حزبي - عشيرتي !

mainThumb

08-11-2010 05:19 AM

منذ نعومة أظفاري وأنا أحب الحرية, واكره الانقياد, وخاصة حرية التفكير ,لذلك كنت حريصا شديد الحرص على ان أكون خارج أي دائرة تحد من هذه الحرية سواء كانت هذه الدائرة حزبا سياسيا أو جماعة دينية أو اجتماعية أو حتى خيرية , فانا اكره الالتزام  لان الالتزام  يحتاج إلى قناعة في كل شي تود ان تفعله أو ان يفرض عليك , وفي كثير من الأحيان قد يفرض عليك في داخل أي دائرة من هذه الدوائر  ما أنت غير مقتنع به .



 وقد قدر لي ان أسافر إلى إحدى الدول العربية التي كانت تحتضن الطلبة العرب ليدرسوا فيها , وخاصة أولئك الذين ضاقت بهم السبل للدراسة في بلادهم , بسبب ضيق ذات اليد ,وخلال تلك الفترة , دعيت من قبل البعض لانتسب إلى الحزب الذي كان يحكم تلك الدولة إلا إنني أبديت عدم الرغبة في ذلك ,وخاصة ان الانتساب إلى الأحزاب كان يعتبر خطيئة بعرف أهل البلد بالإضافة انه كان محظورا قانونا في تلك الفترة .



  وعندما سئلت عن السبب أجبت بعدم حبي لأي التزام يفرض علي وإنني أفضل الإبقاء على فكري  حرا طليقا خاليا من كل قيد , الأمر الذي أثار حنق البعض وغضبه في حين رأى البعض الأخر ان لا غضاضة في ذلك ما دام أنهم ضمنوا استقلاليتي عن أي فكر أخر  .



 وعلى كل الأحوال أبلغتهم بأنني مستعد لحمل حقائبي والعودة إلى بلدي إذا كان هذا الأمر إلزاميا , فاحترموا رغبتي وأكملت دراستي وعدت أدراجي  إلى بلدي محتفظا في قلبي بامتنان وحب كبير لذلك البلد الذي احتضنني ودرسني دون ان يكون هناك أي مقابل مالي أو أي التزام سياسي  .



وتوالت الأيام والأشهر والسنوات  وطرأت  على المجتمع في بلدنا تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها  وأقر قانون الأحزاب وأصبحت الحكومة تدعوا الناس للمشاركة السياسية والانتساب للأحزاب  حيث انتقلت فكرة الانتساب لحزب ما , من دائرة الممنوع إلى دائر ة الإباحة دون ان يتغير تفكيري قيد النملة  بهذا الاتجاه , فقد كنت اعشق الحرية كما أراها أنا وفق منظومة القيم الدينية والاجتماعية التي تسود المجتمع والتي تتصف بالمرونة إلى حد كبير  , لا كما يراها ويضعها غيري .



 
ومع كل هذا , ومع نجاحي طوال فترة حياتي في الإفلات والهروب من الانتساب إلى أي حزب هنا أو هناك ,طوعا أو كرها , إلا أنني لم استطع الإفلات من الانتساب  لعشيرتي حيث الانتساب إليها بالوراثة والفطرة  والتي يشبه الانتساب إليها  الانتساب لحزب ما  تماما (كما يقول احد الأدباء الروس)  فلهذه العشيرة منظومة من القيم الاجتماعية والدينية  وكل عشيرة تحمل فكرا معينا  وتتكون من مجموعة من الأفراد وبدل من ان يسمى الرجل الأول فيها بالأمين العام  فانه يطلق عليه هنا شيخ العشيرة والذي يحاول بدوره القيام بأعمال مختلفة لإظهار سلطته وقدرته على ادارة الأمور بأسلوبه الخاص دون قابلية للنقد  ودون  مشورة لأحد  , وأنا هنا لا اغفل الدور الايجابي الذي يقوم به شيخ العشيرة فمنهم من  يفني الكثير من وقته وعمره وماله من اجل أقاربه وقد يصل به الحال  في سبيل ذلك ان يصبح فقيرا للدرجة التي يعيره قومه بفقره الذي كان بسببهم فمثل هؤلاء لهم كل الاحترام والتقدير فكما يقول الشاعر الأموي المقنع الكندي :


 (يعيرني في الدين قومي وإنما ,ديوني بأشياء تكسبهم حمدا , اسد به ما قد اخلوا وضيعوا , حقوق عبادا ما طاقو لها سدا , لهم كل مالي ان تتابع بي غنى ,وان قل مالي لم اكلفهم رفدا ,واني لعبد الضيف ما دام نازلا , وما في شيمة غيرها تشبه العبدا   ).

 

دور ايجابي وعظيم هذا الذي يؤديه شيخ العشير ة , العشير هذا النسيج الاجتماعي المتكامل والذي يقوم بدور  ايجابي ومؤسسي لخدمة المجتمع  الأكبر  خاصة وأنها تقوم على رابطة الدم  بين أفرادها وتتداخل في علاقاتها مع غيرها من العشائر من خلال روابط النسب والدم والصداقات وتسود الألفة والمودة بين أفرادها  وعادات الكرم والتسامح مع الآخرين .


وبما ان الانتساب لهذا الحزب (العشيرة ) ليس اختياريا في أي حال من الأحوال  وإنما هو إجباري وبما ان لكل شخص عشيرة يستظل بظلها( فليس هناك من هو مقطوع من شجرة) فاني اقترح إلغاء قانون الأحزاب في ظل دورها المحدود في الحياة السياسية   واقترح كذلك إلغاء قانون الانتخاب  واختيار شيوخ العشائر ممثلون لنا في مجلس النواب, وتوفير الكثير من الأموال التي تنفق هدرا هنا وهناك على الانتخابات , بشرط ان  يكونوا كذلك الشيخ المذكور في قصيدة  الشاعر الأموي  المقنع الكندي .


وبالطبع لن انسي اقتراح تخصيص كوتة للفئات الاخرى .  

mezherq@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد