيها، بالتزامن مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطنون، قد تكون عاملًا حاسمًا.

في تصريحاتٍ خاصّة لصحيفة "العربيّ الجديد"، قالت رشا. ب، وهي أم لأربعة أبناء، إنّ تسجيل أبنائها في مدرسة خاصة هدفه رفع مستوى تحصيلهم العلمي، مشيرةً إلى أنّ غالبية المدارس الحكومية تعاني بشكل عام من الاكتظاظ، إلا أنّ بيئة المدارس الخاصة أكثر راحة للطلاب لناحية المرافق، بالإضافة إلى أساليب التعليم، وخبرات المعلمات والمعلمين. وتوضح أن وضع العائلة المادي جيد، كما أنها تعتبر أن تعليم الأبناء في مدارس خاصة ذات مستوى عال هو استثمار للمستقبل، مشيرة إلى أن الحياة تتغير، والمستقبل يحتاج طلاباً متعلمين، ويملكون الكثير من المهارات. وتوضح أن هذا الخيار لا يرتبط بأسباب اجتماعية أو طبقية، بل تعليمية بحتة، لافتة إلى أن المدارس الخاصة أكثر متابعة للطلاب، وهناك مساحة أوسع للنشاطات اللامنهجية.
أما عبير.ع، وهي أم لخمسة تلاميذ، فتقول: إنّ غالبية المدارس الخاصة توفر أجواء وبيئة دراسية أفضل من تلك الحكومية، كما أنّ أعداد الطلاب أقل في الفصول، إلا أن هذا لا يلغي أن المدارس الحكومية جيدة. وترى أنّ الإضافات التي تقدمها المدارس الخاصة لا تبرر الكلفة المرتفعة.
وتقول أيضًا في تصريحها لذاتِ الصّحيفة: إنّ المدارس الخاصة محصورة بطبقة الأغنياء، ولا يستطيع غالبية الموظفين تعليم أبنائهم فيها. وتضيف أن كلفة تسجيل الطالب في مدرسة خاصة لا تقل عن ألفي دينار (حوالي 2800 دولار سنويًا)، وهذا يعني أن من لديه خمسة أبناء في سن الدراسة يحتاج إلى ما لا يقل عن 10 آلاف دينار (14 ألف دولار) سنويًا، ولا يستطيع أي شخص يعتمد على راتبه توفير هذا المبلغ لأبنائه، وخصوصًا في ظل الاحتياجات الأخرى، وارتفاع تكاليف المعيشة.
وتضيف أنها تلحق أبناءها بالمدارس الحكومية، وتحاول متابعتهم بشكل حثيث لضمان تحصيل دراسي جيد، معتبرة أن التعليم في الأردن أصبح ذا تصنيف طبقي، والمدارس الخاصة أكثر قدرة على تخريج طلاب قادرين على المنافسة على الوظائف مستقبلاً، وخصوصاً مع تغير سياسات التوظيف في الأردن، والمستقبل المجهول في ظل ارتفاع نسب البطالة.
بدوره، يوضح هيثم. م، وهو أب لثلاثة طلاب، أنه اتفق وزوجته على تعليم أبنائهما في المدارس الخاصة، إذْ إنّ التعليم هو سلاحهم للمستقبل، ولو على حساب رفاهية الأسرة. تضيف أنّه في بعض الأحيان، تتراكم عليه أقساط المدارس، أو يضطر إلى استدانة بعض المبالغ لإكمال الرسوم، لكن هذه الأموال توضع في المكان المناسب.
مع ذلك، يرى أنّ المدارس الحكومية تقدم تعليمًا مقبولًا، لكن البيئة في المدارس الخاصة أفضل لشخصية الطالب، لافتًا إلى أنّ الاهتمام بالطالب في المدارس الخاصة أكبر، أمّا في المدارس الحكومية فغالبًا ما يستفيد الطلاب الذين يبذلون جهدًا مضاعفًا، كما أنّ أعداد الطلاب الكبيرة في الصفوف، ونظام الفترتين الصباحي والمسائي يؤثران في البيئة التعليمية. ويشير إلى أن المدارس الخاصة تركز أكثر على بناء الشخصية، وتعزيز المهارات، فيما لا تزال المدارس الحكومية تعتمد أسلوب التلقين. ويؤكد أنّ خيارهما لا يتعلق بأسباب اجتماعية أو طبقية، كونه وزوجته موظفين أولًا وأخيرًا وينتميان إلى الطبقة متوسطة الدخل.
من جهتها، تقول أستاذة علم النفس التربوي، خولة القدومي، إن التوجه لتسجيل الأبناء في المدارس الخاصة يمكن ربطه بسببين: الأول تعليميّ، والثاني اجتماعي، لافتةً إلى أنّ الأوضاع المادية بالنسبة للكثير من الأشخاص لا تسمح لهم بإلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة، إلا أنهم يستدينون المال على حساب احتياجات مهمة، لتسجيل أبنائهم في مدارس خاصة.

وتضيف في تصريحها لـ"العربي الجديد": لا يقطف الجميع دائمًا ثمار تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصّة، إذْ لا يختلف التحصيل الدراسي لبعض التلاميذ بين الحكومي والخاص، الأمر الذي يكبّد الأهل تكاليف إضافية من دون نتاج علمي حقيقي، وعلى حساب أمور واحتياجات مهمة في حياتهم".

 

 

 

 

(العربي الجديد)






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد