العدالة

mainThumb

10-08-2011 03:45 PM

ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع أمران :الأوَل آيماني المطلق بأنَ العدالة هي واحدةُ من الرَوافع الأساسية الَتي تُبنى عليها المجتمعات، قديمةً كانت أم حديثةُ ، وان مبدأ العدالة كقيمة أخلاقية يصلح ان يكون  صخرة صلبة يمكن البناء عليها لإقامة أعمدة الصَلاح والإصلاح. والثُاني: كرهي المطلق للظُلم والظالمين ،ولكلِِ من يعتنقون المحسوبية والواسطة0  ويعتدون على حقوق البلاد والعباد، ويستمرؤون الظلم  وقضم الحقوق.
 
 
              باخْتصار شديد، أعداء العدالة والمساواة هم أعداءُ لله وللمواثيق الدَولية ولكل دساتير الأمم والشُعوب . أعداء لله لأن العدل صفةُ من صفات اللة، ولأن الله حث على العدالة في اكثر من موقع  .وأعداء للمواثيق الدولية لأن كل المواثيق الدولية تدعو الى العدالة ،وأعداء لكل دساتير الأمم والشعوب لأن كل دساتير الأمم والشعوب تنص على مبدأ العدالة والمساواة بين الناس. وكل المواثيق الدَولية والدَساتير الوطنية تدعوإلى عدم جواز التَمييز بين النَاس على أساس العرق او اللغة اواللون او الدَين .
 
 
             فالله سبحانه وتعالى حين جعل العدل من أسمائه الحسنى و-حاشى لله ان يطلق على نفسه إلا ما علا من الأسماء- ،لم يدع مجالا  للتَخيير بين العدل أو الظلم،حيث جاءت الآيات المتعلٍقة بالعدالة بصيغة الأمر .لدرجة ان الإسلام حثَ على الحكم بالعدل حتى ولو كان هناك شيءُ من الكره لأحد الطَرفين المتخاصمين 0 إذْ قال تعالى في سورة المائدة الآية(8)-"ولا يجرمنَكم شنئان قوم الاَ تعدلوا ،إعدلوأ هو أقرب للتَقوى"  وقد تكرَر الأمر مرَةَ أخرى في القرآن الكريم في سورة النِساء الآية (5) "انَ الله يؤمركم ان تؤدوا الأمانات إلى اهلها وإذا حكمتم بين النَاس ان تحكموا بالعدل". وجاء الأمر بصيغة الأمر أيضا في سورة النَحل الآيه(9)"ان الله يامركم بالعدل والإحسان ".
 
          وأمميا يعتبر من لا يحكم بالحق والعدل عدوٌ لما أجمعت عليه البشريَة جمعاء، فقد اصطلح العالم في الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في العاشر من كانون الاول عام 1948         على ما يلي:- المادة الاولى (يولد جميع الناس احلرارا  متساويين في الكرامة والحقوق.وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء. )
               المادة الثانية:-لكل انسان الحق بالتمتع بجميع الحقوق و الحريات المذكورة في هذا الإعلان،دونما تمييز من أي نوع ،ولا سيما بسبب العنصر أو اللون ،أو الجنس ،أو اللغة،أو الدين، أو لاي سبب آخر سياسيا أو غير سياسي ،أو الأصل الوطني أو  الإجتماعي،أو الثروة،أو المولد ،أو أي وضع آخر.)                  
  
       وأمميَاً أيضا أجمع العالم أن يكون الميزان ذو الكفتين رمزُ للعدالة وعدم التَمييز،  ما يعني عدم جواز ترجيح كفة على الأخرى إلا بالحق.
 
              وعلى ذكر الحق، الحقَ أقول، ان الدستور الأردني يعتبر من الدَساتير المتقدمة في هذا المجال، فالدستور الاردني الصادر عام 1952 يجرِم الظُلم ويدعو بوضوح إلى المساواة بين الناس وعدم التمييز بينهم الا على أساس الكفاءة والعطاء، فقد جعل في
                  المادة السادسة:- الفقرة" 1"  (الاردنيين امام القانون سواء, لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا  العرق او اللغة او الدين.)
                                   الفقرة-"2"    (تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها ،وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين )
 
 
                 والمادة الثانية والعشرين:- الفقره"1"  ايضاً تؤكَد على
 (حق كل من هو أردني في تولي المناصب العامة بالشروط المعينة بالقوانين) وقد جعلت  نفس المادة  الفقرة"2" (التعيين للوظائف العامة من  دائمة او مؤقتة في الدولة والإدارات الملحقة بها والبلديات يكون على أساس الكفاءات والمؤهلات.)
 
 
           إذن يظهر لنا بشكل جلي وواضح أنَ المشكلة ليست في التَشريعات ،بقدر ما هي في تطبيق هذه التشريعات ،
 
 
               وحيث انَ العدالة صنو الإنصاف ، والإنصاف يعني إعطاء كل ذي حق حقه، والحكم بين النَاس بالحق ،وعدم التَمييز بينهم في الحقوق والواجبات إلا على أساس العطاء ،فهي تقتضي أن يثاب المحسن ويعاقب المسيء، دون الخضوع للأهواء والنَزوات والرَغبات.  ولتنفيذ هذا الأمر  يجب ان تبنى المؤسسات والأفراد على أسس صحيحة ، حتى نخرج  بأفراد  يشعرون  بالمسؤولية، فيمكن لنا استغلال طاقاتهم وإمكانياتهم الإستغلال الأمثل ،لإنشاء مجتمع مدني مبني على اسس التضامن والتشاركية و التكافل الإجتماعي0
 
 
               ولا يمكن ان يتحقق ذلك إلا إذا شعر الجميع بأن الثروات والموارد والدخل يوزع كلا منها توزيعا عادلا دون الإلتفات إلى الأصول أو المنابت أو اللون أو العرق0
 
 
                 وإذْ يصر أعداء العدالة  ودعاة التمييز والظلم ( وهم من أكثر الناس دراية بكل ما ذكر) على تخطي كل القوانين والانظمة المحلية والدولية والإلهية الداعية الى العدالة بين الناس ،أحسبهم يدركون ان راحة الضميروالتًخلص من الآلام النفسية والعصبية ووجع الضمير ،  تقتضي تطبيق مبدأْ العدالة، وإن من الحكمة لإشاعة الأمن والأمان، ونشر ثقافة المحبة والتسامح بين المواطنين إنصاف الفقيروالضَعيف،وعدم الإستقواء بالمنصب أو الجاه ،للإعتداء على حقوق المستضعفين في الارض.
 
 
 
                   اما إذا  استند التَمييز بين الناس على أساس القربى  أو المحسوبية أو المصلحة الضيقة ،الَتي تضع في حساباتها الربح والخسارة على المستوى الشخصي دون الإلتفات إلى مصلحة الوطن .فقد  تشيع الفوضى ،و تظهر الطبقية فيعزز في قلوب المظلومين الغل والحقد ، بدلأ من ان يشيع الأمن والأمان ويعم الإستقرار كل ارجاء الوطن.
 
 
                 ومن العدالة القول في معرض الحديث عن العدالة ان الشُعور بالتمييز وعدم العدالة ، يحط من قدر المواطن وكرامته ،ويقتل في قلوب المظلومين الإبداع ، ويثبط الهمم ويكون مدعاة للتثاقل في العمل،، ويقوِي روح اللامبالاة ،مما ينتج عنه عدم القدرة على استغلال الطاقات البشرية الإستغلال الأمثل، مما ينعكس سلبا على الإنتاج الفردي والقومي ،بل قد يتعدًى الأمر ذلك فقد يخلق الشعو بالتمييز حالة من الفرقة والعصبيَة  المؤدية إلى التناحر، نتيجة للحسد والبغضاء التي تولد  كنتيجة حتمية  لغياب العدالة  . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد