للمرة الأولى سيدة تقتحم مهنة «سمسرة الباصات» في الزرقاء

mainThumb

28-12-2009 12:00 AM

هديل الدسوقي - يلفت النظر من بعيد تصدر سيدة للوقوف منتصبة القامة رغم كهالة جسدها، بالقرب من باصات الجامعة الأردنية في مجمع الأمير راشد في محافظة الزرقاء، منادية على الركاب "الجامعة.. الجامعة.. يلا عالجامعة.. الجامعة طالع.." مسجلة أول حالة لامرأة تعمل في مجال "سمسرة الباصات".

السيدة "هنا محمود" تبلغ من العمر 53 عاما، طلقت من زوجها وهي دون العشرين من عمرها، إثر خلافات زوجية صعب معها استمرارها في حياتها مع زوج لم يستطع احتضان ضعفها، فقد كان شديدا وجافا وصارما معها، على حد تعبيرها، محاولة الاعتماد على ذاتها في عملها كقابلة في مستشفى حكومي لمدة 30 سنة.

تعيش "هنا" في غرفة واحدة وصالة بمنافعها، حيث توفي إخوانها، تاركين لها رصيدا من الأطفال الأيتام الذين تحاول جاهدة الإسهام في إعالتهم، إلا أن ضيق ذات اليد غالبا ما كان يحول بينها وبين تقديم العون المادي لأبناء إخوتها الأيتام وقضاء حاجاتهم.

منذ أكثر من ثلاثة شهور و"هنا" تزاول مهنة "سمسرة الباصات، واصفة إياها بأنها "مهنة متعبة، لكن يكفي أنها شريفة"، فقد حاولت طرق العديد من أبواب المستشفيات طلبا لوظيفة، لكن كل محاولاتها كانت تبوء بالفشل.

وارتأت أنه من الأفضل لها بدلا من طرق الأبواب للمسألة وإراقة ماء وجهها في طلب الاعالة من الناس، أن تقحم نفسها في مهنة لا تجد لها فيها منافسا من النساء، فسرعان ما كان السماسرة يتنحون لها لتمارس عملها وسط شفقة بعض من سائقي الباصات و"الكونترولية" ومعونة منهم، مع وجود قسم آخر كثيرا ما كان يسخر مما تقوم به، متعرضا لها بالإهانة، ومتندرا على ما تفعل، أو منتقدا مزاحمتها الرجال كـ"سمسارة "يعلو صوتها دون حرج في موقف الباصات.

وتصرّح "هنا" لـ"السبيل" بأن "لقمة العيش مرة، وكثيرا ما استوقفتني الشرطة، إلا أنني كنت أسألهم: أيهما أفضل، أن أحصل على رزقي بشرف أم أتخذ لذلك طرقا غير مشرّفة.. وأبواب العمل كلها مغلقة في وجهي؟"، ما كان يدفعهم لإخلاء سبيلها.

تعمل "هنا" على تنظيم الركاب في طابور باص الجامعة في المجمع، وتصعد إلى الحافلة موزعة الركاب على المقاعد المناسبة، محاولة الفصل بين الإناث والذكور، وما إن يمتلئ الباص حتى يقدم لها السائق أجرة تتراوح بين الـ10 قروش والنصف دينار.

وتتلقى "هنا" راتبا شهريا من صندوق المعونة الوطنية يبلغ 60 دينارا، متسائلة: "كيف يمكن لهذا المبلغ أن يقضي حاجاتها اليومية والشهرية!"، داعية المولى أن يقبض روحها دون أن تحتاج إلى مد يدها للسؤال الناس، مؤكدة أنها أحيانا ولشدة فاقتها كانت تفعل ما يصعب عليها وتطلب المال من الناس، ما كان يشكل لها ألما عظيما.   السبيل



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد