مشاهد من سهرة الخميس - الصادق الرزيقي

mainThumb

18-12-2016 12:19 PM

> على طريقة أين تسهر هذا المساء ..؟
> أقلبنا على بعضنا متسائلين ..أنا والإخوة الزملاء النور أحمد النور رئيس تحرير (الصيحة) ومحمد الفاتح احمد رئيس تحرير(ألوان) والصحفي الكبير امام محمد امام ، وأجبنا عن السؤال ضاحكين ..
> لماذا لا تكون سهرتنا في مدني هذا الخميس ..؟
> غادرنا الخرطوم عصر الخميس عند الرابعة مساء ..بإحساس صحافي طاغٍ بأننا يجب أن نكون شهوداً في عاصمة ولاية الجزيرة للقاء السيد رئيس الجمهورية بجماهير الولاية ، خاصة وأن إرهاصات ذلك اللقاء بعد هبة ولاية كسلا واستقبالها للسيد الرئيس ، وترويج كل صنوف المعارضة والناشطين في مخابئ النضال الإلكتروني أن مدينة ود مدني ستكون هي أيقونة العصيان المدني القادم وستقاطع لقاء الرئيس ..
> رغم ثقتنا في أن تلك ما هي إلا تخرصات وأحلام .. إلا أن رغبتنا وسفرنا المتعجل إلى مدني ونحن نسابق الزمن للوصول كان مقصده مهنياً صرفاً رغم إلحاح ولاية الجزيرة ودعواتها للصحافيين لحضور افتتاح مهرجان السياحة والتسوق الثاني وترتيبات رئاسة الجمهورية لاصطحاب صحافيين لمرافقة السيد الرئيس في رحلته للولاية التي تستغرق ثلاثة أيام بلياليها ..
> وصلنا مدني والشمس تودع صفحة السماء واحتواها مغيب بشفق أحمر داكن، كانت المدينة زاهية بشوارعها وثوبها الجديد ومنتزهاتها وميادينها والأضواء اللامعة التي ملأت جنبات الطرق، والازدحام في كل مكان إلى درجة أننا وصلنا بصعوبة الى وجهتنا داخل المدينة ..
> في إستاد مدني .. كان هناك شيء آخر..
> لم تشهد مدني كما قال مواطنون بسطاء من أهل المدينة قابلناهم خارج أسوار الإستاذ والناس في تلاطم أمواج وأفواج من الزحام كبحر هائج عنيف.. قالوا لنا « نحاول الدخول ولا نستطيع .. لم نشهد نحن أهل مدني إستادها بهذا الشكل من قبل ..» .
> الكل يحاول الدخول ، امتلأت المدرجات والأسوار وعلى أبراج الكشافات، وعلى جنبات الملعب .. وحول المنصة التي نصبت في جانبه الشمالي الغربي قبالة المقصورة، وداخل المعلب آلاف التلاميذ الذين سيؤدون الألعاب الرياضية ولوحة الافتتاح ..
داخل الإستاد مثل خارجه اللوحات والصور والأعلام ، كما هي في شوارع مدني وفي واجهات المباني والمتاجر والمحلات ، كان الإستاد في حُلة مزركشة من لافتات الفليكس الضخمة والأعلام المختلفة الأحجام والرايات وشعارات وأعلام شركة زين للاتصالات راعية مهرجان التسوق.
> ما أن اتخذنا أمكنتنا ومقاعدنا بلطف هل المراسم في مدني ورئاسة الجمهورية، في انتظار مجيء الرئيس ، حتى كانت الجلبة تسمع من كل مكان باقتحام مزيد من الناس وتدافع المئات والألوف على أبواب الإستاد في جنباته المختلفة طمعا ًفي الدخول وإيجاد موطئ قدم لحضور هذا اللقاء الحاشد الكبير.
> سألنا .. « هل في فقرات البرنامج وحفل الافتتاح فواصل غنائية لكبار المطربين والمطربات ..؟ هل هناك مبارة كرة قدم استعراضية لألمع نجوم كرة القدم تقام احتفالاً واحتفاءً بمفتتح المهرجان ..؟؟ « قيل لنا « لا ..لا شيء سوى تلاميذ المدارس في لوحتهم الاستعراضية وحديث الرئيس والوالي ووزير الدولة للسياحة وكلمة الفريق طيار الفاتح عروة مدير عام زين راعية الحفل ..» ..
> إذن.. الجماهير وجلها من الشباب من الفئات العمرية الغضة التي تمثل مستقبل البلاد وآمالها العراض .. هؤلاء الشباب والصبية والصبايا وأولاد الذين نظنهم قد انصرفوا الى شبكات التواصل الاجتماعي، وقلّ عندهم الانشغال بالهم الوطني والقضايا الملحة التي تأخذ بتلابيب الوطن، يمثلون 90 % من الحضور في مدرجات الإستاد وجنباته وأسواره وأبراج كشافاته ، تلك واحدة ..
> النساء بمختلف الأعمار والاهتمامات ، العاملات في الخدمة العامة والقطاع الخاص وربات البيوت والطالبات وكل من تستطيع تقاطرن كما حبات المطر على الإستاد يزغردن ويهتفن ويلوحن بأياديهن البيضاء وذوات الخضاب .. النساء رسمن بوجودهن لوحة أخرى في المكان بوشاحاتهن الملونة وأعينهن النُجل ووجوههن الباسمة حين كان القمر يطل من الأفق الشرقي مضيئاً يغمر الفضاء بنوره الفضي تعكسه جباههن الصامدة وهن في استقبال الرئيس .
> وجوه ولاية الجزيرة و أعيانها ورموزها ورجالاتها في مختلف المجالات، الدينية وخاصة رجال الطرق الصوفية وممثلي السجادات المعروفة ، وأهل السياسة والاقتصاد والتجارة وقيادات اتحادات المزارعين وكبار المنتجين والمهنيين والمبدعين من أهل الآداب والفنون والرياضيين ، جُل قيادات المجتمع كانت حاضرة وشاهدة، الى درجة أن صديقنا الكاتب الصحافي الكبير الأستاذ الطاهر ساتي الذي يدعي وصلاً بمدني وحظوة في ولاية الجزيرة ، قال مسروراً يملأه الجبور (بالله من الذي بقي ولم يأتِ من أهل الجزيرة) ؟..
> عند وصول السيد الرئيس .. ركب هو وبجانبه الوالي فقط .. على عربة مكشوفة طاف بها الإستاد وقد علا هديره وهتافه ودوي صيحات الجماهير المحتشدة ، وهي تعبِّر عن أصالة هذا الشعب ، لا يستقبل الرئيس ملقاً ولا خوفاً ولا رهبة ولا طمعاً ، فأهل مدني والجزيرة هم تيرمومتر السياسة في السودان لا يمكن خداعهم ولا غشهم ، لو لم يجدوا أمامهم إنجازات حاضرة ونجاحات تتقارب من تطلعاتهم وأنموذج للعمل والمثابرة والاجتهاد في تغيير الحياة نحو الأفضل لما خرجوا ولما جاءوا بهذه الأعداد الضخمة ..
> لو لم يجدوا في الرئيس صدقاً في وعدهم به، و جداً في إنفاذ ودعم خطط تنموية وتطوير للخدمات وتغيير وجه الحياة ومعالجة اوجه القصور في كل مجالات العمل والتنمية والخدمات لما تكبدوا مشاق الحضور الى إستاد مدني .
> لو لم يجدوا أن الرئيس أوفى لهم بما وعد وأنجز وعداً بما تعهد، ويمثل لهم الطمأنينة والأمن والسلام ومستقبل آمن ومشرق للبلاد، ويعبر لهم عن حقائق الشخصية السودانية الصامدة والصابرة المتحدية، لما جاءوا من كل فج عميق لاستقباله والاستماع إليه ..
> مهرجان السياحة والتسوق الثاني في ولاية الجزيرة من غير الفائدة السياسية الضخمة التي يحققها ، له انعكاسات اقتصادية و تجارية واستثمارية لا تخطئها عين، الولاية دخلت في شراكات اقتصادية ضخمة مع عدد كبير الشركات ورجال الأعمال واتحاد أصحاب العمل وقد جنت الولاية ثمار هذه الشراكات والانفتاح الكبير وحسن التخطيط الذي انتهجته حكومة الولاية.
> بعد العرض الافتتاحي الذي قدمه تلاميذ المدارس، كانت الخطابات محددة وواضحة، من وزير الدولة بالسياحة عادل دقلو ومدير عام شركة زين ، ثم والي الولاية الذي تحدث باسم الجزيرة وأهلها وتطلعها الى لقاء الرئيس وما أنجزته حكومة الولاية، كانت الجماهير تهتف له، وحين قدم الرئيس اشتعل الأستاد في مواصلة لسلسلة ومشاعر الاستقبالات الكبيرة الذي قوبل به الرئيس منذ صبيحة يوم الخميس وهو يحل بولاية الجزيرة ، وأحسن الرئيس الحديث عن إنسان الجزيرة وما شاهده في الولاية من تطورات وتحولات وتغيير ووعد بإعادة مشروع الجزيرة إلى سابق عهده و الى دوره في دورة الاقتصاد السوداني ، حيث الرئيس كان حديث العارف بالجزيرة ومجتمعها الرياضي والفني والسياسي والثقافي لامست كلماته قضايا الناس وهمومهم وتناول الحوار وحكومة الجميع القادمة ..
> عندما انتهت الليلة بكل زخمها وأضوائها واحتفالاتها ، وجدنا صعوبة بالغة في الخروج .. لكننا خرجنا .. ومدني نودعها ليلاً في طريق العودة الى الخرطوم ومنتصف الليل يقترب .. وكل يقول في نفسه ..» في إستاد مدني أمضيت سهرتي ، فلا تسألني كيف قضيت ليلتي ..»


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد