عويدي : الفساد والغرباء مصيبة الاردنيين
للفساد في الأردن قصّة كبيرة، أشبه ما تكون بقصة «رامبو» الذي يزداد حجماً وناراً وعنفاً، كلما أطلقت عليه نار البندقية أو نار الكلمة. وقد أصبح أكبر من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وهو يزداد وينتشر ويتجذّر في كل يوم أكثر مما سبقه من أيام، وفي كل سنة أكثر مما سبقها من سنين.
والفساد ليس نهب المال مباشرة فحسب، بل وأيضاً: التدخل في مجرى العدالة لصالح الظلم والظالمين ، وخلخلة التوازن في كل شيء، وقمع الحرية , وقرارات المراجع والمسئولين وعدم الرأفة بالناس، وخداع أصحاب القرار وخداعهم للناس , والرؤساء للمرؤوسين والمواطنين، وكل سلوك أو قرار غير سويٍّ أو غير مدروس هو بحد ذاته فساد وإفساد أيضاً .
أما خيانة الأوطان فانها اكبر من الفساد , واكبر من ان توصف ولكنها رطب جني هضيم أكلها للخونة الذين يستطيبونها , ويحرمونها على الاخرين . فخيانتهم وطنية واما وطنية غيرهم فهي في عرفهم خيانة .
لقد كان المجتمع الأردني يطلق على الموظف أنه فاسد ومرتشي وقليل دين , لمجرد أنه كان يقبل رأساً من الخراف، أو صفيحة من السمن او كمية من الزبد ، أو حفنة من الجميد أو وليمة او ما إلى ذلك. هذه كانت أنماط الرشوة عند المسؤولين في الأردن حتى نهاية الخمسينات من القرن العشرين , ولا نتحدث عن بيع الأوطان الذي يشكل خيانة تتجاوز الفساد ، ثم تحولت الرشوة القديمة هذه إلى «ناشف» أي دفع النقود بدل الخراف والولائم.
وعندما أطلت السبعينات من القرن 20، أخذ الفساد منحنى أخر، وهو أن الأردن بدأ مرحلة التنمية والمشاريع، والمساعدات العربية والأجنبية , فصار الفساد نقطة اغلاق عند كل مقص لتملأ جيب المسؤول في ذلك الركن أو المرحلة، فبدأ الأرذال يكبرون ويتحولون إلى حيتان وإلى مصائب على الوطن، يأكلون ويلتهمون كل شيء بحجة البناء والعطاء والازدهار.
وهنا صار بل تكوَّنت طبقة فاسدة مفسدة برجوازية من بعض الموظفين والمرتزقة والمقاطيع وأراذل الناس , وتحولوا الى أصحاب اطيان، واستمرأوا أكل مال الشعب، ونهب المال العام وبيع مقدرات الوطن واحتقار الاردنيين .
وبعد ان جاءوا حفاة عراة من المال والكرامة , بدأنا نشاهد الدور عندهم والعمارات والقصور والمزارع والسيارات الفارهة، وتدخين السيجار، والسفرات المتتالية إلى كل أقطار الأرض على حساب الشعب الأردني الفقير . وإذا سألت أياً من هؤلاء الفاسدين وباعة الاوطان . تحول الى مالك الحزين , وشكا من ضيق ذات اليد، وقلة المال والفقر والدين، وجاء ببرهان مبين من المخادعة , ( يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون ) . يخادعون انهم مدينون لهذا البنك أو ذاك، وهي خدعة لا تنطلي على من هم أمثالي على أية حال , لانهم هربوا اموالنا التي نهبوها الى حسابات لهم في الخارج .
ولو نظرنا إلى رؤساء الوزارات السابقين بالأردن , لوجدنا عدداً منهم جاء وخرج مديوناً مثل المغفور له الشهيد وصفي التل, وكذلك شان المغفور له المشير حابس المجالي , وغيرهم ،رغم ان كلا منهم كان صاحب قرار وقادر على النهب والسلب دونما سائل او متسائل . وكانت النزاهة والعفة عن المال العام شأن كثير من الوزراء وعلية الرتب من الضباط المتقاعدين من الجيش والأمن والمخابرات.
لقد عاش هؤلاء بنقاء وعملوا بإخلاص، ولم تمتد أيديهم إلى المال العام،والى مال الناس , ولم تكن ايديهم السفلى في الاستجداء , لانهم رفضوا ذلك حتى من الدولة . فخرجوا فقراء من المال اغنياء بالاخلاق , مديونين للجهات الرسمية والشعبية , دائنين للجميع بمواقفهم المشرفة . بل خرج بعضهم جياعاً من المال، وكلهم شرف، وهؤلاء عادة من أبناء الأردن الأقحاح الذين عفّت أنفسهم وكفت أيديهم عن الدنيئة التي ولغ فيها المرتزقة والغرباء والمقاطيع والمطاريد.هذا نموذج مشرف من الاردنيين الذين تربوا على الكرامة والعفة , مقابل النموذج الخسيس من مثلث الغم .
كان ذلك في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن العشرين , وما قبلها، أما منذ السبعينات والثمانينات من ذات القرن وما بعدها , فقد أصبحت الأمور مختلفة، وأصبح النظيف محارباً موصوفاً بالجنون, والنزيه موصوفاً بالتخلف , بينما كنا في الستينات وما قبلها نجد الشعب يصف المرتشي بالفاسد الخائن، ويلعنه صبح مساءً، أما الأن فالثقافة مختلفة تماماً، وهذا ما كنت أدركه في عام 1989 عندما أصبحت عضواً في مجلس النواب.
كان المنتفعون من أتباع رئيس الوزراء المكحوش ط1 الذي طرده الشعب عام 1989 , يطلقون على قيعته السياسية أنها مدرسة سياسية تسمى باسمه . ، بينما أطلق المنتفعون من رئيس الوزراء الحالي المكحوش ط2 ( والكلام عن 1989 ) على قيعته السياسية أنها مدرسة باسمه , وان السياسية الاردنية في حينه , ماهي الا صراع بين القيعتين المسماة كل منهما مدرسة سياسية . أما أنا فأسمي كلا منهما : القيعة السياسية التي يبدو فيها السراب ماء، والصرصور نسراً , والفأر أسداً , والنبتة شجرة , والحجر عمارة، والشجيرات كانها غابات ومدن، حتى إذا جئتها لا تجد إلا السراب والخراب. وهذا مافعلوه من ايهام الشعب الاردني , انهم انجزوا وحققوا له الرفاهية والبناء والازدهار والاستقرار , ولكن مافعلوه وانجزوه لم يكن الا سرابا في قيعة بالصحراء يحسبه الضمئان ماء.
كان للتنافر والتناحر السياسي بين الرئيسين المكحوشين( ط1 , وط2) دوره الكبير في كشف طوابق الفساد بعد منتصف السبعينات من القرن العشرين ،وكل يصف الآخر بالفساد ونهب مال الدولة والشعب واغراق البلاد في المديونية . ومن المحزن ان ماكان يسمى بالنخب السياسية بالأردن , كانوا في صراعين ومعسكرين , بين جبهة الرئيس المكحوش ط1 , والرئيس القائم على راس عمله المكحوش ط2 .وكانت بين الفريقين وأتباعهما حروب داحس والغبراء , وحرب البسوس على حساب الاردن واهله وسكانه , ما جعل البلاد تنقسم سياسيا بين سرابين بقيعتين . يحسبه الضمآن ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا . وانما هراء وتهريج , والخاسر الوحيد هو الاردن والشعب الاردني .
كان بينهما معارك وحروب من المشاحنات والعداوات والصراعات الظاهرية الشخصية من اجل مكاسبهم لا من اجل الأردن , ولكنها معارك طاحنة ليست بالسيف لان أيا منهما ليس من رجال السيف ورجال الضيف ولا رجال عازات الزمان , وإنما بما يقولون عنه السياسة وتجييش الأتباع المنتفعين على حساب الصالح العام . كانوا يتبارون في احتقار الاردنيين .
وقد عانى الأردن من الصراع بين القيعتين السياسيتين والرئيسين المكحوشين من الديون مالا تطيقه الأجيال , وكل قيعة منهما تلعن أختها وتصفها أنها مدرسة الفساد والإفساد ودمار الوطن ,وتصف نفسها انها رمز الطهر والعفة والوطنية . وضاع الدليل وسط غبار معركة الوهم الضروس ، واختفى الجاني لواذا بين ثنايا الظلام وأمواج البحر اللجي , وأنات المحرومين والبائسين الاردنيين , وتكسير العظام . وما من أحد منهم يسوق الاخر الى العدالة , واكتفوا بزوابع اللغو والتهريج السياسي , وهم يخبئون الدليل القضائي، واتخذوا سلاح الأشانة بدل الإدانة، وانشغال الناس في خلاف بين قيعتين ، مما أدى بالأتباع إلى الضمأ والهلاك , وذهبت القيعتان بالغنيمة الحقيقة , تحت ضباب نسيان مصالح الوطن , فهم شركاء في الجريمة مختلفون على الغنيمة ليس إلا .
وأما نصيب المصفقين والمطيباتية فكان الهروب نحو المغانم الوهمية, من كل قيعة وإليها، والخاسر هو الأردن وشعبه والحركة الوطنية الأردنية والحركة الوطنية الفلسطينية .
وعندما انفجرت ثورة معان عام 1989 (وهي ثورة حقيقية وان اسماها مثلث الغم : هبّة نيسان) , كانت بعد ان بلغ السيل الزبى بتراكم السلبيات السابقة للقيعتين وما قبلهما،وانكفأ القدر الذي يغلي على رأس القيعة القائمة انذاك ، وبالذات عليه وهو الرئيس المكحوش ط1 , إذ اندلعت الثورة أثناء زيارة الملك الى الخارج في وفد يضم الرئيس نفسه وقطع الملك زيارته، وفي الوقت الذي وصف احد الوزراء المقرب من رئيس الوزراء هذه الثورة انها حركة لحفنة من قطاع الطرق والنهابين والعبثيين , عاد الملك على عجل، وخرج وحده من الطائرة , دون ان يرافقه رئيس وزرائه في الخروج على سلم الطائرة . قبع الرئيس المكحوش ط1 الذي كان رئيسا للوزراء, في مقعده , حتى غادرت الكاميرات ارض المراسم , وغادر الموكب الملكي مطار عمان انذاك ، ليخرج الرئيس المكحوش لواذا من الطائرة إلى بيته في جبل عمان , غير قادر على رؤية احد وهو مرعوب من ان يرى أحدا او يراه احد , وهو أيضا يحسب كل صيحة عليه .
وفي اليوم التالي , وجّه الرئيس المذكور رسالة الى الملك، مفادها إخلاصه لسيده وولي نعمته ، وأنه (أي الرئيس ) لم يفعل شيئاً إلا بإذن وتوجيه وموافقة الملك وبذلك لجا الرئيس المكحوش ط1 إلى الالتصاق بالملك للنجاة أو إغراق الملك معه , كلاهما سيان , لان همه أن يبقى وليس أن يبقى الوطن أو سيده . وقد أراد القول للناس في رسالته انه لم يفعل شيئا إلا بأوامر وتوجيهات عليا من قائده . وكنت أحد الذين استمع للرسالة جيداً , وواحداً من الذين فهموها جيداً , وعرفوا أبعادها الماضية وفي حينه، وما بعد مما سيلحق.
تم إجهاض ثورة معان والأردن عام 1989، وتقزيمها على أنها هبة habbah ضد الفساد الذي تم إلصاقه بالكامل برئيس الوزراء المكحوش مع نسيان شركائه ممن يعلوه او يدنوه ، ونشطت القيعة التابعة لرئيس الوزراء الجديد القائم انذاك المكحوش ط2 , وأتباعها وأزلامها، ومن توهم أنه سيستفيد منها، وكل من يكره الرئيس المكحوش ط1 وقيعته , اقول نشطوا في وضع الحطب على النار ضد المكحوش ط1 ,واستعرت المعركة بحق وبدون حق , وتشويه صورته المشوهة اصلا , والتي لايطيق الاردنيون رؤيتها انذاك . مقابل مدح القيعة القائمة لان صاحبها في الركاب / رئيسا للوزراء .
وكان الخاسر في الحالين هو الأردن والأردنيون. وبدلاً من أن يقال أنها ثورة وبركان، قيل أنها هبّة ضد رئيس الوزراء في حينه، وفي الحقيقة أنها ضد القيعان (مفردها قيعة) السياسية برمتها، السابقة والقائمة واللاحقة وتراكماتها السابقة , وضد كل شيء يعاني منه الأردنيون انذاك , كما بينا في صفحات سابقة. وكان للأحزاب دور كبير في تقزيم مفهوم هذه الثورة إلى مفهوم الهبّة , وقبضوا ثمن الجائزة بالسماح لهم بخوض الانتخابات النيابية، ودونما تدخل ضدهم , وذلك في شهرتشرين الثاني من العام نفسه: 1989
وقد نجحت القيعة القائمة ط2 ( رئيس الوزراء ) في التقاط راية النصر على القيعة المكحوشة ط1 , بمؤازرة الاخوان المسلمين ونواب العربان الذين هم مع كل رئيس يجلس على الكرسي , ومعهم العديد من المستقلين .واستطاع الرئيس القائم ط2أن يوجه وبهدوئه المعروف، ودهائه الذي لا أنكره , وخبرته الطويلة في العمل العام , أقول استطاع أن يوجّه الأمور لمصلحته ولمصلحة قيعته على انه الاحرص على البلاد والعباد , وأن يجعل من الرئيس المكحوش ط1 وقيعته , أنها أم الخبائث والكبائر ورؤس الشياطين , رغم انهما شريكان في كل شيء مما أصاب الأردن والأردنيين . هذا ما كان يدور في الأوساط المثقفة والسياسية على الأقل, انقله بامانة , وبدون مجاملة .
وبذلك تم احتواء الثورة الشعبية الأردنية العارمة لتصبح هبّة، ثم مجرد مطالبات بالديموقراطية، ثم اقتصرت الديموقراطية على الانتخابات، ثم على فرز المجلس الحادي عشر، ثم تجزئة المجلس وإدخاله في دوامة الصراع بين عناصره وكتله واتجاهاته بعضها مع بعض،، وبينه وبين الحكومة , وبينه وبين القيعتين السياسيتين .ثم إلى صراع بدون سبب ولغير هدف , تم حلّ المجلس بقرار أذيع في الإذاعة والتلفاز دون علم أعضائه , وبدون علم رئيس المجلس نفسه . وبذلك انتهت ثورة معان إلى قيعة سياسية اخرى هي القيعة الثالثة في هذا السياق . وصارت نجاة لمن كان لايرجو نجاة ابدا . وهذا شان كل عمل يخلو من التنظيم والبرامج السياسية والفكر الوطني , وصارت نجاحا لقيعة الرئيس ط2 الجاثم الآن على كرسي الرئاسة ( 1989 ) . ووبالا على قيعة الرئيس المكحوش ط1
, وللحديث بقية في الحلقة الرابعة والعشرين ان شاء الله
استخدام تقنيات تشات جي بي تي في حملات إلكترونية صينية
ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية
القدر المخفي: حينما يرسم الغيب ملامح حياتنا
سلاح غير تقليدي يقضي على البعوض ويحارب الملاريا
فرنسا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين خلال حزيران
عروض الدرون تزيّن سماء إربد احتفاءً بالمناسبات الوطنية
أبو عبيدة: نقذف حجارة داود على آليات الاحتلال والانتصارات تتوالى
محمد رمضان يغازل قائد وجمهور الزمالك بأغنية أول أيام العيد
وزير الخارجية يلتقي نظيره البريطاني
روسيا: قيود طيران مؤقتة في مطارين بموسكو
الحملة الأردنية والهيئة الخيرية الهاشمية توزعان لحوم الأضاحي في غزة
الملك يتبادل التهاني هاتفيا مع ولي العهد السعودي بمناسبة عيد الأضحى
ثلاثة حجاج إسبان يحيون طريقًا حجريًا عمره 500 عام .. على ظهور الخيل
التلفزيون الأردني يحذر المواطنين
عُمان تطلب توضيحاً رسمياً بشأن ما حدث بتدريبات النشامى
توجيه من ولي العهد بشأن بث مباراة الأردن وعُمان
في الأردن : اشترِ سيارة .. وخذ الثانية مجّانًا
كم يبلغ سعر كيلو الأضاحي البلدي والروماني في الأردن
مجموعة من النساء يهاجمن مشهورة التواصل أم نمر .. فما القصة
إلغاء وظيفة الكنترول بشكل كامل في الأردن
فتح باب التجنيد في القوات المسلحة الأردنية اليوم
الملكة رانيا: ما أشبه اليوم بالأمس
وفاة مستشارة رئيس مجلس النواب سناء العجارمة
أموال هؤلاء ستؤول إلى الخزينة العامة .. أسماء
خلعت زوجها لأنه يتجاهل هذا الأمر قبل النوم .. تفاصيل لا تُصدق
أسماء ضباط الأمن العام المشمولين بالترفيع