من القطاع العام إلى القطاع العام

mainThumb

21-07-2009 12:00 AM

تقول إحدى صحفنا إن خبراء اقتصاديين يطالبون الحكومة بالتريث في عملية التخاصية بانتظار عبور الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.

من المفيد تذكير هؤلاء الخبراء بأن عمليات التخاصية، بخيرها وشـرها، انتهت تقريباً، وما بقي في محفظة الحكومة هو رصيد مساهمات الحكومة في شركتي البوتاس والفوسفات اللتين تمت خصخصتهما سابقاً بتوقيت غير موفق، أي قبيل ارتفاع الأسعار العالمية للبوتاس والفوسفات والأسمدة.

إذا بيع ما تبقى من أسهم الحكومة في الشركتين المذكورتين، فإن ذلك لا يدخل في باب التخاصية، التي اكتملت بانتقال ملكية غالبية الأسهم ومعها السيطرة الإدارية إلى مستثمرين من القطاع الخاص غير الأردني يُفترض أنهم متخصصون وقادرون على الارتقاء بالصناعة كماً ونوعاً وسعراً.

الذين دافعوا عن التخاصية - وأنا أحدهم- لم يكن هدفهم مجرد نزع ملكية الحكومة والقطاع العام، بل تحسين الإنتاجية ورفع الكفاءة، مما لا تقدر عليهما الحكومة بمثل قدرة رجال الأعمال في القطاع الخاص، وشريطة أن تظل الحكومة تقوم بالإشراف والمراقبة لمنع الانحرافات.

أما إذا بيع ما تبقى من أسهم الحكومة في شركات التعدين (بوتاس وفوسفات)، وهي شركات استراتيجية، فلن يكون لذلك علاقة بتحسين الإنتاجية أو رفع كفاءة التشغيل، فالمفروض أن هذه الأهداف تحققت بعملية التخاصية الأصلية، والقصد بيـع الأصول للحصول على المال وإنفاقه، تماماً كمن يبيع بيته ليسدد ديونه.

بيع الأصول لتسديد الديون وسد العجز في الموازنة ليس بحد ذاته خطأً. الخطأ أن نسمي عملاً كهذا تخاصية، وما هو كذلك، لأن النتيجة ليست تحسين كفاءة التشغيل وهي الميزة التي تدّعيها التخاصية، بل مجرد سحب تمثيل الحكومة داخل مجلس الإدارة، الذي يتيح لها الإطلاع على ما يحدث كمساهم، والتدخل في حالة الانحراف كسلطة سيادية.

التخاصية نجحت في بعض الميادين كالاتصالات والفنادق، ولكنها فشلت في قطاع التعدين، ذلك أن إنتاج الفوسفات والبوتاس شهد تراجعاً في ظل التخاصية، لكن ارتفاع الأسعار العالمية غطى على العجز الإداري. الرأي العام الأردني لم يكن يوماً سعيداً بالتخاصية، وهناك أنصار أشداء للقطاع العام. وهؤلاء يجب أن يكونوا راضين لأن معظم الأسهم انتقلت من محفظة المؤسسة الأردنية للاستثمار إلى محفظة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، أي من القطاع العام إلى القطاع العام.الرأي



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد