أمل كلوني تواجه عقوبات بعد دعمها توقيف نتنياهو

mainThumb
جورج وأمل كلوني

02-05-2025 11:10 PM

السوسنة- تواجه المحامية اللبنانية البريطانية البارزة في مجال حقوق الإنسان، أمل كلوني، زوجة الممثل الأمريكي جورج كلوني، احتمال فرض عقوبات أمريكية عليها، قد تشمل حظر دخولها إلى الولايات المتحدة، في سابقة تعكس تصاعد التوتر غير المسبوق بين المدافعين عن العدالة الدولية ومراكز النفوذ السياسي الأمريكي الداعمة لإسرائيل.

هذه الخطوة تأتي عقب انضمام كلوني إلى لجنة قانونية مستقلة أوصت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العدوان الإسرائيلي على غزة.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة «تليغراف» البريطانية، فقد حذّرت وزارة الخارجية البريطانية بعض المحامين المشاركين في هذا الملف، من بينهم البارونة هيلينا كينيدي واللورد القاضي أدريان فولفورد، من إمكانية منعهم من دخول الأراضي الأمريكية. هذه التحذيرات تأتي على خلفية سياسة تبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أصدر في عام 2020 أمرًا تنفيذيًا يفرض عقوبات على موظفي المحكمة الجنائية الدولية ممن يشاركون في التحقيقات التي تستهدف الولايات المتحدة أو حلفاءها، وعلى رأسهم إسرائيل.

ورغم أن أمل كلوني لم تؤكد تلقيها تحذيرًا رسميًا، إلا أنها كانت عضوًا بارزًا في اللجنة التي قدّمت خلاصات قانونية تُفيد بوجود «أسباب معقولة للاعتقاد» بأن نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم تشمل القتل العمد، واستخدام التجويع كسلاح حرب، والاضطهاد، والإبادة الجماعية، وجميعها مصنفة ضمن الجرائم الكبرى في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وقد أكدت عبر الموقع الرسمي لمؤسسة «كلوني للعدالة» التي شاركت في تأسيسها مع زوجها النجم الأمريكي جورج كلوني، أنها شاركت في هذا العمل لأنها تؤمن بسيادة القانون وضرورة حماية المدنيين في مناطق النزاع.

وكتبت أمل كلوني: «طلب مني المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية المساهمة في تقييم الأدلة على الجرائم المشتبه بها في إسرائيل وغزة، وقد عملت ضمن فريق من الخبراء القانونيين وخلصنا إلى توصيات بالإجماع».

في هذا السياق، يتصاعد الجدل داخل الأوساط الحقوقية الدولية بشأن شرعية الضغوط الأمريكية على شخصيات قانونية تلتزم بأعلى المعايير المهنية، خاصةً حين يتعلق الأمر بملفات شائكة مثل جرائم الحرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويرى خبراء أن مثل هذه التهديدات تمثل مساسًا خطيرًا باستقلال القضاء الدولي، وعرقلةً متعمدة لمسار العدالة.

وفي فبراير/شباط الماضي، فعّل ترامب أمره التنفيذي السابق ضد المدعي العام كريم خان شخصيًا، مانعًا إياه وأفراد أسرته من دخول الأراضي الأمريكية، ومهددًا بعقوبات إضافية على كل من يشارك في إصدار مذكرات توقيف ضد قادة إسرائيليين. وقد رُفعت بالفعل بعض تلك القيود في عهد الرئيس جو بايدن، إلا أن احتمال عودة ترامب إلى السلطة يثير مخاوف من إعادة تفعيل سياسات الانتقام من المحكمة الجنائية الدولية ومن جميع المتعاونين معها.

اللافت أن جورج كلوني، زوج أمل كلوني، يُعرف بدعمه العلني للحزب الديمقراطي الأمريكي، وقد ظهر إلى جانب الرئيس جو بايدن في عدد من فعاليات جمع التبرعات، لكنه أثار جدلاً مؤخرًا حين انتقد أداء بايدن في حملته الانتخابية، داعيًا إياه إلى الانسحاب لصالح مرشح بديل أكثر قدرة على مواجهة ترامب، وهو ما أثار حفيظة هذا الأخير.

فقد هاجم ترامب كلوني في منشور على منصة «تروث سوشيال»، واصفًا إياه بـ«النجم السينمائي من الدرجة الثانية» و«الخبير السياسي الفاشل»، متهمًا إياه بخيانة بايدن بعد أن كان من أبرز داعميه.

أما أمل كلوني، فرغم نجوميتها العالمية ومكانتها القانونية الرفيعة، لا تزال تتعرض لحملات تشويه من قبل أنصار الاحتلال الإسرائيلي وبعض التيارات المتطرفة في الولايات المتحدة، التي تعتبر مساءلة قادة تل أبيب أمام القانون الدولي بمثابة «تسييس للعدالة».

وتقضي عائلة كلوني معظم أوقاتها بين فرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، لكنها حالياً متواجدة في نيويورك، حيث يشارك جورج كلوني في عرض مسرحي بعنوان «ليلة سعيدة وحظ سعيد» على مسرح «برودواي»، ما يزيد من احتمالات أن تكون أمل عرضة لأي قرار منع مفاجئ في حال تم تفعيل العقوبات ضدها.

وفي ظل هذا التصعيد، تتعالى الأصوات الحقوقية المطالبة بحماية استقلالية القضاء الدولي، ووقف استهداف الشخصيات القانونية التي تلتزم بواجباتها المهنية في ظل سيادة القانون.

كما دعت منظمات دولية مثل «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولية» إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية ومنع أي تدخل سياسي في مسار العدالة، خصوصًا في ما يتعلق بجرائم يُحتمل أن تكون قد ارتُكبت ضد المدنيين في غزة، حيث تسببت العمليات الإسرائيلية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، وحرمان مئات الآلاف من الغذاء والرعاية الصحية.

إن ما تواجهه أمل كلوني اليوم ليس سوى تجسيد لصراع أوسع بين من يسعون لتكريس المحاسبة الدولية على الجرائم الكبرى، ومن يحاولون حماية مجرمي الحرب تحت ذرائع سياسية. والرهان اليوم هو على قدرة المجتمع الدولي على التمسك بمبادئ العدالة، بعيدًا عن سطوة النفوذ والمصالح.

اقرأ المزيد عن:






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد