صحيفة السوسنة الأردنية

السوسنة - صراخ وصيحات تشجيع واوراق نقدية تتناقلها الايدي خلال مصارعة حجلان في احد متنزهات كابول ...وهو تقليد يثير جدلا وكان ممنوعا في ظل حكم حركة طالبان لكنه يعود لينتشر الان الى افغانستان.

في احد ممرات متنزه في شمال العاصمة الافغانية يمشي محمد عمر برفقة نجله في ساعات الصباح الاولى حاملا قفصا كبيرا مصنوعا من الخشب وقد غطاه بقطعة قماش زرقاء مزركشة. وداخل القفص طير حجل يحترف المصارعة.

ويقول الرجل البالغ 24 عاما وهو يرفع الغطاء عن القفص ليكشف طيرا من 30 سنتمترا تقريبا منقاره احمر وعنقه ابيض وريشه رمادي مع بعض الابيض والاسود على خاصرته "لقد اشتريته في جنوب افغانستان ، جنوب قندهار".

وقد كلف هذا الطير الجميل 500 دولار وهو مبلغ كبير جدا في هذا البلد حيث متوسط الدخل السنوي للفرد يبلغ 570 دولارا.

لذا يعتني محمد كثيرا بالحجل خصوصا وان ان هذا الحيوان قد يدر عليه الكثير من المال ، "مئات الدولارات" على ما يؤكد.

ويوضح " اكسب احيانا واخسر احيانا اخرى لكني امضي وقتا طويلا في العناية به" قبل ان يضيف مازحا "احبه اكثر من نجلي حتى!"

على مسافة قريبة تعلو صيحات من تجمع يضم نحو مئة رجل...فهنا تقام مصارعة الحجلان.

وسط مربع رسم على الارض يتواجه حجلان لايزالان في قفصيهما. من حولهما متفرجون متحمسون للغاية: بعضهم يصيح مشجعا والبعض الاخر يومئ بايديه والكثيرون يحملون كدسات من المال لبدء المراهنات.

ويرش رجل الماء على الارض لتخفيف حرارة الحلبة ومراعاة الطيور التي تخضع لضغط كبير ولحرارة خانقة.

بعد انتظار، يفتح اخيرا باب القفصين ايذانا بقرب بدء المواجهة ورغم جهود "المدربين" اللذين يدفعان الطيرين باتجاه بعضهما البعض يتجاهل كل حجل الاخر بكل بساطة. وتنتهي الجولة الاولى من دون اي اشتباك ويعود الطيران الى قفصيهما.

ويوضح حفيظ الله وهو رجل خمسيني طويل القامة ان ذلك الامر طبيعي "انهما طيران ممتازان. المواجهة قد ستمر عشر دقائق كما انه قد يستمر ساعتين".

الجولة الثانية تبدأ على وتيرة اسرع. فقد التقط احد الحجلين الاخر في عنقه وحاول ان يشل حركته الا ان خمصه تمكن من الافلات. فعادا مجددا الى القفص.

تتالى الجولات فيما يخسر الطيران اللذان غطاهما الوحل، الريش ويزدادان توترا وعدائية.

وتزداد ايضا المراهنات. ويقول حفيظ الله "في البداية كانت المراهنات بحدود 200 دولار اما الان فقد وصلنا الى 800 دولار. وسيستمر الصراع حتى ينهار احدهما منهكا" مؤكدا ان نفوق الطيور نادر جدا.

بعد اكثر من ساعة على انطلاق المباراة، توقف احد الحجلين عن المشاركة فاعلن فوز الاخر. المتفرجون يجتاحون الحلبة والاوراق النقدية تنتقل من يد الى اخرى.

لشراء حجل في كابول ينبغي التوجه الى سوق الطيور الواقعة في زقاق ضيق منحدر في المدينة القديمة والتي تصدح بتغريدات مئات الطيور من كل الانواع.

متجر شكر الله يكاد يكون بحجم خزانة حائط تنتشر فيه الاقفاص على الواح خشبية قديمة. البائع صاحب البسمة الماكرة يعرف كل شيء عن الموضوع . فمن اجل منح الطيور القوة والمكابدة "يجب اطعامها الخبز المصنوع من العدس والحبوب واللوز والكريما والفستق والزعفران".

وقد يصل سعر الحجل في السوق الى "الاف عدة من الدولارات" ويقول البائع "في السابق كانت تأتي الطيور من مزار الشريف في شمال افغانستان لكن الان الطيور المقاتلة تأتي من كويا" عاصمة مقاطعة بلوشستان الباكستانية المضطربة.

الا ان مصارعة الطيور هذه وتجارتها والوحشية التي تتعرض لها لا تروق للجميع.

ويقول عزيز غول ثاقب مدير حديقة الحيوانات في كابول "اننا نستنكر مصارعة الحجلان. لقد بذلنا جهدنا لوقفها" من خلال حملات توعية، "لكن مصارعة الطيور والكلاب التي كانت تجرى خصوصا في الارياف بدأت تصبح عادية ومنتشرة".

وامكانية ان تتوقف هذه المباريات تبدو بعيدة خصوصا ان السلطات لديها اهتمامات اخرى في بلد يشهد حربا يضاف الى ذلك ان هذه الممارسة تأتي في اطار تقليد راسخ في الثقافة الافغانية.

في متنزه كابول يرتاج الجمهور بعد المباراة. فحول الحلبة يفترش رجال السجاد ويتبادلون اطراف الحديث وهم يدخنون السجائر ويستمعون الى تغريدات الحجلان...بانتظار المباراة المقبلة. (ا ف ب)