معايير الحد الأدنى لقانون الانتخاب الذي نريد

mainThumb

13-05-2009 12:00 AM

لم تعد في "البلدة" من قصص نتلهى بها سوى أخبار انقساماتنا الصغيرة حيال ما يأتينا من زائرين سياسيين وروحيين.. فبعد بعد الجدل حول زيارة البابا ، من المتوقع أن نشهد جدلا أسخن قليلا حول زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى عمان أو العقبة ، لست أدري.

ومنذ أن أقفل الباب حول "مشروع الأقاليم" من دون أن نعرف لماذا طرح وكيف وفي أي سياق ولماذا سحب من التداول ، نعود متثاقلين إلى يومياتنا الرتيبة ، لا نقاش ولا جدل ، ولا أجندة حافلة بالاستحقاقات والمواعيد ، ما يعيدنا إلى مربع الإصلاح السياسي الأول ، أو يعيد هذا المربع إلينا ، لا فرق.

ولكي لا يكون وقتنا مهدورا ، نقطعه بالمعارك السجالية "بيزنطية" الطابع ، ولكي نقطع سيف الوقت قبل أن يقطعنا ، ومن أجل أن ندفع بعجلة الإصلاح السياسي خطوة واحدة للأمام بعد أن طوينا صفحة الأقاليم ، فإنني أقترح على الحكومة أن "تجرؤ" على فتح ملف "الإصلاح الانتخابي" ، توطئة لصياغة قانون جديد ، نجري بموجبه انتخابات 2011 ، فالوقت يمضي ويداهمنا ، ولا نريد أن نسمع من حكومة العام 2011 ذات الأعذار التي سبق أن باحت بها حكومات سابقة لتبرير عدم التقدم بقانون انتخاب حديث وعصري: نفاد الوقت؟،.

لقد أجرينا "بروفة" في مطلع العام 2008 بمشاركة 40 شخصية سياسية وفكرية عربية من 15 دولة صديقة وشقيقة ، وخرجنا بما أسميناه "معايير الحد الأدنى الواجب توفرها في قوانين الانتخاب في العالم العربي" ، ندرجها بإيجاز هنا ، علّها تشكل فاتحة لحوار وطني حول البرلمان الذي نريد والقانون الذي سيأتي به ، تنص بعض هذه المعايير على ضرورة: اعتماد أنظمة انتخابية تكفل أوسع مشاركة وأفضل تمثيل للشعب ، أنظمة تقوم على مبدأ المساواة بين المواطنين ، وتمكين المرأة والشباب والمجتمع المدني والأحزاب السياسية ، أنظمة تسهم في تعميق الوحدة المجتمعية والوطنية للشعوب العربية ، وتنبذ الهيمنة والإقصاء والتميش ، وتساعد على نقل مجتمعاتنا إلى عصر الحداثة ، لا أن تعيدها إلى عصر ما قبل الدولة.

إنشاء مفوضيات (لجان) وطنية (مركزية) مستقلة للانتخابات ، تشرف عليها من ألفها إلى يائها ، على أن تتمع بالنزاهة والحيدة والاستقلالية ، وأن تكون لها الصلاحيات الكاملة في قمع المخالفة ووقف المخالفين ، ويناط بها ترتيب العملية الانتخابية بدءا من إعداد الكشوف وحتى اكتمال عمليات الطعن في الانتخابات ، مرورا بمختلف مراحل العملية والحملات الانتخابية ، على أن يترك لكل دولة أمر البت في تفاصيل التشكيل والمرجعيات وغير ذلك.

تنظيم عمليات الرقابة المحلية والإقليمية والدولية على الانتخابات ، وتسهيل عمل المراقبين والملاحظين ليقوموا بدورهم على أكمل وجه ، لضمان نزاهة الانتخابات وعدم تدخل الأجهزة الحكومية فيها.

تعزيز دور القضاء الإشرافي على الانتخابات وتطوير دوره في البت السريع في الطعون والتصدي للجرائم والجنح المرتبكة بخلاف ما ينص عليه قانون الانتخابات أو القوانين ذات الصلة.

تسهيل العمليات الإجرائية وتبسيطها وجعلها أقرب تناولا وأكثر يسرا وشفافية ، من إعداد السجلات ولوائح الشطب ، إلى البطاقات التعريفية مرورا بمراكز الاقتراع ، وضمان التقيد بالمعايير الدولية لعملية الاقتراع وأوراقه وكشوفه ووثائقه وكيفية ممارسته ، واستخدم الوسائل التقنية الحديثة في هذا المضمار.

حظر أية ممارسات من شأنها أن تلقي بظلال من الشك على صدقية ونزاهة الانتخابات ، وفي هذا السياق ، يتعين أن تنص قوانين الانتخابات على أن تجري عمليات الفرز في مراكز الاقتراع ، وأن يصار إلى إعلان النتائج أولا بأول ، ومن دون إبطاء أو تأخير.

إزالة كل القيود التي تحول دون مشاركة المرأة الواسعة في الانتخابات ، ناخبة ومرشحة ، وضمان حصة متزايدة للنساء في البرلمان ، وصولا إلى إحقاق المساواة بين المواطنين ، وذلك عبر صيغ واشكال من بينها "الكوتا النسائية" أو "اللوائح الوطنية المخصصة للنساء" أو النص في القانون على ترشيح النساء في مواقع مضمونة على القوائم الحزبية والنسبية الوطنية.

تخفيض سن الانتخاب إلى 18 عاما والمرشح إلى 25 عاما تجسيدا لهدف تمكين الشباب.

ترشيد الانفاق المالي في الحملات الانتخابية ومحاربة ظواهر "نقل الأصوات الجماعي وشرائها" ، وضبط "المال السياسي" إحقاقا لمبدأ المساواة بين المواطنين ، ولضمان الإرادة الحرة والطوعية للناخبين.

وضع التشريعات والأنظمة التي تكفل حيادية وسائل الإعلام الرسمية في العملية الانتخابية وعدم انحيازها لمرشحي السلطات ومؤيديها. وحيث أن الأمية ما زالت متفشية في العالم العربي ، فإن الحاجة تقتضي وضع قواعد خاصة لتصويت الأميين.

أحسب أن كل بند من هذه البنود ، كان موضع جدل وطني في مرحلة من المراحل ، وقد آن أوان ترجمتها جميعا إلى مواد قانونية ، وإدماجها في قانون الانتخاب الذي طال انتظاره.الدستور



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد