العبادي يتحدث في معاركه عن ملابسات حل مجلس النواب الـ 11
معارك برلمانية / بقلم المفكر د : احمد عويدي العبادي
الحلقة 28 الثامنة والعشرون / حصري السوسنة
وخلال فترة نيابتي الأولى هذه ( 1989 - 1993 ) قمت بمجهودات كبيرة لإنشاء البنية التحتية في مناطق قاعدتي القبلية، ولواء وادي السير، وقاعدتي العشائرية (عباد) في محافظة البلقاء ( رغم أنهم خارج دائرتي الانتخابية ). ويتضح من المذكرات التي رفعتها لأصحاب الاختصاص من المسئولين والمنشورة في جزء آخر من هذا الكتاب , مدى دقة وشمولية الطلبات ، وكيف استطعنا ( بفضل الله )، أن نكثف جهودنا لبناء الطرق والمدارس وشبكة الكهرباء والصرف الصحي والهاتف والماء وقنوات الري والمساجد , والتوظيف والبعثات الدراسية الخارجية منها والداخلية والمقاعد الجامعية فضلاً عن المشاريع العامة، والمساعدات الفردية والأسرية..
كانت السياسة الإستراتيجية العليا للكيان السياسي المتّبعة هي ألا تستمر حكومة في موقعها أكثر من سنة أو ما حولها ، وهي سياسة كانت تجد من يطبل لها ويزمر على أنها سياسة حكيمة وناجحة وناجعة إلى حد ما, وقد كان لتصرف رؤساء الوزارات والوزراء برهان على البغية المنشودة في أكثر الأوقات ، لأن بقاء رئيس الوزراء لمدة طويلة في موقفه , يؤهله لإيجاد أزلام وشلل يعطيهم المناصب، ويستطيع تطهير الدولة ومواقعها من الكفاءات والتوازنات بحجة أنهم من أزلام غيره، وبحجة التطوير دونما نظر للكفاءة أو المصلحة العامة، وإن كانت مثل هذه الإجراءات تسير عادة تحت عباءة المصلحة الوطنية والتطوير الإداري، والتنمية الاقتصادية أو السياسية ، والتقيد بما يسمى كتاب التكليف الملكي أو غير ذلك من العناوين السرابية التي يزخر بها قاموس تشكيل الحكومات بالأردن ...
وبمعنى آخر كانت سياسة الكيان السياسي / دائرة الحكم ولا زالت أن يتم التغيير والتلاعب بالحكومات والمناصب والناس لكي لا يصل التفكير بذلك حيال الكيان نفسه . فهو يضحي بغيره وبمصالح الأردن وأهله إذا احتاج إلى ذلك للحفاظ على نفسه وامتيازاته وهيمنته , وكان الكيان يغضب من أي رئيس أو وزير له شعبية أردنية وإنما يريد منهم التصرف بصورة إقليمية وعنصرية كل في مجال وظيفته , ليقال انه لولا الكيان السياسي لضاعت الأردن وهي النغمة التي عانينا منها ولا زلنا منذ تسعين سنة للأسف الشديد .
كان الكيان السياسي لا يريد من أي أردني أن يكون رمزا أو قيادة وطنية أو يستقطب الأردنيين أو يعمل لمصلحة الوطن وشرعيته والهوية والقضية الوطنية , وكان يكتشف أية حالة بصورة مبكرة ويعمل عبر أدواته على تدمير أية قيادة محتملة . لذا نجد أن تشويه صورة الوطنيين كان عملا ممنهجا من قبل الكيان السياسي نفسه , وقد عانيت ولا زلت من هذه السياسة الخطيرة جدا التي شوهت صورتي وسمعتي في فترات مختلفة مما اضطرني مضاعفة جهودي لاحتواء هذا الهراء والافتراء الذي كان يجد من يسمعه وبخاصة انه تم تجنيد الأجهزة الأمنية ( ولا زالت ) والإعلام الرسمي والإعلام التابع ( ولا زال ) والقطعان الضالة ( ولا زالوا ) لتشويه صورتي ضمن سياسة ممنهجة على مستوى الكيان السياسي نفسه . وكانت سياسة التخويف بين عناصر الشعب الأردني بعضه من بعض نهجا سياسيا يتبعه هذا الكيان ولا زال , ويتم تدمير أية قيادة محتملة من أية فئة من هذه المكونات . وكان ولا زال يعتبر انه نقطة التوازن وصاحب الجينات المتفوقة وإننا جميعا نقاط التخريب وعناصر التدمير والجينات الواهنة الناقصة , وبالتالي علينا أن نرضخ ونرضى بقدرنا الذي حل بنا على انه بركات من السماء ومكرمة من الكيان السياسي . كنت افهم هذا وكلما ازداد فهمي له ازدادت حدة المعارك ضدي وحدة الدفاع عن النفس .
وبناء عليه تعاقبت أربع حكومات خلال الأربع سنوات من نيابتي الأولى ( 1989-1993 ) ، وذلك إذا ما تغاضينا عن تلك التي أجرت الانتخابات وقدمت استقالتها بعد رد النواب على خطاب العرش. وقد استمرت إحدى الحكومات ستة أشهر فقط ؛ واستمرت إحداها حوالي سنة ونصف السنة وهي مدة طويلة في حقبة التضحيات بالآخرين التي يمارسها الكيان السياسي
وإذا عرفنا أن الحكومات بالأردن، هي حكومات مهماتassignments، وليست حكومات أدوارroles، ولا حكومات برامج إستراتيجية, فإن سنة ونيف يعتبر وقتاً كافياً لأداء مهمة ما. وإذا عرفنا أن المزاجية والشللية والعلاقات النسائية والمخملية والكؤوس والفساد وهز الخصر وإعلان عبودية الأفراد للأفراد مقابل المناصب التي يسعون إليها بكل ذلة ومذلة , هي التي تهيمن على طريقة تشكيل الحكومات غالباً ، فإن سنة ونيف كافية أن يحقق الوزراء مصالحهم، وتؤدي الحكومات مهماتها , ويصبح مبدأ التضحية بها أولى بكثير من التضحية بالشعب أو بالوطن ظاهرا وفي الحقيقة إنها تضحية يقوم بها الكيان السياسي وليس غيره ضمن سياسته للاستمرار والبقاء conflict for survival .
لا بد أن أذكر هنا أنني بقيت الستة أشهر الأولى من نجاحي بالبرلمان عام 1989 لم أضع لوحة الرقم 18 / مجلس النواب على سيارتي المدنية المسكينة وهي تويوتا كورونا صنع 1986، اشتريتها بعد إحالتي على التقاعد من الأمن العام , وعندما سألني أحد رجالات القصر المقربين الموثوقين جداً لدى الملك، في زيارة لي إلى بيته , لماذا لا أضعها ؟: قلت وبكل صدق: إنني أعرف أن مجلس النواب جاء لأداء مهمة، لاحتواء ثورة الأردنيين، وطاقاتهم، ثم يصدر الحل فجأة في أية لحظة, إذا ما أدى هذه المهمة , فضحك وقال أنت دائما تتحدث مالا يخطر ببال الآخرين , فقلت إن أفضل طريقة لتقبل الصدمة هي أن نحتمل أسوا الاحتمالات فان جاءت الاحتمالات الطيبة فبها ونعمت , وان جاءت السيئة فنحن توقعناها ولا تشكل لنا صدمة ولا توقعت ولن أتوقع يوما أي خير من هذه الدولة , ونحن لم نبتسم منذ عام 1920 ولعلنا نبتسم يوما وأرجو الله ألا يكون بعيدا , وهنا ضحك الرجل وهز رأسه سائلا إياي : هل هناك كثير من الأردنيين من يدرك ما تقول ؟ ورجاني ألا أتحدث بهذا أمام احد أبدا , فقلت إن لم يوجد الآن فان وقتا سيأتي يفهمون ذلك ويعبرون عنه وستسمعون ملا تحبون سماعه فالدنيا ستتغير . وقد كانت تقاسيم وجه الرجل تتقلب بين احمر واسود وبنفسجي وهو يسمعني وانطوى سراعا في سيارته ليذهب ويخبر الملك في حينه بما قلته له , وظهر ذلك من خلال زيادة الرقابة المخابراتية ومضايقاتهم لي في اليوم نفسه , وهو أمر كنت أتوقعه سلفا . . وقد رأيت حدسا وتوقعا في السنة الأخيرة أن المجلس أدى مهمته في موضوع مناقشة قضية كئيبة في الفساد أشرنا إليها تواً، فنزعت لوحة النواب ووضعت النمرة المدنية قبل حل المجلس ببضعة أشهر , حيث كنت أتوقع حله في أية لحظة , لأنني بطبعي أتوقع السؤ دائما , وما توقعت خيرا من هذا الكيان ولا أتوقع ولو مرة في حياتي , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون .
وفي أحد الأيام وقع ما كنت أنتظره واحذره بفعل حساباتي الخاصة وحدسي وفهمي لعقلية وتركيبة الكيان السياسي بالأردن.، فحينما كنت أقود سيارتي في شهر أيار 1993، عائداً من مكتبي بمجلس النواب باتجاه بيتي ، سمعت على المذياع العماني / عمان الرسمي في الثانية بعد الظهر إذاعة القرار الملكي القاضي بحل مجلس النواب الذي غادرته توّاً، وكان رئيس المجلس في اجتماع مع وفد شعبي , جاء ليستمع إليهم حول مظلمة من ظلم وقع عليهم (على الوفد ومن يمثله)؟. وبينما كان النقاش بين الرئيس والوفد محتدماً , دخل عليه سكرتيره يخبره أن القرار بحل مجلس النواب قد أذيع في الإذاعة والتلفزيون توّاً. وهذا ماعرفته لاحقا لكنني تخيلته وانأ اسمع قرار الحل حيث تركت الرئيس يهتم بقضية وطنية تهم شريحة من أبناء الوطن , ويبدو أن ذلك كان ممنوعا لدى الكيان السياسي على انه وحده هو المرجع الذي يحق له حل المشاكل وإصدار صكوك الغفران . لقد حزنت لما تخيلته من وضع وحالة رئيس المجلس وهو رجل فاضل ,
أما أنا فقد ضحكت عندما سمعت، وقلت: ما هذا المجلس الذي يتم حله بقرار، وبكلمة واحدة، ومن خلال الإذاعة؟. وما هذه الديمقراطية التي يجري وأدها بكلمة واحدة ؟ أليس الأجدى والأصوب أن يخضع حل مجلس النواب لشروط وآليات غير هذه تحافظ على مصالح الأردن وشعبه وهويته وقضيته وشرعيته ؟! لقد انتهت اللعبة، وانتهت المهمّة، وانتهت الفسحة وانتهت ما يسمونه المكرمة وكشر أصحاب الابتسامات الناعمة الحريرية عن أنيابهم الحقيقية, وصار معسول الكلام سما زعافا بقطر من بين الأنياب , وهو في أصله كذلك .
لقد احترمت تصرف رئيس المجلس (1993) المنحل الآن وكان قبل قليل رئيسا للمجلس القائم ؟؟؟ , عندما رفض العودة إلى بيته بسيارة رئيس المجلس , التي جاء بها صباحاً للدوام بمكتبه أو حتى أية سيارة من المجلس . وعاد بسيارة أجرة طلب -استوقفها من الشارع المحاذي لبوابة مجلس النواب... لقد كان غادر بيته في الصباح رئيساً وبسيارة الرئيس وسائق الرئيس ويمثل المجلس والشعب ، وعاد إليه بعد الظهر مع سائق أجره، ولكنه أصبح لا يمثل المواطنين،ولا مجلس النواب المنحل وإنما مواطناً عادياً لا يمثله احد (؟!!!؟) ولا يمثل أحدا ؟؟؟ هذه الديمقراطية بالأردن تتضخم بالهرمون ألتضخيمي وتتقزم بالهرمون التقزيمي , وممنوع على الجميع أن يقول , وان قالها دفع ثمنها من التشويه والإساءات والعقاب . وإنني ولما يحدث معي لأكبر مثال على ذلك
هذه هي الديمقراطية في الأردن والعالم الثالث. (!؟!) . هل هذا القرار ينطوي على احترام للشعب وممثليه ؟ وهل هذا ينم على سعة صدر الكيان السياسي وأصحاب الصلاحيات لاستيعاب الديمقراطية والرأي والرأي الآخر؟ وهل هذا يتفق مع الكلمات المعسولة بدعم الديمقراطية بالأردن؟ أليس من الأصوب إبلاغ الجميع قبل سماعهم للنبأ من المذياع ؟ ألا يعني هذا القرار احتقاراً لنا ولمشاعرنا الوطنية؟ ألا يعني عدم احترام إرادة الشعب الأردني الذي كان المجلس 11 يمثله خير تمثيل؟ ... هل هذا القرار ينم عن القدرة على احتواء الآخرين واحترام إرادتهم ؟ نترك الجواب للتاريخ والناس .
هذه الأسئلة وغيرها قفزت إلى ذهني بعد سماع خبر قرار حل مجلس النواب الحادي عشر ، بينما كنت أقود سيارتي المسكينة عائدا إلى بيتي المتواضع . ولحسن حظي أنني اعتدت وضع اللوحة البيضاء الخصوصي في الأشهر الأخيرة كما قلت تواً بدلاً من لوحة النيابة، لأنني كنت أحسّ من أعماقي بصدور قرار مفاجئ كهذا في أية لحظة. وقد سمعت أن أحد أفراد شرطة السير استوقفت سيارة أحد النواب المكحوشين مساء ذلك اليوم بعد إعلان حلّه، وأمروه بانتزاع اللوحة النيابية , وإلا حولوه للمحكمة بجرم انتحال شخصية نائب ؟؟؟ . وكان لا يدري عن حل المجلس إلا عندما أعلمه الشرطي بذلك. هذه الديمقراطية بالأردن؟ ولكنها ليست الديمقراطية الأردنية القائمة على الذوق ومراعاة المشاعر. فهناك فارق كبير بين الديمقراطية الأردنية والديمقراطية بالأردن.
ذكرني هذا القرار بحكاية في الثمانينات من قرن 20 عندما جرى أيضا حلّ الحكومة ذات ليلة في حينه ، وكان وزير الأوقاف فيها في مزرعته بالأغوار. وعندما جاء لصلاة الجمعة في مسجد أبي عبيدة (رضي الله عنه)/ الغور الأوسط , صار يصدر أوامره للخطيب والإمام، فقالوا له: لقد تم حلّ الحكومة البارجة, ولم تعد وزيراً للأوقاف، وتم تعيين غيرك. كان لا يدري أنه انتهى من الوزارة , حيث لم تكن الاتصالات الخلوية معروفة آنذاك
ما بعد حل المجلس الحادي عشر
ابتهج الذين كانوا يرقبون التخلص من المجلس، ومن د. أحمد عويدي ألعبادي، ومن غيره من النواب الأقوياء الأمناء , وما أكثرهم من رسميين ومنافقين ومتسلقين ومتربصين , لأن هؤلاء الشامتين لقوا الفشل , وتجرعوا الهزيمة , في مواقفهم وحياتهم وعرض أنفسهم على الناس، ومحاولاتهم الوصول إلى شرف تمثيل الأردنيين فلَقَوا الصفعة من الشعب ، ونحن لقينا الصفعة من الكيان السياسي ، وما عرف هؤلاء أن هذا القرار يعني أن النظام لا يريدنا ولا يريدهم، إلا لنكون أرقاماً وأدوات وربما مطايا فقط , وهو ما لا ينطبق على وضع وتركيبة المجلس الحادي عشر .
ومع هذا فإن الذي يعرف السياسة في الأردن، يعرف أيضا أنها لا تلتزم بأي منهج متعارف عليه في النظريات والمبادئ السياسية التي درسناها بالجامعات , أو نراها في دول العالم والتاريخ. فهي سياسة الدولة في الصراع من أجل البقاء
Conflict for survival
أما السؤال الذي لا أستطيع الإجابة عليه: مِن أجل مَن ؟ وبقاء مَن ؟ وبالتأكيد أنه ليس صراعاً من أجل الأردن والشعب وبقائهما , فهما الضحية دائماً ، وليس لبقائهم إطلاقاً . ومن هنا نعود إلى ما قلناه في مقدمة هذا الكتاب أن السياسة بالأردن يوم لك، ويوم عليك، وهي يوم في السرج، ويوم في الخرج. وأن مثلث الغم يريد احتكار كل شيء في الأردن لنفسه ولنفسه فقط، ولا يريدنا أن نكون، ولا أن نعيش إلا أرقاماً وأوهاماً وحراسا ودافعي ضرائب، ومصفّقين، وكتبة تقارير ببعضنا البعض. وللحديث بقية في الحلقة 28 إن شاء الله .
لماذا هذا التشظي العربي تجاه سورية
رسالة مفتوحة الى دولة رئيس الوزراء
المدرج الروماني يحتضن حفلاً احتفاءً بالأعياد الوطنية
حماس: جاهزون بجدية للدخول فوراً في المفاوضات
الأردني أبزاخ يفوز بالضربة القاضية في الفنون القتالية
الحرائق تلتهم غابات اللاذقية والألغام تعرقل الإطفاء
هل ستقبض فرنسا على بشار الأسد .. تفاصيل القرار
البرلمان العربي: العالم اليوم يواجه مرحلة خطيرة
فرق تفتيش على مركز تحفيظ القرآن بالكورة
تواصل فعاليات مهرجان صيف الأردن
تطور لافت بالصفقة .. مهم من مسؤولي حماس
ترامب يستعد للتوقيع على مشروع قانون ضخم
مدعوون للامتحان التنافسي في مؤسسات حكومية .. أسماء
مهم للأردنيين الراغبين بالسفر براً عبر السعودية
مطالبون بتسديد أموال مترتبة عليهم لخزينة الدولة .. أسماء
مرشحون للتقدم للإختبار التنافسي لإشغال وظيفة معلم
تعيين أول سيدة برتبة متصرف في الداخلية .. من هي
حبس وغرامة تصل لـ 500 دينار لمرتكب هذه المخالفة
محاميان: منع الطلبة من الامتحانات تجاوز أكاديمي خطير
الحكومة ترفع أسعار المحروقات بنوعيه البنزين والديزل .. تفاصيل
انخفاض جديد على أسعار الذهب محلياً السبت
استئناف النقل البري بين أوروبا والأردن بعد انقطاع دام 14 عامًا
انسحاب منتخب الأردن يثير غضب الإعلام العبري .. تفاصيل
المفرق: بوابة الأردن الشرقية ومطار المستقبل
غدًا .. تشغيل خطي نقل عمّان إربد وجرش رسمياً