الجيش الأخلاقي
أتت البداية من والدتي التي أكدت على ضرورة وجودي في الجامعة تلبية لنداء أقل واجب ممكن تحت هذه الظروف. أصرت على الذهاب للمستشفى بمفردها مبدئياً على أن نلحق بها بعدها، وهو ما فعله أخي الذي طمأنني على تغطية المهمة وعلى ضرورة الوقوف عند الواجب، ثم الانتباه للشأن الأسري. اتصلت بعدها أكلم والدي، لعلي أسمع في صوته طلباً بضرورة توجهي للمستشفى الذي بات أخي الأصغر فيه معه، إلا أن صوته الدافئ الرصين المليء بالحب والرحمة والإجهاد أتى عبر رسالة، بعد أن تعذر الاتصال المباشر، أن يا ابنتي، «فلسطين هي القضية، أهل غزة هم الكيان وهم المصدر وهم الحقيقة، هم صناع الحق والعدالة». في هذا الصوت العميق المنهك رنّت نبرة البكاء الواضحة التي وقفت غصة في بلعومه، وكأني به يصارعها بكل قواه ليمنع بحتها محاولاً إرسال رسالة واضحة قوية بلا عواطف، لتصل رسالته حقيقة مضببة بالحب، ضعيفة بالمشاعر أمام غزة ومصابها، مغمورة بالعواطف لقضية والدي الأولى، قضية فلسطين.
كل فعل من تلك اللحظة بدا ثقيلاً مشوشاً، ارتداء للملابس، وقيادة للجامعة، وعثوراً على موقع الحدث، ليتبدى لي جلياً عمق الأنانية الإنسانية، فيما فاق عدد شهداء غزة الثلاثة والثلاثين ألفاً، والمدفونون تحت الركام الثلاثة عشر ألفاً، والمفقودون السبعة آلاف، والشهداء الأطفال وحدهم الثلاثة عشر ألفاً، وفيما يعيش سبعة عشر ألف طفل بلا والدين أو بلا أحدهما، ويحتاج أحد عشر ألف جريح لعلاج خارج غزة، وتُمحى أكثر من أربعمئة أسرة قُتلت بالكامل من سجل غزة المدني، أتشوش أنا ويختلط علي يومي بوجع شخصي، فأي ميزان هذا الذي يزن به الإنسان أولوياته، وبأي مسطرة يقيس وأي مكيال يكيل الآلام والعذابات، ما يجب أن يأتي في المقدمة وما يجب أن ينتظر، ما يفترض أن يحرق روحه بحروق الدرجة الثالثة وما يحرقها بحروق الدرجة الأولى؟ كيف نكون بشراً معوجين هكذا؟ ترى، لو لم يكن إصرار والدتي وكلمات والدي وموقف إخوتي الذي غطوا به تقصيري، هل كنت لأستطيع تلبية هذا الواجب البسيط الناقص، أم كانت الأنانية الجشعة لتأخذ علي روحي والجزء الأفضل من عقلي، ولتدفعني لتغيير الترتيب المستحق للأولويات؟
طلبة وطالبات أمريكا وأعضاء هيئات التدريس في العديد من جامعاتها توصلوا، أخيراً وإصراراً، للترتيب الصحيح للأولويات: بدت لهم نصرة الحق الإنساني أهم من درجاتهم العلمية، والوقوف في وجه صوت الإمبريالية الجشع يتقدم على أمنهم الجسدي، والإصرار على ممارسة حقهم الكامل في التعبير خصوصاً تجاه قضية إنسانية عالمية ملحة يَجُّب سكينتهم النفسية، أفلا نقف لهم احتراماً وتأييداً وانتصاراً؟ نرى الطلبة الصغار على الشاشات يُعتقلون ويُضربون، ونرى أعضاء هيئة التدريس الصانعين أسواراً حول طلبتهم المعتصمين يُسحلون، ونسمع صوت الحق المؤيد لفلسطين يصدح ولأول مرة من عمق الداخل الأمريكي، أفلا يجب أن نصدح معهم بكل ذرة هواء في رئاتنا؟ هذا هو «الجيش الأخلاقي» البشري الذي يجب أن نفسح له المكان، كما يقول الممثل هاريسون فورد واصفاً ثورة الشباب في عملهم تجاه القضايا البيئية، وهو توصيف ينطبق كذلك على ويليق اليوم فعلياً بجيش فلسطين الشبابي الغربي الأخلاقي. هذا زمن جديد، واقع جديد، روح بشرية جديدة، بدا فيهم جميعاً شيء من الخير بعد أن غيبتهم الدعاية الغربية الإمبريالية والصهيونية العالمية على مدى عشرات السنوات. أفلا أقل من أن نحتفي بكل ذلك وندعمه وأن نعيد ترتيب أولوياتنا من أبسطها إلى أخطرها، ومن أكثرها خصوصية إلى أشدها عمومية؟
قالها والدي وأصرت عليها والدتي ودعمها إخوتي، القضية الأولى هي قضية فلسطين، وستؤجل من أجلها كل القضايا الخاصة والأوجاع الشخصية.
حَمَل صوت والدي، رجل القانون الكبير، الذي اختلطت فيه غصة البكاء بالإصرار على المقاومة والاستقواء، حُكمه الأخلاقي الأخير «تؤجل القضايا الشخصية إلى حين النظر في القضية الأولى… والبت فيها»، ولا مناص، أخلاقياً وإنسانياً ومنطقياً وقيمياً، من التنفيذ.
(القدس العربي)
126 فنانا بريطانيا يقاطعون مهرجاناً منحازا لإسرائيل
لماذا لم يُلقِ الأسد كلمة في قمة المنامة
النواب الأميركي يصوّت بإلزام بايدن بإرسال أسلحة لإسرائيل
تصويت لحجب الثقة عن رئيسة جامعة كولومبيا
وزراء خارجية 13 دولة يحذرون إسرائيل من الهجوم على رفح
إيران تدين وترحب ببنود في بيان قمة البحرين
أنباء عن محاولة انقلاب ثانية فاشلة في تركيا
13 حافلة نقل عمومي تعمل بدون ترخيص في جرش
سفن المساعدات تصل لغزة عبر الميناء الأمريكي العائم خلال يومين
وفد تركي يبحث الاستثمار في الأردن
تونس تتحفظ على بند حدود فلسطين 1967 بقمة البحرين
أعراض غير واضحة لالتهاب الزائدة الدودية
غوغل تعلن عن نموذجها الجديد للذكاء الاصطناعي .. فيديو
الفئات المعفية من أجرة الباص السريع عمان - الزرقاء
انطلاق أولى رحلات الباص السريع من الزرقاء لعمان .. فيديو
تطورات الطقس خلال الأيام الثلاثة القادمة
تعميم من وزارتي الداخلية والعمل:الإبعاد خارج الأردن
اليرموك تفتح باب الابتعاث بشكلٍ غير مسبوق .. تفاصيل
مواطن يجهّز 103 نياق لنحرها ابتهاجا بزيارة الملك للزرقاء .. فيديو
حديث وزير الداخلية عن الخمّارات للنائب العرموطي
تفاصيل الحالة الجوية من الأحد حتى الثلاثاء
تعبئة خزان الوقود صيفا مضرّ أم مفيد .. جواب المعهد المروري
حقيقة تأجيل أقساط سلف متقاعدي الضمان قبل عيد الأضحى
الأردن: فتاة تقع ضحية مواقع التعارف .. تفاصيل مؤلمة
الصفدي يستذكر مناقب النائب الراحل راجي حداد
وظائف ومقابلات ببلديات والسيبراني والآثار ومشفى حمزة والاستهلاكية المدنية