النخب ودورها في تشكيل الرأي العام الكاتب

mainThumb

29-08-2011 05:05 AM

 :_  لا أحد يستطيع أن ينكر دور النخب، في تشكيل الراي العام، وما تمثِله هذه النخب ،كقوة ضغط، لها حساباتها ويجب أخذها بالإعتبار، لما تملكه من أدوات تستطيع استثمارها والإستفادة منها للتأثير في الرأي العام سلبا أو آيجابا في مجمل القضايا التي تهم الوطن ، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي .

ولم يقتصر دور النُخب وتأثيرها في الرأي العام على المجتمعات الحديثة، بل كان للنخب اثر واضح في اتِخاذ القرارات في المجتمعات القديمة .إذ لا يمكن تخيل مجتمع من المجتمعات ، أو حتى مجموعة بسيطة من الناس، دون وجود أشخاص بارزين، لهم حضورهم وتاثيرهم على غيرهم من الناس ،لما يتمتعون به من عوامل الجذب والإقناع، قد يستمدونها عن طريق الوراثة، أو الدِراسة ، أو قد تتكون لديهم كصفة مكتسبة، نتيجة لتراكم الخبرة والمعرفة، تختلف في قدرها من شخص لآخر، وحسب الزمان والمكان حسب القدرات والإمكانيات، وحسب الظروف الإجتماعية والسِياسية والإقتصادية، التي تؤثر في مسيرة حياة هذا المجتمع أو ذاك مما ينعكس بالتالي على قدرة هذه النخب في التاْثير في الرأي العام .فما زالت بصمات الفلاسفة اليونانيين مثلاً كنخب فكرية فلسفية لها تأْثيرها على عالم اليوم، في حين كانت صفتي الكرم والشجاعة من أهم العوامل التي أسهمت في تشكيل النخب قبل الإسلام وبقي لهما تأثيرهما على المجتمع العربي في ظل الإسلام ،أضف إلى ذلك تاثير النخب في تشكيل الرأي العام في المجتمعات التي إعتنقت الشيوعية، وجعلت من الإشتراكية مبدأًَ إقتصادياً تسير على خطاه . وللشخص النخبوي صفات يجب أن يمتاز بها، أو بأجزاء منها ،عن غيره من الناس ، إذ لو كان النخبوي شخص له نفس القدر من القدرات والإمكانيات والطموحات التي يتمتع بها الناس العاديون، لما اعتبر هذا الشخص من بين النخب .فالإستعداد للتضحية بالوقت والجهد والمال، والإستعداد لتحمل المشاق والصعاب، التي قد تعترض طريق الشخص النخبوي ن وهو يسعى لتحقيق الهدف، وكذلك الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع الذي يعيش فيه، جلُها من الصفات الرَئيسة التي يجب أن يتمتَع بها النُخبوي.

 أضف إلى ذلك وضوح الرؤيا، وعدم وجود ضبابيَة على الاهداف العامة والخاصة التي يريد النخبوي تحقيقها، والتي تساعده في التأثير على الغير وإزالة الضبابية التي قد تحجب الرؤيا عند الآخرين .ولا أعتقد ان الشخص النخبوي سيكون قادرا على تسويق أفكارة إن لم تكن هذه الأفكار واضحة المعالم، وإن لم يكن هناك خطة موضوعة بعناية، يمكن اتباعها لتحقيق الهدف ، وهذا لا يتأتَى إلا من شخص يكون على درجة من الذكاء ،والمكر، ويجب أن تتوفر لدى النخبوي كذلك القدرة على الإجتهاد وسرعة البديهة ، وأن يكون لديه الآيمان الكافي و المطلق بضرورة تحقيق الهدف، و أن الحوار هو الطريق الأمثل للوصول إليه، عن طريق الإقناع لا عن طريق القوة والإجبار. وما هذه الصفات إلا خبرات تراكمية تزيد وتنقص بشكل نسبي حسب التعرض للمواقف والتجربة .

ويجب على النخبوي أن يتسلح بالأدوات اللازمة التي يمكنه استثمارها واستغلالها، كوسائل ضغط للتأثير في الرأي العام للمجتمع الذي ينتمي إليه. حسب الوقت وحسب الحاجة ،فالإنضمام مثلاً للأحزاب السياسية ،أو النقابات المهنية،أو الجمعيات الخيرية، أو اتحادات العمال والأدباء والمفكرين والفنانين وغيرها ، وكذلك الإنضمام إلى التجمعات أو التكتلات الاجتماعية أو الإقتصادية أو غيرها ، هي إحدى الطرق المهمة،التي يمكن السَير عليها، وإستغلالها لتحقيق الهدف .أضف إلى ذلك قدرته على استغلال الظروف المواتية، وقدرته على استثمار وسائل الإعلام المرأية والمقروءة والمسموعة ، واستغلال الموارد البشرية والاقتصادية والاجتماعية لتسويق أفكاره وتحقيق أهدافة . ولا يعني ذلك أن كل أشخاص النخب السياسية وغيرها من النخب ينضوون تحت هذه التجمعات أو التكتلات ،إذ من الممكن للنخبوي أن يكون مستقلا، لا ينتمي إلى أي تيار فكري أو سياسي أو ديني، إلا أنه عمليا ، يمارس قناعات تكونت لديه نتيجة لتراكم الخبرات ،أو الدِراسة وسعة الإطلاع، ما ولَد لديه مباديء آمن بها وأراد أن يراها تنتشر عند الآخرين. وهذا أيضا يعني أن النخبوي، لا يشترط به ان يتبوأ موقعا عند المعارضة أو الموالاة ، إذ من الممكن ان يكون مستقلا لديه من الأهداف ، ما يسعى إلى تحقيقها بالوسائل التي يراها مناسبة . ومن الممكن أيضا أن يكون النخبوي بوقا يردِدُ ما يمليه عليه الآخرون أو يحمل في جعبته أجندات خارجية، يعمل على تنفيذها، طمعاً في جاه ، أو مال، أو منصب ،أو سلطان ، أو نتيجة لدراسة سطحية للهدف الذي يسعى إليه ، مما ينعكس بشكل سلبي على الوطن، ويؤثر بالتالي على صناعة القرار و قد يسبب انتكاسة إجتماعية أو سياسية أو اقتصادية وخاصة في قضايا مفصلية، يكون لها تأثيرها على الحاضر وعلى المستقبل . وفي الختام نقول ، أنَ للنخب وخاصة السياسية منها، دورٌ كبيرٌ في التأْثير على الرَأْي العام المحلي ، وما لهذا الدور من أهمية ، يجب عليها وضع المصلحة العامة للوطن فوق كل إعتبار ،والسعي لتكريس مباديء العدالة، والمساواة، وحقوق الإنسان ،والتَ مسك بالقيم الأخلاقية الرفيعة، التي من شأْنها الإرتقاء بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة ،وأن تبتعد عن عوامل التَفرقة، وما يثير النعرات الطائفية أو الدينية أو الإقليمية أو الجهوية أو العشائرية أو المناطقية ،وقراءة الواقع بظروفه السياسية والإقتصادية والعسكرية قراءة متأنية ،لسد الطريق على كل من يتربص بالوطن والأمة. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد