هل ستنجح حملة ال16 يوم لمناهضة العنف بدون تغيير جذري لنظرتنا للعنف؟

mainThumb

02-12-2020 12:26 AM

 يبدو ان وباء العنف المجتمعي لهذا العام لم يقل فتكا من وباء فيروس كورونا، لما يحدثا كلاهما من أضرار جسيمة في مجتمعنا. وبما ان حملة ال 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة التي تنظمها اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني والاعلام وتتزامن توقيتها مع كتابة هذا المقال، فقد قررت ألا أشارك ولأول مرة في هذه الحملة لهذا العام تحديدا، ولن اشارك بحملات وسائل التواصل الاجتماعي التي ننشط فيها في هذه الحملة السنوية للتوعية بالعنف المتمثل بالنوع الاجتماعي، لأن عام 2020 قد عرّى لنا جميع انواع العنف المجتمعي، من فقأ العيون الى قطع الأيدي، الى المشاجرات اليومية والاشتباكات التي تودي ببعض الأرواح في معظم الاحيان. ولهذا فإننا نحتاج لوقفة مع النفس اولا ووقفة مجتمعية لتقييم ما خلصت اليه هذه الحملات التوعوية في السنوات السابقة، ولنبدأ بعدها بتعديل جذري في نظرتنا للعنف ومن ثم سنّ تشريعات عادلة فيها تطبيقا لمبدأ المساواة، حيث بات من الواضح أن فارقًا شاسعًا لا يزال يفصل بين الجهاز القانوني والثقافة المجتمعية. 

وعندما تأثرت العائلات اقتصاديا جراء الجائحة في هذا العام، صب الرجال جام غضبهم وإحباطهم على النّساء والأطفال، وتزايدت أرقام العنف الأسري بطريقة مقلقة نبهت لها مرارا المنظمات والناشطين في مجال الجندر والتوعية للعنف القائم على اساس جندري. ولكن ما يزال العنف ضدّ النساء قائمًا ومستمرًا وفي جميع أنحاء العالم، لعدم وجود عقاب رادع لمن يمارسونه.
اذن علينا أن نواجه الفكرة الخاطئة بأن العنف ضد النساء والفتيات هو أمر خاص، وشأن عائلي داخلي. فالمنزل والعائلة وثقافة الفرد وتقاليده الخاصة لم تَعُد هي الحَكَم النهائي للفعل المنصف، حيثما كان الموضوع هو العنف تجاه النساء والفتيات.
والسؤال الأهم هو كيف يمكن تأهيل الرجال ليكونوا آباء يدركون مسؤولياتهم العائلية وان يقدموا احتراما متساويا لأبنائهم سواء من الذكور أو الاناث. وهذا لا يستثني بالتأكيد دور الأم التي هي المربية الأولى لأطفالها حيث تغرس فيهم القيم الاخلاقية والروحانية والاحترام والمواطنة الصالحة وهي أمور أساسية لقدرتها على تربيتهم بطريقة فعّالة لتنمية وتعزيز الاحترام لجميع الناس، حتى يتمّ الحفاظ على عزّة الإنسان وكرامته وخلق فكر أخلاقي يعمّ الكرة الأرضية ويدعم ويحافظ على كافة الحقوق الإنسانيّة. ولا شيء غير غرس هذه القيم يمكن أن يُحدث تحوّلًا لدى الأفراد والمؤسّسات، بشكل يؤمّن احترام حقوق الإنسان لجميع البشر.
وعودة للحملة فقد أكدت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة الدكتورة سلمى النمس ان إختيار موضوع الحملة لهذا العام (نحن معكم ضد العنف)  بسبب الإرتفاع لحالات العنف الأسري وخصوصا خلال فترة الحظر حيث زادت أعداد العنف الأسري خلال 3 أشهر في هذا العام بنسبة 33% مقارنة بالعام الماضي، وشددت  على الاحتياج لوقفة جادة من منظومة الحماية في الأردن سواءً من خلال إعادة التعريف بالخدمات أو تجويدها أو مراجعة التشريعات التي من شأنها ردع المعتدين وتشديد العقوبات خصوصاً في حالات العنف داخل الأسرة لانها تؤثر بشكل سلبي على الأسرة وتقف عائق في تحقيق التنمية المستدامة.
 
اذن، تغيير النهج والاستراتيجيات التي اتبعت على مدار الاعلام الماضية، هو ما نحتاجه حاليا، بالاضافة لخطة تشاركية يساهم فيها جميع شرائح المجتمع وغير مستثنون في المساهمة على القضاء على العنف، على اختلافهم:  معلمون، ناشطون، سياسيون، قادة أديان، واعلاميون وحتى المؤثرون على مواقع التواصل، ليشاركوا جميعًا في مسؤولية التوعية بالعنف وآثاره المجتمعية، خاصة وان شبكة الحماية والأمان في حياة المجتمع أصبحت مهترئة بشكل يحتاج لاصلاح جذري.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد