ياسينو في آخر أدواره: هكذا نموت في دمشق

mainThumb

25-02-2013 06:02 PM

السوسنة - قتل "ياسينو" عبثاً. خرج موته بصوت أجش: "هنا سورية، الموت يتكرر".

لم يكن صاحب الـ75 سنة يعرف من أيامه سوى الإبتسامة. أرهقه التمثيل الممل، في زمن رديء.  ترك سنواته بجفاء في مدينته. في حي حزين ومدمر، غارق بالركام. داخل سيارته الصغيرة. غادر دمشق مكرهاً. بعد أن عاصر حاضرها البائس، مدمنة رائحة الموت.

لم يسجل يومياته في الواقع السوري، كغيره من الفنانين السوريين. ولم يتورط في رأي مباشر بما يجري. يبقى لفيديو مسرب على "يويتوب"، يظهره يقطع حاجزاً لـ"الجيش السوري الحر". يحكي معه عنصر من الحاجز ويسأله عن صحته وعن عائلته والى اين يدخل. فيما ياسين غير مكترث كعجوز مرهق ومتعب. مكتفياً بسيجارته.

بقي خارج الكادر، ككل ادواره الثانوية التي فرضته بطلاً رغم كل شيء. ورغم ضآلة السيناريو وخفة المشاهد التي حوصر بها. بقي كعادته بعيداً. وحضر كمواطن عادي في صراع سورية المخيف. وحط خبر موته عادياً ايضاً في زحمة الموت الكثيف. إذ بدا وجهه في شريط فيديو مقتله، الذي لم يتأكد مصدره بعد، ضحية لهذه الدوامة. مثله مثل كثيرين قضوا في موت مجاني. داخل صورة حرب.

صورة شغل ياسين بقوش إطارها بطلاً. لكن لم يكتمل الدور. لأن نقابة الفنانين لم تعلن مقتله رسمياً. واكتفت وسائل الإعلام، ومعها مجالس ثورية تابعة للجيش الحر وناشطين "متطوعين" ارادوا لبقوش ان يكون في صفهم، بنعيه ممثلاً مضحكاً له تاريخ عريق.

توزع "الزعل" على وجوه الناس وفي كلامهم اللطيف والمحزون على شخصية كوميدية رقيقة لم تتنازع دور البطولة يوماً. الا أمس، اكتفت ان تخطف الدور بجدارة، وعلى صفحات "افتراضية".

هو آخر ما تبقى من زمن العفوية والمهمشين. ينتمي الى جيل الرواد المؤسسين للكوميديا السورية، في سبعينيات القرن الفائت، من أبطال مسلسل "صح النوم" الشهير. لعب دور عامل الفندق الطيب الساذج والمخلص وعاش في ادواره ضحية الجميع. وتكرر الدور في "صح النوم 2"، و"ملح سكر"، و"وين الغلط"، و"وادي المسك". الا ان شخصيته تبدلت بشيء من الفكاهة بعد حصوله على دور زوج الستّ، أي بعدما تزوجته فطوم حيص بيص (صاحبة الفندق). ومع زواجهما، ولدت ثنائية ياسينو وفطّوم التي نافست ثنائية غوار الطوشة و حسني البوزظان. وتجاوز حضور ياسينو وفطّوم مسلسل "صح النوم"، ليدخلا السينما، زوجين متنافرين.

احتفظ ياسينو بملامح دافئة في حياته اليومية، وليس فقط أمام الكاميرا. ولعل أهمّ حكاية إخلاص في حياة الرجل كانت إخلاصه لشخصيته "ياسينو" التي استغنى من أجلها عن شخصيات أخرى... ورحل.الحياة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد