حسناء ضحية جديدة تحت مظلة الجهل

mainThumb

13-04-2014 06:51 PM

مقتل حسناء اضاف لنا جريمة بشعة جديدة.. ولكنها ليست ككل الجرائم بما تحمله في طياتها من ظلم وقسوة وإجحاف في حق الطفولة والانسانية, لتتفوق هذه الجريمة ببشاعتها على الكثير من الجرائم الشنيعة.

هذا ما ظهر لنا في قصة حسناء, رواية مختلفة تماماً عما سمعناه مسبقاً.. فهي مثقلة اكثر بمعاني الإفتراء والإجرام المسموم الذي بُث في رأس والدها من قبل مديرة مدرستها من تحقير وتوجيه عبارات لوم واذلال على مسامعه.. لتبتز وتستفز ما تبقى بشراينه من كرامة وجبروت ورجولة! حتى غادر المدرسة متؤثراً بها.. لينزل فيما بعد خبر مقتل حسناء المفجع كالصاعقة على مسامع الشعب الاردني.

المديرة التي لم تعتمد علاقتها بطالباتها سوى على السلطة والسيطرة العمياء, التي تمثلت من خلال تحريضها لوالد المغدورة بما تعنيه الكلمة من إلغاء لآدميته, لتُقتل حسناء على يد من تتوقع منه أن يكون مصدرها الرئيسي للآمان النفسي والعاطفي الذي تنشده, لذا فإن الآلم الآبدي الذي تلقته من والدها كان اشد وقعاً عليها..

فللآسف كانت حسناء كبش الفداء الذي كشف ما كانت تخبئه ستائر مؤسساتنا التعليمية, بما تحتويه من قادة وقدوة شباب المستقبل من فجوات, ولتغفلنا الى حالة من الحذر والتأهب لكي نكون على علم بكل ما يمارسه المدرسين على الطلاب.


حسناء .. الطفلة التي اختنقت عبارات الفرح بأعماقها بعدما عثرت على ذلك المبلغ المجهول بالقرب من غرفة المهني, والتي همت بشكل فوري لتعبر عن فرحتها الطفولية بتوزيعه على صديقاتها.. لم تكن تعلم ابداً بأنها ستدفع ثمنه غالياً وسيدخلها في متاهة تنهي ما تبقى لها من حياتها البائسة.. بعد ما اطلقت تلك المديرة الجاهلة لمعاني الانسانية قنبلتها الموقوتة التي قسمت القشة الباقية لحسناء في هذه الحياة..

لتدخل حسناء بعدها في دوامة من الاسئلة المتعبة لتفكيرها البسيط !!!

حيث بدأ الارتجاف يسري في جسدها..

وبدأت تلهث خوفاً والخلع يسيطر على كيانها المتهالك.. في الوقت الذي كانت دموعها تتسابق منهمرة من عيناها الذابلتين..

تبكي بحرقة المقهور..

حزينة.. برأسها المطئطئ الصغير..

لا تملك شاهد عيان سوى عينان منكمشتان من شدة الحزن اغرورقت بهما الدموع..

اخذت تتوسل اليهم بيأس صامت.. مثقل بالكثير من الخيبة!!

محاولة في ذلك الوقت البحث عن طوق نجاة في زمن اكتظت به المكائد وكثرت ظنون الجاهلين, فلابد من انها كانت لحظات مؤلمة ومحاولات متعبة ومستميته في استجداء عطفهم ونول اصغائهم وتصديقم لها بما كانت تمتم به من كلمات..

لم تكن تعلم انها بفرحتها المشؤومة تلك خطت خطوتها الآخيرة الى الهاوية ..

لتجهش بعدها ببكاء آبدي ومرير ..

بدموعها الملتهبة التي حرقت قلبها قبل ان تحرق خدها الطفولي الشاحب ويدها المرتجفة اليابسة فيما كانت تمسح تلك الدموع ..

فلاشك بأن دموع حسناء الآخيرة.. أكلتها كما تأكل النيران الحطب !

متخيلة لما سينتظرها.. تنفيساً لما رأته في اعين ابيها من غضب وسخط عليها..

فيما اخذت الشكوك تدور في رأس والدها وبقوة كعاصفة في لحظة حساب, بعدما سيطرت عليه روح الانتقام من ابنته لكرامته بكل ما اؤتى من قوة, ليصب فيما بعد جام غضبه عليها على شكل صفعات مفاجئة ومميتة !!

وبرغم مقاومتها الآلم المبرح الذي غزى جسدها الضئيل لكنه دون جدوى ..

فوضاعة وهمجية وجهل كلمات تلك المديرة التي رمتها في وجه والدها.. لم تمر مرور الكرام وحسب!

هكذا قتلت حسناء.. بلا ذنب سوى جهل وقذارة وسوء نية مِمَن يُطلق عليها مربية اجيال المستقبل, مُلطخة والدها بسيل من الشتائم والإتهامات لتدُب بأوصالة هالة من التوحش والاجرام الغير معهود تجاه ابنته بعدما اتهمتها بالسرقة, لينهال عليها فيما بعد ضرباً مبرحاً افضى للموت.. حتى وافتها المنية وتحولت من طفلة تحمل في طيات وجناتها فراشات تنتظر رحيق زهور الربيع لمجرد جثة هامدة لاحياة فيها !

حصل ذلك بفضل إفتقار الكوادر التدريسية الى لغة الحوار الراقية واستبدالها بلغة عدوانية وجاهلة ضد الطلبة لا بصالحهم, وحثهم على أساليب غير انسانية لحل المشكلات البسيطة فيما يخص الطلبة.

والحقيقة بأن هذه النماذج التعليمية الجاهلة لا تعكس قدسية المهنة بل انها  مسيئة وهادمة لمجتمعنا, ولا تأتينا سوى بنتاجاً بشرياً مختلاً نفسياً وعاطفيأ نتيجة التصرفات الهوجاء, التي تمثلت بأساليبهم المنهجية العشوائية المتبعة بحق الطلبة والتي قد تصل بنا حتماً الى قاع الفشل.

فحكاية حسناء لا تمثل سوى احد اوجه الجهل الغير محسوب الذي تتعرض له مئات الطالبات من قِبل ما يطلق عليهم مربيات اجيال المستقبل, وكأنها جرت لنأخذ العبرة منها ولتكون رسالة صادقة دُفع ثمنها غالياً, لتحمل لنا بين ثناياها التوجيه والتنبيه!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد