حمزة منصور يكتب في الرأي : الإصلاح فريضة شرعية وضرورة وطنية

mainThumb

10-08-2011 03:33 AM

فيمايلي نص مقال لامين عام حزب جبهة العمل الاسلامي الشيخ حمزة منصور نشر في جريدة الرأي الاردنية شبه الرسمية لأول مرة في اشارة واضحة على  انفتاح الصحيفة على كافة القوى الوطنية ،وليس اقتصارها على فئة ولون واحد :


يتصور بعض الناس أن الدعوة الى الإصلاح حالة آنية، تمليها اعتبارات معينة، كأن تجتاح البلد جائحة، أو تمر به أزمة اقتصادية خانقة، أو يكتشف الناس حجماً هائلاً من الفساد يلحق بهم ضرراً بالغاً، أو هي عدوى انتقلت إليهم من الآخرين، أو هي رغبة من المعارضة لمناكفة الحكومة وإحراجها .

وهذه نظرة قاصرة، تدحضها النصوص الشرعية، كما تدحضها الوقائع والتجارب الإنسانية، فالدعوة الى الإصلاح حالة قائمة ما دامت الحياة، بكل ما تحمله من تعقيدات ومطالب، فيكون الإصلاح ضمانة أمن واستقرار ونماء وازدهار، بما يوفر من عدالة وكفاية وحفاظ على مقدرات الوطن وإعمال للشورى والديموقراطية .

صحيح أن الكوارث الطبيعية التي تلحق أضراراً بالغة، والهزات الاقتصادية التي تلحق الأذى بالمركز الاقتصادي للدولة، والاختلالات الاجتماعية التي تهدد الأمن والاستقرار، ونجاح الإصلاح في بلد ما تشكل جميعاً عوامل إسناد لجهود المصلحين، ومحفزات للمطالبة بالإصلاح، ولكن الإصلاح يبقى منهاج حكم، وسبيل المصلحين والمجددين .

ومن هنا فقد أفاض القرآن الكريم في الحديث عن الإصلاح إفاضة تسترعي الانتباه، فقد احتل قرابة مائة وثمانين موضعاً، وما كان له أن يشغل كل هذا الحيز إلا لأهميته وضرورته .

ويقابل ذلك الحديث عن الفساد والإفساد في أكثر من خمسين موضعاً، جاء بعضها ملخصاً لرسالة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكأنهم لم يبعثوا إلا للإصلاح، فهذا نبي الله شعيب عليه السلام يخاطب قومه، قائلاً ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ) وبلغة الحصر كما يقول النحويون، أو لغة القصر كما يقول أهل البلاغة .

فالإصلاح والاستقامة هما الأصل، الذي فطر عليه الإنسان بينما الفساد والانحراف طارئان، ومهمة الأنبياء والمصلحين إعادة الشيء إلى أصله، وهم في ذلك يشكلون صمام أمان للمجتمع، لقول الله سبحانه ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ) وهنا لا يكتفى بالصلاح كما يفعل بعض السلبيين، أو الذين يمسكون العصا من الوسط، فهم لا ينغمسون في الفساد من جهة، فبقي صلاحهم في ذواتهم، ولم يتجاوزهم إلى مجتمعهم ليحدث التأثير الايجابي المطلوب، الذي يحول دون هلاك مجتمعهم بمن فيه هم، ولا يكلفون أنفسهم عناء التصدي له طلباً للعافية وإيثاراً للسلامة من جهة أخرى .

ومن هنا فقد ورد في الأثر أن الله أمر ملائكته بخسف مدينة، فقالوا : أي رب ان فيها عبدك الصالح فلان . فقال به فابدأوا . إنه لم يتمعر وجهه يوماً من أجلي ) ووفقاً لهذه السنة الإلهية جاء التحذير من فتنة لا تصيبن الذين ظلموا خاصة، وإنما تطال المجتمع بظالميه وصالحيه، لتقاعس الصالحين عن ردع الظالمين عن ظلمهم ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) هذه حقيقة حري بالمتخوفين من الإصلاح والمتقاعسين عنه أن يعوها، ليحسموا موقفهم، ويحددوا موقعهم، وحتى لا يقعوا ضحية للتضليل الإعلامي الذي يمارسه المفسدون وقوى الشد العكسي، فالإصلاح فريضة شرعية وضرورة وطنية وانسجام مع الفطرة وضمانة نجاة من الهلاك ببعديه المادي والمعنوي .



* امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد