الأردنيون يحتفلون بعيد استقلال المملكة الـ66

mainThumb

24-05-2012 11:36 AM

السوسنة - بترا - يحتفل الأردنيون الجمعة الخامس والعشرين من ايار بالعيد السادس والستين لاستقلال المملكة ، مستذكرين محطات المسيرة المظفرة والمفعمة بالعمل الجاد والمتواصل والناجزة بسواعد ابناء الاردن وبناته ومتمسكين بثوابت الدولة الاردنية المستندة الى دستورها ، دولة عربية اسلامية نظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي ، يصونون فخر انجازاتهم ويتطلعون للغد الاكثر اشراقا واصلاحا بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين .

ويحمل هذا العيد الغالي معاني الشرف والمجد والعزيمة التي لا تلين ، فالاردنيون منذ كان فجر الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه مثال وانموذج تليق بهم الوحدة والحرية والحياة الفضلى ، فهم من بنى واصلح وعزز ,ومن كانوا على الدوام الاوفياء لوطنهم وملوك بني هاشم تجمعهم المبادىء والقيم النبيلة سدا منيعا في وجه كل الاطماع والتحديات .

ويفخر الاردنيون في هذا اليوم الاغر بان يعيدوا قراءة التاريخ منذ ان التأم المجلس التشريعي الاردني الخامس بتاريخ الخامس والعشرين من ايار عام 1946 , واعلن الاردن دولة مستقلة استقلالا تاما مع البيعة لحضرة صاحب الجلالة عبدالله بن الحسين ملك المملكة الاردنية الهاشمية ، لتتواصل مسيرة الخير والعطاء في عهد المغفور له جلالة الملك طلال وعهد المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراهم ، وصولا الى السابع من شباط عام 1999 حيث الحاضر والمستقبل بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه .

احتفال الاردنيين بيوم الاستقلال .......................................

قبل ستة وستين عاما , وفي مثل هذا اليوم كانت عمان وسائر مدن المملكة على موعد مع فرح النصر والعز , فازدانت شوارعها بالاعلام الاردنية والعربية وردد الاردنيون اهازيج وطنية نسجوا كلماتها تيمنا بالخير وابتهاجا بالحدث المهيب , فها هي امانيهم وآمالهم تتحقق وها هم يرون وطنهم يبنى وتعتلي راياته بسواعد اردنية خالصة .

القرار التاريخي المرصع بالتاج الهاشمي والموشح بالتوقيع الملكي السامي ، خطت كلماته بعناية ، ففيه اراد الاردنيون ان يكون اعلان استقلال بلادهم محققا للاماني القومية وعاملا بالرغبة العامة التي اعربت عنها المجالس البلدية الاردنية في قراراتها المبلغة الى المجلس التشريعي واستناداً الى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية .

في نص القرار التاريخي جاء : وبناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في مذكرته رقم 521 بتاريخ 13 جمادى الاخرة 1365هـ الموافق 15 ـ 5 ـ 1946 م فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الاردني امر اعلان استقلال البلاد الاردنية استقلالاً تاماً على اساس النظام الملكي النيابي ، مع البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها (عبدالله بن الحسين المعظم) ، كما بحث امر تعديل القانون الاساسي الاردني على هذا الاساس بمقتضى اختصاصه الدستوري ، ولدى المداولة والمذاكرة تقرر بالاجماع اعلان البلاد الاردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية والبيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية عبدالله بن الحسين المعظم بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الاردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة عبد الله بن الحسين ملك المملكة الاردنية الهاشمية .

انها لحظات عز وفخار لن تمحو الايام عطرها وستبقى في الوجدان انشودة وطن تغنى بها كل المخلصين من ابنائه ، وفي الساعة الثامنة من صباح 25 ايار 1946 اتجهت عشرات السيارات الى دار البرلمان التي كانت غاصة ليس بالنواب فحسب ,لكن بكبار الوفود والمراسلين الاجانب والمصورين ، وحمل رئيس الوزراء انذاك ابراهيم هاشم قرار البيعة في صندوق مرصع بالتاج الذهبي , وكتب بخط جميل ضمن اطار مزخرف وشحه المغفور له الملك المؤسس بتوقيعه السامي .

في تفاصيل اليوم المجيد كتب التاريخ : عاد رئيس الوزراء آنذاك الى البرلمان حيث ينتظر النواب وجمهور حاشد ليتلى القرار وتطلق المدفعية مئة طلقة وطلقة وتعلو الهتافات في وقفة تاريخية مجيدة.

وفي قصر رغدان العامر حيث اعدت قاعة العرش لاستقبال الوفود العربية والاجنبية والمهنئين من ابناء الاردن القى الملك المؤسس كلمة قال فيها :" ابدأ بحمد الله على نعمائه واصلي واسلم على سيدنا محمد نبي الرحمة وعلى اخوانه من الانبياء والمرسلين جميعا صلاة دائمة طيبة مباركة ، ثم اشكر شعبي العزيز وحكومتي المؤتمنة لما بايعا به وما حقق بما ايدنا ووفقنا من امل البلاد واماني الثورة العربية التحريرية وذلك باعلان بلادنا الاردنية دولة مستقلة استقلالا تاما تعتز بأن تظل الوفية لميثاق الوحدة القومية والمثل العربية وانه لمن نعم الله ان يدرك الشعب بان التاج معقد رجائه ورمز كيانه ومظهر ضميره ووحدة شعوره ، بل انه لامر الله ووصية رسله الكرام ان يطالع الملك الشعب بالعدل وخشية الله لان العدل اساس الملك ورأس الحكمة مخافة الله" .

مطار عمان ذاك المطار العتيد والوحيد في المملكة حتى زمن قريب فيه تجمعت الوفود واستعرض رحمه الله الملك المؤسس وحدات الجيش العربي الاردني وقدر عدد المدعوين بعشرة الآف وكانت الاعلام الاردنية والعربية ترفرف في سماء المطار , حينها القى طيب الله ثراه كلمة خاطب فيها جيشنا الباسل قائلا : يا جنودنا ويا ابناءنا انتم سياج وطنكم ويوم الاستقلال هذا هو الفجر اللامع من بريق سلاحكم واني لمغتبط لما شهدت من حسن نظامكم وتدريبكم وارجو ان تكون العاقبة لكم ما دمتم المثل الذي يحتذى في التضحية باسم الامة العربية وفي البسالة والطاعة واداء الواجب كان الله معكم واعزكم واعز الوطن بكم .

بكلمات التهنئة والفخر بانجاز الاردنيين تحدثت الوفود المشاركة , وفي كلمة وفد فلسطين التي القاها الشيخ عبد القادر المظفر نقرأ : قبل ان اقول كلمتي فان في عنقي ذمة وكذلك في اعناقكم , وانتم مجتمعون هنا عرب كرام ، فكلنا في عنقنا ذمة فقوموا اجلالا لذكرى الحسين بن علي.

الحرية والشورى اساس الدولة الاردنية .........................................

يزخر تاريخ الدولة الاردنية منذ ان كانت امارة , ومن ثم مملكة اردنية هاشمية بخطابات ورسائل وتوجيهات ملكية تؤكد حق الحرية والديمقراطية والشورى بين ابناء الوطن وصولا الى تحقيق الاهداف والغايات الوطنية العليا ، في الامر السامي لاول حكومة تشكلت بعد الاستقلال في الرابع من شباط عام 1947 برئاسة سمير الرفاعي نقرأ كلمات الملك المؤسس : الحر حر ما احترم حرية غيره , ومعتد ومتجاوز ان هو تطاول على غيره , والقانون المودع في ايدي الاكفاء من الرجال هو ميزان حق يجب ان لا يميل هنا وهناك ، فعليكم العمل بهذا وعلينا ان نراقب مجال الامور والله المعين لنا ولكم وهو حسبنا ونعم الوكيل .

ولاستكمال مسيرة الشورى والديمقراطية التي عرفتها الدولة الاردنية منذ ان تنسمت الحرية والوجود , جرت في العشرين من تشرين الاول عام 1947 اي بعيد الاستقلال ، اول انتخابات برلمانية في عهد المملكة حيث تشكل مجلس النواب الاول من عشرين نائبا.

المحطة الاولى للثورة العربية الكبرى ...............................................

حمل جلالة الملك عبدالله المؤسس طيب الله ثراه راية الثورة العربية الكبرى التي ارتفعت في العاشر من حزيران عام 1916 بقيادة المغفور له الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه لترتفع عاليا في سماء المجد في معان المحطة الاولى لوصول الامير عبدالله في الحادي والعشرين من تشرين الاول عام 1920 حين بايع الاحرار العرب سموه وعاهدوه على العمل من اجل الاستقلال وبقاء راية الثورة العربية خفاقة عالية كما هي مبادؤها واهدافها.

يشير الاحصاء المتوفر عن عدد سكان امارة شرق الاردن عام 1938 الى انه كان نحو 300 الف نسمة بينهم 260 الفا من العرب المسلمين وثلاثون الفا من العرب المسيحيين وعشرة الآف من الشركس وقدر عدد سكانها في عام 1945 باربعمئة الف نسمة .

في الثاني من اذار عام 1921 بدأت مرحلة مهمة من تاريخ الاردن بوصول الامير عبد الله الى عمان ، وفي نيسان تشكلت اول حكومة في شرق الاردن سمي رئيسها الكاتب الاداري وهو يرأس مجلس المشاورين المؤلف من : رشيد طليع رئيسا , ونائب العشائر الامير شاكر بن زيد ، وقاضي القضاة محمد خضر الشنقيطي , ومشاور العدلية والصحة والمعارف مظهر رسلان , ومشاور الامن والانضباط علي خلقي , ومشاور المالية حسن الحكيم ,ومعاون نائب العشائر احمد مريود .

في 25 ايار 1923 اعلن استقلال شرق الاردن في حفلة رسمية , ووقع الاردن على اتفاقية مع بريطانيا في العشرين من شباط 1928 مثلت الاعتراف الكامل بالدولة الاردنية وتغيير اسمها من حكومة الشرق العربي الى امارة شرق الاردن .

وفي شهر كانون الاول من عام 1939 انشئت قنصليتان للبلاد الاردنية في مصر والعراق وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية انضمت الامارة الى بريطانيا ولعب الجيش العربي الاردني دورا مهما ولا سيما في تحرير دمشق.

والاردن من اعضاء مجلس دول الجامعة العربية وقع على ميثاقها في 22 آذار 1945.

وفي الثاني والعشرين من آذار عام 1946 الغيت المعاهدة الاولى المبرمة في عام 1928 ووقع الاردن مع بريطانيا معاهدة نصت على الاعتراف بالاردن دولة مستقلة ذات سيادة والامير عبدالله ملكا عليها.

فلسطين والقدس .. القضية المركزية ........................................

في حرب النكبة عام 1948 دافع الاردنيون عن القدس والاراضي الفلسطينية, وحددت مهام الجيش الأردني بالزحف نحو رام الله والقدس، فدافع الجيش العربي المصطفوي ببسالة وبقيادة الملك المؤسس الذي قال في اليوم التالي للنكبة بعد ان عقد مجلس الوزراء جلسة بالديوان الملكي " اريد منكم تأليف مجلس وصاية على العرش لانني اريد ان اتولى بنفسي قيادة القوات في القدس , انني لا اطيق البقاء على قيد الحياة اذا سقطت القدس وانا اتفرج " .

وابدى أهالي فلسطين رغبتهم بالانضمام إلى المملكة بهدف تقوية جبهتهم الداخلية لوجود كيان سياسي معترف به يدافع عن حقوقهم ، وتم عقد مؤتمر في أريحا ضم زعماء القدس ، الخليل ، بيت لحم ، رام الله , والوجهاء وتمت المناداة بالوحدة الأردنية -الفلسطينية ، ومبايعة الملك عبد الله ملكاً على فلسطين والأردن , وعقد مؤتمر آخر في نابلس والمناطق التابعة لها في 28 / 12 / 1948 واتخذ نفس القرار بمبايعة الملك عبد الله ملكاً دستورياً على فلسطين والأردن.

في الرابع والعشرين من نيسان عام 1950 اعلن مجلس الامة وحدة الضفتين , وفي اول خطاب للملك المؤسس تلي في مجلس الامة وقد جمع ضفتي الاردن , قال طيب الله ثراه :" على ان ابرام امر الوحدة وقد تم فعلا باجماع هذا المجلس الموقر الممثل للضفتين مع عدم المساس بالتسوية النهائية التي تحق حق العرب في امر فلسطين سيعزز في الواقع دفاع الامة الواحدة عن عدالة قضيتها ".

في نيسان عام 1950 تشكلت أول حكومة أردنية برئاسة سعيد المفتي بعد وحدة الضفتين الغربية والشرقية، وتكونت الحكومة من 11 وزيرا ً.

وعلى عتبات المسجد الاقصى كانت ارادة الله عز وجل ان تفيض روح البطل الشهيد الملك المؤسس الى بارئها في العشرين من تموز عام 1951 بعد ان تعرض لعملية اغتيال وبرفقته سمو الامير الحسين آنذاك الذي لم يفارق مشهد وداع جده مخيلته يوما , وفي وجدانه وضميره حماية القدس ورعايتها .

عهد المغفور له الملك طلال طيب الله ثراه .............................................

في السادس من أيلول عام 1951 اعتلى المغفور له باذن الله جلالة الملك طلال طيب الله ثراه العرش لتبدأ مرحلة جديدة في مسيرة الدولة الاردنية ارسى دعائمها دستور متطور صدر في الثامن من كانون الثاني عام 1952 الذي كفل للشعب الأردني حقوقه .

الدستور الذي اعتبر من احدث الدساتير في العالم وأكثرها ديمقراطية وشورى وانفتاحا تضمن عناوين مهمة في دعم المضامين الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك حق كل مواطن في العمل والتعليم والرفاه الاجتماعي كما انه جعل الحكومة مسؤولة امام مجلس النواب الذي اصبح يملك سلطة منح الثقة او حجبها عن اية حكومة بموجب احكام المادة 54 منه ، الامر الذي رفع من مستوى الحياة البرلمانية الى المرتبة التي تليق بها اسوة بالدول الديمقراطية الاخرى اضافة الى شموله بنودا تضمن حقوق المواطن وحرياته الاساسية وحماية العمال وشروط عملهم وفق دساتير العالم المتطورة.

في عهد الملك طلال تشكلت حكومة جديدة برئاسة توفيق أبو الهدى وأجريت الانتخابات النيابية في العام ذاته ، وكان لعهد جلالته رغم قصر مدته تأثير كبير على الحياة السياسية في المملكة إلى يومنا هذا ولعبت الأحزاب دوراً كبيراً ومهماً في تلك الفترة سواء في مجلس النواب أو على الساحة السياسية .

وجلالة المغفور له الذي وقف مجاهدا في صفوف المقاتلين من الجيش العربي دفاعا عن فلسطين بذل جهودا متميزة لتوثيق عرى التعاون والتنسيق لما فيه مصلحة الامة والوطن العربي الكبير الذي كان خرج لتوه من نكبة فلسطين عام 1948.

وفي عهد جلالته اتخذ الأردن قرارا يقضي بجعل التعليم الزاميا ومجانيا حيث يعتبر هذا القرار الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي وكان له الاثر الكبير في النهضة التعليمية التي شهدتها البلاد فيما بعد , وصدر في عهد جلالته قانون خط السكة الحديدية في شهر آذار عام 1952 الذي ينص على اعتبار هذا الخط وقفا اسلاميا، كما انشىء ديوان المحاسبة .

والمغفور له جلالة الملك طلال رحمه الله كان محبا للحياة العسكرية متأثرا بالروح العسكرية لوالده الذي كان احد قادة ثورة العرب الاحرار حيث كان جلالته أول ضابط أردني يتخرج من كلية ساند هيرست العسكرية في بريطانيا وبعد تخرجه منها عام 1929 رافق جده الحسين بن علي الذي كان منفيا في قبرص بعد ان تصدى للمشروعات الاستعمارية التي استهدفت تقسيم البلاد العربية.

ولم يتريث المرض باعطاء الفرصة الكافية للملك طلال رحمه الله ، وبعد احد عشر شهرا وخمسة ايام من اعتلاء جلالته العرش نقل لتلقي العلاج الى ان اختاره المولى عز وجل الى جواره في السابع من تموز عام 1972 بعد ان سجل انجازات نوعية في تاريخ الحياة الاردنية السياسية والاجتماعية والتعليمية.

عهد المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه ................................................

"ان حياتي ملك لشعبي " عبارة استقرت في ذهن المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه منذ تموز عام 1951 حين قالها جده المغفور له الملك المؤسس وهو في طريقه الى القدس قبيل استشهاده ، وبعد مضي عام ,اعتلى الحسين العرش ولم يتم الثامنة عشرة من عمره ليكون منذ ذلك الوقت ملكا لا يخشى الا الله تعالى في كل قراراته الشجاعة .

في الثاني من ايار عام 1953 تسلم المغفور له الحسين سلطاته الدستورية بعد ان اتم الثامنة عشرة من عمره ،وكانت الامة العربية في تلك الايام في اسوأ حالات الاحباط بفقدان الجزء العزيز من فلسطين ، وكان الاردن في تلك الفترة بلد الانصار الذي استقبل المهجرين من بيوتهم وقراهم في الضفة الغربية ، ولم تكن تلك الايام سهلة على الملك الشاب ليجد امامه مسؤولية قيادة مملكة وسط انقسام عربي وحالة من الفوضى وعدم وضوح الرؤية بعد حرب عام 1948 .

بقيت القضية الفلسطينية والقدس هاجس الحسين الاول وظل يقول على الدوام "من القدس يبدأ السلام وفيها ينتهي " .

شهد عهد المغفور له الحسين طيب الله ثراه أهم الأحداث السياسية والعسكرية على الساحتين المحلية والعربية , وعلى الرغم من كل التحديات والصعوبات استطاع الاردن الذي لم تكن موازنته عام 1955 تتجاوز ثلاثة ملايين دينار ان يحقق نمواً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانيا وعلميا .

في تلك الفترة كانت تعصف بالمنطقة العربية أحداث جسام استطاع الأردن التكيف معها وتجاوزها بسلام , ففي عام 1956 وقف إلى جانب أشقائه في مصر لصد العدوان الثلاثي وأبدى استعداده للدفاع الميداني وبالسبل كافة عن الشقيقة مصر .

وفي العام ذاته أصدر جلالة الملك الحسين قراره الشجاع بتعريب قيادة الجيش الأردني حيث تم الاستغناء عن خدمات كلوب وتسليم القيادة إلى ضباط أردنيين ، وكان لهذا القرار صدى إيجابي في الوطن العربي وأثر في مسيرتهم نحو التحرر والاستقلال.

وفي حرب حزيران عام 1967 قاتل الجيش الاردني المصطفوي ببسالة في محاولة لصد العدوان الاسرائيلي على اراضي الضفة الغربية ولم يكن بمقدوره المقاومة وحده تقريبا في الجبهة الشرقية فسقطت القدس ثم اريحا والخليل ونابلس ووقعت الضفة الغربية باسرها في قبضة الاسرائيليين.

خسر الوطن العربي في حرب حزيران جزءا غاليا عزيزا واستطاع الاردن استخلاص العبر والدروس من تلك الحرب ليكون في مواجهة اخرى مع العدو الاسرائيلي في 21 آذار عام 1968 في اراضي الشونة والكرامة على الضفة الشرقية لنهر الاردن وكان الرد الاردني حاسما نجم عنه خسائر فادحة مني بها المعتدون على الرغم من تفوقهم في العدد والطائرات .

نتيجة لحرب عام 1967 أوقفت الحياة البرلمانية في الاردن وتم إعلان حالة الطـــوارئ بهدف توفير أجواء الاستقرار ليتم العودة فيما بعد للحياة الديمقراطية التي كانت سائدة سابقاً .

وشارك الأردن في حرب تشرين الاول ( أكتوبر) عام 1973 , وفي العام 1974 وفي مؤتمر الرباط وافق الأردن على اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين . في عام 1978 تم تشكيل المجلس الوطني الاستشاري بطريقة التعيين مدته سنتان ويعاد تشكيله بعد انتهاء مدته , ولم يعتبر بديلاً لمجلس النواب المنتخب ، لكن تم إنشاؤه لإبداء الرأي والمشورة ومناقشة السياسة العامة للدولة ، وكان للمجلس الاستشاري الكثير من الصلاحيات التي يمارسها مجلس النواب دون أن تكون له سلطة إعطاء الثقة أو حجبها عن الحكومة . في عام 1984 تم تعديل الدستور وحل المجلس الاستشاري وجرت انتخابات في الضفة الشرقية لملء 7 مقاعد التي شغرت بوفاة أصحابها منذ آخر مجلس نواب منتخب قبل حرب 1967 وفي عام 1988 تم فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية . وبعد مرور 22 عاما من الانقطاع أجريت الانتخابات النيابية في الأردن في تشرين الثاني عام 1989 ، وتم تعديل قانون الانتخاب ليصبح عدد أعضاء مجلس النواب 80 ، والأعيان 40 ، وتحقق بذلك الركن الأول في العودة إلى الديمقراطية ، وشهدت البلاد انفراجاً سياسياً سادت فيه روح الحوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بمشاركة جميع القوى الوطنية وفئات الشعب كافة، وتم إعداد الميثاق الوطني عام 1991 ليعبر عن التلاحم بين فئات المجتمع الأردني ، وشارك المجلس النيابي في القرار السياسي، وتم السماح بتأسيس الأحزاب السياسية ليصبح عددها أكثر من 40 حزباً اسهمت سواء عبر مجلس النواب أو مؤسسات المجتمع المدني في تطور الحياة السياسية في المملكة .

دخل العرب في مفاوضات مع إسرائيل ,نتج عنها التوقيع على اتفاقية سلام مع الفلسطينيين في أوسلو وتم توقيع اتفاقية وادي عربة في عام 1994 بين الأردن واسرائيل . وشهد الاردن تطوير شبكات الماء والكهرباء التي كانت متوفرة ل 10 بالمئة في العام 1950 ، ووصلت إلى 99 بالمئة في نهاية تسعينيات القرن الماضي ، وفي عام 1960 كانت نسبة المتعلمين تصل إلى 33 بالمئة ، وفي عام 1996 وصلت إلى 85,5 بالمئة .

وتشير احصائيات اليونيسف الى أن ما بين عامي 1981 و 1991 ، حظي الأردنيون بأقل معدل وفيات للأطفال في سنتهم الأولى، إذ انخفضت نسبة وفيات الأطفال من 70 حالة وفاة في الألف عام 1981 إلى 37 حالة في الألف عام 1991 .

مر الاردن عبر مسيرته الخيرة بقيادة الملك الحسين بظروف صعبة , لكن بفضل قيادته الحكيمة، وبجهود ابنائه المخلصين وعزائمهم ، كان دائما يجتاز كل الشدائد والمحن ويحقق الانجازات العظيمة رغم قلة الموارد والامكانات. يحتفل الأردنيون غدا الجمعة الخامس والعشرين من ايار بالعيد السادس والستين لاستقلال المملكة ، مستذكرين محطات المسيرة المظفرة والمفعمة بالعمل الجاد والمتواصل والناجزة بسواعد ابناء الاردن وبناته ومتمسكين بثوابت الدولة الاردنية المستندة الى دستورها ، دولة عربية اسلامية نظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي ، يصونون فخر انجازاتهم ويتطلعون للغد الاكثر اشراقا واصلاحا بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين .

ويحمل هذا العيد الغالي معاني الشرف والمجد والعزيمة التي لا تلين ، فالاردنيون منذ كان فجر الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه مثال وانموذج تليق بهم الوحدة والحرية والحياة الفضلى ، فهم من بنى واصلح وعزز ,ومن كانوا على الدوام الاوفياء لوطنهم وملوك بني هاشم تجمعهم المبادىء والقيم النبيلة سدا منيعا في وجه كل الاطماع والتحديات .

ويفخر الاردنيون في هذا اليوم الاغر بان يعيدوا قراءة التاريخ منذ ان التأم المجلس التشريعي الاردني الخامس بتاريخ الخامس والعشرين من ايار عام 1946 , واعلن الاردن دولة مستقلة استقلالا تاما مع البيعة لحضرة صاحب الجلالة عبدالله بن الحسين ملك المملكة الاردنية الهاشمية ، لتتواصل مسيرة الخير والعطاء في عهد المغفور له جلالة الملك طلال وعهد المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراهم ، وصولا الى السابع من شباط عام 1999 حيث الحاضر والمستقبل بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه .

احتفال الاردنيين بيوم الاستقلال .......................................

قبل ستة وستين عاما , وفي مثل هذا اليوم كانت عمان وسائر مدن المملكة على موعد مع فرح النصر والعز , فازدانت شوارعها بالاعلام الاردنية والعربية وردد الاردنيون اهازيج وطنية نسجوا كلماتها تيمنا بالخير وابتهاجا بالحدث المهيب , فها هي امانيهم وآمالهم تتحقق وها هم يرون وطنهم يبنى وتعتلي راياته بسواعد اردنية خالصة .

القرار التاريخي المرصع بالتاج الهاشمي والموشح بالتوقيع الملكي السامي ، خطت كلماته بعناية ، ففيه اراد الاردنيون ان يكون اعلان استقلال بلادهم محققا للاماني القومية وعاملا بالرغبة العامة التي اعربت عنها المجالس البلدية الاردنية في قراراتها المبلغة الى المجلس التشريعي واستناداً الى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية .

في نص القرار التاريخي جاء : وبناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في مذكرته رقم 521 بتاريخ 13 جمادى الاخرة 1365هـ الموافق 15 ـ 5 ـ 1946 م فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الاردني امر اعلان استقلال البلاد الاردنية استقلالاً تاماً على اساس النظام الملكي النيابي ، مع البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها (عبدالله بن الحسين المعظم) ، كما بحث امر تعديل القانون الاساسي الاردني على هذا الاساس بمقتضى اختصاصه الدستوري ، ولدى المداولة والمذاكرة تقرر بالاجماع اعلان البلاد الاردنية دولة مستقلة استقلالاً تاماً وذات حكومة ملكية وراثية نيابية والبيعة بالمُلك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية عبدالله بن الحسين المعظم بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الاردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة عبد الله بن الحسين ملك المملكة الاردنية الهاشمية .

انها لحظات عز وفخار لن تمحو الايام عطرها وستبقى في الوجدان انشودة وطن تغنى بها كل المخلصين من ابنائه ، وفي الساعة الثامنة من صباح 25 ايار 1946 اتجهت عشرات السيارات الى دار البرلمان التي كانت غاصة ليس بالنواب فحسب ,لكن بكبار الوفود والمراسلين الاجانب والمصورين ، وحمل رئيس الوزراء انذاك ابراهيم هاشم قرار البيعة في صندوق مرصع بالتاج الذهبي , وكتب بخط جميل ضمن اطار مزخرف وشحه المغفور له الملك المؤسس بتوقيعه السامي .

في تفاصيل اليوم المجيد كتب التاريخ : عاد رئيس الوزراء آنذاك الى البرلمان حيث ينتظر النواب وجمهور حاشد ليتلى القرار وتطلق المدفعية مئة طلقة وطلقة وتعلو الهتافات في وقفة تاريخية مجيدة.

وفي قصر رغدان العامر حيث اعدت قاعة العرش لاستقبال الوفود العربية والاجنبية والمهنئين من ابناء الاردن القى الملك المؤسس كلمة قال فيها :" ابدأ بحمد الله على نعمائه واصلي واسلم على سيدنا محمد نبي الرحمة وعلى اخوانه من الانبياء والمرسلين جميعا صلاة دائمة طيبة مباركة ، ثم اشكر شعبي العزيز وحكومتي المؤتمنة لما بايعا به وما حقق بما ايدنا ووفقنا من امل البلاد واماني الثورة العربية التحريرية وذلك باعلان بلادنا الاردنية دولة مستقلة استقلالا تاما تعتز بأن تظل الوفية لميثاق الوحدة القومية والمثل العربية وانه لمن نعم الله ان يدرك الشعب بان التاج معقد رجائه ورمز كيانه ومظهر ضميره ووحدة شعوره ، بل انه لامر الله ووصية رسله الكرام ان يطالع الملك الشعب بالعدل وخشية الله لان العدل اساس الملك ورأس الحكمة مخافة الله" .

مطار عمان ذاك المطار العتيد والوحيد في المملكة حتى زمن قريب فيه تجمعت الوفود واستعرض رحمه الله الملك المؤسس وحدات الجيش العربي الاردني وقدر عدد المدعوين بعشرة الآف وكانت الاعلام الاردنية والعربية ترفرف في سماء المطار , حينها القى طيب الله ثراه كلمة خاطب فيها جيشنا الباسل قائلا : يا جنودنا ويا ابناءنا انتم سياج وطنكم ويوم الاستقلال هذا هو الفجر اللامع من بريق سلاحكم واني لمغتبط لما شهدت من حسن نظامكم وتدريبكم وارجو ان تكون العاقبة لكم ما دمتم المثل الذي يحتذى في التضحية باسم الامة العربية وفي البسالة والطاعة واداء الواجب كان الله معكم واعزكم واعز الوطن بكم .

بكلمات التهنئة والفخر بانجاز الاردنيين تحدثت الوفود المشاركة , وفي كلمة وفد فلسطين التي القاها الشيخ عبد القادر المظفر نقرأ : قبل ان اقول كلمتي فان في عنقي ذمة وكذلك في اعناقكم , وانتم مجتمعون هنا عرب كرام ، فكلنا في عنقنا ذمة فقوموا اجلالا لذكرى الحسين بن علي.

الحرية والشورى اساس الدولة الاردنية .........................................

يزخر تاريخ الدولة الاردنية منذ ان كانت امارة , ومن ثم مملكة اردنية هاشمية بخطابات ورسائل وتوجيهات ملكية تؤكد حق الحرية والديمقراطية والشورى بين ابناء الوطن وصولا الى تحقيق الاهداف والغايات الوطنية العليا ، في الامر السامي لاول حكومة تشكلت بعد الاستقلال في الرابع من شباط عام 1947 برئاسة سمير الرفاعي نقرأ كلمات الملك المؤسس : الحر حر ما احترم حرية غيره , ومعتد ومتجاوز ان هو تطاول على غيره , والقانون المودع في ايدي الاكفاء من الرجال هو ميزان حق يجب ان لا يميل هنا وهناك ، فعليكم العمل بهذا وعلينا ان نراقب مجال الامور والله المعين لنا ولكم وهو حسبنا ونعم الوكيل .

ولاستكمال مسيرة الشورى والديمقراطية التي عرفتها الدولة الاردنية منذ ان تنسمت الحرية والوجود , جرت في العشرين من تشرين الاول عام 1947 اي بعيد الاستقلال ، اول انتخابات برلمانية في عهد المملكة حيث تشكل مجلس النواب الاول من عشرين نائبا.

المحطة الاولى للثورة العربية الكبرى ...............................................

حمل جلالة الملك عبدالله المؤسس طيب الله ثراه راية الثورة العربية الكبرى التي ارتفعت في العاشر من حزيران عام 1916 بقيادة المغفور له الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه لترتفع عاليا في سماء المجد في معان المحطة الاولى لوصول الامير عبدالله في الحادي والعشرين من تشرين الاول عام 1920 حين بايع الاحرار العرب سموه وعاهدوه على العمل من اجل الاستقلال وبقاء راية الثورة العربية خفاقة عالية كما هي مبادؤها واهدافها.

يشير الاحصاء المتوفر عن عدد سكان امارة شرق الاردن عام 1938 الى انه كان نحو 300 الف نسمة بينهم 260 الفا من العرب المسلمين وثلاثون الفا من العرب المسيحيين وعشرة الآف من الشركس وقدر عدد سكانها في عام 1945 باربعمئة الف نسمة .

في الثاني من اذار عام 1921 بدأت مرحلة مهمة من تاريخ الاردن بوصول الامير عبد الله الى عمان ، وفي نيسان تشكلت اول حكومة في شرق الاردن سمي رئيسها الكاتب الاداري وهو يرأس مجلس المشاورين المؤلف من : رشيد طليع رئيسا , ونائب العشائر الامير شاكر بن زيد ، وقاضي القضاة محمد خضر الشنقيطي , ومشاور العدلية والصحة والمعارف مظهر رسلان , ومشاور الامن والانضباط علي خلقي , ومشاور المالية حسن الحكيم ,ومعاون نائب العشائر احمد مريود .

في 25 ايار 1923 اعلن استقلال شرق الاردن في حفلة رسمية , ووقع الاردن على اتفاقية مع بريطانيا في العشرين من شباط 1928 مثلت الاعتراف الكامل بالدولة الاردنية وتغيير اسمها من حكومة الشرق العربي الى امارة شرق الاردن .

وفي شهر كانون الاول من عام 1939 انشئت قنصليتان للبلاد الاردنية في مصر والعراق وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية انضمت الامارة الى بريطانيا ولعب الجيش العربي الاردني دورا مهما ولا سيما في تحرير دمشق.

والاردن من اعضاء مجلس دول الجامعة العربية وقع على ميثاقها في 22 آذار 1945.

وفي الثاني والعشرين من آذار عام 1946 الغيت المعاهدة الاولى المبرمة في عام 1928 ووقع الاردن مع بريطانيا معاهدة نصت على الاعتراف بالاردن دولة مستقلة ذات سيادة والامير عبدالله ملكا عليها.

فلسطين والقدس .. القضية المركزية ........................................

في حرب النكبة عام 1948 دافع الاردنيون عن القدس والاراضي الفلسطينية, وحددت مهام الجيش الأردني بالزحف نحو رام الله والقدس، فدافع الجيش العربي المصطفوي ببسالة وبقيادة الملك المؤسس الذي قال في اليوم التالي للنكبة بعد ان عقد مجلس الوزراء جلسة بالديوان الملكي " اريد منكم تأليف مجلس وصاية على العرش لانني اريد ان اتولى بنفسي قيادة القوات في القدس , انني لا اطيق البقاء على قيد الحياة اذا سقطت القدس وانا اتفرج " .

وابدى أهالي فلسطين رغبتهم بالانضمام إلى المملكة بهدف تقوية جبهتهم الداخلية لوجود كيان سياسي معترف به يدافع عن حقوقهم ، وتم عقد مؤتمر في أريحا ضم زعماء القدس ، الخليل ، بيت لحم ، رام الله , والوجهاء وتمت المناداة بالوحدة الأردنية -الفلسطينية ، ومبايعة الملك عبد الله ملكاً على فلسطين والأردن , وعقد مؤتمر آخر في نابلس والمناطق التابعة لها في 28 / 12 / 1948 واتخذ نفس القرار بمبايعة الملك عبد الله ملكاً دستورياً على فلسطين والأردن.

في الرابع والعشرين من نيسان عام 1950 اعلن مجلس الامة وحدة الضفتين , وفي اول خطاب للملك المؤسس تلي في مجلس الامة وقد جمع ضفتي الاردن , قال طيب الله ثراه :" على ان ابرام امر الوحدة وقد تم فعلا باجماع هذا المجلس الموقر الممثل للضفتين مع عدم المساس بالتسوية النهائية التي تحق حق العرب في امر فلسطين سيعزز في الواقع دفاع الامة الواحدة عن عدالة قضيتها ".

في نيسان عام 1950 تشكلت أول حكومة أردنية برئاسة سعيد المفتي بعد وحدة الضفتين الغربية والشرقية، وتكونت الحكومة من 11 وزيرا ً.

وعلى عتبات المسجد الاقصى كانت ارادة الله عز وجل ان تفيض روح البطل الشهيد الملك المؤسس الى بارئها في العشرين من تموز عام 1951 بعد ان تعرض لعملية اغتيال وبرفقته سمو الامير الحسين آنذاك الذي لم يفارق مشهد وداع جده مخيلته يوما , وفي وجدانه وضميره حماية القدس ورعايتها .

عهد المغفور له الملك طلال طيب الله ثراه .............................................

في السادس من أيلول عام 1951 اعتلى المغفور له باذن الله جلالة الملك طلال طيب الله ثراه العرش لتبدأ مرحلة جديدة في مسيرة الدولة الاردنية ارسى دعائمها دستور متطور صدر في الثامن من كانون الثاني عام 1952 الذي كفل للشعب الأردني حقوقه .

الدستور الذي اعتبر من احدث الدساتير في العالم وأكثرها ديمقراطية وشورى وانفتاحا تضمن عناوين مهمة في دعم المضامين الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك حق كل مواطن في العمل والتعليم والرفاه الاجتماعي كما انه جعل الحكومة مسؤولة امام مجلس النواب الذي اصبح يملك سلطة منح الثقة او حجبها عن اية حكومة بموجب احكام المادة 54 منه ، الامر الذي رفع من مستوى الحياة البرلمانية الى المرتبة التي تليق بها اسوة بالدول الديمقراطية الاخرى اضافة الى شموله بنودا تضمن حقوق المواطن وحرياته الاساسية وحماية العمال وشروط عملهم وفق دساتير العالم المتطورة.

في عهد الملك طلال تشكلت حكومة جديدة برئاسة توفيق أبو الهدى وأجريت الانتخابات النيابية في العام ذاته ، وكان لعهد جلالته رغم قصر مدته تأثير كبير على الحياة السياسية في المملكة إلى يومنا هذا ولعبت الأحزاب دوراً كبيراً ومهماً في تلك الفترة سواء في مجلس النواب أو على الساحة السياسية .

وجلالة المغفور له الذي وقف مجاهدا في صفوف المقاتلين من الجيش العربي دفاعا عن فلسطين بذل جهودا متميزة لتوثيق عرى التعاون والتنسيق لما فيه مصلحة الامة والوطن العربي الكبير الذي كان خرج لتوه من نكبة فلسطين عام 1948.

وفي عهد جلالته اتخذ الأردن قرارا يقضي بجعل التعليم الزاميا ومجانيا حيث يعتبر هذا القرار الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي وكان له الاثر الكبير في النهضة التعليمية التي شهدتها البلاد فيما بعد , وصدر في عهد جلالته قانون خط السكة الحديدية في شهر آذار عام 1952 الذي ينص على اعتبار هذا الخط وقفا اسلاميا، كما انشىء ديوان المحاسبة .

والمغفور له جلالة الملك طلال رحمه الله كان محبا للحياة العسكرية متأثرا بالروح العسكرية لوالده الذي كان احد قادة ثورة العرب الاحرار حيث كان جلالته أول ضابط أردني يتخرج من كلية ساند هيرست العسكرية في بريطانيا وبعد تخرجه منها عام 1929 رافق جده الحسين بن علي الذي كان منفيا في قبرص بعد ان تصدى للمشروعات الاستعمارية التي استهدفت تقسيم البلاد العربية.

ولم يتريث المرض باعطاء الفرصة الكافية للملك طلال رحمه الله ، وبعد احد عشر شهرا وخمسة ايام من اعتلاء جلالته العرش نقل لتلقي العلاج الى ان اختاره المولى عز وجل الى جواره في السابع من تموز عام 1972 بعد ان سجل انجازات نوعية في تاريخ الحياة الاردنية السياسية والاجتماعية والتعليمية.

عهد المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه ................................................

"ان حياتي ملك لشعبي " عبارة استقرت في ذهن المغفور له جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه منذ تموز عام 1951 حين قالها جده المغفور له الملك المؤسس وهو في طريقه الى القدس قبيل استشهاده ، وبعد مضي عام ,اعتلى الحسين العرش ولم يتم الثامنة عشرة من عمره ليكون منذ ذلك الوقت ملكا لا يخشى الا الله تعالى في كل قراراته الشجاعة .

في الثاني من ايار عام 1953 تسلم المغفور له الحسين سلطاته الدستورية بعد ان اتم الثامنة عشرة من عمره ،وكانت الامة العربية في تلك الايام في اسوأ حالات الاحباط بفقدان الجزء العزيز من فلسطين ، وكان الاردن في تلك الفترة بلد الانصار الذي استقبل المهجرين من بيوتهم وقراهم في الضفة الغربية ، ولم تكن تلك الايام سهلة على الملك الشاب ليجد امامه مسؤولية قيادة مملكة وسط انقسام عربي وحالة من الفوضى وعدم وضوح الرؤية بعد حرب عام 1948 .

بقيت القضية الفلسطينية والقدس هاجس الحسين الاول وظل يقول على الدوام "من القدس يبدأ السلام وفيها ينتهي " .

شهد عهد المغفور له الحسين طيب الله ثراه أهم الأحداث السياسية والعسكرية على الساحتين المحلية والعربية , وعلى الرغم من كل التحديات والصعوبات استطاع الاردن الذي لم تكن موازنته عام 1955 تتجاوز ثلاثة ملايين دينار ان يحقق نمواً اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانيا وعلميا .

في تلك الفترة كانت تعصف بالمنطقة العربية أحداث جسام استطاع الأردن التكيف معها وتجاوزها بسلام , ففي عام 1956 وقف إلى جانب أشقائه في مصر لصد العدوان الثلاثي وأبدى استعداده للدفاع الميداني وبالسبل كافة عن الشقيقة مصر .

وفي العام ذاته أصدر جلالة الملك الحسين قراره الشجاع بتعريب قيادة الجيش الأردني حيث تم الاستغناء عن خدمات كلوب وتسليم القيادة إلى ضباط أردنيين ، وكان لهذا القرار صدى إيجابي في الوطن العربي وأثر في مسيرتهم نحو التحرر والاستقلال.

وفي حرب حزيران عام 1967 قاتل الجيش الاردني المصطفوي ببسالة في محاولة لصد العدوان الاسرائيلي على اراضي الضفة الغربية ولم يكن بمقدوره المقاومة وحده تقريبا في الجبهة الشرقية فسقطت القدس ثم اريحا والخليل ونابلس ووقعت الضفة الغربية باسرها في قبضة الاسرائيليين.

خسر الوطن العربي في حرب حزيران جزءا غاليا عزيزا واستطاع الاردن استخلاص العبر والدروس من تلك الحرب ليكون في مواجهة اخرى مع العدو الاسرائيلي في 21 آذار عام 1968 في اراضي الشونة والكرامة على الضفة الشرقية لنهر الاردن وكان الرد الاردني حاسما نجم عنه خسائر فادحة مني بها المعتدون على الرغم من تفوقهم في العدد والطائرات .

نتيجة لحرب عام 1967 أوقفت الحياة البرلمانية في الاردن وتم إعلان حالة الطـــوارئ بهدف توفير أجواء الاستقرار ليتم العودة فيما بعد للحياة الديمقراطية التي كانت سائدة سابقاً .

وشارك الأردن في حرب تشرين الاول ( أكتوبر) عام 1973 , وفي العام 1974 وفي مؤتمر الرباط وافق الأردن على اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين . في عام 1978 تم تشكيل المجلس الوطني الاستشاري بطريقة التعيين مدته سنتان ويعاد تشكيله بعد انتهاء مدته , ولم يعتبر بديلاً لمجلس النواب المنتخب ، لكن تم إنشاؤه لإبداء الرأي والمشورة ومناقشة السياسة العامة للدولة ، وكان للمجلس الاستشاري الكثير من الصلاحيات التي يمارسها مجلس النواب دون أن تكون له سلطة إعطاء الثقة أو حجبها عن الحكومة . في عام 1984 تم تعديل الدستور وحل المجلس الاستشاري وجرت انتخابات في الضفة الشرقية لملء 7 مقاعد التي شغرت بوفاة أصحابها منذ آخر مجلس نواب منتخب قبل حرب 1967 وفي عام 1988 تم فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية . وبعد مرور 22 عاما من الانقطاع أجريت الانتخابات النيابية في الأردن في تشرين الثاني عام 1989 ، وتم تعديل قانون الانتخاب ليصبح عدد أعضاء مجلس النواب 80 ، والأعيان 40 ، وتحقق بذلك الركن الأول في العودة إلى الديمقراطية ، وشهدت البلاد انفراجاً سياسياً سادت فيه روح الحوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بمشاركة جميع القوى الوطنية وفئات الشعب كافة، وتم إعداد الميثاق الوطني عام 1991 ليعبر عن التلاحم بين فئات المجتمع الأردني ، وشارك المجلس النيابي في القرار السياسي، وتم السماح بتأسيس الأحزاب السياسية ليصبح عددها أكثر من 40 حزباً اسهمت سواء عبر مجلس النواب أو مؤسسات المجتمع المدني في تطور الحياة السياسية في المملكة .

دخل العرب في مفاوضات مع إسرائيل ,نتج عنها التوقيع على اتفاقية سلام مع الفلسطينيين في أوسلو وتم توقيع اتفاقية وادي عربة في عام 1994 بين الأردن واسرائيل . وشهد الاردن تطوير شبكات الماء والكهرباء التي كانت متوفرة ل 10 بالمئة في العام 1950 ، ووصلت إلى 99 بالمئة في نهاية تسعينيات القرن الماضي ، وفي عام 1960 كانت نسبة المتعلمين تصل إلى 33 بالمئة ، وفي عام 1996 وصلت إلى 85,5 بالمئة .

وتشير احصائيات اليونيسف الى أن ما بين عامي 1981 و 1991 ، حظي الأردنيون بأقل معدل وفيات للأطفال في سنتهم الأولى، إذ انخفضت نسبة وفيات الأطفال من 70 حالة وفاة في الألف عام 1981 إلى 37 حالة في الألف عام 1991 .

مر الاردن عبر مسيرته الخيرة بقيادة الملك الحسين بظروف صعبة , لكن بفضل قيادته الحكيمة، وبجهود ابنائه المخلصين وعزائمهم ، كان دائما يجتاز كل الشدائد والمحن ويحقق الانجازات العظيمة رغم قلة الموارد والامكانات.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد