بين تضخم وإفلاس الضمان تغيب النقابات

mainThumb

29-09-2013 04:06 PM

التخوف على أموال الضمان واجب الجميع، وتنميتها واجب العاملين عليها، وحمايتها من الهدر أو النهب أو التوظيف الخاطئ واجب الدولة، وكل القرارات التي يتم اتخاذها والمرتبطة بالضمان من تشريعات أو استثمارات الأصل أن تكون لمصلحة المشتركين بزيادة الأمان لعجزهم وتوفير كفايتهم بما يتناسب مع الحدّ الأدنى من كفاية العيش الكريم، وهذا يتطلب من القائمين على الضمان بإجراء الدراسات اللازمة ووضع الاستراتيجيات الملائمة لتحقيق الغاية من وجود الضمان نفسه وهو الإنسان الذي يدفع من ماله ليحمي شيخوخته.

ما يحدث خلال هذه الفترة من تشتيت ذهني للمواطن مقرون بالخوف الذي اعتادت عليه الحكومة ومن خلال تصريحاتها المتتالية بأن ربط التقاعد بالتضخم سيؤدي إلى إفلاسه بعد فترة قريبة من السنين بينما يُصرّ مجلس النواب على ربط التضخم بالتقاعد، ويعلم الجميع أن التضخم يعني إنخفاض القيمة الشرائية للعملة وبالتالي يصبح الدخل الشهري قد إنخفض بالتساوي مع نسبة التضخم التي ترتفع، وفي العُرف الإقتصادي فإن إرتفاع التضخم يستوجب من الدولة وأبواب العمل الأخرى برفع الرواتب ليتناسب مع إرتفاع التضخم الناجم عن إرتفاع الأسعار وانخفاض القيمة الشرائية للدينار، وحسب الإحصائيات الرسمية الحكومية فإن التضخم خلال السنوات الثلاث الآخيرة قد زاد بنسبة 15% وهذا يعني أن قيمة الراتب قد إنخفضت بنفس النسبة 15% وهذا يستوجب رفع الرواتب بنفس النسبة للمحافظة على الإستقرار الإجتماعي واستقرار السوق، والمحافظة على الإنسيابية للمال لإستمرارية عجلة الإقتصاد.

التضخم من حيث طبيعته وكيفيته وأسبابه إرتفاعاً أو إنخفاضاً مسؤولة عنه وحدها فقط الدولة، فهي من تضع التشريعات المالية وتنفيذها ، والسياسات الإقتصادية وتطبيقها، وهي المسؤولة عن الإنفاق العام في جميع جوانبه وبالتالي فأن الحكومة هي من يتحمل الأخطاء إذا وجدت ومسؤولة عن حماية المال العام وتوزيعه بعدالة حسب الإمكانيات المتاحة بالإضافة إلى محاسبة المقصرين والناهبين للمال العام من خلال تشريعات رادعة وصارمة لكافة مستويات السلم الإداري في الدولة بدءً بالعامل العادي حتى تصل إلى رأس الهرم.

ما يلفت النظر في حالة السجال ما بين مجلس النواب والحكومة غياب واضح للنقابات العمالية والمهنية وهي التي تدّعي بأنها تمثل غالبية المنتسبين إلى الضمان الاجتماعي سواء في القطاع العام أو الخاص والتي وُجدت في الأصل للدفاع عن حقوقهم وحماية مكتسباتهم، حيث كان الأولى بها أن تكون طرفاً أسياسياً في معادلة صياغة قانون الضمان الإجتماعي الجديد لتحقيق الغاية من وجودها بالدفاع عن منتسبيها وتحقيق أفضل مستويات معيشية لهم، ونُدرج مثال بسيط نقابة المعلمين حيث يشكل منتسبيها أكثر من 45% من القطاع العام في الدولة غالبيتهم العظمى مشتركين في الضمان الإجتماعي وتمسّهم التشريعات المنوي إنفاذها من قبل الحكومة، وفي الطرف الآخر نقابة المهندسين والتي يتجاوز أعضاؤها ألـ 90 ألف السواد الأكبر منهم في القطاع الخاص، فالأصل أن تجري النقابات وذلك من خلال مجلس النقباء وبالتشارك مع إتحاد النقابات العمالية دراسات خاصة بها حول مواد قانون الضمان الاجتماعي ومدى تأثيرها على تقاعد منتسبيها وحقوقهم المرتبطة في المتغيرات المالية والإقتصادية _منها التضخم_ وبالتالي حماية حقوقهم المستقبلية لصون كرامة شيخوختهم بعيداً عن العوز.

غالبية منتسبي النقابات المهنية أو العمالية تشغلهم همومهم المعيشية اليومية، معتقدين أن لهم نقابات تتابع قضاياهم وتسعى لحماية مستقبلهم، حائرون ماذا يفعلون لمنع تغول الحكومة على جيوبهم، ومن بعد على أمان شيخوختهم، ويفكرون بصوت عالي، من يعلق الجرس؟!، من يضع حداً لهذا الإستبداد والإستخفاف بالعقول؟!، أين مجالس نقاباتنا؟!، أين زمهريرهم الذي كان يدوي عندما كان الحديث عن سورية أو مصر؟!، أين موجهم الهادر في الإقتتال على مع أو ضد في سورية؟! أين...وأين؟!!

أنهي بمقولة للفيلسوف الأمريكي هنري فريدريك، يقول:

يتم اختبار كل نظام ديني أو سياسي أو تعلمي بالإنسان الذي يتم تشكيله من هذا النظام ، فإذا ألحق هذا النظام الأذى بذكاء الإنسان فهو سيء ، وإذا ألحق الأذى بشخصية الإنسان فهو خبيث ، وإذا ألحق الأذى بضميره فهو مُجرم !! هنري فريدريك (1852م).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد