التنبؤ بالزلازل ..
المهندس محمد فندي - بعد تواتر الأنباء في الفترة الأخيرة حول احتمالية حدوث زلزال مدمر من طرف اسرائيل، ولما في هذا الخبر من دوافع سياسية اسرائيلية تخدم مشروعها في المنطقة، لذا اقتضى توضيح الأمر فيما يتعلق بالتنبؤ بالزلازل من وجهة نظر علمية بحتة وذلك لتبيان الأمر علميا وتحاشي اية تبعات اجتماعية أو اقتصادية من وراء نشر هذه الأخبار :
تمثل الزلازل ظاهرة طبيعية شديدة التعقيد بما يتحتم على مختصي الزلازل في العالم التفاعل العلمي المتعدد الجوانب مع هذه الظاهرة وخاصة فيما يتعلق بالتنبؤ الناجح بها. يترافق عادة مع فعل التحضير للزلازل القوية والمدمرة جملة تغييرات في جميع المجالات الجيوفيزيائية مثل المجال ألجاذبي الأرضي، المجال المغناطيسي الأرضي، المجال الكهربائي الأرضي، إضافة إلى عدد من الظواهر الجيولوجية. جملة هذه التغييرات والملاحظات المرافقة لعملية التحضير للزلازل المدمرة إما أن تحدث بصورة مفاجئة في مدى زمني قصير أو على مدى عقود، وهو الأمر أللذي يبعث الأمل والدافع القوي لإمكانية إجراء أبحاث جيوفيزيائية وجيولوجية شاملة ومتعددة الجوانب بهدف التنبؤ بهذه الظاهرة الطبيعية الشديدة التعقيد. هذا الموضوع يشغل الآلاف من علماء الزلازل في العالم هذه الأيام إلا أن نجاحاتهم متواضعة جدا وغير مترابطة على الرغم من أنها تعطي الأمل في إمكانية تحديد طريقة معقولة للتنبؤ الأكيد بالزلازل المدمرة.
التنبؤ قصير الأجل
إن أول ما يحضرنا عند الحديث في موضوع التنبؤ بالزلازل هو التنبؤ القصير الأجل الذي يفترض التعبير عنه بثلاثة عوامل هي الوقت، المكان وقوة الزلزال. إذ ينبغي أن يكون الوقت على درجة عالية من الدقة بحيث لا يتعدى اليوم الواحد وذلك لأسباب اجتماعية، اقتصادية و سياسية أيضا. إلا أن التنبؤ القصير الأجل بالزلازل المدمرة عالميا لم يصل بعد إلى الشكل المألوف على الرغم من امتهان العديد من المؤسسات البحثية في العالم ولعقود طويلة لهذا الأمر وبقاءه حتى هذه اللحظة في طور التجربة والاختبار. النجاح العملي والوحيد حتى الآن في موضوع التنبؤ بالزلازل المدمرة كان في 04/02/1975 عندما تنبأ العلماء الصينيون بزلزال هايتشينغ (Haicheng) أللذي كان بقوة 7.3 حسب مقياس ريختر وبشدة زلزالية من IX إلى X حسب مقياس الشدة الزلزالية MCS الأمر أللذي سمح معه بإخلاء وإنقاذ مئات آلاف الأرواح. لكن الحقيقة المؤسفة أن الصينيين لم يتمكنوا في العام التالي 1976 من التنبؤ بزلزال تانغ شان (Tangshan) أللذي كان بقوة 7.6 حسب مقياس ريختر وأودى بحياة أكثر من 250 ألف إنسان. مثل هذا الأمر يشير إلى أن الحكم النهائي في حدوث الزلزال من عدمه يمثل مسألة معقدة وقرارا مسؤولا ينبغي على الباحث تحمل مسؤوليته نظرا لما في ذلك من تبعات اجتماعية، اقتصادية وسياسية أيضا.
التنبؤ طويل الأجل
إلى جانب التنبؤ قصير الأجل هناك التنبؤ طويل الأجل وكذلك التنبؤ متوسط الأجل. التنبؤ طويل الأجل يعرف بالمكان والتكرار الدوري لحدوث الزلازل المدمرة على مساحة شاسعة أو منطقة كبيرة. يعبر عن ذلك بخرائط زلزالية تشير إلى نطاقات مختلفة من الشدة الزلزالية والتي في مراحل زمنية قادمة (50، 100، 200 عام) على سبيل المثال يمكن لها أن تشهد حوادث زلزالية مدمرة مع احتمالية واقعية بحدود 70%.
التنبؤ متوسط الأجل
يشير هذا التنبؤ في العادة إلى مناطق أضيق محصورة في نطاق الفوالق التكتونية النشطة والتي يمكن لها أن تحرر طاقة زلزالية مدمرة. المدى الزمني لهذا التنبؤ يتراوح من عدة سنوات إلى عدة عقود. إنجاز هذا النوع من التنبؤ متوسط الأجل يتطلب إجراء دراسات معقدة وعديدة وبتكلفة مالية عالية جدا. في هذا السياق قامت المساحة الجيولوجية الأمريكية (USGS) في عام 1983 بتنفيذ مشروع علمي للتنبؤ بالزلازل بناء على المعطيات السابقة لحوادث زلزالية يتكرر حدوثها في المتوسط كل 22 عاما على طول الفالق الأرضي بالقرب من منطقة بارك فيلد (Park field) بقوة 6.0 حسب مقياس ريختر. نتائج الدراسات الكبيرة والعالية التكلفة هذه التي قامت بها هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية أشارت إلى أن الزلزال القادم في هذه المنطقة سيحدث في عام 1988 بنسبة خطأ ± 5 سنين، إلا أن الزلزال لم يحدث في عام 1993 وعليه تم إلغاء المشروع بعد تكلفة مالية عالية جدا.
لتحقيق التنبؤ قصير الأجل وجعله مألوفا يتطلب الأمر ما يلي:
1. من الضروري تنفيذ دراسات تنبؤ طويلة الأجل على مساحة شاسعة يتم بعدها عزل المناطق الأكثر خطورة والمرشحة لحوادث زلزالية مدمرة فيها.
2. التيقن من التراكيب الجيولوجية التكتونية في المناطق الأكثر خطورة والمرشحة لتجميع ضغوطات تكتونية كبيرة عليها وبالتالي تحرير هذه الضغوطات على هيئة زلازل مدمرة فيها.
3. المباشرة بتوجيه وتنفيذ الدراسات الميدانية التطبيقية المختلفة إلى هذه المناطق وأهمها الدراسات الجيوفيزيائية التطبيقية.
الظواهر المرافقة لعملية التحضير للزلازل المدمرة
عملية التحضير للزلازل المدمرة الكبيرة تأخذ وقتا طويلا وتتوقف على قوة الزلزال. على سبيل المثال سيكون مصاحبا لعملية التحضير لزلزال بقوة 7 درجات حسب مقياس ريختر مجموعة من الظواهر والمؤشرات السابقة على مدى عدة سنوات قبل حدوث الزلزال بهذه القوة. هذه الظواهر المصاحبة لعملية التحضير للزلزال لا تحكمها قاعدة ثابتة، فهي في حالات معينة يمكن ملاحظتها بوضوح في حين تغيب هذه الظواهر بالكامل في حالات أخرى. مثل هذا السلوك يفترض على الباحثين دراسة أكبر عدد من الظواهر المصاحبة لعملية التحضير للزلازل القوية والكبيرة وعلى ضوء ذلك إعطاء تقييم قصير الأجل لوقت ومكان حدوثها، خاصة بعد أن أشارت الدراسات التي قام بها كل من ديفد جاكسون ويان كاغان من جامعة كاليفورنيا / لوس أنجلوس أن المناطق التي كان يعتقد بأنها قليلة الخطورة حررت زلازل بمعدل 5 أضعاف مقارنة مع المناطق الأكثر خطورة.
أسباب الظواهر الجيوفيزيائية والجيولوجية العديدة في مرحلة التحضير للزلازل الكبيرة مرتبطة مباشرة كنتيجة لتجميع الضغوطات التكتونية في مواضع معينة على طول الصدع الأرضي في باطن الأرض إلى النقطة الحرجة التي لا تستطيع معها الصخور تحمل هذه الضغوطات لتحدث الإزاحة على هيئة زلزال طبقا لقانون هووك، يعود بعدها الوسط الجيولوجي المجهد إلى المرحلة التي كانت سائدة قبل بدأ تجميع الضغوطات التكتونية عليها. فيما يلي نورد أهم وأكثر الظواهر ملاحظة المصاحبة لعملية التحضير للزلازل.
الظواهر الجيوفيزيائية
1. التغيير في سرعة انتشار كلا النوعين الرئيسيين من الأمواج الزلزالية الطولية والمستعرضة بسبب من التغيير في كثافة الوسط الجيولوجي الناقل والناجم عن تراكم الضغوطات التكتونية على هذا الوسط الجيولوجي.
2. تراجع المقاومة الكهربائية لصخور الوسط الجيولوجي مع العمق أو زيادة قابليتها للتوصيل الكهربائي بسبب من ظهور التشققات عليها وبالتالي زيادة مساميتها وتعبئتها بالمياه الجوفية المحملة بالأملاح والمعادن المذابة.
3. تذبذب المجال ألجاذبي والمغناطيسي بسبب من التغير في كثافة صخور الوسط الجيولوجي المعرض للضغوطات التكتونية وارتفاع درجة حرارة هذا الوسط الجيولوجي المجهد في المرحلة التالية للسلوك المرن للمادة وهي مرحلة اللدانة قبل حدوث الزلزال بوقت قصير.
4. في حالات معينة يلاحظ حدوث عواصف زلزالية خفيفة القوة أو محسوسة على مدى عدة أيام قبل حدوث الزلزال الرئيسي الكبير.
5. انبعاث مفاجئ لإشعاعات اليكترومغناطيسية على مدى ترددي واسع.
6. ظهور تيارات كهربائية تيلورية صخرية باطنية.
7. ظاهرة شحن الصخور بالكهربائية الساكنة وتفريغها على هيئة انبعاث ضوئي يمكن مشاهدته ليلا.
8. انطلاق وتحرير غاز الرادون المشع المحصور في صخور باطن القشرة الأرضية عبر التشققات في هذه الصخور في المياه الجوفية.
9. تغيير مفاجئ في مستوى المياه الجوفية.
الظواهر الجيومورفولوجية
1. صعود أو هبوط بطيء لأجزاء أرضية سطحية على نطاق معين ستمثل مستقبلا صدعا أرضيا جديدا في منطقة مركز الزلزال.
2. تغيير طفيف في درجة ميلان المنحدرات الأرضية.
كمثال على الظواهر الجيوفيزيائية المشار إليها سابقا نورد نتائج سجل تغير العلاقة بين سرعة انتشار الأمواج الطولية وسرعة انتشار الأمواج المستعرضة VpVs في منطقة غارما في الاتحاد السوفييتي السابق على مدى الأعوام 1955 – 1956، 1964 – 1965، 1965 – 1966. لوحظ بان لحظة حدوث الزلازل القوية فوق 4.2 درجة حسب مقياس ريختر تمت بعد مدة من شهر إلى شهرين من أدنى تغيير في دالة العلاقة بين سرعة انتشار الأمواج الطولية بالمقارنة مع سرعة انتشار الأمواج المستعرضة لمسجلة في المنطقة، لتعود هذه العلاقة إلى الوضع الطبيعي مباشرة في أعقاب حدوث الزلزال، وذلك بسبب عودة الصخور إلى الوضع السائد قبل تراكم الضغوطات التكتونية عليها. اليابانيون من جهتهم راقبوا التغير العمودي الجيومورفولوجي صعودا وهبوطا عن مستوى سطح البحر على طول الساحل الغربي الياباني المقابل لجزيرة سادو على مدى 80 عاما من الرقابة المستمرة. أشارت الدراسات اليابانية إلى تغير تدريجي بطيئ للارتفاع عن مستوى سطح البحر مع الوقت إيجابا على الجزء الشمالي وسلبا على الجزء الجنوبي للساحل إلى لحظة حدوث الزلزال، حيث حدث هبوط مفاجئ في الارتفاع عن مستوى سطح البحر بما يشير إلى عودة الصخور إلى الوضع السائد قبل بدأ تراكم الضغوطات التكتونية مباشرة بعد الزلزال.
هناك طريقة علمية جديدة لكل من كوسوبوكوف وغورشكوف الباحثين في معهد التنبؤ بالزلازل والجيوفيزياء الرياضية في روسيا قدماها في ورش عمل لوكالة الطاقة الذرية يربطون فيها بين القيم القصوى والدنيا لقيم الشذوذ ألجاذبي الأرضي لمنطقة معينة إضافة إلى عوامل هذه المنطقة الطبوغرافية والجيومورفولوجية والجيولوجية حيث ربطوا هذه العوامل مجتمعة وإمكانية تحرر طاقة زلزالية مفترضة اسمياها Seismogenic Nodes، إلا أن هذه الطريقة لا تعطي موعدا دقيقا لحدوث الزلزال لكنها فقط ترشح بؤر لحوادث زلزالية وبؤر حدثت فيها زلازل ويمكن أن يتكرر فيها حدوث زلازل قادمة مع إمكانية تحديد أقصى قوة متوقعة. يجب التنويه أخيرا إلى ظاهرة لا زالت غير مفسرة علميا حتى الآن وتتعلق بورود تقارير عديدة حول سلوك إرباكي لأنواع مختلفة من الحيوانات الموجودة في منطقة مركز الزلزال وذلك قبل وقت قصير مباشرة قبل حدوث الزلازل. لا يوجد حتى هذه اللحظة تفسير علمي مقنع لهذه الظاهرة بشكل منطقي وعليه لا يمكن البناء عليها في التنبؤ القصير الأجل للزلازل.
سوريا تثمن دعم الأردن في حرائق الساحل
الجيش يحبط تهريب مخدرات ببالونات موجهة .. صور
الضريبة تدرس 26 ألف طلب تسوية ضريبية
ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات تكساس إلى 50 شخصا
طلبة التوجيهي يواصلون تقديم امتحاناتهم الأحد
الأردن يسجل فائضًا تجاريًا مع عشر دول عربية
120 دعوى عمالية أمام وحدة سلطة الأجور
البنك الدولي يدرس تمويل برنامج صحي أردني
الجيش يحبط تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة
شاغر أمين عام المجلس الطبي الأردني
أسعار الخضار والفواكة في السوق المركزي .. الأحد
أسعار الذهب في الأردن ليوم الأحد
افتتاح محطة ترخيص مسائية على أوتوستراد الزرقاء
حبس وغرامة تصل لـ 500 دينار لمرتكب هذه المخالفة
مهم للأردنيين الراغبين بالسفر براً عبر السعودية
مطالبون بتسديد أموال مترتبة عليهم لخزينة الدولة .. أسماء
مرشحون للتقدم للإختبار التنافسي لإشغال وظيفة معلم
تعيين أول سيدة برتبة متصرف في الداخلية .. من هي
محاميان: منع الطلبة من الامتحانات تجاوز أكاديمي خطير
الحكومة ترفع أسعار المحروقات بنوعيه البنزين والديزل .. تفاصيل
الأشغال تدعو مرشحين للإمتحان التنافسي .. تفاصيل
المفرق: بوابة الأردن الشرقية ومطار المستقبل
انسحاب منتخب الأردن يثير غضب الإعلام العبري .. تفاصيل
توحيد فتحة عداد التكسي في الأردن .. تفاصيل
غدًا .. تشغيل خطي نقل عمّان إربد وجرش رسمياً
الأردني عبدالله حمادة الأول على الثانوية العامة بالإمارات