العبادي يتناول في معركته الـ 31 إحالته للقضاء

العبادي يتناول في معركته الـ 31 إحالته للقضاء

01-07-2012 11:28 PM

 مذكرات د .أحمد عويدي العبادي / معارك برلمانية الحلقة 31 : 

 
لم يتركني الأعداء والماسونيون ودوائر  الحكم والتحكم والمهمات ومطاياهم الضالة المضلة ومن حولهم من شرورهم ، بل لاحقوني إلى مقالاتي ومقابلاتي ، وكانت مقالاتي ضد تصرفات حكومة الثورة البيضاء كما سماها الملك في حينه  , وكأنه يقول لنا أن  الثورة العربية الكبرى قد استنفدت أغراضها  ومبادئها التي لا اعرف إلى الآن ما هي مبادئ  ما يسمى بالثورة العربية الكبرى , فهناك أراء كثيرة متناقضة تماما بين وصفها بالقومية ووصفها عكس ذلك وكل له دلوه وبرهانه .
 
 أما أنا فلا ادري ماذا تعني أردنيا سوى ما نعانيه من البلاء والداء وأننا تحولنا إلى أتباع ,وتحول الأتباع  إلى أسياد علينا قسرا وجبرا  رغم أنهم لا يساووننا في شيء  , وكله ببركات هذه الثورة ونتاجها . وتمزقت البلدان العربية أرضا وهوية وشرعية بسبب مبادئ هذه الثورة . هذا ما افهمه عن ما يسمى بالثورة العربية الكبرى . بل أن إعلام النظام لا يتحدث عن أي فكر لهذه الثورة لأنه لا يوجد لها أي فكر أصلا , وإنما يتحدث عن عنوان ليس له مكانة ولا مكان لدينا ولا في التاريخ الذي درسناه ولا أقول قراناه في المناهج المزورة للتاريخ ويدرسونها بالمدارس الحكومية  .
 
بإعلان الملك في حينه عن حكومة الثورة البيضاء جعل مثلي يفهم  أن  ما يسمى بالثورة العربية الكبرى الوهم  لم تعد موجودة , وان هناك ثورة جديدة بديلة وهي تمثل الملك وليس غير الملك  بهذه الحكومة التي أصر الشعب والكتاب والنخبة  على تسميتها حكومة «الدفع قبل الرفع» بعكس إصرار الملك إنها حكومة الثورة البيضاء, وهي في الحقيقة حكومة العثرة البيضاء . لقد فهمت وبطريقتي التي تبدو عوجاء عرجاء بالنسبة للجهلة ويفهمني النظام جيدا بل أن أكثر من يفهم فكري وحديثي وكلامي هو النظام لذلك فانه يحاربني في كل شيء . 
 
أقول فهمت من إعلان الملك في حينه عن تسمية هذه الحكومة بهذا العنوان  :  انه / أي الملك فجر ثورة عصرية جديدة على غرار ما يقال أن جده فجر ثورة باسم العرب وان تلك قد عفا عليها الزمن وأصبحت من الأسمال البالية ومخلفات التاريخ  , وانه لا بد من إضفاء  لقب الثائر الأول على الملك  في حينه ( 1996 ) مثلما كان لقبه الفدائي الأول الذي أطلقه على نفسه   في نهايات الستينات من القرن العشرين , والرياضي الأول والقائد الأول , ومن الألقاب ما يطول ولا يتوقف ... الخ أما هنا فالثورة بيضاء , أي  باسم البياض لونا, وان لون البياض ليس موجود دائما في الأشياء كلها ,. فقد يكون راية الاستسلام والانهزام والإفلاس أيضا .  كان ذلك عام 1996.أما أنا فقد  وقفت مؤازرا لثورة الخبز الأردنية المباركة التي انطلقت من معان عام  1996 م كما شرحنا سابقا وانتشرت كالنار في الهشيم في سائر المدن والبلدات الأردنية الأخرى. 
 
وقد جرَّت علي مواقفي الوطنية الأردنية المشرفة هذه ويلات جديدة وقف وراءها النظام  وأدارتها دائرة التحكم ونفذتها دائرة المهمات :  قضية في المحكمة اسمها إذكاء نار الفتنة بين أبناء المجتمع وعناصر الأمة والإساءة لما يسمى بالوحدة الوطنية. 
 
وكان موقف الأردنيين وقاعدتي العشائرية (عشائر عباد العريقة الكريمة ) مُشَرِّفاً وكريما وعظيما دخل التاريخ من أوسع أبوابه وهو موقف متمم لثورات الأردنيين المتلاحقة منذ ثورة الكرك عام 1910 إلى يوم ضد كل احتلال وإذلال . هذا الموقف الذي له ما بعده وما أروعه من يوم . فقد  تَجمَّعَ حوالي ستة آلاف منهم  في حي الميدان بوادي السير حيث بيتي  لمؤازرتي في مهرجان خطابي حضره عدد من قادة الحركة الوطنية الأردنية كان على رأسهم المغفور له المرحوم الأستاذ ملحم يوسف التل الذي انتقل إلى رحمته تعالي في مطلع الألفين، وعدد من الرجال الذين كنا نشكل قيادة الحركة الوطنية الأردنية , والتي تم فكفكتها وتفريق قادتها بأسلوب امني ممنهج جدا , ومع هذا كان حضورهم مدويا على جميع المستويات . وفهمت فيما بعد أن الملك ورئيس الوزراء ومدراء الأمن والمخابرات وقائد الجيش كانوا يتابعون ذلك في غرفة العمليات في بث حي ومباشر تم ترتيبه مسبقا  من سائر هذه الجهات الرسمية  , وكنت لا اهتم بذلك خشية بل كنت ارغب أن يتم ذلك  ليعرف الملك وتنابلته أن من نفذ تعليماته باختلاق القضية ضدي ليسوا إلا مجموعة من اللصوص والقطعان الضالة والتنابلة الذين ينفذون الأمر دونما تقديم نصيحة صادقة لسيدهم وولي نعمتهم وكبيرهم  . كان المهرجان تعرية لهم بامتياز وكان برهانا على سوء تقديرهم للأمور والمواقف ؟.
 
عقد المهرجان الشعبي الخطابي في حي الميدان بوادي السير يوم الأربعاء 6/8/1996 في الساعة الخامسة مساء بالتوقيت الصيفي , حيث بيتي , وألقى المرحوم ملحم التل الذي كان آنذاك رئيساً للحركة الوطنية، كلمة وقصيدة ألهب فيها مشاعر الحضور، وألقى الأستاذ الدكتور أحمد العوايشة احد قيادات الحركة (في حينه )  كلمة  وطنية رائعة وألقى غيرهم أيضاً، وكان ذلك عشية الجلسة في المحكمة حيث كان مقرراً توقيفي، في سجن الجويدة من قبل حكومة الدفع قبل الرفع ( ظاهرا ) ؛ وهذا ما جعل الناس يتجمهرون ليرفضوا أية إساءة لي، بسبب دفاعي عن الأردن. أما أنا فكنت متيقنا أن ذلك ما كان ليحدث بدون مباركة الملك ضدي , ولكن الرياح لم تجري كما تشتهي سفن الملك وأدواته  , ولا حسب مزاجهم  . فقد برزت إرادة الشعب التي كسرت إرادة النظام والأجهزة والمطايا والتنابلة والحمد لله . لقد وجد ملأ الملك  أنفسهم أمام معركة حقيقية لا مزاح فيها أبدا , ولا مكان للتنبلة والتنابلة  فيها أبدا .
 
لقد كان موقف الأردنيين والعبابيد موقفاً تاريخياً ومشرفاً ورائعاً مليئاً بالدفاع والتحدي والوطنية، ولا أنساه مثلما لا أنسي موقفهم الصامت عام 2007 المحزن اللامبالي عندما زج بي بالسجن ولم يتحرك احد منهم , فقد ركزت في عام 1996 على القاعدة الشعبية , وأما عام  2007 فقد تم توقيفي فجأة , وقامت دوائر الحكم والتحكم والمهمات بدعوة من يقولون أنهم متنفذون في القبيلة وطلبوا إليهم عدم التحرك . 
 
ومن مفارقات القدر أن مدير دائرة التحكم الذي سجنني عام 2007 قد زج به في السجن في مطلع عام 2012 بتهم الفساد وغسيل الأموال فسبحان الله رب العالمين .
 
تغيرت الدنيا عام 2007  , أي خلال  عشرة أعوام بعد سياسة أمنية مبرمجة ومتواصلة وحثيثة بإشراف القصر والنظام , من التحقيق والاعتقال  والملاحقات للعبابيد ومؤيدي احمد عويدي ألعبادي ومحاربتهم في عيش أبنائهم ووظائفهم , ومضايقتهم عند السفر أو التوظيف أو البعثات  وبأوامر من دائرة الحكم وتنفيذ من دائرة التحكم وضعف من دائرة أداء المهمات ( الحكومات ) , وقد تخصص البعض من دائرة التحكم واستعدوا  لأداء هذه المهمات القذرة لقاء الحصول  على الرتبة والامتيازات لكنهم القي بهم  في نهاية المطاف إلى حيث مزابل التاريخ والنسيان . فسبحان الله رب العرش العظيم.
 
 كان الاجتماع العام ( الأربعاء عشية جلسة  المحكمة )  ضرورياً، وكنت لا ألوي على فلس واحد أجرة للبيوت والسرادق التي تطلب المهرجان بناءها، واتصلت مع أحد أخوالي وهو صاحب محلات تأجير بيوت وصواوين (مفردها صيوان),  غطت الاجتماع كله مع مشارب للماء. إنه الرجل الوطني ألعبادي الشهم.. «أبو علي ألعبادي» من عشيرة أبو خروب/ الزيادات/ عباد ، حيث أنه صاحب محل مشهور في توفير وتأجير الصواوين ولم يأخذ مني فلساً واحداً، وقد قام أزلام مدير المخابرات في حينه ,  باستدعائه والتحقيق معه مرات عديدة وعطّلوه عن عمله: لماذا  أعطى السرادق وكان جوابه قوياً ورجولياً , وان هذا ماله الخاص ولا وصاية لأحد عليه أبدا , وانه غير نادم على ما قدمه من شهامة , وغير مستعد للابتعاد عن د. احمد عويدي ألعبادي فهذا شانه هو وليس شان المخابرات العامة .
 
 وكان المؤتمر العام المذكور الذي عقد بميدان وادي السير بجانب بيتي يوم الأربعاء 6/8/6991 وكانت جلسة المحكمة في اليوم التالي 7/8/6991 حيث طوقها (طوَّق المحكمة) خمسة آلاف من الشرفاء من قاعدتي العشائرية والأردنية. وتم إغلاق المحكمة وإغلاق وسط مدينة عمان تماماً ذلك اليوم ، وتوقيف الجلسات لجميع القضايا وتأجيل القضية التي ضدي ,  وسائر قضايا المحكمة إلى موعد آخر. لقد تعطلت المحكمة تماما عن العمل القضائي وتحول القضاة الى النوافذ يشاهدون منها أمواج الناس تملا الشوارع وتسد الطرقات وهم  ( الناس ) يحملونني على أكتافهم ويهتفون : بالروح بالدم نفديك يا دكتور , و بالروح بالدم نفديك يا عويدي , وكان معي ولداي البشر ونمي ومعي المحامي الأستاذ المرحوم د. احمد سعيد المومني / أبو كفاح  . لقد كان منظرا مهما يراه القضاة لأول مرة في حياتهم , وكان غالبية القضاة من أبناء العشائر الذين يسرهم تجمع الأردنيين في الدفاع عن أبناء الوطن الشرفاء
 ولا أنسى الموقف المشرف للقاضي توفيق القيسي الذي احترمني وأجلسني أنا وأولادي البشر ونمي  حيث رافقوني ولم يزالوا أطفالا آنذاك .  وأصر على ضيافتنا وإبلاغي تأجيل الجلسة بحضور المحامي المذكور رحمه الله الذي رافقني من مكتبه في تلاع العلي إلى المحكمة , ثم تركته في بحر البشر المتلاطم . وحملني الناس على أكتافهم , وهي الحالة الأولى والأخيرة التي تحدث أمام قصر العدل في شارع السلط بعمان  في تاريخ الأردن أن يجري حمل شخص من عامة الناس أو قادتهم على الأكتاف والهتاف باسمه , مما أغاظ  دائرتي الحكم والتحكم وسائر ما يسمى بالمرجعيات والخطوط الحمراء , لقد كانت كارثة عليهم أن يتم الهتاف بحية شخص, لأنهم جميعا كانوا على يقين إن نظام الحكم يقف وراء هذه المهزلة وان البقية ليس عليهم إلا التنفيذ , فنحن في مزرعة ليس فيها إلا الأسياد والعبيد . لقد كان القاضي عاقلاً وحكيماً بالفعل وقروياً , ولو اتخذ قرار توقيف مثلما كان مقررا من الحكم والحكومة ومدير المخابرات والقصر  في حينه لقام الناس بإحراق المحكمة كلها من أولها إلى آخرها وما فيها / الجمل بما حمل , ولا اكتم التاريخ سرا أن هذا كان قرار القبيلة الذي عرفته مؤخرا بعد وقت قصير .
 
 وعرفت فيما بعد أيضا أن ألعبابيد  كانوا وضعوا رشاشاتهم بسياراتهم وأنهم في حال توقيفي سيتخذون من المحكمة ومن يدافع عنها أهدافا معادية يجب معالجتها . أقول هذا للتاريخ لأنه الحقيقة التي يجب أن يعرفها الأجيال عبر الدهور والسنين  . لقد كانوا من رواد الربيع العربي حقا قبل أن ينطلق  بأربعة عشر عاما  .
 
بعد خروجي من عند القاضي توفيق  , وقفت على درج المحكمة وخطبت بالناس محاولا التهدئة  من غضبهم واشتعلوا عندما رأوني اخرج من المحكمة وأنا مبتسم ومعي البشر على يميني ونمي على يساري وحملوني مرة أخرى وهتفوا بحياتي  وكانت كاميرات الدوائر الأمنية/ دائرة التحكم  تصور الحدث صوتا وصورة وكنا نعتقد أنها وكالات ومحطات تلفزة أجنبية , ولكن عند التحقيق بالمخابرات كان المحققون يعرضون على الشخص المطلوب شريط المظاهرة ويبينون له صورته ويسالون عن أسماء بقية أصحاب الصور وأتمنى لو حصلت على شريط لذلك الحدث التاريخي , وعرفنا فيما بعد أن دائرة التحكم منعت وكالات الأنباء ومصوريها وكاميراتها من تصوير تلك المسيرة التاريخية التي لن تتكرر في ذلك المكان .
 
 ثم تحرك الناس في مظاهرة عارمة من شارع السلط بعمان إلى منزلي بوادي السير ، سيراً على الأقدام ( أكثر من 12 كيلومترا )  حيث كانوا يهتفون باسمي، سواء بالمحكمة عندما حملوني على أكتافهم أم في بيتي ام في الطريق إلى وادي السير .وبذلك اختلطت الأوراق لدى دوائر الحكم والتحكم والمهمات  بسائر مرجعياتها ومؤسساتها وأدواتها ورأت امرأ لم يكن في حسبانها ولا حساباتها عندما أوعزت بتحريك القضية في خطوة لزجي بالسجن , والتف الناس حولي  والحمد لله وصارت الدولة حكما وحكومة وتحكما عاجزة عن عمل أي شيء ضدي .
 
 وملخّص القضية المسخ أساسا ، أنه جرت مقابلة معي في صحيفة شيحان الأسبوعية والتي كانت أشهر الأسبوعيات الورقية آنذاك ( 1996) , حيث لم تكن توجد مواقع الكترونية كما هو الآن  .  ويبدو أنها كانت مبرمجة للإيقاع بي أصلا بترتيب من مدير المخابرات في حينه ورئيس حكومة الدفع قبل الرفع  ومدير ما يسمى بمكافحة الفساد بعد أن كان رئيسا لخلية مراقبتي قبل النيابة ( 1987) وفشل بالإيقاع بي كما سبق وشرحنا وصار باشا على حساب جهوده للإيقاع بي وبأبناء العشائر الأردنية المخلصين للأردن والذين لديهم قدرات وعقليات  واعدة أن يكونوا شيئا في البلاد . وقد شرحنا ذلك مفصلا في كتابنا بالانجليزية : التاريخ السياسي للعشائر الأردنية ولا داعي للتفصيل هنا . ,من هنا ولإدراكي المؤامرة حول اللقاء الصحفي  كنت حريصا على عدم الشطط في الحديث وكنت متحفظا في  كل ما قلته , ومع هذا كان القرار معدا مسبقا بتحويلي إلى المحكمة والزج بي بالسجن . ولكن الله سبحانه جعل كيدهم في نحرهم .
 
 كانت عداوة مدير مكافحة الفساد ضدي تعود لأسباب عشائرية توارثها كل منا ضمن الذاكرة الجماعية من الآباء على ضوء أحداث سابقة في مطلع  القرن العشرين  عفا عليها الزمن عندي وجددها الزمن عنده ...، وكانت مقابلتي ضمن تحقيق عام مع عدد من الكتاب وهم :  أنا وثلاثة آخرون ,وتم اختياري من بينهم لإقامة قضية ضدي من قبل الأطراف المذكورة أعلاه بضوء اخضر وتوجيه  من الحكم  وبترتيب من الحكومة والمخابرات والمدير الحاقد المشار إليهم أعلاه .
 
 وأما عداوة مدير المخابرات  في حينه فتعود إلى مقالي  عن عرائش البطيخ الذي سبق وتحدثت عنه , وأما عداوة رئيس حكومة الدفع قبل الرفع فتعود لمهاجمتي له عندما صار وزيرا للعمل في حكومة 1991 التي هاجمتها وحجبت عنها الثقة في حينه , كلهم استغلوا مناصبهم للانتقام مني لأسباب شخصية  واستغلوا مناصبهم للقيام بهذا الثار والحقد للأسف الشديد , واستعدوا الملك ( في حينه ) ضدي , وغابت حكمته في هذا الأمر ووجدها فرصة على إطفاء شعلة وطنية أردنية , حتى لا تتحول إلى ظاهرة وطنية أردنية  وتيار ومسار وطني أردني يرفض الحكم ولو حتى في الخيال , لان من المحرمات عند النظام أن تظهر قيادة وطنية أردنية ونحن نعرف مصائر القادة الأردنيين الذين استقطبوا الأردنيين عبر العصر  الحديث . انه قدر الأردنيين ولكن لابد يوما من تداول الأيام وتبدد الأوهام . أوهام عبادة الأصنام ممن يعبدوها ,  وأوهام الإلوهية الوثنية في الناس عبيد وعليهم أن يسجدوا للأصنام بدلا من سجودهم لله سبحانه   .
 
 ورغم  أنه كان على الحكومة أن تكون شمولية في القضية، أي تحويل الأربعة  الذين اجروا المقابلات ( اثنان من الطرف الأردني ومثلهما من الطرف الفلسطيني ) , إلا أنها كشفت عن نيتها المبيتة بانتقائي فقط للتحويل إلى المحكمة بقصد زجي بالسجن . وبذلك ثبت أن شمول الآخرين في المقابلة, لم يكن إلا للتمويه والتغطية ,  لاستدراجي وإيقاعي في الفخ ليس إلا، رغم أنهم قالوا ما يمكن أن يسجل عليهم قضايا أكثر خطورة وأعلى عقوبة . لم أقل شيئاً ضد أحد، ولكن المخطط كان اتهامي مهما قلت من خير أو شر، والهائي عن انتقاد الحكم  والتحكم والحكومة، وعن الكتابة والترجمة عن الأردن، ولتشويه صورتي أنني ضد شريحة كبيرة من المجتمع في الأردن، وهي الشريحة ذات الأصل الفلسطيني  , وأنني ضد النظام .
 
 وقد وضعت الصحيفة عنوانا على الصفحة الأولى لم أقله، وإنما قلت شيئاً أخر، وتم اجتزاء وتحوير مقولتي، بطريقة تبدو وكأنها معدّة سلفاً لهدف محدد سلفاً، وهو زجي بالسجن وتشويه صورتي أنني عنصري وليس وطنيا , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
 
وفي نهاية المطاف ,  ثبتت براءتي والحمد لله , وكان القاضي عادلاً ومحترماً. وقد ماطل الجلسات تجنباً للضغوط السياسية والإدارية والأمنية التي كانت تمارس عليه حتى تغيَّرت الحكومة , ليأخذ حريته في تطبيق العدالة، وكان قراره ببراءتي قبل انتخابات 1997 بثلاثة أسابيع، وقد أصبح له مقاماً كبيراً في نفسي ، وتحولت علاقتنا إلى صداقة حميمة. أما المحامي الأستاذ احمد المومني فقد  كان رحمه الله عملاقاً أميناً صادقاً، مخلصاً لعمله وأصدقائه حكيما متأنيا صاحب أنفة يحرص على قضايا موكليه كحرصه على أبنائه وماله الخاص .
 
   كان تجمهر الناس الشعبي والعشائري وحول المحكمة هبّه جديدة بل ثورة جديدة أو تجديد لثورة الخبز لعام 1996 ، وثورة معان لعام 1989 ,  ولم يدر بخلد أحد من المسئولين مثل هذا الدعم لي، وأظنهم ندموا بسبب إثارة هذه القضية ضدي، فبدلا من ليّ ذراعي لويت أذرعتهم ومرّغت أنوفهم في التراب ، ولكن بغبار شارع السلط بعمان،  وبدلاً من حبسي، حبسوا أنفسهم  وأنفاسهم في غرف العمليات والمكاتب يتابعون مؤازري د. أحمد عويدي ألعبادي ماذا سيفعلون وأين يتحركون؟! إنه تحرك عشائري أردني وطني نقي، وهو أمر يخيف الدولة ودوائر  الحكم والتحكم والمهمات  , وبدل أن يفرغوا سمهم بنا افرغ الله سمهم بأنفسهم وماتوا بغيظهم والحمد لله .
 
لقد انضم للمتظاهرين شباب أردنيون من سائر المناطق، وبخاصة أبناء الجنوب وعشائر السلط  والوسط، وأصبحوا حالة وطنية أردنية منسجمة مع المتظاهرين، وتزامن مع ذلك، استعدادات عامة في الزرقاء لتسيير مظاهرة المليون لتزحف إلى عمان، ولإسقاط الحكومة والدولة برمتها , وذلك بدعوة من الإخوان المسلمين الذين تراجعوا عن دعوتهم  ومسيرتهم هذه في اللحظات الأخيرة لأنهم كما قلنا في غير مكان أنهم حليف رديف للنظام  منذ الإتيان بهم إلى الأردن  عام 1946 ليحلوا مكان الحركة الوطنية الأردنية في حينه وما بعد بدعم من النظام والقوى الكبرى . وبذلك نجد البراكين تخرج من كل مكان. لذا فقد كانت الاتهامات لأتباعي أنهم هتفوا ضد الفلسطينيين وسيلة لإجهاض مظاهرة المليون , وإعطاء مبرر للإخوان أن يتراجعوا عن المسيرة وكان الدولة تقول إن النظام موجود لحماية الآخرين من غير الأصل الأردني , أقول حمايتهم من تيار احمد عويدي ألعبادي الأردني , وبذلك صنعت دوائر الحكم والتحكم والمهمات  بكل مراجعها وأدواتها وإعلامها من د. احمد عويدي ألعبادي وتياره الأردني عدوا مضخما يريد ابتلاع الباقين الذين عليهم أن يحتموا بالنظام لضمان استمرارهم واستقرارهم في البلاد , وفي الحقيقة أن شيئا من هذا لم يكن عندي إطلاقا , ولكن النظام أراد  أن يتخذها   وسيلة لحماية نفسه بحجة أنه يريد حماية الآخرين ؟؟؟  .وفي الحقيقة أن الهتاف كان ضد مدير المخابرات شخصيا حيث انطلقت الحناجر تقول: ع المكشوف ع المكشوف بطيخي ما بدنا نشوف, وع المكشوف ع المكشوف حكومة ما بدنا نشوف.
 
 ويبدو أن مدير المخابرات في حينه ,  عندما رأى أن الناس تجرأوا للهتاف ضدّه، وهو بالنسبة له أمر  في ضروب الخيال ولا يتحمله تحت أي ظرف , مرر للملك  معلومة مغايرة أن ألعبابيد هتفوا ليس ضده وإنما ضد الفلسطينيين  وضد النظام , وأن المعلومة الخاطئة ادعت زوراً وبهتانا أن أتباعي هتفوا ع المكشوف ع المكشوف فلسطيني ما بدنا نشوف، وفي الحقيقة أن ذلك لم يحدث ولم يصدر ، بل إن الهتاف كان ضد  مدير المخابرات بالاسم، وضد رئيس الوزراء بالاسم، وضد مقيم القضية بالاسم  وضد الحكومة بالاسم , ثم هتفوا أنهم يفدونني بالروح وبالدم وحملوني على أكتافهم مسافات طويلة , هذا حقيقة ما حدث .
 
 وكان الملك ونظامه بالأردن في مأزق  مصيري في تلك الأيام ,  بين البقاء والفناء , بين الاستمرار والاندثار , وهو يخشى مسيرة المليون القادمة من الزرقاء والتي قوامها من غير ذوي الأصل الأردني , فأراد أن يرسل إليهم رسالة انه هو نقطة التوازن وانه هو من يحميهم من التيار الأردني الذي يقوده د. احمد عويدي ألعبادي , وأوهمهم أنني أقود  تيارا عنصريا  حاقدا  قائما على الإقصاء والتهميش والترحيل ورفض الآخر  , وفي الحقيقة أنني ومن يحمل فكري عانينا ولا زلنا من الإقصاء والتهميش والتشويه من قبل النظام بالأردن وأدواته وإعلامه ومخابراته وأجهزت الأمنية والسياسية والإدارية  . إن ما فعله النظام ضدي إنما هي  شكوى الجزار من الضحية , وشكوى المعتدي من المعتدى عليه .
 
   انه صراع الإرادات والبقاء وان الحكم يرى أن بقاءه يعتمد أولا على التفرقة بين عناصر الشعب ويتهم الوطنيين من الطرفين أنهم عنصريون , ويسلك نهج القضاء على القيادات الوطنية من الطرفين  بحجة أنهم يريدون القضاء على المجتمع . وكما قالت العرب قديما : رمتني بدائها وانسلت . 
 
لقد كنت ضحية معاداة النظام والملك لي وان كل ما حوله زينوا له ذلك ونفذوا أوامره بأسوأ ما  يكون التنفيذ . وصرت وكأنني العدو الأول للنظام ولغير الأردنيين لدرجة أن اسمي صار محفوظا عند الملايين من هؤلاء الذين عندما التقي أيا منهم في الداخل و الخارج ويعرف أنني احمد عويدي ألعبادي تصيبه رعشة الرعب والحقد الدفين  ويقول فورا وبدون مجاملات ولا مراعاة للذوق ولا مقدمات  : أنت عنصري , وحيث أنني احتاج إلى ملايين السنين لإقناع هؤلاء الناس بعكس ذلك فإنني  عادة أقول : نعم عنصري؟؟  ولو قلت غيرها لما صدقني أي منهم ,  ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم يستشهد من كل من التقيت بخطاب الملك ضدي بعد مسيرة المحكمة فيقولون أن الملك قال عنك عنصري وان كلامه لا يأتيه الباطل من بين يديه في رأيهم  . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
 
ولو قلت الآن أن هذه محض أكاذيب وافتراء  , وهو كذلك , وأنني وطني أحب بلدي الأردن  , وأنا كذلك ,  لقيل إذا كنت أردني فمعناه انك عنصري , وإذا شتمت الأردن وهويته وقضيته وأهله فأنت وطني  . وراحت سياسية النظام وأزلامه تطعن في أصلي ونسبي وما أبقت علي شيئا لأشانة سمعتي إلا وسلكته . ومع هذا بقيت ولا زلت صامدا  والحمد لله ,  وذهب الأعداء  والمفترون إلى مزابل التاريخ وبقيت في شم العوالي الأردنية والحمد لله . فالبقاء ليس للأقوى فحسب بل للأقوى الأفضل والأحسن والأجمل ولا  أحسن وأفضل من الصدق , فأما الكذب فحباله قصيرة وان طالت , والافتراء ينقشع وان هيمن للحظات أو أيام أو سنوات  
 ولا بد من القول هنا : أن ترويج النظام وأجهزته وإعلامه وأدواته ومطاياه وتنابلته أنني عنصري من جهة وضد النظام من جهة أخرى قد أدت إلى مردود ايجابي علي  في نهاية المطاف ,. حيث بات كل من يكره النظام أو يعارضه أو يغضب منه , وكل من يكره أو يعاني من الجزء الآخر من سكان الأردن , صار ينحاز تلقائيا إلى احمد عويدي ألعبادي وفكره  , وقد ظهر ذلك جليا يوم 2/2/2012 عندما تم اختطافي من قبل أجهزة النظام بحجة أنهم اعتقلوني ,  وما ترتب على ذلك بما سمي أحداث الدوار الثامن . لقد أدت هذه الافتراءات ضدي إلى تحويلي إلى رقم صعب  حقيقي وضخم حقيقة  بعد أن كنت عدوا مضخما وعدوا وهميا وكما قالت العرب رب ضارة نافعة . والحمد لله رب العالمين . وللحديث يقيه في الحلقة 32 ان شاء الله
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد