نكبة جديدة .. الأسلحة الأمريكية كوسيط للسّلام

mainThumb

12-10-2023 04:16 PM

تمامًا لم يعد بالامكان استمرار اعتبار الولايات المتّحدة وسيطَ (سلام)، إذْ إنّ كلّ ما تقوم به من دعم مباشر للاحتلال الإسرائيليّ بالأسلحة والمال والموقف يجعل من اعتبارها وسيطًا للسّلام أمرًا غير منطقيّ، وغير مقبول أبدًا، نهايكَ عن سقوط فكرة السّلام أصلًا، واليوم أكثر من 1400 شهيد، ونحو 6400 جريح، وغزّة تحت القصف بلا ماء ولا كهرباء.. وتحتَ الفسفور الأبيض والقنابل العنقوديّة في مجازر تاريخيّة بحقّ الفلسطينيين، تحتَ غطاء ومباركة أمريكيّة بحجّة دفاع "الاحتلال" عن نفسه ضدّ المدنيين، وسأشير إلى ما يلي:

أولًا: الاحتلال يسعى لنكبة جديدة يكمل بها نكبته المستمرّة في قطاع غزّة، ما بين الإبادة الجماعيّة وتهجير باقي السّكان، والحديث عن التّهجير نحو مصر أكثر مِن وارد بناءً على عدّة مؤشرات (حديث بوتين أمس، تصريحات الاحتلال بدخول برّي، معلومات عن تعيين قائد "فاشل" للاجتياح، وحديث عن إبلاغ مصر بدخول برّي، وحديث بايدن عن ممرات إنسانيّة). والآن الاحتلال يلقي منشورات على السكان في غزّة بإخلاء بيوتهم. 
ثانيًا: الولايات المتحدة والغرب تدعم الاحتلال بشكل كامل ومطلق، وتتبنى روايته، وإنّ أوقح وأسخف مؤتمر صحفيّ هو الذي قامَ به الآن بلينكن مع رئيس وزراء الاحتلال، في إعادة استدعاء وتوليد لدور الضحية والمظلوميّة التاريخيّة لليهود، والتباكي القذر على أكاذيب، في تزوير وقح وتام للحقيقة التي تجري ليسَ منذُ السبت بل منذُ فترة الانتداب البريطانيّ، "هذه حرب على اليهود.. وأنا آتي إلى هنا كيهودي.. ونحن نحمي ظهركم" يقول بلينكن، في وقاحة تاريخيّة.
ثالثًا: لستُ مستعدًا في دخول أيّ جدل مع أي أحد حول الحقّ في فلسطين، لكن في الوقت الذي يدعم فيه العالم كامل هذا الاحتلال بطريقة فجّة ووقحة ومنحازة وبملايين الدولارات وبكلّ أنواع الأسلحة من أجل القضاء على شعب أعزل، وعلى مقاومة تمتلك أدوات بدائيّة مقارنة بأجهزة ومعدات الاحتلال، يجدُ (بعضُ) العرب أنّه من الكثير عليهم أن يدعمو الذينَ يُحرقون ويموتون في غزّة.. بكلمة أو موقف.. أو دعاء حتّى، وهذا هو أضعف الإيمان.. في ظلّ العجز الذي نحنُ فيه ودونَ ان يكلّف هذا كلّه أيّ شيء. وهذه مفارقة أسخف من التي قبلها. إذ وصلنا لمرحلة أن يكون (جزءٌ) من الخطابِ العربيّ متماهٍ مع الخطاب العالميّ المنحاز تمامًا.
رابعًا: العالم يدرك حقّ الإدراك، وهذه قناعة شخصيّة، حقيقة ما يجري، وإنْ كان بلينكن استدعى تاريخ المحرقة والهلوكوست، فلنا أن نقول أيضًا إنّ الغرب كلّه وجدَ الحلّ لمسألة اليهود برميها وزرعها في أرضنا، والتّخلص مما كانوا يقومون به داخل أوروبا، وهم دين مغلق ومجتمع مغلق واقرأوا التاريخ واقرأوا التوراة أيّها "الأغيار" (حسبَ ما تسمّي التوراة كلّ مَن هو غيرُ يهوديّ)، وأيضًا بايدن قال شخصيًا في فيديو متداول قديم ومثله كُثُر "إنّه لو لم تكن إسرائيل لوجبَ اختراعها لحماية مصالهم في المنطقة".. هذا من جهة أخرى.

خامسًا: لغاية الآن يمنع الاحتلال الأمم المتّحدة ومنظمات الغوث والدّول العربيّة المحيطة بفلسطين من إدخال المساعدات الإنسانيّة للمدنيين، الذينَ نزحوا إلى مدارس وكالة الغوث (الأونروا)، وإلى الآن يرفض الاحتلال كلّ الجهود التي تقوم بها عدّة أطراف لتأمين المساعدات الإنسانيّة الأساسيّة. الاحتلال الذي يعطي (العالم) درسًا أخلاقيًا وهو أبعد ما يكون عن الأخلاق والإنسانيّة.. هذا سارق ومُحتَلْ، ويقوم بإبادة جماعيّة.. على شاشة التلفاز وعلى مرآى ومسمع من الدنيا كلّها. 

سادسًا: مَن يقول إنّ المقاومة استدعت الحرب، فليراجع التاريخ فقط، وليعلم أنّه منذ 2009 تقريبًا نحو 6000 شهيد فلسطيني، وليعلم أيضًا أنّه منذ بداية العام فقط مئات الشهداء، وأنّ الفلسطينيّ ضاقت عليه الأرض... "حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ ".... وإنّه سينتصر.. شعب من العُزّل سينتصر على الدّنيا.. وإنّ معايير النّصر والهزيمة لا يعرفها ولم يحسَّ بها من لا يحسُّ بكرامته.

اقرأ أيضًا:

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد