انه البحث العلمي يا فهيم

mainThumb

28-05-2023 03:47 PM

تلقى أعضاء هيئة التدريس في جامعة اليرموك ضربة جديدة تمثلت باستثناء أعضاء هيئة التدريس الحاصلين على إجازة تفرغ علمي من حوافز البرامج غير العادية (الموازية ).
فبعيدا عن صحة القرار من عدمه، لا ادري كيف تم التوصل إلى هذا القرار الذي يبين فيه اعتبار أجازة التفرغ العلمي عملا يستوجب العقوبة المالية،وكأنها ليست من ضمن حقوق عضو هيئة التدريس الذي يعد على رأس عمله إثناء قضاء إجازة التفرغ العلمي، وتكون خدمته أثناء الإجازة خدمة فعلية متصلة.
أنا - كأستاذ جامعي وباحث أكاديمي - أجزم أنه قد تم اتخاذ القرار دون أدنى معرفة بقوانين وتعليمات الجامعة، والتقاليد والأعراف الأكاديمية، لا بل أذهب إلى أبعد من ذلك بالقول أن الذين اتخذوا هذا القرار ليس لديهم أدنى فكرة عن ماهية عمل عضو هيئة التدريس خلال إجازته البحثية ضمن تقاليد العمل الجامعي وأعرافه، فضلا أنه– برأينا- ليس لديهم أدنى فكرة عن أهمية التفرغ العلمي والبحث العلمي كوسيلة لتنمية وتقدم المجتمعات، واسهام ذلك في الرقي بالمؤسسة الأكاديمية ورفع تصنيفها مقارنتها بمثيلاتها على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. فالسؤال الذي نطرحه على مسامع هؤلاء هو: هل تعرفون – يا سادة - ما هوالتفرغ العلمي أو البحث العلمي؟
ولقد كان أكثر ما سبب الحيرة عندي – وزملائي- هو الطريقة التي تمت في مجلس الجامعة باتخاذ القرار. فلقد تم اتخاذ القرار والمصادقة عليها في ذات الجلسة دون أن يتم مناقشته بشكل مستفيض مع أهل الاختصاص ومع المعنيين بالقرار ذاته، هذا من علمنا الأكيد بأن المجلس يضم نخبة من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة من نواب رئيس وعمداء وممثلي كليات الجامعة، الذين ما كانوا ليقعوا في شرك هذا القرار الذي ينعكس سلبا على جميع زملائهم في الجامعة.
لذا، نحن نظن بأن قرار مجلس الجامعة الذي اتخذ بناء على توصية من ديوان المحاسبة هو قرار مجانب للصواب ويضرب في الصميم الجهود الحثيثه لتطوير البحث العلمي، والنهوض بالجامعة وخدمة وتنمية المجتمع، وجب على جميع مسؤولي الجامعة وديوان المحاسبة وغيرهم أن يدركوا تبعاته على الجامعة في قادم الأيام. وذلك لأن إجازة التفرغ هي حق مكتسب لعضو هيئة التدريس، يتم خلالها القيام ببحث علمي يقدمة عضو هيئة التدريس قبل ويخضع لتقييم من مجالس الجامعة المختلفة. فلب القول هو أن إجازة التفرغ العلمي ليست ترف وظيفي وإنما عمل يقع في صلب عمل عضو هيئة التدريس.
أن البحث العلمي والإبداع والابتكارهو قاطرة تقدم المجتمع، وأن مثل هذه القرارات التي اتخذت مؤخرا لا تساعد على تقدم الجامعات أو المجتمعات،فالسعي المتواصل لخلق ثقافة البحث العلمي يتطلب إيجاد بيئة ملائمة تكفل لعضو هيئة التدريس القيام بما انيط به بالطريقة الأمثل. التي تضمن السير نحو التقدم والرقي والأبداع والابتكار.
وختاما ، أرى أنه من الحكمة احترام أعضاء هيئة التدريس وأنصافهم وتحفيزهم بدلا من الالتفاف على حقوقهم ومكتسباتهم المالية التي هي أصلا شحيحة إذا ما قورنت بمكتسيبات زملائهم في مؤسسات التعليم العالي المماثلة في الشكل والوظيفة.
ومن هذا المنبر، فإني أحث أعضاء هيئة التدريس على الوقوف صفا واحدا للدفاع عن حقوقهم المكتسبة والمشروعة وإمتيازتهم الوظيفية، والنهوض بجامعاتهم إلى مصاف الجامعات العالمية، وذلك من اجل مواصلة خدمة مجتمعاته. كما أدعوهم إلى توجيه البحث العلمي نحو قضايا المجتمع، واحتياجات التنمية الوطنية، سعيا إلى إيجاد حلول مناسبة للقضايا الوطنية الملحة. فالبحث العلمي، والإبداع والابتكار ومواكبة التقدم التكنولجي هي الضمانة الحقيقة في تنوير العقول، وبالتالي تمهيد الطريق للتقدم والتنمية والازدهار في المستقبل، وأن زرع المعيقات وإقامة الحواجز أمام أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، والالتفاف على مكتسباتهم هي وصفة الفشل والتراجع إلى الوراء. وربما لا أبالغ إن قلت بأن واحدة من أسباب الحالة المتردية التي تعيشها الكثير من جامعاتنا هي نتاج الحقوق المنقوصة، والأموال المسلوبة، والمكتسبات المتاكلة ،لاعضاء هيئة التدريس في الجامعات .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد