لا لربط الهيكلة برفع الأسعار!

mainThumb

18-12-2011 08:59 PM



  بدأ الحديث عن رفع الدعم عن بعض السلع في الأسابيع الأخيرة من حكومة البخيت، ففي حين كانت حكومته تروّج لآليات رفع الدعم عن آخر ملاذ للمواطن المغلوب على أمره، أعلن هو نفسه أن الهدف من الهيكلة ليس خفض الرواتب العالية، وأن الحكومة قد تلجأ إلى التقسيط  في خفض بعضها على مدار 5 سنوات في محاولة منها للالتفاف على نظام هيكلة الرواتب الذي أعلنته هي ذاتها قبل شهور، وفي عهد الخصاونة لم نسمع بعد كلاما صريحا وواضحا عن خفض الرواتب المتضخمة في المؤسسات المستقلة وغيرها، وآلية مساواتها بمثيلاتها بعدما كبدت ميزانية الدولة ديونا باهظة، بل سمعنا عن ارتفاع مخصصات رواتب العاملين في المؤسسات المستقلة  بـــ 8 بالمئة؛ أي من 237 إلى  255علما بأن كثيرا منها حقق عجزا ماليا ضخما  يقدّر بمئات الملايين !

لقد هللنا للهيكلة، وقلنا لرئيسها أنذاك أحسنت، ولمهندسها أبدعت، ولكن سرعان ما خفت صوت الإحسان، وغفى الإبداع، بل تمخض عنهما ذكاء تلك الحكومة في الترويج مرة لبطاقة خبز غبية، ومرة لإمكانية رفع الدعم عن الغاز، وأخرى لرفع أسعار الكهرباء! وها نحن عدنا اليوم لحديث رفع الدعم من جديد، وبدأنا نسمع عن إمكانية ربط رفع الدعم بالهيكلة الجديدة للرواتب، وكأن الحكومة تخطط لاسترجاع ما ستزيده للموظف من دنانير- بعد طول انتظار- لتأخذه من باب رفع الأسعار مسبقا أو متزامنا، في خطوة فيها مزيد من قهر المواطن الفقير في لقمة عيشه، ودفء أطفاله، ونور ظلامه، وليت الحكومات المتعاقبة كانت تملك مثل هذا التخطيط المُتقن في مكافحة الفساد، والحفاظ على المال العام، وكان الأولى بالحكومة البحث عن آليات لتقديم الدعم لمستحقيه من الطبقة الفقيرة والوسطى.

إن من يسمع مبررات الحكومة في رفع الدعم عن بعض السلع، يظن أن الحكومة قد أغلقت كل أبواب الهدر والفساد، وأعادت المال المنهوب إلى خزانة الدولة، وحققت العدالة في الرواتب للمتقاعدين والعاملين، وخففت من مصاريف أجهزة الدولة المختلفة ونفقاتها، واسترجعت الهبات المليونية... ولم يبق عليها إلا رفع أسعار الخبز والغاز لتصحيح الاقتصاد الوطني، وسداد المديونية، وتحقيق الوفر للموازنة.

يبدو أن الحكومات المتعاقبة لم تفهم بعد، ولن تفهم إلا بعد أن تجر البلاد والعباد لنفق مظلم لا أحد يعرف نهايته، فهي – إن أقدمت على هذه الخطوة- ستثبت أنها  لم تفهم بعد سر العنف المجتمعي، والحراك الشعبي، ولم تقدر على تحسس حرارة الجمر الذي يتقد يوما بعد يوم في المحافظات، وبؤر الفقر والعوز، وإحساس غالبية المواطنين بالغبن والقهر من فساد الحكومات المتعاقبة، ومتابعة المواطن يوما بعد يوما لملفات الفساد الضخمة، ونهب أراضي الخزينة، والرواتب المتورمة والمكافآت الضخمة في بعض المؤسسات، والهبات المرفوضة شعبيا... وإحساس المواطن أنه هو مَن يدفع فاتورة ذلك كله، بل لعلها فهمت أن مطالبة المواطنين بالإصلاح يكون في مكافأة الفاسدين وتحصينهم في إقرار المادة 23 المتعلقة بما أَطلق عليه اغتيال الشخصية! ورفع الدعم عن آخر ملاذ للفقير في كرامته، وسد رمق عيشه!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد