( حصري بالسوسنة ) معارك برلمانية .. الحلقة 32 - بقلم د: أحمد عويدي العبادي
وانقلب السحر على الساحر , فبدلاً من أن يضغط المتآمرون الرسميون المذكورون توا ومطاياهم وأدواتهم , ضدي وعليّ , ويبتزونني يحدوهم الأمل بانهياري واندثاري , ويرجون طلبي منهم للصفح عني، صاروا يبحثون عن وسيلة للهروب والهرب فقط وحفظ ماء وجههم , هذا إذا كان في وجههم ماء ولا أظن ذلك وليس كل الظن إثم .
وجاء دور مدير المخابرات في حينه ( صاحب معرش البطيخ )، والذي قضى فيما بعد فترة محكومية سجنه بجريمة الفساد وتضليل المعلومات . وصار أسيرا وضحية لمؤامرات ضابط عنده جعل هذا الضابط من محاربتي مشروعه الوظيفي والعشائري وكل شيء في مستقبله للمناصب والمراتب , للتقرب إلى مدير دائرة التحكم وليرتقي إلى منصب باشا أو مدير عام للدائرة ذات يوم وهو ما كان يشيعه بين الناس .
كان لهذا الضابط ثارات ومطامع عشائرية في إذلال ألعبابيد والهيمنة عليهم , ووجد في موضوع احمد العويدي وسيلة وغطاء له لارتكاب سائر الأخطاء والخطايا وأداء المهمات القذرة الخاصة بأجندته بحجة انه يعمل للمخابرات وامن البلاد وخدمة النظام وخدمة الملك والعرش ومدير المخابرات الذي وقع بدوره ضحية هذا الخداع , للأسف الشديد وكل منهما أخذته العزة بالإثم . وأدى هذا الخداع إلى مزيد من تأزيم الوضع بيني وبين القصر لأنه يعتمد على تقارير الضلال ومعاقل الظلم دونما تمحيص , طالما أنها تخصني لكنها ستجد التمحيص لو كانت تتعلق بغيري .
ووجد المدير/ الباشا / المعلم / مدير المخابرات في حينه ( سمه ما شئت لأنه كان يحمل من الألقاب ما ينوء به الكاهل والكاحل ) أيضا ضالته هذه في هذه المطايا التي ادعت أنها عارفة بقاعدتي العشائرية وقبلوا لأنفسهم أن يتبرأوا من الدماء النقية للقبيلة والروح الوطنية الأردنية والكرامة والشهامة ، وراح المطايا يقومون بالمهمات القذرة من الاعتقال والتحقيق والملاحقة والافتراء ونشر المعلومات الكاذبة وفتح القيود للشباب والرجال والمضايقة لسنوات طويلة ومتتالية لم يسلم منها عبادي متنور أو محب لأحمد العويدي أو يتصل بي هاتفيا أو يتردد علي , أو يذكر د. احمد العويدي بكلمة طيبة في جلسة أو يصافحني أو يستقبلني في عزاء أو مناسبة أو فرح , ووصلت الأمور إلى الاعتقال العشوائي لكل من يعرفني ( خشية أن يدعمني ) أو يحمل فكري أو الاتصال بي أو الدفاع عني في الجلسات الخاصة أو العامة، أو حتى يقوم بقراءة كتبي، أو الثناء علي بأية مناسبة.
وحولتني دائرة التحكم/ المخابرات زمن المدير السجين وأدواته القذرة التي اتخذت الباشا نفسه أداة لها , أقول حولوني بغباء مديرها آنذاك وممارسات هذا الضابط ومن تبعهم , إلى عدو مضخم أريد ابتلاع الحكم والنظام والملك وأسرته والقضاء عليهم , سعيا منهم لأخذ موافقة الملك على سائر مؤامراتهم ضدي باعتبارهم يدافعون عن النظام بالقضاء على احمد عويدي ألعبادي البعبع القادم من الصخر الأردني والبلوط والذي يتصف بالالتزام برأيه ( يسمونه في تقاريرهم العناد والجنون ).
حزنت على مدير المخابرات الذي أعطى ثقة مطلقة لشخص يمارس الثارات ويخلق أعداء لدائرتي الحكم والتحكم لأسباب خاصة به هو , وليس من اجل الدائرتين المذكورتين . وصار الأمر معروفا لدى ألعبابيد , الذين وقفوا موقف التحدي والرجولة , مما اضطر ذلك الضابط أن يقوم بتجنيد ممن يقوم بمهمة التخويف للعبابيد من المخابرات والقصر الملكي , أقول بتجنيد هؤلاء في المخابرات ليساعدوه في هذه المهمات القذرة ضدي .
ومع هذا أصرّ الناس على مواقفهم ودعمهم لي في قضية وطنية هامة. وصار كل من يتصل بي , أو يتردد على بيتي أو بيت والدي (رحمه الله ورحم الله أمي - آمين)؛ يتم استدعاؤه من قبل أصحاب المهمات القذرة , حيث كان هناك فريق في المخابرات مهمته فقط إنهاء احمد العويدي , وبذلك تكرر الإجراء الخاسر الذي كان في عام 1987 مما يدل على أن النظام هو خصمي وان هؤلاء أدوات للنظام ليس إلا . وتحول جهد هؤلاء في الدائرة لمحاربتي وليس للدفاع عن أمن الأردن , وليس للدفاع عن شرف الأردن , وأرادوا أن ينتقموا من الجميع لأنهم هتفوا: ع المكشوف ع المكشوف بطيخي ما بدنا نشوف , وكان من الذين تعرضوا للأذى بسببي أناس كرام , ومن الصفوة الاجتماعية والعلمية والوطنية , ومن الناس الغلابى الصادقين الذين لم تلوثهم الرشوات ولا هدايا المسدسات.
كان يتم استدعاؤهم وشرشحتهم وتعطيل أعمالهم، والتنكيد عليهم حياتهم لمجرّد أنهم أصدقاء أو أقارب لي . وكثير منهم تم إبلاغهم عند السفر لمراجعة الأذناب والمطايا للتحقيق معهم عن أسباب العلاقة والاتصال مع د. أحمد عويدي ألعبادي. وأنهم مجرمون وأنهم ضد أمن الوطن والملك ونظامه والمصادر العليا وأنهم أعداء لدائرتي الحكم والتحكم ، وأنهم متآمرون على الأردن والنظام والعرش الهاشمي بالأردن والقانون العام.
كلفت المغفور له المرحوم المحامي الأستاذ الدكتور أحمد سعيد المومني محاميا عني في هذه القضية، وقد تبرّع بها مجاناً ، ورفض ما ورد إليه من اتصالات التهديد والوعيد الرسمية والنفاقية وأصحاب المهمات القذرة . وقد جَبُن كثير من المحامين من الدفاع عني ومنهم من أبناء قبيلتي , ومنهم الذين يدّعون أنهم يحملون فكراً قومياً، أو إسلاميا . ومنهم الذين يدعون الإيمان بالحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة (؟!؟) خشية من بطش مدير المخابرات العامة في حينه , أو غضب الجهات المعبأة رسمياً ضدي من غير ذوي الأصول الأردنية ، وبحجة أنني ضد الوحدة الوطنية. أما المغفور له د. أحمد سعيد المومني فكان شجاعاً وأميناً وحريصاً، ومقتنعا ببراءتي وان هذه مجرد افتراءات ضدي هدفها تشويه صورتي لأنني رجل وطني أردني , ولا أنسى ومعي أولادي، له ولأولاده جميل صنعه، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته آمين.
واستمرت القضية سنة وثلث السنة، أمام القاضي توفيق القيسي الذي أصدر حكما كما قلت ببراءتي والحمد لله , من التهمة الموجهة إليّ من مقابلتي بصحيفة شيحان يوم 27/6/1996م .وكان القرار صفعة لدائرتي الحكم والتحكم ولكنه صدر على حين غرة , ويبدو أن الدائرتين غضوا الطرف عن الحكم خشية أن تتطور الأمور ثانية وانجح بالانتخابات التي ليس بيننا وببينها إلا بضعة أسابيع من تاريخ صدور قرار البراءة.
ونعود إلى ما حدث يوم الجلسة الأولى في المحكمة :فعندما وصلت بسيارتي الخاصّة إلى شارع السلط يوم الجلسة الأولى حيث كانت تعقد المحكمة في قصر العدل آنذاك (قبل رحيله لمبناه الجديد في العبدلي)، شاهدت آلاف الناس جلهم من ألعبابيد، والعديد من بقية الأردنيين، وقد أغلقت الشرطة شارع السلط من عند مبنى الجمارك ووزارة المالية حتى منصّة فيصل في وسط البلد، أي على مسافة ما يزيد عن كيلو متر ونصف الكيلو متر . وكانت هذه مليئة بالناس وكأنهم البحر الهائج المائج، وقد كان الناس يتوافدون حيث حضرت عشرات الحافلات المحملة من عبابيد البلقاء، وتم إيقاف عشرات منها أيضا , لأنها كانت تحمل يافطات تأييد لي ولمواقفي، ونفذ بعضها حتى محطة سفريات العبدلي ثم نزل الناس مشاة سيراً على الأقدام.
وقد كان هناك عشرات السيارات للعبابيد في جبل اللويبدة فهمت فيما بعد أنه كانت فيها أسلحة نارية أوتوماتيكية للرد على رجال الأمن إذا ما استخدموا العنف ضدي أو ضد الناس، ولاستخدامها ضد المحكمة إذا جرى توقيفي كما ذكرت سابقا .
ولو تم التوقيف لا سمح الله، لاحترقت المحكمة ومن بها هكذا فهمت فيما بعد من الناس شيباً وشباباً، ولكن القاضي كان حكيماً فهو ابن عشيرة ويعرف هذه الأمور وبذلك تفاداها. وبذلك جنّب البلد كارثة ما بعدها كارثة
صدر القرار العادل قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع عام 1997 كما سبق وقلت. أما المحامي الأستاذ الدكتور أحمد سعيد المومني ( الذي انتقل إلى رحمة الله سبحانه وتعالى يوم الاثنين 29/12/2003 وتمّ مواراته الثرى في مسقط رأسه في عبين يوم الأربعاء 31/12/2003 ) فكان يرفض البهرجة الإعلامية للقضية، ويتعامل معها على أساس قانوني محض , وليس على أساس سياسي أو إداري أو إعلامي أو امني وكانت هذه سياسة حكيمة منه , ونجح بها والحمد لله ، ويرفض التدخلات والتهديدات مهما كان مصدرها ، وكان مقتنعاً ببراءتي وأن هذه كيدية سياسية من النظام ومن الحكومة ومن مدير المخابرات في حينه الذي آل إلى السجن بجريمة الفساد وأخواتها فيما بعد , ومدير ما يسمى بمكافحة الفساد في حينه وحكومة الدفع قبل الرفع التي لقيت مصيراً محزناً لها مفرحاً لسائر الشعب، إذ تمّ طردها من قبل الملك طرداً مشينا مهيناً آنذاك, بعد أن كانت (الحكومة) تعتبر نفسها باقية إلى يوم القيامة .
كان القاضي يتأنى ويبطئ في الجلسات ليتجاوز السخونة السياسية العامة والضغوطات والتدخلات السياسية والإدارية: حتى لا يؤثر ذلك على سير المحاكمة والعدالة عنده أو عند غيره. وكان قراره قوياً رائعاً عادلاً أعاد الأمور إلى نصابها ، وواضح لدي أنه كان مدركاً منذ البداية أنها مجرد كيدية سياسية وهذا ما ظهر بين ثنايا نصّ القرار . وبذلك خاب رجاء المتربصين بي، وعلت الكآبة وجوههم مرة أخرى ، وكان القرار صفعة على وجه كل من في قلبه مرض سياسي أو عشائري أو تجسّسي . وكان يحضر في كل مرة مالا يقل عن أربعة من ضباط المخابرات والأمن الوقائي لوقائع الجلسة ويرفعوا بها تقارير لدائرتي الحكم والتحكم بعد أن يدونوا كل صغيرة وكبيرة .
وبدأت المخابرات في حينه حملة الاعتقالات الشرسة والتحقيقات مع الذين حضروا المحكمة، حيث كان يوجد أكثر من مصور فيديو في شرفات المحلات المطلة , مقابل قصر العدل في شارع السلط، تابعة للأجهزة وأخرى في الشارع، بحيث حسب الناس أن هؤلاء وكالات أنباء أجنبية، وواصل المطايا وأبناء المهمات القذرة وذوو الروائح النتنة التي تخرج من كل عضو منهم وكلمة تخرج عنهم أو حركة تصدر منهم، أقول، واصلوا استدعاء الأشخاص، وكانوا يقدمون لهم الأدلة: هذه صورتك على الفيديو، ثم يسألون كل واحد من صاحب هذه الصورة، وتلك وتلك، وتلك... مئات، وآلاف الصور, ليتم استدعاؤهم للتحقيق والتعهد بعدم التعامل مع د.احمد العويدي أو استقباله أو الذهاب إليه في بيته أو الجلوس إليه عند حضوره لمناسبات الأفراح والأتراح ( قائمة الاسماء الذين تاذوا من المخابرات انذاك بسببي موجودة على النسخ الاصلية للمذكرات )
ومن النوادر في ذلك ماحدث لابن عمي تاليا :
14- ناجح عفن عبد الكريم العويدي / ابن عمي استدعاء ومطاردة بدون التمكن من القبض عليه. ومما حدث معه أن فريقا امنيا جاء لاعتقاله مساء وهو قبل على البيت , فصاروا كالوسواس الخناس يتساءلون إن كان هذا ناجحا أم لا , فسمعهم وصار ينادي يا ناجح يا ناجح وينك يازلمة ؟ فقالوا له الست ناجح ؟ فقال لا انأ أخوه من أمه ونحن نبحث عنه لتسليمه للمخابرات لأنه يتدخل بما لا يعنيه . فقالوا وما اسمك فأعطاهم اسما ما انزل به من سلطان ولا يمكن أن يكون في سجلات المخابرات . وقال إذا كانت لديكم معلومات عن مكانه فسوف اركب معكم لأدلكم عليه . فقالوا شكرا . فقال : أرجوكم تزودوني بالهاتف حتى إذا ما وجدته أخبرتكم وتأتون للقبض عليه فأعطوه رقم الدائرة والعمليات وشكروه على تعاونه وغادروا المكان . ولم يخبرهم إلى الآن . نترك الحكم للتاريخ .كما تم اعتقال كل من المعلم احمد عبد الرحيم أبو سلاح , والسيد نايل عبد الكريم تايه السليحات , والسيد جمال عبدالله تايه السليحات , وكثير كثير كثير، لا يحصيهم العدّ هنا، بلغوا مئات، في حملة واضحة لإرهاب ألعبابيد كي لا يفكروا بشيء اسمه تنظيم أو حركة أو هبّة أو ثورة أو فزعة أو تأييد او تحرك او مظاهرة , لأي شخص محترم وطني أو قيادة وطنية أو فكر وطني.
15= ومن النوادر وما أكثرها انه تم استدعاءهم للمخابرات مواطن اسمه موسى محمد عبدالله الياسين (العريض ) (أبو إبراهيم ) السليحات وهو رجل أمي متقاعد ويعاني من القلب , وعندما حققوا معه لماذا تزور احمد العويدي وتشارك معه وتدعمه وتحضر مهرجاناته وتشارك في مظاهرة طريق السلط قال لهم : لا يوجد قانون يحرم الاتصال مع احمد العويدي ولا توجد قارمة للدولة تمنع من الدخول عليه , فإذا أصدرتم قانونا أو وضعتم قارمة بمنع التعامل معه حينها نطيع أوامر الدولة , ثم قال إن هذه المخابرات بنيت بدمائنا ومن ضرائبنا ولا يجوز أن تكون عدوة للمواطنين وللوطنيين مثل احمد العويدي العبادي . فقال له المحقق وقد جن جنونه : الله اكبر هذه مدرسة احمد العويدي الأمي فيها يغلب الدكتور بالحجة والنقاش . مع السلامة , حل عنا الله يسهل عليك ولكن إياك أن تتحدث بهذا الكلام وهذه الحجة لأحد , فقال له موسى : وهل تريدون مراقبة ألستنا وتكميم أفواهنا . نحن مخلصون للأردن بدون رواتب وأنت أيها الضابط مخلص لراتبك , وعندما يحيلونك على التقاعد ستلتحق بأحمد عويدي العبادي . فغادر ولم يستدعوه بعدها . ومثل هذا الرجل كثيرون كانت لديهم الشجاعة ولا زالت أن يقولوا ما يعتقدون انه الصحيح .
كان الهدف من هذه التنكيلات , والتي أمرت بها دائرة الحكم ونفذتها دائرة التحكم يتفق مع المخطط السياسي العام، وهو منع تسييس العشائر واعتبار تسييسهم جريمة نكراء , ترتفع إلى مستوى اقتناء أسلحة الدمار الشامل , وفي اقلها الطعن بمقامات عليا والخيانة العظمى ، أو المتاجرة بالسلاح والمخدرات , حسبما كانت التهم تُسند إليهم، ورفض المشاعر الوطنية، ووضع العقوبة الصارمة على أية مشاعر من هذا النوع , أو أية ميول سياسية. يريدوننا أرقاما وحراساً , ولا يتوانون عن استخدام سياسة القمع والضرب بيد من حديد وإرهاب الناس وتخويفهم وابتزازهم وإرهابهم في كل شيء وبأولادهم ولقمة عيشهم , وكلها تصب في هدف عدم الالتفاف حول آي شخص أو قيادة وطنية أو عشائرية صاحبة فكر ومنهج لا يؤمن بالعبودية لغير الله سبحانه , والحيلولة دون بروز أية شخصية ذات كريزما.
لقد استطعت خلال ثلاثة أسابيع من التجوال بين ألعبابيد , في محافظتي العاصمة والبلقاء , من تعبئتهم بشكل مذهل، وقمت بتوزيع منشور صغير مفاده تحديد مكان وزمان الاجتماع , لرفض المحاكمة ضدي لأنني وطني وسميتها محاكمة العصر
ولم أكن لا أنا ولا أي من أجهزة الدولة , نتوقع حضور هذا الرقم الهائل من الناس , والمتحدثين من كل الأطياف , ولا الحماس الجماهيري , حيث حملني الناس بعد الاجتماع في الميدان بوادي السير عشية الجلسة، أقول حملوني على أكتافهم وهتفوا باسمي بصورة عفوية والحمد لله .
واذكر انه وبعد انتهاء المهرجان في اجتماع الميدان 7/8/ 1996 تجمع حولي رجال امن يسألونني، هل سيذهب الناس إلى قصر العدل غداً؟ فقلت ( وأنا اعرف الحقيقة ) : لست أدري، لقد جاءوا إلى هنا، واستمعوا إلي والى المتحدثين، وما علينا إلا الانتظار حتى صباح غدٍ لنرى هل سيذهبون أم لا.وكنت اعرف أنهم سيذهبون ولكنني تجاهلت ضمن رغبتي في المكتومية ونجاح الخطة. كانت العشائر هائجة، وكانت هذه في خضم ثورة الخبز ضد حكومة الدفع قبل الرفع التي ضاقت ذرعاً بمقالاتي، فخططت تلك الحكومة وتنفيذ من أزلام المدير الذي غدا سجينا فيما بعد , أقول خططوا لسجني ولكن المكر السيئ أحاق بأهله وغدا مدير دائرة التحكم نزيل سجن المخابرات الذي كان يعتقل الأبرياء به , ومن ثم سجن سواقة الذي كان يزج الناس به , فسبحان الله رب العرش العظيم . وكان المهرجان وما ترتب عليه من مسيرات أمام قصر العدل وتعطيل سير المحاكم قد اجبر الملك على أن يتحدث غير قادر على إخفاء امتعاضه من ذلك , وغاضب لبروز إرادات جديدة ضد إرادته , هي إرادة الشعب , وظهور قيادات جديدة ليست مطية لدائرتي الحكم والتحكم والنظام .
وبناء عليه وفي لقائه يوم الخميس 21/8/6991، بأعضاء مجلس النواب، الذي لم أكن عضوا فيه في حينه , ركز الملك الراحل على أن الأخوان المسلمين كانوا في مثل حرصه على البلد وآمنه وأنهم جزء من "مسيرتنا"/ أي مسيرة النظام الهاشمي . ثم عرّج عليّ بالخطاب (الرأي 32/8/1996 ص 7 ) ، قائلاً بالحرف : ( في موضوع الوحدة الوطنية... يا إخوان الديمقراطية لها حدود... فهناك زميل لكم كان معكم كتب أسوأ ما يمكن أن يقال في الإساءة للوحدة الوطنية بشكل سافر وواضح... وأصل إلى المحاكمة... وتمكن من جرّ مجموعة من الناس لتطويق المحكمة لتهتف: ع المكشوف فلسطيني ما بدنا نشوف، فهل هناك أسوأ من هذا؟ ). نقتبس هذه الفقرة لأنها جوهر ما يخصني من الخطاب ... فهي برهان لا لبس فيه على انه بصورة الأشياء وصورة جلبي إلى المحكمة . نلاحظ أيضا استخدامه لكلمة جر لأنه ينظر للناس نظرة احتقار أنهم تم جرهم . ونقول للتاريخ إن الأردنيين ليسوا جيفا تجرها الكلاب بل اسود تنبحها الكلاب . ولاحظوا انه اعتبرني أسوأ رجل بالأردن محرضا سائر الناس ضدي , وعلى أنني عدو للناس وان كرهه لي إنما جاء دفاعا عن الناس وهذا كلام مغاير للحقيقة تماما . ولا شك انه وسام شرف لي في التاريخ أن يكون عدوي النظام في سائر مراحله المتعاقبة , وهذا سيذكره التاريخ وهو برهان على أنني لست مطية للنظام ولا لدوائره ولن أكون إن شاء الله .
أما أنا فأقول : إن الدولة لا تهتم كثيراً بالجماهير، لكنها تصبح مرعوبة من حركة العشائر، وكانت خطة الاستدعاءات والاعتقالات هي لإسكات هؤلاء، ولإجهاض أية حركة للعشائر وبخاصة المحيطة بالعاصمة ، ولتبقى العشائر برداً وسلاماً على النظام والمخابرات والحكومات. لقد استطاعت التقارير الزائفة الجائرة المبرمجة الممنهجة أن تقنع الملك أنني شتمت الناس الآخرين أو انه ابتدع ذلك من عنده ليجهض مسيرة المليون إلى عمان ، ذلك أن هذا الخطاب قد أجهض مسيرة المليون المشار إليها كما سبق وذكرنا .
في ليلة مهاجمة الملك لي كنت نائما / وأنا أنام مبكرا عندما نشر التلفزيون خطاب الملك , وأيقظني احد الأقارب من النوم , واخبرني بالأمر الصادر عن الملك , وهنا كلمت المحامي الذي قال انه شاهد وسمع كلام الملك وهو أمر لا يعنيه ( أي لا يعني المحامي ) لأنه كلام سياسي وقضيتي يجب ان تبقى في إطار القانون. وقال : نحن نتعامل مع الموضوع على أساس قانوني ولا علاقة لنا بالسياسة , ونمت مرتاحا تلك الليلة أن موضوعي صار محط اهتمام أعلى مرجعية بالدولة والحمد لله .
وبناء على تدخل الملك شخصيا وكلامه هذا بإصداره حكم ضدي وضد مقالاتي وتصنيفي أنني من أسوا ما يكون وعدو للوحدة الوطنية قد جعل الأغبياء والسفهاء والأعداء والجبناء من شتى الفئات والأطياف يتمنون بل ومتوكدون وهماً، أو فلنقل يتوقعون صدور حكم ضدّي ومنعي من خوض معركة الانتخابات النيابية لعام 1997 وبالتالي لم يجهّزوا أنفسهم جيداً لوضع مخططات معادية لي لتفشيلي في تلك الانتخابات ، ولم يجهزوا الكيديات والمؤامرات بشكل محبوك وقوي , مثلما جهزوا أنفسهم عام 1993 . فقد كانوا على ثقة بصدور قرار ضدي يحرمني من الترشح ويريحهم من عناء التخطيط والتخبيط , ولكن صدور القرار القضائي متأخراً ومفاجئاً لهم قبل الانتخابات بثلاثة أسابيع , قد أربكهم وفت في عضدهم .
ومع هذا عملوا سراعاً على لملمة أوراقهم، وتجميع بقايا فلولهم الخائبة لضربي في الانتخابات وتفشيلي ، فأودعوا إلى ميدان الترشيح شباباً كانوا ضحايا المطامع التي عملت من أجلها دائرتا الحكم والتحكم , وبتوجيه وإشراف مباشر وحثيث من المدير المحكوم فيما بعد , وحكومة الدفع قبل الرفع وزبانيتهم في محاولة لإفشالي.ولكنني نجحت تلك المرة والحمد له ضمن نتيجة غير متوقعة أصلا .
وقد عملت وتفانت بعض المطايا من عبيد دائرة التحكم في أداء المهمات القذرة ضد قاعدتي العشائرية أينما وجدوا في الأردن، وضد قاعدتي الإنتخابية، وقبل بعضهم أن يمارس تصفية الحسابات العشائرية ضدي، مستخدماً ( في حينه ) المدير المحكوم الذي كان قوياً للغاية درعاً لوقاية أنفسهم وقذارتهم (أي قذارات المطايا) وعباءة للتستر على أحقادهم العشائرية، وتطلعهم إلى تدمير د. أحمد عويدي العبادي هذا الحراث ابن الحراث الذي حرث قلوب عبيد السياسة وعبيد النخاسة والمتعفنين من المشيخات النخرة التي لم تعُد على عشائرنا والأردن إلا بالسوء والداء، ولكنها الأيام دول وتداول، يوم في السّرج ويوم في الخُرج. إنني أدرك ذلك، لكنهم لا يدركون، وليتهم يدركون, ولكنهم لن يدركوا أبدا . فات الميعاد بالنسبة لهم .
واستطاع مثل هؤلاء المطايا أن يؤججوا الصراع بيني وبين المدير المحكوم ، وذلك لتحقيق مكاسب ومآرب عشائرية بحتة تخصهم هم، ولا تخص المدير المسجون ولا الملك ولا النظام ولا امن البلاد والعباد , لأنه كان مطية لهم دون أن يدري، مثلما هم له مطية وهم يدرون . وتوهموا أن الحِلْسَ الذي يضعوه على ظهورهم لتدل على جحشنتهم / من الجحش أنه سرج يدل على حصانيتهم / من الحصان) . وكان المدير المسجون ضحيتهم عندي أيضاً ، وأنا ضحيتهم عنده.
لقد كانت لديهم أساليب شيطانية في التقرب منه وغشه ، ولم يسمح لنفسه أن يتفاهم معي , أو أن يفكر في دواعي ودوافع هؤلاء بالحملة ضدي , وتحمّس المطايا في محاربتي , بل اكتفى بالاستماع إلى نمط الوسواس الخناس , الذين لا يهمهم إلا أنفسهم على حساب الدائرة ومديرها والوطن والعشيرة .
وكانت النتيجة هي: الانشغال عن القضايا التي تهم الوطن والمواطنين والنظام , والانتباه فقط إلى ضرب ركيزة من ركائز الوطن وهي العشائر، وأصحاب القلم.. لقد كانت ثارات عشائرية للحصول على مشيخات زائفة وبائدة، بل مجرد مشيخات خيالية وهمية في أذهان أصحابها , أصبحت جزءًا من مزابل التاريخ المحروقة، ومياهه الآسنة، وأطعمته المتعفنة.
لقد كانت تقارير بعض الحاقدين علي , المرفوعة إلى مكتب مدير المخابرات المحكوم،وبالتالي إلى دائرة الحكم وسائر عناصر دائرة التحكم والمهمات تبيِّن له وهما على وهم , أنهم حققوا المعجزات بتطويقي وانتهاء نفوذي وتحطيم أية رمزية يمكن أن ابنيها , وأنهم كانوا يلصقون كل شيء مني ويصفونه انه ضد الأردن والملك والحكم برمته مما جعل الناس في رأيهم يبتعدوا عني ( هكذا تخيلوا وان نجحوا على المدى القريب ) . وكانت تقاريرهم زائفة خادعة، وأنني لم أعد أشكل خطراً وأنني والنجاح (في انتخابات 1997) كل منا في كوكب بعيد عن الآخر . لقد خدموني دون أن يعرفوا ، وتحولوا إلى نمط جديد من أنماط «جحوش الرجادة» وحصان طروادة مما خفف عني الضغط العام، وضغط المدير المحكوم ضدي باعتباري لا أشكل خطرا وباعتباري لن أنجح، وأن هؤلاء العباقرة ؟ قد نفذوا أوامر وتعليمات الباشا بكل عبقرية وبكل حذافيرها ولكن النتائج كانت مخيبة لآمالهم وتقاريرهم وقناعاتهم جميعا .
ومع هذا فقد كانت معالجتي للأمور بمنظار آخر ، إذ طلبت إلى رئيس مجلس الأعيان في ( في حينه 1997 ) أن يتصل بالمدير المحكوم وهو على رأس عمله وفي أوج عظمته وطاغوتيته ، ولمعرفتي أن هناك علاقة شخصية حميمة وتزاورية بينهما، ليتركني وشأني ، وبالفعل رتب رئيس مجلس الأعيان مشكوراً لقاءين بيني وبين المدير المحكوم في أواخر صيف 1997 عندما كان في أوج طاغوتيته , في غمرة الانتخابات النيابية لذلك العام .
جرت المقابلة في مكتب المدير آنذاك في دائرة المخابرات العامة, في جبل الكرسي/ غربي عمان, وقد كان أول لقاء يجمعنا في حياتنا وجهاً لوجه بعد معارك أججها طرف ثالث وأخذت مباركة النظام والباشا نفسه . ورغم كل ما قيل في لقائنا ذاك والمدوّن عندي بحذافيره،في يومياتي العادية ولا ضرورة لنشره هنا، خشية الإطالة , إلا أن قليل الكلام يغني عن كثيرة . أما نتيجة لقائنا فهي أن كلاً منا كان يختبر الأخر ويكره الآخر قبل أن يلتقيه , وكل منا يحمل في ذهنه صورة نمطية للكره ضد الآخر لا يمكن للقاء أن يمحو سواد صفحة كل منا عند الآخر , وكان كل منا يضحك على الآخر، والفارق أنه يعتقد أنني غبي لا أضحك عليه, وأنا اعتقد انه ذكي يضحك علي . وكانت الابتسامات من كلينا خادعة ولكنه صنفني في فئة الأغبياء والسطحيين , وأما أنا فقد صنفته , لا أقول في فئة الحمقى , وإنما في فئة من يركب رأسه ويدعي انه يعرف ويفهم كل شيء وهو لا يفهم شيئا ولا يعرف شيئا , وإنما يترك غيره ليفكر عنه ويعطي الموافقة على توصيات المطيباتية على أنها عبقرية صادرة عنه .
لقد كان معي فوقيّاً وكنت كذلك معه، وكل ما طلبته منه أن يكف شرّه عني فقط. وعندما خرجت من عنده في المرة الأولى عائداً إلى بيتي... فوجئت بعد أن جُنّ الليل بموجة استدعاءات واعتقالات لعدد ممن يعمل معي أو ينشطون في حملتي الانتخابية، وعندما أخبرته في اللقاء الثاني قال: يبدو أنهم لم يفهموا علي (أي عليه) أو فهموني «غلط ». (أي فهموه هو غلطاً).
قلت في نفسي يا الهي؛ هل يحتمل العمل ألاستخباري في كل هذه الظروف، مثل هذا الغلط والفهم الغلط وعدم الفهم ؟ وكم من ضحية يذهب تحت هذه العناوين ؟ هل انه أوعز لهم بالقتل فاستبدلوه بالاعتقال؟ هل طلب إليهم اعتقال الشباب المؤيدين لي جميعاً فما حصلوا إلا على نسبة ضئيلة منهم؟ وإلا ما معنى: أنهم لم يفهمون عليه أو فهموه غلطاً؟ وهل أن أوامره غير واضحة؟ وهل أن لكنته غير الأردنية جعلت الآخرين يفهمونه خطأ ؟ أو لا يفهمون منه شيئاً ثم يتصرفون بحدسهم وعلى رؤؤسهم ؟, لان الذين نفذوا المهمات القذرة كانوا من العربانيين . لست ادري إلى الآن ماذا عنى بقوله أنهم لم يفهمون عليه , أو أنهم فهموه غلطا. ولو أتيحت لي فرصة اللقاء به ثانية لسألته ماذا يعني بهذه الجملة الخطيرة ؟
لكنه قال لي صراحة ولا نية انه لن يألوا جهدا في إسقاطي بالانتخابات , فقلت له إنني اكبر بك هذه الشجاعة فيما تقول علنا وصراحة , ولن أكون اقل منك شجاعة وأقول لك الآن على مسمع ومرأى منك وأنا في مكتبك : سأنجح بإذن الله رغم انف من يريد إفشالي , وأعلى ما بخيلك اركب , واللي يطلع بيدك ساويه .
كان الموقف بالنسبة لي موقف كرامة في أن أكون أو لا أكون وما همني لحظتها أن انجح أو اخفق في الانتخابات , وإنما كان همي ألا احتقر نفسي في أن اسكت على الإهانة والفوقية التي تعامل معي بها , وألا ينظر إلي المدير أو يسجل علي التاريخ أنني كنت جبانا , لأنه يفترض أن تكون لقاءات شخص بوزني السياسي والعشائري والعلمي مع مدير المخابرات مسجلة ولا بد أن تظهر يوما للتاريخ مكتوبة ,وبالتالي لن أكون جبانا , ولأنني أصلا لست جبانا ولو أدى ذلك إلى الاعتقال أو الاغتيال أو التفشيل بالانتخابات , وهنا بهت الرجل , وعرفت كم كان جبانا وان كل ما يتظاهر به من فوقية وشجاعة إنما هي لتغطية قلبه الخفيف الجبان فقط ولكي يخاف منه الناس لأنه يخاف من الناس , وشعر للمرة الأولى أن تقارير المطايا المرفوعة إليه عني بعيدة كل البعد عن الصحة , واضطرب الرجل وما وجد جوابا سوى أنني استأذنت وغادرت , وهو يبتسم ابتسامة الخائف الذي يتربص بي الدوائر .
لست أدري , ولكن الذي أعرفه، أنه يريد تصفيتي بأية طريقة. على أية حال التزمت الصمت بقية الحملة الانتخابية ، واستمرت الاستدعاءات والتحقيقات والتوقيفات لمن يعملون معي بالحملة لساعات وساعات أقول استمرت على هذا النحو حتى صباح الاقتراع يوم 5/11/1997، وكنت أخرت هذه التراكمات في ذاكرتي جيداً بانتظار فرصة سداد الدين واستيفاء الفواتير السياسية، وقد ضبطت أعصابي وتكتمت على كل ذلك , حتى من أقرب الناس إلي , وكما يقول المثل الأردني: ( ميعادنا رجيم سليم ) .
لقد انتشر الجواسيس ( واسمهم عند ألعبابيد باسم الدواسيس والمفرد داسوس وهو الشخص الخسيس الذي يقبل لنفسه أداء المهمات القذرة ضد الناس وكرامتهم وينقل أخبارهم للأطراف الأخرى المعادية ) والمخبرون في كل ركن وزاوية أثناء حملتي الانتخابية، وتم تجنيد طوابير منهم لأداء هذه المهمات القذرة، وهنا طلبت إلى العاملين معي أن يتبعوا خطة: لغة النمل، وهي أن يمرر كل واحد ما لديه من معلومة لمن هو بجانبه دون أن يسمعه الآخرون، فتصل المعلومة بدقائق لسائر من هم في المجلس , متخطية الجواسيس والمخبرين الذين كنا نعرفهم جميعاً. وبالفعل كتبوا تقارير لا تتفق مع الحقيقة لأنهم لم يعرفوا إلا قليلاً من خطة عملنا. وإلا نزراً يسيراً من الحقيقة وإن توهموا أنهم عرفوها برمّتها.
بل تباهى كبير المطايا انه يعرف كل شيء عن خطتي بالعمل , وقد كتب تقريرا تقييميا لمعلمه الباشا في ال48 ساعة الأخيرة أنني خرجت من دائرة التنافس والنجاح إلى دائرة الفشل , الذي كان نصيبه هو , وأنني لن انجح ولم اعد أشكل خطرا وان الناس لن يصوتوا علي بسبب ما قام به من المهمات القذرة في إجبارهم على عدم التصويت وتمزيق البطاقات الانتخابية لضمان عدم التصويت . ومن جملة ذلك انه وعد احد الجهلة بتوظيف ابنه في المخابرات مقابل إحضار 165 بطاقة انتخابية قام كبير المطايا بإتلافها في الفارومة بمكتبه بدائرة المخابرات. ولكن الله سبحانه طمس على قلوبهم وكانت الحقيقة مغايرة لما ادعوه انه الحقيقة .
وللحديث بقية في الحلقة 33 إن شاء الله.