اليهود شعبا ودولة

mainThumb

28-07-2008 12:00 AM

نحن لسنا ضد اليهود بوصفهم شعبا لكننا ضد الدولة الصهيونية اسرائيل ..نتعايش مع الشعب اليهودي في فلسطين ولا نتعايش مع دولة تسمى اسرائيل

في السنوات التي اعقبت نكبة فلسطين كان العداء العربي لليهود في حال من الغليان, فكانت مقولة قذف اليهود في البحر من الشعارات الرائجة في الاعلام العربي ومن المسلمات في توجهات الانسان العربي, الا ان هذا المنحى من التفكير تبدل مع الزمن وبات اليوم من المسلمات ان العرب يرفضون الكيان الصهيوني رفضا قاطعا, واضحى المشروع العربي يتمحور على استعادة وحدة فلسطين وطنا يتساكن فيه العربي واليهودي مع حفظ حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ديارهم. حلت فكرة التعايش مع اليهودي محل فكرة قذف اليهود في البحر. بعبارة اخرى ما زال العربي يرفض الكيان الصهيوني او الدولة اليهودية وان كان يتقبل شراكة اليهود في دولة عربية علمانية. هذا التحول في التفكير العربي يعود الى جملة عوامل واعتبارات:

ميز الاسلام بين منزلة اليهود ومنزلة المسيحيين, حيث جاء في القرآن الكريم »لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون« (المائدة 82)

ويلاحظ ان كتاب الله لا يقول بان المسلمين يناصبون اليهود العداء, وانما قال فعليا ان اليهود هم الذين يناصبون المسلمين العداء. فقد قال عن اليهود انهم الاشد عداوة للذين آمنوا, ولم يقل ان المؤمنين هم الاشد عداوة لليهود. اذن منذ القدم, فالعرب لا يستعدون اليهود بل اليهود هم الذين يستعدون العرب. وهكذا في العصر الحديث, فالعرب لم يكونوا هم الذين اعتدوا على اليهود, بل اليهود هم الذين شنوا حربا على العرب, فتقاطروا على فلسطين من كل اصقاع الدنيا مدججين بالاسلحة الفتاكة فاقتلعوا العرب من ديارهم وحلوا محلهم فيها, فوجد الشعب العربي الفلسطيني نفسه مشردا, في حال الدفاع عن النفس وكان قدر مئات الالوف منه ان يهيموا لاجئين داخل الارض المحتلة او في الجوار العربي, ومع الزمن تكاثر هؤلاء وهم لا يزالون, بعد ستين سنة على النكبة, لاجئين يعانون شظف العيش في حياة بائسة يفتقرون فيها الى ادنى مقومات العيش الكريم.

ان حال العداء بين العرب واليهود مصدره اليهود وليس العرب, واذا كان العرب, عبر عقود من الزمن, قد اعتصموا بنظرية طرد اليهود عن ارضهم وقذفهم في البحر, فقد تطور التفكير العربي مع الزمن بحيث غدا العربي يتقبل مساكنة اليهود في وطن موحد عاصمته القدس مع حفظ حق العودة لجميع اللاجئين. هذا التحول في التفكير لم يكن نتاج صدفة او مزاجية, وانما نتاج منطق فرض نفسه في ظل المعطيات التاريخية والدولية المعاصرة, فحركة الهجرة بين الشعوب اضحت من معطيات الواقع الدولي في الوقت الحاضر. وكم من العرب هجروا الارض العربية ليعيشوا في بلاد الاغتراب, وبينهم الاف يقيمون في دول الامريكيتين, وايضا في اقطار اوروبا, وكذلك في بلدان الشرق الاقصى واستراليا, فاذا كان الغرب يتقبل المهاجرين العرب وكذلك الشرق, فلماذا لا يتقبل العرب الوافدين اليهود الى فلسطين العربية?

وظاهرة العولمة هي ظاهرة اختراق للحدود وتداخل بين اقطار العالم اجمع على مختلف الصعد الاقتصادية والمالية والسكانية, وهي ظاهرة تعاظمت خلال الفترة الاخيرة وما زال مدها يتنامى. والعرب من حقهم ان يدرأوا عن انفسهم اخطار العولمة لكنهم لا يستطيعون عزل انفسهم كليا عن مفاعيلها. وظاهرة العولمة على الصعيد السكاني, تتبدى في اجلى صورة في بعض اقطار الخليج العربي, لا سيما في امارة دبي وسواها. ان زمن القوقعة والعزلة المطلقة قد ولى الى غير رجعة وما يصح على سائر الاقطار العربية يسري, ربما في شكل اسطع, على فلسطين.

اذا تحقق المشروع العربي فاستعادت فلسطين وحدتها لتضم العربي الى جانب اليهودي, فان الدولة الصهيونية تكون قد زالت من الوجود. وهذا في ذاته سيكون من شأنه احداث تبدل جذري في نظرة كثير من اليهود الى فلسطين خصوصا ان عودة اللاجئين العرب الى ديارهم ستجعل كفة العرب في فلسطين هي الراجحة, كما وان المستقبل يمني بمزيد من الرجحان في كفة العرب على حساب كفة اليهود بالنظر الى ان معدل التكاثر الطبيعي في الجانب العربي هو اعلى كثيرا منه في الجانب اليهودي. هذا الواقع سيدفع كثيرا من اليهود الى تغيير نظرتهم الى فلسطين كوطن يهودي. وسيكون جراء ذلك تزايد الانكفاء بين اليهود عن القدوم الى فلسطين وكذلك استنكاف المزيد منهم عن استثمار مدخراتهم في فلسطين. ومما يذكر ان مسلسل الانتصارات التي سجلتها المقاومة اللبنانية على اسرائيل والصمود الاسطوري الذي سجلته المقاومة الفلسطينية في وجه اعتى قوة في الشرق الاوسط, كان لهما فعلهما في تعديل ميزان الهجرة والاستثمارات, اذ تزعزعت ثقة اليهود بمستقبل فلسطين كوطن يهودي, فاذا بمنسوب الهجرة الخارجية من اسرائيل يغلب على منسوب الهجرة الوافدة. فلا غرابة في اننا بتنا للمرة الاولى نسمع بأن الكيان الصهيوني الى زوال ان عاجلا أم اجلا.

حداني الى كتابة هذه السطور نبأ ورد في الصحف الصادرة في 21/7/2008 جاء فيه ان نائب الرئيس الايراني اسفنديار رحيم مشائي نفى ما تناقلته بعض وكالات الانباء من تصريحات نسبت اليه عن وجود علاقات صداقة مع الشعب الاسرائيلي مؤكدا ان بلاده لن تعترف باسرائيل. واذ أكد انه لم يصرح بأن الشعب الايراني صديق للشعب الاسرائيلي, فإنه اردف القول: ان من مفاخر الشعب الايراني انه لا يضمر العداء لاي شعب.

هذا مثال واضح على الالتباس الذي قد يعتري الحديث عن الشعب اليهودي بالتمايز عن الدولة الصهيونية. نحن لسنا ضد اليهود كشعب لكننا ضد الدولة الصهيونية اسرائيل. نتعايش مع الشعب اليهودي في فلسطين ولا نتعايش مع دولة تسمى اسرائيل.

ويحضرني مثال آخر في كلام سمعته من المناضل الكبير »الاسير العائد سمير القنطار« اذ اصر في حديث متلفز على تبرئة نفسه من مقتل طفلة يهودية في العملية التي نفذها يوم اصيب بعدة رصاصات وكان نصيبه ان يقضي في الزنزانات الاسرائيلية نحو ثلاثين سنة, ان التعفف عن قتل طفلة يهودية ينم عن تمييز بين الانسان, وبالتالي الشعب, اليهودي, من جهة والدولة الصهيونية من جهة اخرى.

اسرائيل تمتلك اكثر من مئتي رأس نووي. نحن ندعو ان لا يكون لدينا -نحن العرب- قنبلة نووية, وايران ماضية قدما في تخصيب اليورانيوم توصلا الى تطوير الطاقة لاغراض سلمية, وليس الى تطوير قنبلة نووية. ولو كنا نمتلك قنبلة نووية لما فكرنا لحظة في استخدامها ضد الشعب اليهودي. فضميرنا, كما ديننا ينهانا عن القتل العشوائي والابادة التي لا تميز بين مجرم وبريء./ العرب اليوم /



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

بمناسبة اليوبيل الفضي .. الأردن يكشف عن سلاح استراتيجي جديد

دول تمنح تأشيرة عند الوصول للأردنيين

مدير الأمن السعودي:هناك جنسية الأكثر مخالفة للحج‬⁩ بتأشيرات سياحية .. فيديو

السوسنة تتبّع رحلةَ هجرةِ الأردنيين إلى أميركا وتكشف تفاصيل مروعةً ووضعًا قانونيًا معقدًا

اليوبيل الفضي:وصول الملك والموكب الأحمر و الـ drone .. بث مباشر

ضبط رجل يسرق أحذية المصلين في أحد المساجد .. فيديو

مطلوب أعضاء هيئة تدريس في جامعة البلقاء التطبيقية

مهم من الضمان بشأن موعد صرف رواتب المتقاعدين

الخدمة المدنية:ناجحون في الامتحان التنافسي .. أسماء

موجة حر جديدة تؤثر على الأردن بهذا الموعد

شاهد قوة النيران والدخان باحتراق سيارة كهربائية .. فيديو

إخراج امرأة من بطن ثعبان ضخم ابتلعها في إندونيسيا .. فيديو

أسعار الذهب والليرة الرشادي والإنجليزي في الأردن الثلاثاء

توضيح حكومي بشأن أسعار المحروقات عالمياً

الإعلان عن أكبر صندوق استثماري من نوعه في الأردن