المصـــــــــــير

mainThumb

11-08-2009 12:00 AM


رصد الانفعالات هواية استمتع في ممارستها بن الحين والآخر.. قيمة هذه الهواية انها تساعدك في قراءة نفسك من خلال الآخرين، حسب قاعدة أوجدتها ذات زهزهة : اذا أردت ان تكتشف نفسك فانظر الى غيرك..

***

أحيانا أقف أمام المحكمة الشرعية دقائق طويلة...تمر سيدة في نهاية الثلاثينات تكر حفايتها كرا ترتدي دشداشة بيتية قد بهت لونها وتساقط خرزها، تتخنصر قبل الصعود الى الدرج، تستجمع قواها ثم تصعد..فأتيقن أنها:حالة طلاق طازجة..

وأخرى تقف أمام رأس كاتب الاستدعاءات وتقول له: (الك علي ربع ليرة من المرة اللي فاتت)..أقول في نفسي : لا بد انها مواظبة على النفقة..وثالثة بيديها أوراق مخرمة وقداحة وترتدي كعبا عاليا و نظارات سميكة ويفوح منها عطر اورجنزا وبفمها تكتم فقاعات شهية لعلكة اكسترا: أكيد خلع.

***

يستوقفني كثيرا ارتباك شاب يلبس قميصا ابيض..يستل من جيبته الخلفية جزدانه ليصور هويته وهوية خطيبته من مكتبة قريبة: (لغايات عقد القران)..فترافقة بطانة الجيبة المطلة كذيل ارنب أينما ذهب دون ان يشعر، هل قلت أرنب؟..نعم هذه أولى بوادر الأرنبة!!..يكون الشاب مرتبكا وعرقا وكريما ومهتما جدا بقبة قميصه بنفس درجة اهتمامه بخطيبته ..

دون ان يشعر، تلتصق فوق حاجبه قطعة محارم صغيرة نتيجة عرقه الغزير.. لهاث لا يهدأ ومجاملة منقطعة النظير لعمه والد خطيبته الذي يتمنن عليه بالوقوف الى جانبه..يتمم المعاملة،ويحاول تقديم العم في المشية ..يسألهم كل حين عطشانين اجيبلكوا اشي..ويصر والد العروس الذي يتقمص دور الحكمة والمسامحة والتبني للعريس..هسع بنروح عالدار وبنشرب عموه..بينما العروس التي ترتدي بالغالب ألوانا زاهية، لا سيما اللون النهدي تلتزم الصمت والخجل والخوف من الأب...

ولأني أحب الفرح بطبعي، أسرح مع سلوك ذلك الخاطب طيلة فترة الخطبة وانسى وقوفي أمام المحكمة وقضايا الخلع والنفقة والمطلقات..

نعم كذلك، لا بد انهم سيجلسونه الآن في غرفة الضيوف، ويشعلون المروحة السقفية التي تزيدطقطقتها عندما يثبتون مفتاحها على 4...ستحضر خالات العروس ليرينه ويتعرفن على ملامحه المختفية طيلة فترة التفاوض وقراءة الفاتحة، المسكين لا بد انه الآن يسحب عمود قناعاته يحركه حسب جو الجميع ثم يضبطه حسب مزاج اخيها الأكبر، ويحاول أن يتودد للأوسط، ويلاعب الأصغر حدرج بدرج..وعليه ان يحرص ان يجاري العم في ذكرياته عندما كان في وحدة الاسناد، وعندما سقطت نصف بلوكه على رجله في الخندق ولفها بكيس خيش، وعندما ردف معه المسدس اثناء عرس صالح..وعلى العريس ان يزم شفتيه متأثرا لحادث البلوكة مع قليل من التألم ، ومن ثم تمجيد بطولة العم المتقاعد ..كما يجب على هذا الخاطب الطازج أن يمد سجادة الصلاة لجدة الخطيبة، وأول من يبادرها بعبارة تقبل الله..ويمتدح المقلوبة المعجقة التي أعدتها عمته المعدلة، ويتجشأ زورا وبهتانا ليوهمهم بالشبع فيرضوا عنه..من قال ان أجمل فترة هي فترة الخطبة؟..

في فترة الخطبة: تتم مداهمات امنية من خلال آخر العنقود ، وأبواب نصف مفتوحة تترك عمدا،وطفل يستلمك سبعة بلدي كي ترسم له بوكيمون، ومجاملة مميته بين الخاطب والعائلة، وضغط نفسي قاس، وتخوف من الآخر، وخلي عينك ع الباب، وخلوات خالية الدسم، ومجاحرة من قبل اخوة العروس البالغين..وتع يا عمي اقعدوا هون احسن - دعوة يطلقها والد العروس - لدرء المفاسد..

من قال أن الخطوبة هي اجمل مرحلة ؟ الخطوبة في أعرافنا قنوة ارهاب مغلفة بسولفان..الرأي



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد