سوريا: تقاطع المصالح الإقليمية والدولية ومستقبل غامض

mainThumb
علم الثورة وسوريا الجديدة

17-12-2024 05:25 PM

السوسنة - يشهد الوضع في سوريا تحولات متسارعة ومعقدة، تتداخل فيها العوامل السياسية والأمنية والإقليمية والدولية، مما يجعل مستقبل البلاد غامضًا ومحفوفًا بالمخاطر. فبعد سنوات من الحرب والصراع، يواجه السوريون اليوم تحديات جديدة، تتراوح بين خطر الاقتتال الداخلي وتأثير القوى الخارجية المتنافسة، وصولًا إلى ضرورة بناء نظام سياسي جديد يحقق الاستقرار والوحدة الوطنية.

التحذيرات الأمريكية وتصاعد التوتر:

في ظل هذه الظروف المتوترة، يأتي تحذير الخارجية الأمريكية لرعاياها بمغادرة سوريا ليُلقي بظلاله على المشهد، مُشيرًا إلى وضع أمني مُتقلب وغير قابل للتنبؤ. هذا التحذير يُضاف إلى حالة اللايقين الجيوسياسي التي تُسيطر على المنطقة، ويُعيق أي حراك سياسي مُثمر. فالوضع الأمني المُضطرب، مع استمرار الصراع المسلح والإرهاب في أنحاء البلاد، يُنذر بمرحلة جديدة من عدم الاستقرار.

غياب الحلول الواضحة وتدخل القوى الخارجية:

يُضاف إلى ذلك غياب رؤية واضحة لحل نهائي للأزمة السورية. فبدلًا من أن يكون الحل بأيدي السوريين أنفسهم، يبدو أن مستقبل البلاد مُحدد من خلال تقاطع مصالح قوى خارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وتركيا وروسيا وإيران. هذا التدخل الخارجي يُعيق أي فرصة لتحقيق توافق وطني سوري، ويُزيد من تعقيد المشهد.

هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى:

في هذا السياق، يبرز دور هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى التي تُشاركها نفس حالة الترقب والقلق. فمع غياب ثلاثي الحوار السابق (تركيا وروسيا وإيران)، الذي كان يُفترض أن يُساهم في بناء "مشروع وطني ديمقراطي سوري"، يزداد الوضع ضبابية. كما أن استعادة حراك أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع لاحقًا) يُثير تساؤلات حول شكل الحكم المُنتظر بعد انتهاء حكم عائلة الأسد.

غياب الوحدة الوطنية وتحديات المرحلة الانتقالية:

يُضاف إلى كل ذلك غياب أي دلالات على تحقيق وحدة للشعب السوري أو استعادة سيادته على أرضه. فالتحديات التي تواجه المرحلة الانتقالية عديدة، منها:

مستقبل الاستقرار: وسط مخاوف من تأثير الجماعات المسلحة، يبقى مستقبل الاستقرار في البلاد مجهولًا.
التطمينات المتبادلة: تبرز الحاجة إلى بناء ثقة متبادلة بين الحكومة السورية المؤقتة والمجتمع الدولي.
القراءات القانونية: يبقى مصير رفع العقوبات الدولية عن سوريا مُعلقًا بإجراءات بيروقراطية مُعقدة.
احتكار السلاح بيد الدولة: يتطلب ذلك اتفاقًا بين جميع الأطراف السورية والقوى الإقليمية والدولية.
الاستراتيجية الأمنية المستقبلية: يتطلب الوضع وضع استراتيجية أمنية جديدة تأخذ بعين الاعتبار التغيرات الجيوسياسية.
المخاوف الديموغرافية والدينية: تبرز تحديات مرتبطة بالمخاوف الديموغرافية والدينية التي تفاقمت خلال الصراع.
مستقبل المواطنة والعلمانية: يبقى مستقبل المواطنة والعلمانية في سوريا غير واضح، في ظل تضارب المصالح الإقليمية.
الدور العربي والدولي الضائع:

في ظل هذه التحديات، يبدو الدور العربي والدولي غائبًا أو مُتذبذبًا. فبدلًا من التركيز على دعم تشكيل حكومة جامعة تمثل جميع مكونات الشعب السوري، تتركز الجهود على التعامل مع التحديات الأمنية والمخاوف الديموغرافية والدينية.

التدخل الإسرائيلي وتصاعد التوتر الإقليمي:

يزيد من تعقيد المشهد التدخل الإسرائيلي المُتصاعد في سوريا، والذي يتجلى في الهجمات المُستمرة على مواقع داخل الأراضي السورية. هذا التدخل يُنذر بتصعيد التوتر الإقليمي، ويُزيد من احتمالات المواجهة المُباشرة بين إسرائيل وإيران.

السيناريوهات المُحتملة:

في ظل هذه الظروف المُعقدة، تبرز عدة سيناريوهات لمستقبل سوريا، منها:

نجاح المعارضة في تشكيل حكومة قادرة على إدارة شؤون الدولة.
الاقتتال الداخلي بين الأطراف المُتنازعة، مما قد يُؤدي إلى تقسيم سوريا.
وقوع خلافات كبيرة بين قوى المعارضة، تُؤدي إلى فوضى شاملة.
استمرار تدخل القوى الخارجية (روسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل) في الشأن السوري.
ضرورة التوافق الوطني:

في الختام، يتضح أن مستقبل سوريا مُعلق بتوافق وطني شامل يُنهي حالة الصراع والانقسام، ويُؤسس لنظام سياسي جديد يحقق الاستقرار والوحدة الوطنية. هذا يتطلب من جميع الأطراف السورية تغليب مصلحة الوطن على المصالح الفئوية والضيقة، والعمل معًا لبناء مستقبل أفضل لسوريا وشعبها. كما يتطلب من المجتمع الدولي دعم هذه الجهود، والابتعاد عن سياسات التدخل والتأثير التي تُزيد من تعقيد الوضع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد